hit counter script

أخبار إقليمية ودولية

محمد السادس: لحمل اسرائيل على احترام الوضع القانوني والتاريخي للقدس والأماكن المقدسة

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٧ - 11:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وجه ملك المملكة المغربية رئيس لجنة القدس محمد السادس، رسالة الى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة انطونيو غوتيريس جاء فيها:

"يطيب لي أن أخاطبكم اليوم، بصفتي رئيس لجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، بخصوص تمادي السلطات الإسرائيلية في انتهاكاتها الممنهجة في مدينة القدس الشريف، والمسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في خرق سافر لقرارات الشرعية الدولية.

وإننا نسجل بكل أسف، انه في كل مرة تلوح فيها بوادر فرصة لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، تلجأ هذه الأخيرة الى افتعال أحداث، وخلق توترات لإجهاضها، وهذا ما تأكد من جديد، من خلال ردها بنفس الطريقة والأسلوب، على الجهود الإقليمية والدولية، التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، والتي استشعر من خلالها المجتمع الدولي بوجود مناخ إيجابي، من شأنه نقل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الى مراحل متقدمة من التسوية.

فقد اتخذت إسرائيل في الآونة الأخيرة، مجموعة من التدابير الإستفزازية الخطيرة نذكر منها:

1 - أقامت احتفالات غير مسبوقة بمناسبة مرور 50 عاما على ضم القدس، وعقدت حكومتها، يوم الأحد 28 أيار 2017، اجتماعا في نفق أسفل المسجد الأقصى، صادقت خلاله على تطوير محيط البلدة القديمة، عبر حفر مزيد من الأنفاق وبناء المصاعد والممرات.

2 - عرضت الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون على الكنيست، يقضي بإلزام المدارس العربية بتدريس المناهج والكتب الإسرائيلية لتهويد التدريس في القدس المحتلة.

3 - تقدم أعضاء من الكنيست بمشروع قانون "القدس الكبرى" الذي يهدف الى ضم مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية ومناطق في شرق القدس المحتلة.


4 - صادقت اللجنة الوزارية للتشريع على مشروع قانون القدس الموحدة، الذي يقوض فرص الإتفاق حول مستقبل المدينة.

5 - اعتمد الكنيست الإسرائيلي في قراءة اولى قانون منع رفع الآذان في القدس والأحياء العربية المحيطة بها.

6 - تشن السلطات الإسرائيلية حملة تصعيد شاملة ضد البلدة القديمة في مدينة القدس الشريف ومحيطها، من خلال اغتصاب أراضي الفلسطينيين وحرمانهم من البناء، وتنفيذ إجراءت الطرد التعسفي في حقهم.

ولم تكتف إسرائيل بهذا الكم من الإجراءات غير القانونية، بل انتقلت الى إجراءات أكثر خطورة، حينما أقدمت يوم الجمعة 14 تموز 2017 على منع إقامة صلاة الجمعة، وإغلاق المسجد الأقصى في وجه المصلين لمدة ثلاثة أيام، ومنع إقامة الآذان، في خطورة غير مسبوقة منذ نصف قرن، واعتقال الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية لساعات عدة.

ورفعت من حدة التوتر بإقدامها على تدابير أمنية إضافية، مستفزة وغير مقبولة، من خلال تثبيت كاميرات المراقبة في كل أنحاء المسجد المبارك وباحاته، وإقامة بوابات إلكترونية لتفتيس المصلين، والإعتداء على مسؤولي وموظفي الأوقاف الإسلامية.

ان هذه الإجراءات غير الشرعية تمس كرامة المقدسيين، وتستفز مشاعر كل الفلسطينيين، وقد تؤدي الى غضب عارم، وردة فعل شعبية عامة، وتعقيد الوضع في الأراضي الفلسطينية، كما تمثل هذه الإجراءات استفزازا واضحا لمشاعر كل العرب والمسلمين والأحرار في العالم، وعاملا لإثارة النزعات المتطرفة التي تدفع نحو مزيد من الإحتقان والتوتر والعنف في المنطقة برمتها.

وأمام هذا الوضع القلق، ونهوضا منا بأمانة رئاسة لجنة القدس، فإننا نندد بشدة بهذه السياسات الإسرائيلية غير المقبولة، ونلح على ضرورة التحرك الحازم للمجتمع الدولي وقواه الفاعلة، لإلزام إسرائيل بوقف تلك الممارسات لفرض الأمر الواقع، والإستفراد بمصير مدينة القدس، التي ينبغي معالجتها في إطار مفاوضات الحل النهائي.

ومن هذا المنطلق، ندعوكم للتدخل العاجل لدى السلطات الإسرائيلية، من أجل حملها على احترام الوضع القانوني والتاريخي للقدس الشريف والأماكن المقدسة، ودعوتها الى إلغاء الإجراءات غير الشرعية كافة، بما فيها الإجراءات الأمنية الإضافية، التي أحدثت توجسا من وجود مخطط إسرائيلي لتقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى المبارك.

وإذ نؤكد على محورية قضية القدس، وطابعها الروحي العميق، وعدم جواز المساس برمزيتها وهويتها الحضارية العريقة، وننبه الى خطورة الإنتقال بالنزاع الى صراع ديني، فإننا نحذر من مخاطر توظيف الموروث الحضاري والثقافي، كعامل لتأجيج مشاعر العداء والتطرف، وضرب قيم المحبة والتسامح بين أتباع الديانات السماوية.

وإن المملكة المغربية، التي تؤمن إيمانا راسخا بخيار السلام، الذي يتوافق حوله المجتمع الدولي، والتي تؤكد ان القدس مرتبطة بالجذور والهوية، لواثقة من ان فرض الأمر الواقع بالقوة، لن يؤدي سوى الى مزيد من التوتر والعنف، لا سيما في هذه الظرفية المعقدة والمضطربة التي تمر بها المنطقة.

معالي الأمين العام، بقدر انشغالنا بهذه السياسات الإسرائيلية وبالأهداف الكامنة وراءها، والتي نرفضها ونندد بها، بقدر ما سنظل متشبثين بالتفاؤل، بأن يتغلب منطق العقل والحكمة لدى السلطات الإسرائيلية، لتسائل نفسها، وتجنح للسلام والإندماج بدل العزلة، وبما يمكن الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة، على الأرض الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وإنني لعلى يقين تام لما نعرفه من شخصكم من حنكة سياسية ودراية واسعة بالقضايا الدولية، بأنكم لن تدخرون جهدا لإرجاع الأمور الى نصابها، بما يساهم في إعادة إطلاق عملية السلام، للوصول الى حل عادل وشامل ودائم، يكفل قيام دولة فلسطينية مستقلة، تعيش الى جانب دولة إسرائيل، في أمن وسلام ووئام".

  • شارك الخبر