أغلب الأحزاب السياسية اللبنانية لديها في الوقت الراهن برودة تجاه الوضع الداخلي، وذلك ربطاً بالمعطيات الاقليمية ومعركة عرسال التي يخوضها حزب الله مدعوماً من الجيش النظامي السوري وصولاً الى الاتفاق الاميركي - الروسي بين الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين.
والاتجاه هو لتبيان الى أين تتجه المنطقة ليبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة الى حيثيات الانتخابات النيابية في أيار المقبل، وخصوصاً على صعيد التحالفات الانتخابية، وتموضع القوى والأحزاب والتيارات والشخصيات المستقلّة، ولغاية اللحظة لم يحسم أي طرف سياسي خياراته التحالفية، والجميع يترقّب اللوحة الاقليمية على ما سترسو في الأيام الآتية.
وانطلاقاً من كل ذلك، تبدّلت المواقف السياسية لدى الفرقاء عما كانت عليه لأسابيع خلت، بدءاً من تيار المستقبل الذي عاد يشنّ الحملات الاعلامية على حزب الله وتفرّده بقرار الحرب في جرود عرسال وفليطة، والتي جاءت بعد زيارته للسعودية ولقائه مع وليّ عهدها الأمير محمد بن سلمان، والكل يعلم مدى صلابة العلاقة بين الطرفين. ولأن الشيء بالشيء يذكر، عاد حلفاء سوريا في لبنان يشنّون الهجمات على الرئيس الحريري وتيار المستقبل، وأبرزهم الوزير السابق وئام وهّاب الذي اعتبر أن هذا التيار بات من الماضي، ما يدلّ الى حجم التصعيد الذي سوف يخيّم على الساحة اللبنانية في الفترة المقبلة.
وتتابع المصادر أن موقف رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط من المجريات الداخلية يعكس احجام الرجل عن رفع نبرته الخطابية، فخفّف من حجم تصعيده ضد حزب الله والنظام السوري حتى وصل به الأمر الى انتقاد أحد مستشاري الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وليد فارس، وهذا يعدّ في القراءة السياسية رسالة ايجابية تجاه "الضاحية" على خلفية النصائح الروسية التي أسديت للزعيم الدرزي خلال زيارته موسكو منذ أيام، حيث تمنّى عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تخفيف لهجته تجاه سوريا بعدما وضعه في أجواء المنطقة والحرب السورية، في مقابل ازالة الشوائب التي اعترت علاقته مع القيادة الروسية.
وسط كل ذلك يطرح التساؤل حول مدى انعكاس ذلك على الاستقرار المحلي؟ وعلى مسار عمل الحكومة والشأن السياسي بعد زيارة الرئيس الحريري الى اميركا؟ وما هو موقفه من كل هذه المتغيرات؟