hit counter script

مقالات مختارة - عيسى يحيى - الجمهورية

المعارك في أوجها... و"النصرة" تتقهقر

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٧ - 06:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عُمِّدت جرود عرسال بدم ابنِها أحمد الفليطي المفاوض الذي أنقذ حياة كثيرين من موتٍ مُحتّم، وقضى أثناء قيامه بواجبه الإنساني الذي حتَّم عليه العودة من السفر، من أجل السعي لإنقاذ بلدته وأهلها من حربٍ اشتعلت في الجرود، وليكفيهم حرَّ ووهجَ انتقالها إلى الداخل، لعِلمه بقساوتها، إذ كان شاهداً على معركة آب 2014، دون أن يعلم أنه سيَسقط شهيداً أثناء معركة الجرود 2017.
بوتيرةٍ أسرع مما كان مقدّراً لها، تسير العملية العسكرية في جرود عرسال، حيث واصل مقاتلو «حزب الله» مدعومين من الطيران الحربي السوري والمدفعية الثقيلة والصواريخ تقدمهم باتجاه معاقل ومراكز جبهة «فتح الشام»، «النصرة» سابقاً الأساسية.

التقدم والسيطرة الكبرى كانت من ناحية الحدود السورية لجهة فليطة حيث أطبق الحزب على نقاط إستراتيجية كمرتفع العويني، تلة البركان، مرتفع الضليل، وأسقط معها خطوط الدفاع الأساسية للجبهة، وقطع طرق الإمداد التي كانت تعتمد عليها.

ومن الناحية اللبنانية إشتدت وتيرة الإشتباكات صباحاً بعد أن تراوحت حدتها خلال اليومين السابقين، وتركزت الإشتباكات في محلة وادي الخيل المعقل الرئيسي للمسلحين حيث شنّ الحزب هجوماً برياً مدعوماً بالصواريخ الموجهة والمدفعية الثقيلة، في حين استخدم أمس لأوّلِ مرة الطائرات من دون طيار، وكان عناصر الحزب قد سيطروا على مرتفعات رئيسية في الجرود كمرتفع الأنزح، ضهر الصفا، ضهر الهوة، كذلك إقتحموا عدداً من الكهوف التي كان التلي والنصرة يتمركزون في داخلها وتُعتبر مراكز عمليات لها.

وأتى هذا التقدم إثر تراجعِِ للمسلحين وطلبهم الإستعانة عبر مكبرات الصوت من المدنيين في المخيمات للقتال بجانبهم، فيما سلم عدد من مسلحي «سرايا أهل الشام» اسلحتهم وتوجهوا إلى المخيمات في محلة وادي حميد بعد التنسيق مع الحزب والجيش على أن تسَوّى أمورهم لاحقاً.

وفي هذا الإطار قالت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» إنّ مساحة الجرود الشاسعة وطبيعتها الجغرافية ليستا بالأمر السهل، لكنّ الإنجاز الذي حققه مقاتلو الحزب خلال الايام الماضية وسيطرتهم على مساحة تفوق الـ 70 بالمئة من مساحة الجرود يشكّل إنجازاً، مضيفاً أنّ مسلحي النصرة الذين لا يتجاوز عددهم المئات قد بدأت محاصرتهم في بقعة محددة بعد اعتماد الحزب سياسة القضم، وتمّ فصلهم عن بلدة عرسال، وهو ما يحتم معركة قاسية خلال الأيام المقبلة.

إلى ذلك كانت خسارة جبهة النصرة أكثر من خمسين قتيلاً بين جرود عرسال وفليطا، فيما نقِل عدد من الجرحى إلى المستشفيات الميدانية في محلة وادي حميد – الملاهي بعد حاجز الجيش. بدوره سقط للحزب أكثر من خمسة عشر شهيداً منذ بدء عملية الجرود، توزعوا بين البقاع وبيروت والجنوب، وشيَّع «حزب الله» وأهالي بعلبك السبت الشهيدين ياسر أيمن شمص ومهدي محسن رعد.

غير أنّ يوم السبت لم يكن يوماً عادياً للعراسلة، حيث إستشهد نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي إثر إستهداف سيارته الرباعية الدفع بقذيفة أثناء عودته من الجرود يرافقه فايز الفليطي، وهو المكلف للتفاوض بين «حزب الله» و«فتح الشام»، والذي عمل سابقاً على إطلاق عدد من المخطوفين لدى الجبهة «النصرة سابقاً».

وفي حين وجّهت أصابع الإتهام بالإستهداف لـ»حزب الله» أصدرَت قيادة الجيش بياناً جاء فيه: بتاريخه وفي محلّة وادي حميد - مفرق العجرم، تعرّضت سيارة يستقلها النائب السابق لرئيس بلدية عرسال السيد أحمد الفليطي يرافقه فايز الفليطي المكلفان التفاوض مع المجموعات الإرهابية، لصاروخ من قبَل تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، ما أدى إلى بترِ قدم الأول وإصابة الثاني بجراح مختلفة، وقد أمَّن الجيش بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي إسعافَهما ونقلهما إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة، وما لبثَ المواطن أحمد الفليطي أن فارَق الحياة متأثّراً بجراحه.

غصّة أهالي عرسال بمفاوضها طغت امس على البلدة حيث خيّم الحزن والغضب، وأصدرت عائلة الفليطي بياناً قالت فيه «انّ الفليطي كان يحاول تجنيبَ عرسال والمنطقة شرور الحرب وويلاتها، اراد السلام ولكن طبولَ الحرب اقوى، اراد المصالحة لكن الحقد اعمى، ومثلما كانت له الايادي البيضاء في العديد من الملفات نسأل الله أن يكون استشهاده فداءً لعرسال والمنطقة.

وإننا إذ نضع إستشهاده في عهدة الدولة اللبنانية مطالبينها بجلاء حقيقة ما حصل وإزالة هذا الالتباس تاركين لها الحكم والقضاء. رحم الله شهيد الخير والسلام، شهيد المصالحة، شهيد الإعتدال والإنفتاح.

وعصر أمس شيّعت البلدة بموكب حاشد الفليطي حيث جابَ الجثمان شوارع البلدة تَقدّمه مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد صلح ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وأشاد الصلح بالفليطي والدور الذي كان يلعبه في تحصين الساحة العرسالية وحماية أهلِها، مطالباً إياهم بالصمود واجتياز هذه المرحلة.

من جهته يواصل الجيش اللبناني صدَّ محاولات التسلل التي يقوم بها عدد من المسلحين بإتجاه البلدة هرباً من الجرود حيث إستهدف السبت مجموعة كانت تحاول التسلل إلى داخل البلدة، كما إستهدف تحركات لتنظيم داعش في جرود رأس بعلبك، هذا ويحكِم الجيش سيطرته على كامل الحدود ويسيّر دوريات مؤللة في الداخل، كذلك اقام الحواجز الثابتة والمتنقلة التي لاقاها الأهالي بالإرتياح والشكر.

وبالتنسيق معه قام الصليب الأحمر اللبناني بتوزيع المساعدات على النازحين السوريين. أمّا أهالي بلدة القاع في البقاع الشمالي فقد نظموا وقفة تضامنية مع الجيش اللبناني والمقاومة، بدعوة من «التيار الوطني الحر»، في حضور كاهن رعية القاع الأب اليان نصر الله وحشد من أبناء البلدة.

وتوجّه نصر الله باسمِ المتضامنين بالتحية إلى الجيش ورجال المقاومة الذين يسطرون الملاحم دفاعاً عن لبنان في وجه الإرهابيين والتكفيريين الذين احتلوا الجرود وقتلوا وفجّروا واختطفوا، بعدها توجّه المتضامنون بحافلات إلى مستشفيات المنطقة للتبرع بالدم لجرحى العمليات العسكرية من الجيش والمقاومة.

عيسى يحيى - الجمهورية

  • شارك الخبر