hit counter script

مقالات مختارة - د. ناصر زيدان

نظرية العزل السياسي سقطت الى غير رجعة

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٧ - 06:35

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء

أكدت الخطوات المتلاحقة التي حصلت في لبنان مؤخراً، خصوصاً عملية إنتاج قانون جديد للإنتخابات النيابية، كذلك إقرار سلسلة الرتب والرواتب في المجلس النيابي؛ ان مقاربة التعاون بين القوى الساسية التي تتشكل منها الكتل النيابية هي الاساس في الاستقرار السياسي، وهذا التعاون ركيزة للإنتاجية في العمل التشريعي، ويتمدَّد هذا الامر على عمل الحكومة والدوائر الرسمية التي تتألف منها الدولة اللبنانية.

منذ ما يُقارب السنة، وقبل إنتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في 31/10/2016، عاشت الاوساط السياسية حالة من عدم الاستقرار، على خلفية الكلام عن التحالفات الجديدة التي لا يمكن الوقوف في وجهها، او ايقاف مفاعيلها السياسية او الادارية او الامنية، على اساس ان تعاون بعض الاكثريات النيابية، او الطائفية، يمكن له ان يُنفذ كل ما يصبوا اليه، من غير ان يتأثر بالمجموعات الحزبية او السياسية الأُخرى التي عليها ان تنصاع الى رأي هذه الاكثريات التي اوحت انها تحضى بغطاء اقليمي ودولي، خصوصاً ان حزب الله يُماشي هذه التحالفات الجديدة طالما انها تحفظ مصالحه الاستراتيجية.
كان للتحالفات الجديدة – لاسيما بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر – ايجابيات كبيرة، لأنه الغى نهائياً الانقسام العمودي بين محوري 8 و14 آذار. وبدىَ من تعاون الفريقين بعد إنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري؛ ان الصورة النمطية المُعتمدة لدى الفريقين، هي تنفيذ آجندة مُتفق عليها، تأخُذ بعين الإعتبار مراعاة المصالح الخارجية لحزب الله. واعتقد البعض ان بإمكان الاكثرية الجديدة عزل الاطراف الأُخرى، اذا ما حاولت الوقوف في وجه الثنائي الجديد.
طالت محاولات العزل الرئيس نبيه بري في بعض المراحل، وحاولت هذه الاكثرية الجديدة تحديد مهام رئيس المجلس النيابي عندما مارس رئيس الجمهورية صلاحيات لم تُمارس من قبل، خصوصاً تعليق عمل مجلس النواب لمدة شهر في نيسان/ابريل الماضي. وشعرت القوات اللبنانية ايضاً، انها مُهمشة في الحكومة، عند دراسة الملفات الحساسة مثل موضوع الكهرباء والهاتف وفي التعيينات، وتمدد الشعور بالتهميش ليصل الى قوىً كانت حليفة للتيار الوطني الحر، خصوصاً الحزب السوري القومي الاجتماعي و حزب الطاشناق وتيار المردة، ولاحظ الجميع ان شيءً من سياسة العزل القاسية موُرست ضد رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط.
تبدَّل المشهد بعض الشيء عندما داهمت الاستحقاقات الدستورية الجميع، وهرع الذين كانوا يشعرون بفائض القوة الى الاستعانة بالقوى الفاعلة جميعها للموافقة على قانون إنتخابي جديد، لأنهم شعروا ان الهيكل سيسقط على رؤوس الجميع.
وما جرى قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب في 19/7/2017 ؛ كرر السيناريو ذاته، وتراجعت قوى الاكثرية الجديدة عن سياسة الاستفراد، ودعت الى عقد إجتماعات مُتتالية مع ممثلي الكتل النيابية المختلفة المُشاركة في الحكومة، للإتفاق على الخطوات التي يجب ان تُعتمد في سياق مناقشة بنود سلسلة الرتب والرواتب، لأنه لا يمكن لإحد تجاهل المعطيات الشعبية، او حجم الإعتراض الذي يمكن ان يلاقيه اي استفراد في مقاربة هذا الموضوع الحساس، وبالتالي يحصل ما حصل في جلسة آذار/ مارس الماضي عندما عُلِقت الجلسات وتأجل البث بالسلسلة. حصل التعاون وعلى مضض، وأُقرت السلسلة بموافقة كل القوى الفاعلة رغم ان رئيس الجمهورية ومعه النائب وليد جنبلاط كانوا يرغبون بإقرار موازنة العام 2017 قبل الموافقة على السلسلة.
لدى القوى المُشاركة في الحكومة مصلحة مُشتركة في التعاون في المُستقبل – وربما حتى في الإنتخابات النيابية القادمة – ذلك ان اخطار المغامرات الهادفة الى إحداث تغييرات جذرية في موازين القوى في لبنان لصالح ثنائية او ثلاثية سياسية او طائفية؛ كبيرة وصعبة، وتكاد تكون هذه الحسابات بعيدةٌ عن الواقع، وقد يدفع اصحابها الثمن الاكبر في الإنتخابات القادمة، لأن الاعتماد عن النفوذ في دوائر الدولة، او " إستغلال السلطة لإغراض انتخابية " وراءه مخاطر، وربما يرتد على أصحابه سلباً. وحالة تنامي شعبية حزب الكتائب المعارض للحكومة خير دليل على تلك المقاربة.

الانباء الكويتية
 

  • شارك الخبر