hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - د. جيرار ديب - الجمهورية

لا صوتَ يعلو فوق صوت المعركة... والماكينات الإنتخابية تُكثِّف نشاطها

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٧ - 06:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يعيش لبنان على وقعِ ضجيج المعارك، فصوتُها أصبح يؤرق اللبناني، وعلى رغم أنّ المعركة المحتملة لتطهير جرود عرسال من الإرهابيين باتت وشيكة الانطلاق وسط المخاطر الأمنية وضغطِ ملف النازحين السوريين، إلّا أنّ للمعركة الانتخابية هديراً من نوع آخر، حيث البرامج السياسية تُظهر حماسة المرشّحين، ومراكزُ الإحصاءات تطلّ يومياً على مختلف وسائل الإعلام، بتقديم الدراسات حول القانون والنتائج المتوقّعة عنه.
سَلك قانون الانتخاب في المجلس النيابي طريقه إلى الإقرار بسرعة كبيرة، ووضَع الأحزابَ أمام استحقاق قد يُغيّر في حجم الكتل. لهذا، بدأت اللجان الحزبية بالتحضير للمعركة، خصوصًا في ظلّ قانون يَرتكز على النسبية والصوت التفضيلي.

وبدأت الماكينات الانتخابية العمل من خلال تكثّيف لقاءاتها مع قواعدها الشعبية، لشرح القانون، وأهمّية الالتزام بالصوت التفضيلي، فالمعركة لا يُستهان بها، لأنّها مصيرية، وكلّ شيء متوقَّع.

وتبرز أهمّية هذا القانون لا في نسبيته فقط، بل في نوعية التحالفات التي فرَضها بين الخصوم، كتقارب «القوات» مع تيار «المردة» في دائرة
البترون-الكورة- بشرّي- زغرتا، أو «التيار الوطني الحر» مع تيار «المستقبل» في دائرة صيدا- جزين، ما يُظهر نيّة الأحزاب الكبيرة في الحفاظ على أحجامها.

هذا ما دفعَ برئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط للتغريد على التويتر، عن أنّ الخلافات بينه وبين الرئيس سعد الحريري ليست سوى غيمة صيف عابرة.

وسبَقت الانتخابات النيابية، انتخابات بلدية، سجّلت صدمةً عند القيادات الحزبية، في أكثر من بلدية. لهذا، ستَعمد الأحزاب لفرض واقعٍ من التحالفات التي تهدفِ إلى تكريس أحجامها الشعبية والنيابية، كما هو الحال بالنسبة للثنائية الشيعية، فهما سيشكلان لوائح مشتركة، لمنع أيّ اختراقات لها، على سبيل المثال.

في ظلّ الصراع الانتخابي المرتقب، ستلجأ الأحزاب والتيارات الصغيرة مِثل الكتائب اللبنانية، «الوطنيين الأحرار»، تيار «المردة»، والحزب «القومي السوري الإجتماعي» وحزب «البعث» إلى تحالفات مختلفة، حيث يسعى مثلًا، حزب الكتائب للتحالف مع المجتمع المدني، ومع شخصيات مسيحية في المناطق، في مختلف الدوائر، علَّه يستطيع الفوزَ في ظلّ النسبية.

ويؤكّد المتابعون للشأن الانتخابي أنّه مهما حملَ هذا القانون من حرّية للناخب، إلا أنّ ما هو شِبه أكيد أنّ الأحزاب التقليدية الكبرى، ستظلّ محافِظةً إلى حدٍّ ما على أعداد مقاعدها في المجلس النيابي، للاعتبارات التالية:

- إنّ القانون الانتخابي لم يبصِر النور إلّا بعد أخذِ الموافقة من جميع الكتل النيابية الكبيرة، ما يوضّح أنه درس جيدًا عند الأحزاب، ومعرفةِ نقاطِ القوة عندها قبل التصويت عليه.

- الوعي العام للناخب اللبناني لم يتغيّر بعد، فهو لم يزل ضمن تأثير القرار الحزبي له، خصوصًا وأنّ الحزب لم يزل مصدرَ توظيفه وعيشِه.

- لم يقدّم المجتمع المدني، رغم تعدّدِ الجمعيات فيه والتسميات، إلّا نموذجًا عن الأحزاب التقليدية في لبنان من جهة التسلّط الفردي، والخلافات التي ظهرَت في أكثر من جمعية وعلى أكثر من موضوع. كما وأنّ مصادر تمويلها، وتشجيعها شكّلت تساؤلًا حقيقيًا عند اللبناني، مع دفعَه لتصنيفها بمن يفتّش عن مصالح خاصة له.

أخيرًا، مهما يحيط لبنان من معارك مصيرية، ومهما يحمل القانون الانتخابي من عصرنةِ التصويت الحرّ، إلّا أنّ للواقع اللبناني حساباته الخاصة، في ظلّ نظام طائفي تحرسه أحزاب كبرى تبرم التحالفات «الدون كيشوتية» للمحافظة على كتلها النيابية، وهذا حقّ يصونه النظام الديموقراطي.

وهذا ما يؤكد أكثر أنّ الأحزاب الكبيرة في البلد لا تزال تريد المحافظة على وجودها في السلطة، بخلاف ما أتى به القانون الجديد من تطلّعات.

د. جيرار ديب - الجمهورية

  • شارك الخبر