hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

عيد الجيش: "تريو" رئاسي... و"كارت بلانش" للقيادة

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٧ - 06:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد انقطاع دام أربع سنوات يحتفل الجيش بعيده الـ 72 في الاول من آب في احتفال مركزي في الكلية الحربية-الفياضية بحضور الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري. وفي 23 الشهر الحالي تنطلق الحملة الاعلانية لعيد الجيش بـ "شعار" يوصف بأنه متمايز عن كافة السنوات السابقة. نحو 250 ضابطا من كافة الاسلاك العسكرية والامنية سيقلّدهم رئيس الجمهورية السيوف بعد أن فّرّض الفراغ الرئاسي طوال الفترة الماضية اعتماد سياسة الاحتفالات الرمزية في الثكنات. آخر لوحة رئاسية شهدها احتفال الجيش كانت "رباعية" في آب 2013 حيث حضر الرئيس ميشال سليمان الى يمينه الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة المكلّف تمام سلام والى يساره رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي!

ويأتي الاحتفال المركزي هذا العام في ظل وجود رئيس جمهورية، انقضى على ولايته الرئاسية تسعة أشهر، وقائد جيش جديد يكمّل بثبات وجهوزية عالية المعركة ضد الارهاب، بالتزامن مع حلول الذكرى الثالثة للهجوم الارهابي على عرسال واختطاف تسعة عسكريين لا يزال مصيرهم مجهولا حتى الان.
وفيما يًعتبر الحضور الرئاسي الثلاثي في هذه المناسبة أمرا اعتياديا إلا أنه يكتسب راهنا أهمية مضاعفة بالنظر الى الغطاء السياسي الكامل الذي يحظى به الجيش في كافة عملياته العسكرية من قبل الرؤساء الثلاثة ومن قبل الحكومة مجتمعة.
وصل الأمر، وخلافا لكل المناخات التحريضية التي وضعت الجيش موضع المحاسبة من قبل رئيس الحكومة وفريقه السياسي إثر عملية الثلاثين من حزيران، سؤال الرئيس سعد الحريري قائد الجيش عند استقباله له في السرايا قبل أيام عن مدى جهوزية الجيش لخوض معركة "تنظيف الجرود" من إرهابيي "النصرة" وداعش". جواب العماد عون كان بكامل الوضوح ومفاده: الجيش يتجنّب معركة من هذا النوع طالما ان الارهابيين في الجرود يتّخذون من المخيمات وقاطنيها من النازحين السوريين دروعاً بشرية ما سيعرّض حياتهم للخطر المباشر. حالة واحدة تجعل هذا الأمر ممكنا في حال قرّرت الحكومة مجتمعة إعطاء هذا الغطاء للجيش في معركة ستكون دقيقة جدا وحسّاسة، بحيث تكون المسوؤلة عن هذا الخيار. وبالتأكيد، فإن رأي قائد الجيش يحاكي الواقع بشكل كبير حيث تطرح القيادة العسكرية سيناريوهات محتملة، عند بدء عملية الجرود، لجهة قيام المسلحين الإرهابيين بقصف مخيمات النازحين بغية الايقاع بين الجيش وبين هؤلاء وايجاد شرخ قد يكون الجيش المتضرّر الأكبر منه.
ثمة خيط رفيع يجدر تسليط الضوء عليه ولربما يخلق التباسا عند كثيرين: هذه الحكومة، كما سابقاتها، أمّنت الغطاء السياسي للجيش في مكافحة الإرهاب على الحدود وفي الداخل. لكن هذا الأمر لا يعني البتة أن الجيش "يأخذ الأذن" من السلطة السياسية في كل مرة يحضّر فيها لمداهمة أو عملية تطويق أو مراقبة أو ملاحقة متهمين بالارهاب. التوقيت ونوع العمليات وحجمها وأهدافها هو ملك القيادة العسكرية. يشبه الأمر الـ "كارت بلانش" الممنوح للمؤسسة العسكرية بالتصرّف. لكن حين تطرح حالة كقيام الجيش بمواجهة المسلحين في جرود عرسال فهذا الأمر يتطلّب غطاء سياسيا مضاعفا بالنظر الى تداعياته المباشرة على المخيمات وعلى عرسال والداخل.
مع ذلك، يحتفل الجيش بعيده هذا العام وسط ألغام نجح حتى الان في تجنّب إنفجار أي منها بوجهه أو بوجه السلطة برمّتها:
"-قنبلة" النازحين السوريين. بعد سبع سنوات يصعب التعامل مع أعداد النازحين ومخيماتهم إلا بوصفهم قنبلة موقوتة. العملية العسكرية في مخيميّ النور والقارية مؤخرا، والتي هي ليست الأولى من نوعها، وما تعرّض له الجيش هناك يكشف حجم المخاطر الكامنة حيث يعتبر هذان المخيمان بالمفهوم العسكري بيئة معادية، وبالأساس ثبت أنه إنطلاقا منهما تحركّ مسلحون للهجوم على مراكز الجيش في آب 2014. لكن الجيش، المُطالِب الأول للحكومة بالقيام بواجباتها حيال تسهيل عودة النازحين الى بلادهم بما يسهّل عمله أكثر في مواجهة الإرهابيين، قد نجح في تحييد المخيمات وعرسال البلدة عن مرمى أهدافه الأمنية والعسكرية في كافة العمليات الاستباقية التي قام بها مؤخرا. ويجدر التوقف عند جهود الجيش في مواكبة عودة مئات النازحين في الفترة الماضية الى قراهم الآمنة.
- تفرض عملية الجرود المرتقبة تحديا هائلا أمام الجيش الذي سيكون معنيا بشكل مباشر من الجانب اللبناني في منع إندفاع الارهابيين باتجاه عرسال أو ايجاد موطئ قدم لهم في مناطق متاخمة لمواقعه وفي حماية مراكزه المتقدمة. وتفيد أوساط عسكرية في هذا السياق ان "التسلّل خط أحمر، ولن يكون مسموحا تحت أي ضغوط بالسماح للمسلحين الهاربين بايجاد بقعة آمنة لهم في المخيمات أو عرسال. وبعضهم قد يلقي السلاح ويحاول الدخول بصفة "مدني"، لكن الحظر يطال هؤلاء أيضا حيث ستكون نيران الجيش بالمرصاد". كما تفيد معلومات، بأن مخيم الملوّن (نسبة الى خيمه المتعددة الالوان) وهو خارج بقعة انتشار الجيش، ويضمّ نحو 11 الف نازح، قد يتمّ استخدامه واستغلاله من قبل المسلحين إما للرماية منه وإما كملاذ آمن لهم.
- عَكَست المناخات التي رافقت الحديث عن حصول تظاهرة في وسط بيروت للدفاع عن حقوق النازحين السوريين والمناخات المضادة التي واجهتها خطورة وحساسية الوضع الداخلي ومدى هشاشته. فالمعلومات تفيد بأن المتظاهرين كانوا سيرفعون صور الموقوفين السوريين الذين قضوا بعد عملية 30 حزيران بسبب أحوالهم الصحية السيئة في محاولة منظمة ومدسوسة لدق الأسفين مع الجيش وتشويه صورته ومنعه من القيام بواجبه في المناطق الحدودية كما يجب، وربما استباقا لتداعيات معركة الجرود وأسلوب تعاطي الجيش معها. بمطلق الأحوال، يبدو الجيش كمن يتحصّن بدرع واق تجاه كل أنواع الضغوط التي تعرّض وقد يتعرّض لها طالما ان الهدف الأساس هو حماية ليس فقط عرسال ومخيماتها والمنطقة الحدودية من الإرهابيين إنما البلد برمّته.
- مع التسليم بكون لبنان هو الأكثر استقراراً مقارنة بدول المنطقة، فإن استنفار الجيش الدائم يوحي بأنه لا ينام على حرير التطمينات التي تتحدّث دوما عن "قرار إقليمي" بالتحييد. كما على الحدود كذلك في الداخل، عين الجيش في رصد دائم لكل مشتبه به في دائرة الارهاب. وهو مسار لا يعرف المهادنة مع جهد استخباراتي هائل لمكافحة الارهاب وأدواته.
- العسكريون المخطوفون لدى "داعش" هم الجرح المفتوح في خاصرة المؤسسة العسكرية. من يعرف العماد عون عن قرب يتيّقن من مدى حرصه على إنهاء الملف وختمه سواء أكانوا أحياء أم أموات، ويؤكدون أن هذه القضية من المسائل الاساسية التي تشغل بال قائد الجيش وتمسّه بشكل شخصي. بمقابل ذلك، تنفي أوساط أمنية كل ما يشاع عن إنشقاق هؤلاء العسكر، مؤكدة في الوقت عينه أن كل ما يتعلّق بهذا الملف لا يجب أن يكون مادة للتداول الاعلامي والتحليلات غير المسؤولة.

  • شارك الخبر