hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - د. ناصر زيدان

الموازنة اللبنانية بين المعلوم والمَخفي

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٧ - 06:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

هناك جوانب سياسية مرتبطة بملف الموازنة العامة للدولة اللبنانية، منها ما هو مُعلن، ومنها ما هو مخفي – او غير مُعلن – والموضوع له صِلة بالحرب الباردة التي كانت قائمة في لبنان بين العام 2005 والعام 2016( اي بين قوى 8 و14 آذار) وهو اليوم مُتداخل مع الكباش السياسي بين بعض القوى التي تتشكَّل منها الحكومة، وقد يكون جزء من المشكلة - او على الاقل موضوع قطع الحساب – مرتبط بتصفية فواتير قديمة بين فرقاء النزاع السابق، وربما يكون طرح قطع الحساب ايضاً يهدف الى قطع الطريق على بعض المرشحين المحتملين للإنتخابات النيابية القادمة، ومنهم على سبيل المثال الرئيس الاسبق للحكومة فؤاد السنيورة الذي أتهمت حكومته عام 2006؛ انها غير ميثاقية بسبب إنسحاب وزراء ( الثنائي الشيعي ) منها.

لم يسبق ان مرَّت دولة ديمقراطية في العالم من دون موازنة على مدى 12 عام كما حصل في لبنان منذ العام 2005 جتى اليوم، رُغم ان وزارة المالية كانت تُقدِّم مشاريع موازنة في الاوقات المحددة الى مجلس الوزراء، وغالباً ما كان مجلس الوزراء يُقرّ المشاريع من دون ان تصل الى خواتيمها السعيدة في مجلس النواب. ولولا المناعة الإستثنائية التي يتمتع بها الاقتصاد اللبناني، مُضافٌ الى حصانة سياسية من نوعٍ خاص تحمي الانتظام اللبناني؛ لكان الوضع الاقتصادي وحتى الاداري قد انهار بالكامل.
موازنة العام 2017 التي اقرتها الحكومة، وناقشتها لجنة المال والموازنة في مجلس النواب بالتفصيل؛ تبلغ 24,7 الف مليار ليرة لبنانية، منها 7 آلآف مليار خدمة دين عام للدولة الذي بلغ نهاية 2016 ما يقارب 75 مليار دولار – اي 142,2 من الناتج الاجمالي، كما يُقدر العجز في هذه الموازنة حوالي 7283 الف مليار ليرة، اي 31% منها، رغم المحاولات الحثيثة التي بُذلت من قبل وزارة المال لزيادة العائدات وخفظ النفقات.
لا يمكن إنكار وجود صراع بين بعض المرجعيات والقوى على موضوع إقرار موازنة العام 2017، وهناك في الزوايا السياسية بعض الخفايا غير المُعلنة؛ تؤكِّد وجود تبايُن جوهري حولها، برغم ان هيئة مكتب مجلس النواب اقرَّت ( وفقاً لما اعلنه نائب رئيس المجلس فؤاد مكاري ) ان الموازنة هي بند رئيسي على جدول اعمال الجلسة العامة المقبلة لمجلس النواب في عقده الاستثنائي الحالي.
اهم اوجه الصراع المخفي حول ملف الموازنة؛ هو قضية عرض حسابات الدولة عن السنوات السابقة على مجلس النواب ليوافق عليها، قبل نشر موازنة السنة الثانية ( كما تنص حرفياً المادة 87 من الدستور ) وهذا الموضوع مُختلف عليه، خصوصاً انه يطال حسابات حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في الاعوام 2006 و 2007 التي أُتهمت انها غير ميثاقية بعد إنسحاب وزراء الثنائي الشيعي منها، ولأن السنيورة كان محل إستهداف من القوى التي تدور في فلك التيار الوطني الحر ايضاً. هذا الامر يحتاج الى تسوية سياسية وميثاقية من الطراز الرفيع لتجاوزه، او لإيجاد المخرج له، قبل عرض الموازنة على الهيئة العام للمجلس، وهذا ما يعمل عليه رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبغطاء سياسي رفيع المستوى.
الموضوع الآخر الذي يحمل بنود خلافية غير مبتوت بها نهائياً بعد؛ هو ملف سلسلة الرتب والرواتب. التي ادرجت نفقاتها من ضمن الموازنة، لكن المشروع معروض على جدول اعمال الجلسة العامة بشكلٍ مُنفصل، والامر الخلافي لا يقتصر على الشكل، او كيف سيُعرض المشروع؟ بل ان التباينات السياسية ما زالت قائمة على بعض بنود السلسلة، وهناك قوى سياسية وازِنة لم تُعطي إشارة خضراء للسير به حتى الآن. كما ان تعديلات مُقترحة على مشروع السلسلة لم يُتفق عليها بشكل نهائي، لاسيما موضوع الزيادات على رواتب المُتقاعدين لاسيما العسكريين منهم . وهناك بنود أُخرى من الموازنة ما زالت محل خلاف مع القوى التي تتأثر بالهيئات الاقتصادية، والتي تربطها مصالح مع اصحاب المدارس الخاصة الذين يعترضون على السلسلة، وهذا ما ظهر واضحاً خلال انتخابات نقابة المعلمين الاسبوع الماضي، وادى الى إقصاء النقيب السابق نعمه محفوظ الذي قاد معركة نقابية شرسة من اجل اقرار السلسلة.
 

  • شارك الخبر