hit counter script

باقلامهم - مازن ح. عبّود

على انهار بابل

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٧ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"على انهار بابل هناك جلسنا. فبكينا عندما تذكرنا صهيون. على الصفصاف في وسطها علقنا قيثاراتنا. لأنه هناك سألنا الذين سبونا أقوال التسبيح، والذين إستاقونا الى هناك قالوا: سبحوا لنا تسبحة من تسابيح صهيون. كيف نسبح تسبحة الرب في أرض غريبة؟ إن نسيتك يا أورشليم أنسى يميني، ويلتصق لساني بحنكي". 

من المزمور المائة والسادس والثلاثون

تطلع بي فأبصرني انتحب على ضفاف انهار بابل كما انتحب النبي قديما. سألني لما تنتحب اورشليم على ضفاف انهار بابل واورشليم قد ولت وبابل زالت وانت لست بنبي؟ ما الذي يذكرك بذلك المزمور؟ وما الذي يجعلك تردده وانت لست بيهودي ولا بمسبيّ؟
استكنت وقلت بابلي وانهارها ليست بابل الحالية، واورشليمي ليست اورشليم التي تعرفها، وجبل صهيوني مختلف عن كل الجبال، وانا لست بنبي ولا تجمعني بالنبوة أي صلة قرابة، وبالطبع انا لست يهوديا. الا أني ببساطة اشعر بنفس المرارة والأسى والحزن التي شعر بها كاتب هذه الابيات، وذلك جراء ما اصابنا نتيجة ما قمنا وما نقوم به شعبا وكهنة واحبارا. فنحن مسبيون وعراة على ضفاف انهار هذا الزمن، نبكي ونتحسر ملكا لم نعرف ان نصنه، ونظم حياة تعلمناها وما عرفنا ان نحياها، ومحبة وتواضعا نفتقدهما.
صرت ابكي كنيستي على انهار بابل هذا الزمن. واشعر بانّ الله قد هجرنا بعد ان هجرناه.
لا اريد ان اعتقد بانّ بعض أركان مجمعنا قد أضحوا يخاطبون بعضهم البعض بالوساطة، وذلك من على صفحات الجرائد ووسائل التواصل الالكتروني مستعينين ببوق من هنا او هناك.
لا اريد ان أقول بانّ المحبة غابت عن مسالكنا ومسالكهم. وقد صرنا حديث الناس في كل محلة من مهتمين بالشأن العام والانتخابي.
صرنا نشتري سمكا في بحار هذا العالم ممن يبيعون وكثيرون هم الباعة ونحن المشترون. وسمك بحر السياسة سراب لا يطعم جائعا ولا يرد لطائفة حقوقا مهدورة.
استفاد من قسمتنا الساسة وقد راحوا يستثمرون بانقساماتنا أخشى، ونحن مسرورون...
يتلاعبون بنا لأننا نفتش عن مجد هذا العالم وامواله.
نعم، فما عاد الموضوع موضوع إقامة جامعة. واني اعتقد بأن موضوع الترخيص لها قد طرح في هذا التوقيت على طاولة مجلس الوزراء، إيذانا بفتح السوق الانتخابية. فباع من باع من الساسة واشترى من اشترى من شيوخنا من سمك بحر الساسة.
نعم، ليس الموضوع موضوع الترخيص لجامعة. بل انّ الموضوع موضع نقص في المحبة وطغيان فكر دهري يناقض المسيحية ويهدد المؤسسة الكنسية بكل رموزها ويعثر الناس ويزيد في غربتهم.
كما انّ الموضوع ليس موضوع من هو على حق ومن هو مدان، كما قرأت مؤخرا في مقالات لمقربين او مبعدين على أثر انتهاء المجمع الانطاكي المقدس لكنيستنا. وقد سعت غالبية المقالات الى تبييض صورة هذا المعسكر على حساب ذاك. فشعرت بأنّ مؤسساتنا الكنيسة مؤلفة من ثلاث معسكرات: معسكر السيد البطريرك ومعسكر سائر المجمع والاحبار وأخيرا معسكر الشعب. وبأنّ وديانا عميقة تفصل ما بينهم. وهذا من هذا الفريق يحذر ذاك من الفيضان ان لم يمتثل ويدعو الى مؤتمر بمثابة مؤتمر تأسيسي يعيد تسطير الصلاحيات بما يتوافق وتطلعات فريقه. لم أكن اريد ان اكتب. الا أنى مضطر بانّ اكتب مع هذا الكم من المقالات والكلام والاحداث والخيبات. اكتب، وحبر قلمي السريع الكتابة دموع وتنهدات ومرارة.
اكتب وابكي على نفسي وعلى تعثر مؤسسة يفترض بها ان تشكل نموذجا للناس في عصر الخوف والأزمات والحروب والضياع.
لن تكون آخر الدنيا في إقرار جامعة إضافية او مؤسسة إضافية تنضم الى منتدى المؤسسات العاملة في إطار المؤسسة الكنسية.
إني اعتقد بأنّ الطوفان يبدأ فعليا حين يرى كل نفسه برجا لا يريد ان يطاله أحد، ولا يريد ان ينصت لاحد ولو استمع. يصنع برجه ويصم اذنيه، كي لا يبلغه صراخ الناس ووجعها وخوفها على مصيرها. فلا يزعجه جوعها وقلقها الدائم وبحثها عن وجه مسيحها في عالمنا كي ينير دروبها المتعثرة.
انّ المشكلة هي ان نتلهى عنه تعالى في حروب ديوك لا تنتهي، ونصرف النظر عما هو اهم. والاهم هو الوداعة والمحبة والرفق والصبر....
أتعلم الان لما انا انتحب على ضفاف بابل اورشليم؟ ولماذا أتذكر جبل الرب؟ وإني لا اريد يا ولدي ان أقول باني اشعر باني أعيش في أرض غريبة.
ابكي واسأل إلهي ان يستفيق في ضمائرنا فنعود من سبينا ونبني مدينتنا التي نريد لها ان تكون قريبة من السماوات.
 

  • شارك الخبر