hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - الشيخ شادي عبده مرعي - الجمهورية

صرخةُ علويٍّ مقهور: ضَاعَ الحليفُ والغريمُ

الثلاثاء ١٥ حزيران ٢٠١٧ - 07:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إذا كانت المُسلَّمة الوحيدة (الواضحة) هي إنتماء الطائفة العلوية في لبنان إلى محور المقاومة المتمثلة في قوى 8 آذار في لبنان سياسياً، إلاَّ أنّ المُسلّمة الثانية الأوضح منها (المكتومة) هي تخلّي الجميع عنها في الاستحقاقات المصيرية التي تُشعر أبناءها بإنتماءٍ حقيقيٍ الى هذا البلد الجميل الذي ارتضوه بإقتناع وطناً نهائياً..

وإذا كانَ يُقالُ لمَن يتكاثر عليه الخصوم: «أضاع غريمه»، يصح أن يُقال عن وضعنا من ندرة حلفائنا: «أضاعَ حليفه»...

فلم نعد نعرف مَن نلوم ومَن نعاتب وعلى مَن نراهن؟ سوى أن نستصرخ ضمائر الجميع تفاؤُلاً بِـ (لعلَّ وعسى) .. حتى ضاع عندنا تمييز الخصم من الصديق، وإذا كان المثل: الصديق وقت الضيق، فلم نجد صديقاً واحداً صدوقاً معنا في أيّ ضيقٍ، أو يدلّنا على طريقٍ يكون فيها الفرج لنا.. وفي كلّ يومٍ،
وعند كلِّ استحقاقِ، يستفيقُ فينا ذلك الألم الرهيب الذي يجتاحنا بالجملة عجزاً وضعفاً...

وأشدُ الحسرة لمَّا نجدهم جميعاً من يتسبَّبُ لنا بالغَصَّةِ المُحْرقةِ، وهم بغنىً عنها، بل وقادرون على مداواتها ..

وعند كلِّ منقلب محليٍّ وتغييرٍ دولي تهتزُّ حياتُنا قلقاً..

ويكفي مقالٌ واحد، أو خبرية من هنا أو هناك، لتُرعب استقرارنا الهش..

وعند كلِّ تعيينٍ تعمُّ الفرحة كل المناطق زهواً بالنصر، لتسودَ غيماتٌ سود سماءَنا تكثيفاً للحرمانِ من الفوز...

قيلَ: مَن عاشر القوم أربعين يوماً صارَ منهم، وقد صار لنا في لبنان أربعين جيلاً ولم يعترفوا بوجودنا بعد... وقد درسنا في كتاب التربية المدنية: أنَّ الجارَ قبل الدار، فلا بابنا طرقوا ولا جيرتنا راعوا: لا من باب المشاركة ولا من أجل المنافسة.. فتناسوا حقنا في الحاضر، وقتلوا طموحنا للمستقبل..

وليسَ في كلامنا ثمّةَ جنوحٌ للتهويل، بل هو توصيفٌ لحقيقةٍ مُرَّةٍ جئناكم بها عتباً من أخٍ وَجارٍ وصديقٍ ما زال يشعر أنَّهُ في وطنهُ بينكم غريبٌ، والغربة في الوطن: فقرٌ، وعنكم: قاتلة.

فقد بُحَّتْ حَناجِرُنا، وجفَّتْ مآقينا، وعلى رغم كلّ آلامنا، ما زلتُ حتى هذه اللحظة مؤمناً بكم، لذا جئت أستصرخُ ضمائركم..
وما زال لبنان روحنا فداه، ولسان حالنا جميعاً، قد عبّر عنه شاعرنا الكبير المرحوم بدوي الجبل:

وَلي وَطنٌ أكبرتُهُ عَنْ ملامَةٍ، وَأُغْلِيْهِ أنْ يُدْعَى عَلَى الذّنِبِ: مُذْنِبَا

فمتى تمنحونا جنسية كاملة لنصبح مثلكم تماماً كاملي الأهلية؟

كل المناصب لكم أنتم، ولنا فقط أدنى المراتب..

لا تنظروا إلينا إلّا على أَنَّنا أقلية، وليست كأَيّ أقلية، إِنَّها الأقلية المنفية..

كل السياسات والخطط الأمنية والإقتصادية ترسمونها، بعيداً عنَّا، ثم تُلزموننا تطبيقها..

كل الجامعات والمناطق والمناهج التربوية حكراً لكم، والمشافي الحكومية والخاصة لا أعرف موظفاً فيها بهويته العلوية..

حتى وسائل الإعلام كلها لكم: المرئي منها والمسموع والمكتوب، ولنا فقط وسائل الإتصال الإجتماعي المجانية..

صحَّتْ إِذاً صرخةُ شاعرنا الكبير حامد حسن (رحمه الله):

الشقاءُ المرُّ لمْ يُخْلَقْ لهم والنعيمُ السمحُ لمْ يُخْلَقْ لنا

فما هو المطلوب منا نحن العلويين؟

هل المطلوب أن نبقى إلى أجلٍ غير محدودٍ، ونحنُ نشعرُ بهذا الجمود السياسي المتولّد من الاستبعاد الحكومي، والتناسي الوطني، والتغييب الإعلامي؟!
أَمْ علينا أن نستسلم لمقتل آحلامنا على أيديكم يا سادة؟؟

وأطفالنا، ماذا سنورث أطفالنا من بعدنا في هذا الوطن؟

فقد ورثت التعتير عن جدّ جدي، وكلُّ خوفي أن أورثه إلى حفيد حفيدي.

وكيف يستحق المواطن العلوي الإنتماءَ إلى لبنانكم؟

إذا كان الموضوع موضوعَ شهداء، فقد بذلنا دماءَنا رخيصةً على مذبح الوطن...
وكلّ قواتنا المسلّحة حماها الله تشهد..

وإن كانت قضيةُ نَزاهةٍ، فالتفتيش المركزي والقضاء (حسب علمي) لم يدن يوماً علوياً بقضية رشوة أو فسادٍ..

ولو إعتُمدت الكفاءة لكنا بلا شكٍّ في المكانِ اللائق بنا..

والآن بعد إقرار قانونٍ انتخابيٍّ، وقبل إقراره، لم يستشيروا أحداً منا، ولم يخطر ببالِهم غير مصلحتهم الآنية، ونحن فقط علينا إِمَّا أنْ نُقاطعَ رفضاً للتهميشِ، أو أن نشاركَ بلا إقتناع ولكن من باب تمضية نهارٍ حافلٍ..

حتى مرشحنا العلوي لا تتبنَّاهُ أيُّ جهةٍ منهم إلّا في اللحظة الأخيرة بعد أن حقّقوا هدفهم في تفتيتِ أصواتنا بالوعود المزيّفة لفلان وفلانٍ وفلان... وتشتيت صفوفنا بالإغراءات والرشاوى الإنتخابية قبل الجميع.. فقط لكي يضيع تأثير صوتنا التفضيلي..

ثمَّ وَكُلِّي ثقةٌ أنهم سيفرضونه علينا فرضاً بلا هوادة، ولنبلِّط البحر المحرَّم علينا العمل في منطقته الحرة في ميناء أحلامنا الوهمية..

تضيق عليهم دوماً أن نمثل يوماً ما أنفسنا... فهل هكذا تُبنى الأوطان يا قادة؟

قيل في الإعادة إفادة، وقد قلنا وعدنا وكرّرنا حتى مللنا فما سمعتم..

وفي النهاية:
فعلاً: لكمُ لُبنانكم، ولنا تعتيرنا...
الشيخ شادي عبده مرعي - الجمهورية

  • شارك الخبر