hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

"مربع بري" ... No man's land

الإثنين ١٥ حزيران ٢٠١٧ - 06:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يفترض أن يكون هناك سلسلة "احتمالات" لمعرفة خفايا وتداعيات ما حصل من اعتداءات غير مبرّرة إطلاقا بحق متظاهرين أمام مجلس النواب خلال جلسة إقرار قانون الانتخاب في مجلس النواب.
فهناك رأي عام مصدوم ينتظر أمرا واحدا فقط. تحديد المسؤوليات ومعرفة هوية مُصِدر الأوامر بـ"التشنيع" الذي لحق بمتظاهرين لا يبرّر استخدامهم للبيض والبندورة أن "يحاربوا" بالعصي والهراوات والركل والإمعان في الأذى من جانب عسكريين يفترض أنهم الدرع الواقي لحماية المعتصمين وليس الاعتداء عليهم. والأهم من ذلك، معاقبة المسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة.
ثمّة سابقة سجّلها الوزير نهاد المشنوق في مجال "العقاب العلني" حين كشف بعد نحو شهرين من قيام مجموعة من قوات النخبة في قوى الامن بمداهمة سجن رومية لانهاء أعمال شغب قام بها في 18 نيسان 2015 سجناء المبنى "د" وتخلّلها احتجاز عدد من العسكريين، عن معاقبة ضابطين وعناصر شاركت في عملية المداهمة وعمدت الى تعذيب بعض السجناء، وذلك عبر إحالتهم الى المحكمة العسكرية واتخاذ تدابير مسلكية بحقهم.
أدّى الموقف الذي عبّر عنه وزير الدفاع يعقوب الصراف على صفحته على "تويتر" بعد الحادث الى تفسيرين متناقضين. كتب الصراف ما حرفيته "مؤسسة الجيش هي لجميع اللبنانيين دون تمييز وهي ستتخذ الاجراءات اللازمة لمعالجة ما حصل ومعالجة مفتعلي الشغب"، مؤكدا "أنه سيتمّ استدعاء الجتود والمدنيين للاستماع الى إفاداتهم".
فريق اعتبر أن ما كتب يؤكد مسؤولية قيادة الجيش لما حصل وإلا ما الذي يفسّر تولّي المؤسّسة العسكرية التحقيق بالموضوع.
وفريق آخر رأى أن دخول القيادة العسكرية على خط المحاسبة المسلكية أمر بديهي حتى لو لم تكن معنية إطلاقا بالأوامر التي أعطيت للعسكر في ساحة النجمة وسرية الجيش ليست تحت أمرتها، والذي هو واقع الحال أصلا.
وفق معلومات مؤكدة "ملف الارتكابات التي حصلت بحق متظاهرين على مقربة من مجلس النواب يوم الجمعة الفائت بات منذ يوم السبت بعهدة النيابة العامة العسكرية حيث أحيل الى الشرطة العسكرية للتحقيق بالموضوع".
لكن على هامش التحقيق الذي فتح فورا ويتوقع أن تظهر نتائجه قريبا برز استياء كبير لدى قائد الجيش العماد جوزف عون من أسلوب التعاطي المرفوض مع المتظاهرين. من يعرف "الجنرال" عون جيدا يعرف أنه من أصحاب الرأي القائل أن "حجم التعامل مع اي استفزاز أو اعتداء أو قوة يكون بالمعيار نفسه أو الدرجة نفسها. وبالتالي البندورة والبيض لا يجب أن يقابلا بالعصي والركل والضرب مهما كان حجم الاستفزاز"، فيما رسا القرار في اليرزة على عدم إصدار أي بيان توضيحي طالما أن المسؤولية لا تقع أصلا على عاتق القيادة العسكرية ولا مديرية المخابرات.
أما موقف رئيس الجمهورية ميشال عون، قائد الجيش السابق، فقد عبّرت عنه بشكل غير مباشر وغير رسمي ابنته كلودين روكز حين كتبت على صفحتها "إذا كان احترام البدلة المرقطة في وجداننا وقلوبنا وتربيتنا، فإن ضبط النفس وعدم الانجرار الى العنف مع المدنيين هو من أهم المناقب العسكرية التي تربّى عليها جيشنا". بالتأكيد الرسالة كانت موجهة الى ساحة النجمة وليس الى اليرزة، وللحديث صلة.
الالتباس الأساس الذي حصل لدى اللبنانيين هو كون العناصر التي واجهت المتظاهرين بالقوة المفرطة غير المبرّرة ترتدي بدلة الجيش المرقطة ففسّر الأمر وكأن قيادة الجيش مسوؤلة مباشرة عن هذا التعدّي.
لكن حقيقة الأمر ان قائد سرية الجيش المفصولة الى مجلس النواب العميد عماد صعب هو صاحب الأمرة ولا رابط له مع القيادة كون سريته تقع تحت أمرة قيادة شرطة مجلس النواب بقيادة العميد الشيخ علي.
وما لا يعرفه الكثيرون أن العميد عماد صعب فُصل الى مجلس النواب وهو كان لا يزال برتبة ملازم بعيد انتخاب الرئيس بري رئيسا لمجلس النواب في بداية التسيعينيات. بداية كان صعب يعمل بأمرة العميد مهنا وبعد ان تمّت إزاحة الأخير برغبة من الرئيس بري، تسلّم صعب قيادة سرية الجيش في ساحة النجمة، فيما يتردّد أن سطوته تصل الى حدّ تجاوز رئيسه الأعلى العميد الشيخ علي قائد شرطة مجلس النواب (تضمّ سريتيّ الدرك والجيش) في الكثير من الأمور. الأخير كان تسلّم موقعه كقائد لشرطة المجلس بعد العميد محمد قاسم (القائد السابق لوحدة الادارة المركزية في قوى الامن الداخلي) الذي، وبعد إحالته الى التقاعد، ووجه باتهامات مع ضباط وعناصر آخرين باختلاسات تصل بمليارات الليرات من أموال المساعدات المرضية وتمّ توقيفه.
تتيع سرية الجيش في شرطة المجلس إداريا (أي كل ما له علاقة بإضبارات العسكر، الرواتب، الترقيات، مأذونيات، سفر... ) الى مقر عام منطقة بيروت الكائن على المتحف، فيما كانت تتبع في السابق للواء السادس ثم فصلت لاحقا الى ساحة النجمة بعيد انتخاب بري رئيسا لمجلس النواب، فتمّ إلحاقها إداريا بقيادة منطقة بيروت. ووفق الهيكلية المتبعة هي تتلقى الأوامر حصرا من قيادة شرطة مجلس النواب، وليس مقر منطقة بيروت ولا اليرزة. لا يشكّل الامر حالة فريدة، فضمن لواء الحرس الجمهوري في قصر بعبدا هناك سرية درك مفصولة وهي بالكامل تحت أمرة الحرس الجمهوري. لكن في ما يتعلق بسرية الجيش في مجلس النواب وسرية الدرك في الحرس الجمهوري، فعند حصول اي ارتكابات تستدعي تحقيقات مسلكية فالمؤسسة الام التابعة لها كل من السريتيّن هي التي تتولّى التحقيق بالامر، وهذا ما حصل عمليا حين تولّت النيابة العامة العسكرية وضع يدها على ملف الاعتداء عند المدخل الشمالي لمجلس النواب.
ويبقى السؤال هل مجاهرة وزير الدفاع باستدعاء العسكر الى التحقيق سيشمل أيضا قائد سرية الجيش العميد صعب الضابط القوي المحسوب على الرئيس بري؟ فيما تردّدت أحاديث عن إمكانية فصل السرية نهائيا عن الجيش وجعلها مرتبطة بشكل كامل بشرطة المجلس في حال تكرار هذه الممارسات.
أما البيان الصادر عن شرطة مجلس النواب فيشكّل سلفا دليل إدانة لكاتبيه، فما الهدف الذي قد يدفع متظاهرين الى "تجريد أحد عناصر الحماية من سلاحه"؟ هل الخطة كانت تقضي باحتلال مجلس النواب بقوة السلاح من قبل المعتصمين؟!. وهل أصلا تتطلّب عملية "تحرير عنصر الحماية من قبضة المتظاهرين" كما ورد في البيان كل هذا العنف الوحشي بحق عزّل سلاحهم الهجومي هو عبارة عن حبة بندورة وبيضة!
 

  • شارك الخبر