hit counter script

باقلامهم - عبدالله بارودي

"تسونامي" بشري... يستقبل الحريري في الشمال

الثلاثاء ١٥ حزيران ٢٠١٧ - 06:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يكن أشدّ المتفائلين بزيارة الرئيس سعد الحريري الى الشمال يتوقع أن يكون حجم الاستقبال في الشكل الذي رآه اللبنانيون، ان كان عبر شاشة التلفاز، أو من خلال الصور والفيديوهات التي انتشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
يبدو أن ثمة سرّاً الهياً يكمن وراء هذا العشق والتعلّق الروحاني بزعيم "المستقبل" سعد الحريري والذي دفع آلاف المواطنين الى شوارع المنية ليفترشوها قبل ساعات من وصوله، ويبدو أن ثمة رضىً أبوياً يلاحق الحريري في كل خطوة يقدم عليها في مسيرته السياسية، ترى دلالتها في تجمّع آلاف المحبين والمناصرين في الضنية لملاقاة حبهم الراسخ.
ويبدو أن نكسة الانتخابات البلدية التي حلّت ب"تيار المستقبل" في طرابلس قبل حوالي السنة، اتخذها المستقبليون كالمثل القائل :"لكل حصانٍ كبوة"، فشهدت قاعات معرض رشيد كرامي الدولي أضخم حشد مستقبلي منذ العام 2009 ، أثبت بأن كل ما حكي عن انتهاء سعد الحريري هو ضرب من الجنون، و"هلوسات شتوية"، تعبّرعن أمنيات أصحابها الوهمية لا أكثر ولا أقلّ.
وعكار التي لم تبخل يوماً على "تيار المستقبل" بأي دعم أو ولاء سياسيّ، نزلت بشيبها وشبابها لاستقبال ابنها وحبيبها "سعد"، فتحوّل افطارها الرمضانيّ الى مهرجان حب لتجديد البيعة والوفاء.
عديدة هي الملاحظات التي يمكن استخلاصها من زيارة الحريري الى مناطق الشمال لعلّ أبرزها:
أولاً: ردّ الطرابلسيون بشكل مباشر وقاسٍ على كل الادعاءات التي حاول البعض ترويجها في زيارة الحريري الأخيرة الى المدينة بهدف تفقد عدد من المشاريع الانمائية، أوحت بأن أبناء طرابلس لم يواكبو رئيس الحكومة في جولته، ما يشكّل دليلاً صارخاً على تراجع شعبية "تيار المستقبل" في الفيحاء.
ثانياً: أثبتت الزيارة التي قام بها الرئيس الحريري الى دارة كل من النائبين سمير الجسر في طرابلس وأحمد فتفت في الضنية، بأن الرجل لا يبخس الناس حقها، وبأن كل ما كان يروّج عن خلافات بينه وبين فتفت والجسر نتيجة الانتخابات الرئاسية الماضية، لا محلّ لها في قاموس الحريري الانساني والأخلاقي. وعلى هذا الأساس، كرست هاتين الزيارتين مرجعية الدارتين في القلعة الزرقاء.
ثالثاً: أعطت المنية من خلال الحشد الكبير الذي استطاع تأمينه النائب كاظم الخير، والسحور الجماهيري الذي نظّمه عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" معتز زريقة في منزله، انطباعاً بأن الأمور تسير على ما يرام في مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نتيجة تضافر كل الجهود وتعاون كل الشخصيات المقرّبة من "المستقبل" مع بعضها البعض، دون أي حساسيات شخصية أو مصالح سياسية، وهو مؤشر مريح للأجواء التي ستسود في المنطقة خلال الاستحقاقات القادمة.
رابعاً: ظهر واضحاً من خلال كل الخطب التي ألقاها الرئيس الحريري بأن همّه الأول، وتركيزه الأساس في هذه الفترة، منصّب على الاسراع في تنفيذ مشاريع الشمال الانمائية، لتكون تلك المناطق جاهزة عملياً مع انطلاق مشروع اعادة اعمار سوريا والعراق.
خامساً: جاء سحور الوزير الصفدي الذي أقامه تكريماً للرئيس الحريري، دليلاً قاطعاً على متانة العلاقة بين الرجلين، خصوصاً أن الحريري لم يلب أي دعوة من خارج اطار "البيت المستقبلي" خلال جولته الرمضانية الشمالية، وهو ما يؤشر الى امكانية ترجمة هذه العلاقة بشكل فعلي خلال الاستحقاقات الدستورية القادمة.
سادساً: نجح الحريري في عدم تضمين خطاباته أي اشارات أو ايحاءات تتعلّق بتحالفاته الانتخابية القادمة في مناطق الشمال، أو حتى بالأسماء "المستقبلية" المرشحة لخوض غمار الانتخابات النيابية المقبلة. وهو أمر مفهوم خصوصاً في ظلّ عدم الاتفاق النهائي على القانون الانتخابي، والمدة الزمنية التي تفصلنا عن موعد الاستحقاق الانتخابي.
سابعاً: سجّل الحريري من خلال زيارته الكثير من الأهداف في مرمى خصومه الشماليين، فهو أثبت للقاصي والداني وبالعين المجرّدة، بأنه لا يزال اللاعب رقم واحد سياسياً وانتخابياً في الشمال من طرابلس وصولاً الى أقاصي عكار. وبأن قانون النسبية الانتخابي الذي كان بالنسبة لبعضهم خشبة الخلاص من براثن "المستقبل"، أصبح اليوم هو نفسه فخاً أوقعوا أنفسهم فيه، اذا ما ترجمت الأمواج البشرية التي استقبلت الحريري الى أوراق اقتراع في الصناديق الانتخابية!..
ثامناً: أثبت أمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري بأن اختياراته شمالاً كانت دقيقة، بعد أن وضح العمل الجبّار التي قامت به جميع منسقيات الشمال وعكار لانجاح جولة الحريري الرمضانية. وهو الأمر الذي يتوقع أن ينسحب على باقي المناطق اللبنانية، ولعلّ جولة البقاع الأسبوع القادم فيها الجواب الشافي!..

  • شارك الخبر