hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

جنبلاط بين "الرجل النزيه" و"الرجل القوي"

الإثنين ١٥ أيار ٢٠١٧ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

على صفحته على "تويتر" يدعو وليد جنبلاط متابعيه الى حضور فيلم "رجل نزيه" الذي عرض في "مهرجان كان" السينمائي. برأيه، هذا الفيلم يفسّر على الأرجح لماذا انتخب الايرانيون حسن روحاني، داعيا الى مشاهدته "لتفهّم الاخر ومحاولة الحوار". 

فيلم "رجل نزيه" يعتبر بمنظار كثيرين بمنتهى الجرأة في جمهورية تتنفس رقابة وتشدّد. هو يشرح عبر قصة روائية لماذا اقترع 57% من الناخبين الإيرانيين لمصلحة رجل الاعتدال حسن روحاني، فالفيلم يتمحور حول الفساد في "إمبراطورية" الملالي، فيما يعرف دور روحاني منذ انتخابه لأول مرة عام 2013 رئيسا للجمهورية الايرانية في خوض معارك مباشرة بوجه الفساد والفاسدين وأصحاب الاحتكارات فيما شكلّ إعادة انتخابه للمرة الثانية استمرارا للوكالة الشعبية بالمضيّ في هذا المسار. لكن نهاية الفيلم لا تقدم إجابة واضحة عن مدى كسب بطل الفيلم لمعركته الدونكوشيتية في محاربة الفساد!
لربما يواكب جنبلاط في عالم الواقع نسخة لبنانية من الفيلم الايراني لكن بعنوان "رجل قوي". وصل "غريمه" في السياسة ميشال عون الى حيث يجب أن يصل وبدأ "معاركه" على أكثر من جبهة لمواجهة الفساد وتكريس مفاهيمه في إدارة الدولة. جنبلاط يواكب ويراقب كمن يحضر عرضا سينمائيا في "كان". حتى الان، برأيه، العهد كمن "يُدبدِب" على سجادة "مكافحة الفساد" ولم يبلّ يده بعد بمكامن الهدر والسرقات ولم يقدّم اقلّه أي رؤية إصلاحية واضحة تبشّر بحصاد سريع.
يتفاعل جنبلاط مع الاحداث حين تستفزّه بعض المشاهد فيطلق موقفا معترضا، ثم يسرح في عالمه الخاص حين يشعر بأنه غير معني بكل ما يحصل أمامه، تماما كما حين تصل ملعقة قانون الانتخاب الى الفمّ وتستنفر الاعصاب في لبنان قبل ربع الساعة الاخير للتسوية الانتخابية فنرى جنبلاط فجأة في الفاتيكان مصافحا البابا بعد حضوره قداس يوم الاربعاء ومشاركته في "المقابلة العامة"، وهو مصطلح فاتيكاني لكل من يحضر هذا القداس الاسبوعي ويتسنّى له، بموجب إذن خاص مصافحة البابا وأخذ بركته والتحدّث معه لدقيقة واحدة فقط.
لن يبدي جنبلاط اي انزعاج او تأفّف من الانتظار لنحو ساعة ونصف تحت الشمس من أجل أن يكون واحدا من المشاركين في "المقابلة العامة" فيما باستطاعته بالتأكيد أن ينسّق مع المعنيين في حاضرة الفاتيكان للقاء رأس الكنيسة الكاثوليكية على انفراد. تواضع "البيك" في حاضرة الفاتيكان يستحيل أن تلمس "أثارا" له على البقعة اللبنانية الصغيرة. لن يقبل زعيم المختارة أن يسلبه أحد "نثرة" من عدّة زعامته.
يعود جنبلاط من الفاتيكان آخذا البركة من بابا روما، ويبدو ان "نِعَمها" لن تتأخّر بتنفّس "وليد بيك" الصعداء لقرب إقرار قانون يبعد عنه شبح "التحجيم" حتى حدود "تشليحه" أكثر من نصف كتلته النيابية. الشوف وعالية دائرة واحدة هذا مهمّ، لكن الأهمّ التحالفات التي يعوّل عليها جنبلاط ليبقي عصا الزعامة بيده.
الزعيم الدرزي، باعترافه، لا حليف له اليوم سوى الرئيس نبيه بري. والصيغة النهائية لقانون النسبية المتفق عليه لن تولد قبل أن يكون "البيك" راضيا ومرتاحا بأن وريثه تيمور لن يجد نفسه أمام "مشروع" نهاية الزعامة الجنبلاطية مع ضمانات مسبقة بتحالفات "آمنة". هذا لن يتمّ إلا بدفع من بري وغطاء واضح من "حزب الله". هو بالتأكيد غير راض عن "اجتهادات" سعد الحريري التي "شطحت" عن حدّها منذ لحظة جلوسه على كرسيّ السلطة التنفيذية ولا عن جنوح ميشال عون، بتوصيف مقرّبين منه، في كسر المعادلة التي حكمت الجبل منذ عهد الطائف.
لم يكن جنبلاط يرى في النسبية سوى محاولة لتطويقه وقصقصة جوانحه، بالتكافل والتضامن مع معظم المكونات السياسية. ولم يكن عون يرى في استظلال جنبلاط بقانون الستين سوى استمرارية لنهج المختارة في "ابتزاز" حلفائها بكتلة نيابية وازنة "تتلاعب بها" وفق خياراتها الانية في الاستحقاقات المفصلية، في وقت يتصرّف فيه ميشال عون، حتى قبل أن يصبح رئيسا، على أساس انه "صاحب الحق" في استعادة "السيادة" على الصوت المسيحي في الشوف وكل الاقضية المسيحية.
مرّ قطوع التأهيلي على خير، ثم قطوع مجلس الشيوخ، وسبق ذلك قطوع المختلط الذي استفز بيك المختارة بكل صيغه المقدّمة من جانب الوزير جبران باسيل. في الاونة الاخيرة التقى جنبلاط النائب جورج عدوان أكثر من مرة. بدت المسافة بين كليمنصو ومعراب أقرب بكثير من المسافة بين كليمنصو وبعبدا. وصل الأمر الى حدّ تأكيد جنبلاط بأن نائب "القوات" لديه مبادرة هامة جديرة بالنقاش وتستوجب قبل أي شئ آخر إقناع العونيين بها، فيما سبق ذلك تأكيد من سمير جعجع بأنه لن يمشي بقانون لا يوافق عليه وليد جنبلاط. هذا ما حصل فعلا وأكثر، وها هو جورج عدوان يستلم دفة التفاوض عن جبران باسيل موزّعا في الوقت نفسه رسائل الاطمئنان الى المختارة بشكل أساس بأن "وحدة الجبل فوق كل اعتبار"!

  • شارك الخبر