hit counter script

باقلامهم - مازن ح. عبّود

لن أقول وداعا للموسم!

الثلاثاء ١٥ أيار ٢٠١٧ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا لن أقول وداعا للفصح!

لا لن أقول لك وداعا وفي بالي ان أعيش فصحا ابديا!
في بالي ان اعبر من الموت الى الحياة، ومن الديجور الى النور.
لم أشبع منك يا موسم المواسم، وانا أتمنى لو أنك السنة كل السنة، فأحيا ونحيا في الفرح والانوار والنغمات. إنك يا فصحا فرح لا ينتهي ونور لا يعتريه ظلام، وملكوت نتذوقه ومضات في لحظات.
أترى من قال انّ الملكوت بعيد؟ أترى من قال انّ الملكوت ليس قلبا وحياة؟ أترى من قال بانّ الفصح ليس حالة تلازمنا عبورا بواسطة الممات؟
أخاف ان أودع الفصح فتهجرني وجوه من نور تبان لي في هذا الموسم. أخشى انّ أودع وجه جدي الذي فاض نورا في تابوته وهو يغادر الى فصحه الابدي في ذاك الفصح من ذاك العام في نوّار!
أخاف انّ أودع الفصح فتمضي من قبالتي جدتي التي ارخت شعرها صبيحة الخميس العظيم ودخلت الى خدرها، وقالت للدنيا وداعا وقد قررت الرحيل، فأحجمت عن الطعام أياما، وعبرت الى الفصح الابدي عشية سبت النور. واودعنا التراب ترابه في اثنين الباعوث ورتلنا لها احتفاء بالقائم من الموت تراتيل النصر والظفر!
أخشى ان أودع الفصح فيزول من قبالتي العم "ملحم يوسف" وكوفيته البيضاء وصدريته المزركشة انوارا مقدسية وسرواله الأسود المطرز يردد واقفا في صحن الكنيسة، ويعلن قيامة المسيح قائلا: "اذ قد رأينا قيامة المسيح فلنسجد للرب القدوس يسوع البريء من الخطأ وحده... لأنك انت هو الهنا وآخر سواك لا نعرف" بلهجته الدومانية، فترتج أعمدة الكنيسة. ونحن قد عرفنا الكثير من الالهة، واقمناهم مكانه، وتحولنا الى فرق زجالة اضاعت البوصلة.
كلا لن أقول للفصح وداعا قبل ان اعانق وجوها من نور صارت الفصح الابدي! لن أودع الفصح الا كي أعاين طلائع فصح جديد! لن أودع الفصح قبل ان اعاين ابن الانسان صاعدا الى مملكته والملائكة من حوله تنشد له أناشيد الظفر والغلبة على سلاطين وآلهة هذا العالم! لن أودع الفصح الا كي استقبل العنصرة فنصير نتكلم جميعا لغة واحدة تفهمها كل شعوب الأرض فتتغيّر بها الدنيا وتصير الأرض سماء! لن أودع الفصح الا حين أتكلم لغة المحبة والوداعة والانسحاق! لن أودع الفصح لأني ما زلت في الوحل غارقا في وهمي وخوفي وضعفي ابحث عن طمأنينتي! لن أودع الفصح، وانا ما زلت في قبري في هذه الدنيا أعيش ليومي! لن أودع الفصح وانا وغير قادر الى الدخول الى السماوات! وما الفصح الا بوابة الأرض الى الالهيات!
يهجرني الموسم وفي نفسي شوق الى موسم جديد. يأتي موسم ويزول موسم وانا ما زلت عالقا ابحث ما بين المواسم عن سلالم تصعدني الى فوق الى حيث لا يستطيع أحد ان ينتزع مني الفصح ابدا. ليس الفصح موسما بل حالة تدخلنا فيه، وما المواسم الا سلالما كي ندرك القائم فيصير الفصح فينا حالة، فنقوم معه ونصير معه آلهة في ملكوته. فاذكرني يا رب إذا ما اتيت في ملكوتك!

  • شارك الخبر