hit counter script

- مايز عبيد - الجمهورية

أطفال «التنك»: ليت لنا مدرسة!

الثلاثاء ١٥ أيار ٢٠١٧ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إعتاد الأطفال الأربعة: محمد، نضال، حسين ورياض الخروج صباحاً من منازلهم (وهي عبارة عما يُسمى في الدارج التناكيات أي الأحجار المسقوفة بتنك) - الواقعة على ضفاف خليج عكار قاصدين أماكن تجمع البلاستيك والحديد والتنك على طول الشاطئ القريب.
ليسوا أطفالاً سوريين، بل أطفال لبنانيون قست عليهم الحياة وجار عليهم الوطن. لم يلحق بهم «مصطفى» في هذه الصبيحة ولم يجدوه كما اعتادوه كل يوم ينتظرهم على قارعة الطريق، فخرجوا وفي قلبهم غصّة على رفيق الدرب الذين لم يرَوْه هذا النهار.

يتحرّك الصبيةُ الصغار على طول الشاطئ من العريضة إلى مفرق حمص، ومن مفرق حمص في اتجاه العبدة. في يد كل واحد منهم «شوال» يضعون فيه كلّ ما يجدونه من «خردة» على طول الشاطئ، اللهم أن لا يكون حملُه كبيراً على ظهورهم الصغيرة.

معاناة

يروي نضال (8 سنوات) ما أمكن للسانه الصغير التفوّه به، فيقول: «أنا بشتغل لانو بيّي ما بيقدر يشتغل». أما حسين فيقول: «أنا بجمّع البلاستيك والخردة وبروح ببيعن»، أما رياض الذي رفض الحديث في البداية فأجاب «بيّي ما بيشتغل».

يتمنّى هؤلاء الصبية «أن تكون لهم مدرسة ليتعلّموا، لكنهم يدركون أيضاً أنهم بهذا الواقع لا يمكنهم التعلّم لأن لا مال كافياً لدى عائلاتهم وهم مكلَّفون بكلِّ هذا العمل الشاق من أجل جمع المال لذويهم».

«أحلامن على قدن»

بالنسبة إلى هؤلاء الصبية، فإنّ ما يعبث به الناس من فوضى وأوساخ، وإن كانت تُميت الشاطئ، لكنها بالنسبة إليهم مصدر رزق يومي وغلّة تُجمع من الصباح إلى ساعات ما بعد الظهر ليُصار إلى بيعها لاحقاً، وغالباً ما يكون أحدهم هو مَن يجمع «الخردة» عبر سيارة «البيك اب» أو الى محال مخصصة لذلك.

لهؤلاء أحلامهم كما لكل إنسان أحلامه. «بدنا نشتري بيك اب لما يصير معنا مصاري ونحمّل فيه بضاعة كتير ونصير متل أبو خالد»، أي الشخص الذي يشتري منهم بضاعتهم والذي ينادي «حديد، نحاس، ألومينيوم عتيق للبيع».

الغلّة

يجمع الأطفال الغلّة بالكيس في انتظار (أبو خالد) أو غيره، وإذا لم يظهر (أبو خالد) خلال رحلتهم فإنّ الأكياس ستعود معهم إلى المنازل بعد رحلة عناء طويل وتعب دامت نهاراً كاملاً. قد يمضي النهار بلا غلّة، وقد يمضي أيضاً بغلّة ولكن بلا بيع، أما مردود كل واحد منهم فلا يتجاوز الـ 5 آلاف يومياً في أحسن الأحوال لأنّ هذه الغلّة من تنك وبلاستيك وهذه المواد غير ذات وزن، ويتم شراؤها منهم بالأوزان، والكيلو بألف ليرة كما يروي الصغار.

خلصت الرحلة

انتهت رحلة هذا اليوم وجُمع ما جُمع من المواد. يعود الأطفال إلى منازلهم وإذا كان معهم «مصاري» فإنهم يُعطونها إلى أهلهم الذين يبيعون بدورهم أحياناً الخردة التي جمعها أولادهم.

في أغنى المناطق بالموارد الطبيعية تجد الحالات الأكثر فقراً في الوطن. إذ لا استغلال لهذه الموارد بمشاريع حيوية تغنيها وترفع من واقعها وواقع الناس فيها، ليبقى شبح الفقر هو المسيطر ويبقى الأطفال في مقتبل العمر بلا مدارس تأويهم يعملون في جمع الخردة بدلاً من أن تكون المدرسة مأواهم ومستقرَّهم.

مايز عبيد - الجمهورية

  • شارك الخبر