hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

مقتدر وبشر وكوسى وأسواق للاستهلاك

الثلاثاء ١٥ أيار ٢٠١٧ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

جلس عند قدمي المقتدر يلتقط ذبذباته ويصيغها استشارات لقرارات بمقاسات يطرب لها الممسك بأمور المنطقة وملحقاتها بغض النظر عن مدى ملاءمة ذلك مع الحقيقية التي بدأ يقول عنها بانها نسبية وليست مطلقة. وكان ان شعر المستشار مثلا بأنّ ذبذبات الزعيم او حساسيته قد بدأت تتكون تجاه مادة استهلاكية معينة، يبادر وينقض عليها كنسر كاسر لالتهامها. وكان انّ أحب معلمه الموز سوّق للموز وان كرهه سوق للكوسى، فهو كما كان يقول يعمل عند المقتدر وليس عند الموز او الموّاز او الكوسى. همه كان ان يبقى المقتدر راضيا عنه، وفي سبيل ذلك يدوس على كل الحقائق والمعطيات.

اما البشر بغالبيتهم كما علاقاتهم حتى الزوجية منها أحيانا قد تحوّلت بفعل العولمة الى مصلحية واستهلاكية في سوق الخضار والنخاسة وكل المواد الاستهلاكية حيث العرض والطلب يحركان ويستهلكان كل شيء حتى مصير البشرية.
وقد قيل انّ "نونو" و"كوكو" مثلا خرجا باتفاق رضائي موضوعه ضرورة الطلاق والانفصال بشكل سلمي ومتمدن بعد ان ضجرا من بعضهما البعض واستهلكا ما تبقى من علاقتهما الزوجية بغض النظر عن مصير الاولاد. تصرف اعتبر حضاريا ومحقا وعصريا ونال تنويها وتفهما من جميع الازواج الذين راحوا يدرسون الموضوع.
قيل انّ المقتدر احبّ يوما ان يلبس العناصر البشرية في السوق حللا قبيل الانتخابات، فينتقي منهم ما يلزم لعدة للحكم. فكان ان امر الخياط ان يصمم ويصنع لهم ثوبا موحدا بمقاس واحد. وصارت الناس تجيء الى "شوشيتو" الخياط كي تحظى بالثوب، فتنبطح ارضا ويروح هو يأخذ مقاساتهم ويدرسها على ضوء قياس الثوب الذي يحاول الباسه لهم، وإذا ما تعثرت المهمة كان يرفع مقصه ويشير الى انحاء جسم الزبون: "لماذا هذا الكرش؟ ولماذا كل هذا الطول؟ الا تعتقد ان ّ ركبتيك ضخمتين؟ ولما كل هذا الرأس؟ لو أنك تستطيع التخلص من كل هذه الزيادات لألبستك حلة الفرج وصرت من عدة المقتدر". أراد ان يفصل الناس على مقاس الثوب والا ابقاهم عراة. فالعالم ما عاد لأصحاب القامات الكبرى، وكل ما هو غير استهلاكي لا يهضمه السوق لا بل كان يلفظ. ومن ثمّ كان يسأل من تناسبت مقاساته مع ما تمّ تفصيله عن لون السماء مثلا، فاذا أجاب "اللون الذي يريده المقتدر" يصير جزءا من عدة اللعب لمقتدر يتسلى بالبشر ويلهو بهم أكثر فأكثر مع تقدم ثورة المعلومات. ومن ينجح كان يتم تظهيره وتقديمه للناس كمنقذ، فيحملونه قضاياهم ويطلع كشهب كي يصل. ومن ثمّ يتبين لاحقا بانه كان كذبة لا بل ظلا من ظلال عالم ملؤه الوهم، لا بل غلف قشورا كي يغطي سطوة الأقوياء وجبروت المقتدرين والمتمولين والمتحكمين بلعبة الوهم على حساب الحقيقية من اجل التحكم بالموارد حتى حدود انهاء البشرية. وكانت أنظمة تظهر وأخرى تزول وبشر تبان وأخرى تستهلك وترمى على قارعة الأيام ومنظومات تستبدل والذكاء ينفصل عن القلب ويتحول أكثر لخدمة المقتدر وحقائقه النسبية التي لا تلتقي مع الحقيقية الكبرى والمطلقة. وحده الموت كان الضامن الأكبر للحياة اذ انه كان يضع حدا للكثير من الشرور والا لكان وجه المقتدر لا يتغيّر

 

  • شارك الخبر