hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

يعقوب الصراف: True Story

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 05:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

it's a true story . في زمن الاحتلال السوري وحين كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يحاذر عدم استفزاز السوريين أو رفض أي طلب لهم يبادر العماد مصطفى طلاس الى الطلب من يعقوب الصراف حين كان لا يزال محافظا لبيروت بمنحه رخصة كيوسك مؤقتة لأحد أزلامه في منطقة عين المريسة بجوار السفارة الدنماركية. يطّلع الصراف على مضمون الطلب ويوقع بكل برودة أعصاب ب "لا موافقة". يراجع طلاس في الطلب لكنه لا يوفّق، بالمقابل لا يلطي الصراف رأسه خوفا من نتائج ما "اقترفه" قراره السيادي. المقرّبون من وزير الدفاع الحالي يروون أكثر من واقعة تدلّ على أن ابن عكار لم يكن مستزلما يوما للسوريين حتى لو عيّن في مرحلة الوصاية السورية محافطا لبيروت ثم جبل لبنان بالوكالة ثم وزيرا للبيئة في حكومة فؤاد السنيورة عام 2005 بإيعاز مياشر من الرئيس أميل لحود.

أوحى الوزير الصراف بتعيينه في حكومة العهد الاولى بأنه مشروع استفزاز لتيار المستقبل. لكن الواقع غير ذلك تماما مع العلم أنه تعرّض حين كان محافظا لبيروت لحملة مبرمجة ومنظمة من الحريريين اكتشف لاحقا صانعوها أنها كانت لزوم ما لا يلزم وأتعبتهم أكثر مما أفادتهم وها هم اليوم يتسابقون على الفوز بصورة أو لقاء معه.

يعقوب الصراف المغضوب عليه مستقبليا في الماضي ينسج اليوم أفضل العلاقات مع الجميع تقريبا، وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري و"محيطه" وصولا الى سليمان فرنجية، لكن من دون التنازل عن ثوابته وقناعاته. قناعات تؤدي أحيانا الى استفزاز شارعين في الوقت نفسه. شارع الثامن من آذار حين مثلا يغالي في وصف المملكة العربية السعودية بأنها "مملكة الخير" و"قبلة العروبة"، وبأنه سيكون هناك عدد من الوزراء في استقبال أول طائرة تحمل الإخوة السعوديين القادمين الى لبنان"، وبأن السعودية وليس أي دولة أخرى هي من تعلّمنا "بأنو نحن مجبورين نقعد مع بعض ونتحاور ونعترف ببعضنا". ثم حين، ربما في المقابلة نفسها، يعلن التزامه الصريح بخط حزب الله وبتحالفه الوثيق معه وبعلاقته الثابتة والراسخة مع أميل لحود... كل ذلك بوصفه أحد الوزراء السياديين في حكومة استعادة الثقة!

عادة يفترض بأي وزير دفاع في العالم أن يكون الأقل احتكاكا مع الاضواء الاعلامية إلا إذا كان ثمة من طارئ سياسي أو عسكري يفترض حصول العكس. الصراف يغامر كثيرا حين يقرّر أن يظهر على الشاشة خصوصا من داخل مكتب وزير الدفاع في اليرزة. أولا لأن " الوزير الادمي" جدا ليس ممّن يملكون موهبة التسلسل أو الترتيب المنطقي للافكار كما أنه يفتقد الى قدرة الجذب والاقناع. أفكار عشوائية غير مرتّبة لكن جملة واحدة منها أو جملتين قد تشكّل لوحدها قنبلة سياسية، أو لنقل تصيب الهدف تماما. هنا تتضارب الاراء بشكل فاقع بشأن طلّته.

الفريق المؤيد يرى أنه الأكثر شفافية بين الوزراء في قول الامور كما هي وفي إعلان قناعاته جهارا ونزع الشك عند من لا يزال يعتبر ان يعقوب الصراف سيكون مجرد "رقم" كغيره من وزراء الدفاع الذين مرّوا على اليرزة مرور الكرام. ومن ينتقد يملك خزانا من المآخذ لا تبدأ بوصفه بـ "مريم نور" (لا أحد يفهم عليها ماذا تريد) ولا تنتهي باتهامه بالانحياز الى محور الممانعة و"انسحاره" بالسيد حسن نصرالله و"رجالاته" تماما كعشقه لميشال عون، فيما المفترض أقلّه كوزير سيادي أن لا يجاهر ببعض المواقف التي لا تنسجم مع "مبادئ" الحقيبة السيادية، ثم وصولا الى "دفاعه" الصلب عن الوزير جبران باسيل أكثر الوزراء إثارة للجدل في التركيبة السياسية.

بمطلق الأحوال، ما لا يختلف عليه إثنان ان يعقوب الصراف، على رقعة لبنانية تتكئ على الطائفية كمدخل الى العلمانية (وفق رؤية التيار الوطني الحر)، يبدو من أجمل النماذج السياسية التي تبرق وطنية وانفتاحا وعيشا مشتركا وتعايشا عفويا يجري في العروق حتى اثناء تنظيره لقوانين انتخابية طائفية. القريب من مشايخ طرابلس والشمال أكثر من رواد "داون تاون" والجميزة، زائر النجف وكربلاء وقريبا القدس كما يحلم، عاشق رجال المقاومة والابن الملتزم للكنيسة الارثوذكسية، هو بالتأكيد "عينة ذهبية" ممن يحلمون ببلد معافى من الفساد والطائفية والزحفطونية والاستزلام... وهو بالتأكيد أفضل بكثير ممن يتقنون فن السرد الكلامي المنمّق والسلسل على الشاشات لكنهم يفتقدون الى العمق الوطني الخالص.

  • شارك الخبر