hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني

الاشتراكي برأ نفسه من تهمة الفرملة

الأحد ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 07:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

قدّم الحزب التقدّمي الإشتراكي صيغة مشروع قانون للإنتخابات، مختلط بين أكثري (26 دائرة- 64 نائباً) ونسبي (11 دائرة- 64 نائباً) مع دوائر إنتخابية جديدة والحفاظ على الصوت التفضيلي، يهدف الى تحقيق العدالة والمناصفة ضمن الطائفة الواحدة، على ما أعلن النائب غازي العريضي، ولا علاقة له بقانون الستّين الذي كان لا يزال الإشتراكي يتمسّك به ويرفض أي مشروع قانون مقترح، حتى كاد يُتهم بالتعطيل لعدم موافقته على أي من القوانين المطروحة.
ولكي لا يُتهم الحزب الإشتراكي فعلاُ لإضاعة الوقت والعرقلة، على ما تقول أوساط سياسية مواكبة، برّأ نفسه من خلال مسارعته الى إعلان صيغة مشروع قانون تناسبه، ويقبل بها على الأقلّ كونه هو من وضعها، وإن كانت لا تستثني أحداً، من وجهة نظره. وانطلاقاً من إبداء حسن نيّته بأنّه لا يريد التمديد ولا الفراغ طرح مبادرة ذات أساس واضح، على ما ورد في المؤتمر الصحافي للعريضي، علماً أنّ فكرة المشروع المقترح، جديدة- قديمة إذ سبق وأن طُرحت مشاريع قوانين مختلطة شبيهة لها، ولم يقم الحزب التقدّمي سوى بإجراء بعض التعديلات على الدوائر لناحية تغييرها بهدف مراعاة التوازن في توزيع المقاعد.
ومن دون الخوض في تفاصيل هذه الصيغة التي باتت معروفة، تجد أنّ طرحها من دون نيل موافقة الأحزاب والقوى السياسية عليها، لا يُمكن أن يُشكّل مخرجاً للأزمة السياسية التي يمرّ بها البلد، وإن كانت النوايا هي السعي من أجل إيجاده قبل 15 أيّار المقبل موعد انعقاد الجلسة النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بعد أن أوقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عمل المجلس لمدة شهر واحد فقط.
فحتى الآن طرح «التيّار الوطني الحرّ»، على ما أضافت، أكثر من مشروع قانون مختلط بين أكثري ونسبي، وتأهيلي وتفضيلي، وذهب البعض الى حدّ القول بأنّ القانون النسبي الكامل هو الذي يجب أن يُعتمد لتحقيق المناصفة وحسن التمثيل. كما عاد كلّ من قانون حكومة نجيب ميقاتي، والقانون الأرثوذكسي الى الواجهة في فترة من الفترات ليُمثّل كلّ منهما الحلّ أمام هواجس البعض من التحجيم أو التهميش، ولم يكن الحزب الإشتراكي يوافق على أي من هذه الطروحات.
وصحيح أنّ المطلوب اليوم قبل الغد، على ما أكّدت الأوساط نفسها، إيجاد مخرج ما إنقاذاً للبلاد من التمديد أو الفراغ، أو حتى الإنتخاب على أساس قانون الستيّن، غير أنّ ذلك يكون باعتماد صيغة سبق وأن طُرحت في اللقاءات الثنائية بعيداً عن الإعلام، وجرت الموافقة عليها من قبل الجميع، لأنّه من دون الإجماع فلا إقرار لأي قانون جديد. إلاّ أنّ الصيغة المطروحة من قبل الإشتراكي، إذا ما لاقت استحساناً مبدئياً من قبل الأفرقاء فستكون، على ما ترى، موضع دراسة ونقاش وتفاعل خلال هذا الويك-أند لمعرفة المواقف منها، وإذا ما كان بالإمكان أن تعتمد كحلّ نهائي للقانون العتيد.
وإذ تمّ وصف هذا المشروع بـ «الغموض البنّاء» أي لا يُمكن التكهّن بنتيجته، وقد وضعه الحزب الإشتراكي لتأمين عدالة التمثيل والمناصفة من دون أن يُجري الحسابات إذا ما كان نوّابه سيعودون بتمام العدد أو أنّه سيخسر بعضهم على أساسه، شدّدت على أنّ ذلك سيًشكّل عائقاً بالنسبة للكثير من المكوّنات السياسية لا سيما تلك التي تتمسّك بعدد مقاعدها الحالي. فكلّ القوانين التي جرى رفضها حتى الآن من قبل بعض الأحزاب والقوى فذلك لأنّها لا تعطي التمثيل الصحيح بالنسبة لكلّ منها. فكلّ حزب يقيس القانون على قياسه ويرفض أي اقتراح يُصغّر حجمه أو يُضعف من وجوده داخل البرلمان، ومن هذا المنطلق من غير الممكن، على ما ألمحت، أن يكون الإشتراكي قد تغاضى عن هذا الأمر خلال وضعه للصيغة المقترحة.
في الوقت نفسه، فإنّ دولة القانون والمؤسسات لا يُمكن أن تقوم وفق هذا المبدأ، على ما أشارت الأوساط، أي وفق ما تمّ اعتماده خلال وضع القوانين الإنتخابية السابقة من خلال تفصيل القانون الإنتخابي على قياس القوى والأحزاب السياسية بحجة تأمين العدالة والشراكة والمناصفة والمحافظة على التوازن. فالرئيس عون يُطالب النوّاب بالتحديث والتغيير واقتراح قانون عصري يؤمّن التمثيل الصحيح والإسراع في إقراره قبل موعد الجلسة النيابية المقبلة، وعلى النوّاب أنفسهم أن يختاروا القانون الأفضل من بين المشاريع التي تجري صياغتها.
وبرأيها، فإنّ كلّ حزب أو مكوّن سياسي يعترض على القوانين المطروحة، عليه في المقابل أن يقترح مشروع القانون الذي يجده الأمثل، على ما فعل الإشتراكي شرط أن توافقه عليه غالبية القوى لكي يتحوّل الى طرح جدّي يُمكن الخوض فيه خلال الأسبوعين القادمين، ويؤدّي في نهاية الأمر الى إقرار القانون الجديد للإنتخابات. أمّا زيادة مشاريع القوانين مشروعاً جديداً أو أكثر فلا يؤدّي سوى للضياع وعدم التركيز وإضاعة المزيد من الوقت.
من هنا، تنتظر الأوساط ذاتها أن تبدأ القوى بالإعلان عن موقفها من هذه الصيغة المقترحة، مشيرة الى ضرورة تحمّل الجميع لمسؤولياته والتحلّي بالوعي الوطني الذي من شأنه إنقاذ البلاد من الأزمة الكبيرة التي تتخبّط بها قبل فوات الأوان والعودة الى نقطة الصفر. وإذا ما كانت هذه الصيغة كسابقاتها أي لن تتمّ الموافقة الشاملة عليها، فليتمّ التصويت إذاً في مجلس النوّاب على القوانين المقترحة، وليقرّ القانون الذي ينال النسبة الأعلى.
وبرأيها إنّ انتظار أن يهبط الحلّ على النوّاب من الخارج هو إضاعة للوقت لأنّه لن يحصل. فبعد انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة الوفاق الوطني لا بدّ من التوافق أقلّه على القانون الجديد للإنتخابات، وما عدا ذلك من فراغ أو تمديد للمجلس نفسه أو الإنتخاب وفق قانون الستين لن يكون مقبولاً من الشعب، بل سيجعله يعود الى الشارع والى المواجهة مع السلطة. وفي حال وصلنا الى هذا الأمر فإنّ أي من القوى السياسية لن يكون راضياً عن النتائج ولهذا على النوّاب أن يستدركوا منذ الآن أن عدم إقرار قانون جديد للإنتخابات يعني انتحار الجميع، وعليهم تفادي هذا الدرك، لأنّ هذا أفضل لهم وللشعب الذي يمثّلونه. 

  • شارك الخبر