الديار

تذكرون فريق الضباع في ادارة جورج دبليو بوش، من ديك تشيني الى ريتشارد بيرل مروراً بدونالد رامسفيلد وبول ولفوويتز. الآن فريق السوبر ضباع في ادارة دونالد ترامب، ومن جيمس ماتيس الى مايك بومبيو مروراً بهربرت ماكماستر وجون كيلي وجاريد كوشنر ونيكي هايلي....
اذاً، هي ساعة تغيير كل قواعد اللعبة، وكل قواعد الاشتباك، في الشرق الاوسط. في هذه الحال، ما على ايران الا ان تقع ارضاً (ومغشياً عليها) او ان تقع على عتبة البيت الابيض...
التصعيد مع بيونغ يانغ ليس اكثر من ملهاة تكتيكية. في منتجعه الفاخر في فلوريدا كان اللقاء بين دونالد ترامب وضيفه الصيني شين جينبنغ. التنين كان يرتدي ربطة عنق باريسية، ربما الملابس الداخلية ايضاً. حديث بين رجلي اعمال عابرين للقارات...
الصين التي تمتلك اضخم احتياطي من العملة الخضراء (3,5 تريليونات دولار) تمتلك ايضاً سندات خزينة اميركية بقيمة 1,3 تريليون دولار. ماذا اذا قررت تصفية هذه السندات؟ ترامب يعلم ان زلزالاً سيضرب البنية المالية للامبراطورية...
الصينيون اكثر حكمة بكثير من ان يفعلوا ذلك. الخبير الاقتصادي يان تينغ يتحدث عن السوق الاميركية (امام صادرات بلاده) كما لو انه يتحدث عن الفردوس. وبالرغم من افكاره الماركسية فهو يعتقد ان ما يستهلكه الاميركيون يفوق ما يستهلكه حتى سكان العالم الآخر من ايام آدم وحتى الآن...
من يصدق ان شركة بوينغ تصنع اجنحة طائراتها في الصين؟ الصينيون تعهدوا بألا يحاولوا تقليد هذه الطائرة والدخول في صراع دراماتيكي مع بوينغ من جهة ومع ايرباص من جهة اخرى...
الاقل اثارة، ربما الاكثر اثارة، ان سيارة الكاديلاك تصنع في الصين التي انقذت جنرال موتورز، وهي احد الاعمدة الكبرى للاقتصاد الاميركي، من الانهيار. هذه الشركة التي انتجت «الاميركيات الفارهات» تعطي السوق الصينية الاولوية على السوق الاميركية...
حتى «آبل» تصنع اجهزة الهاتف الذكية في الصين. هذا الواقع كان يثير دونالد ترامب الذي كان احد شعاراته ابان الحملة الانتخابية اعادة الشركات الاميركية الى الديار. ثمة من حذره من هذه الخطوة لانها تعني، فعلاً، غروب الامبراطورية...

اذاً، لماذا قرر باراك اوباما نقل الصراع في هذا القرن من الشرق الاوسط الذي يتداعى فيه كل شيء، والذي يتحول اكثر فأكثر الى ادغال، وحيث الذئاب المجنونة تأكل بعضها البعض، الى الشرق الاقصى؟ الباسيفيك منطقة حساسة للغاية بالنسبة الى الامن الاستراتيجي للولايات المتحدة. الافضل مراقصة التنين بدل مطاردته...
كل اميركا الآن في كل الشرق الاوسط. اختبار ام القنابل في احد الاودية الافغانية كان بمثابة العنوان السيكولوجي للحقبة المقبلة، ديفيد بولوك قال ان شظايا القنبلة وصلت بـ «البريد السريع» الى طهران...
واذا كان فلاديمير بوتين قد لعب كثيراً، وطويلاً، على نقاط الضعف الاميركية، حان الوقت ليلعب الجنرالات في واشنطن على نقاط الضعف الروسية. ماتيس قال في تل ابيب بالذات وهلل العرب، ان سوريا لا تزال تحتفظ بكمية من الاسلحة الكيميائية. قال ذلك فقط لترك الابواب مفتوحة للعب، للعب بالحرائق...
الديبلوماسيون العرب الذين يلتقون نيكي هايلي في اروقة المبنى الزجاجي في نيويورك يقولون «كما لو ان هذه المرأة صنعت من نار». متوقدة وحادة، وغالباً ما تتحدث بلهجة عاصفة. تطمئن هؤلاء الديبلوماسيين الذين يتناولون الشاي، والضحكات بطبيعة الحال، مع الديبلوماسيين الاسرائيليين، بان ادارة ترامب عقدت العزم على دفع ايران من الاختناق الاقتصادي الى الاختناق الاستراتيجي...
في اكثر من مكان كسر القوس بين خراسان وجنوب لبنان. حديث طويل بين دونالد ترامب والملك عبد الله الثاني الذي زار البيت الابيض مرتين خلال المائة يوم الاولى من ولاية الرئيس الخامس والاربعين. اذاً، المخلب الاردني، بالتعاون الحتمي مع المخلب الاسرائيلي، للامساك بنقاط حدودية استراتيجية بين العراق وسوريا....
حيدر العبادي لا يستطيع الخروج من الزجاجة الاميركية لانه اخذ علماً بأن اي خطوة في الاتجاه المعاكس تعني ان العراق سيتناثر ويتناثر هو معه. وما تردد عن معادلة اليمن مقابل سوريا لم يعد لها من مكان على المائدة. وافيغدور ليبرمان ينتظر بفارغ الصبر وصول ام القنابل الى اسرائيل ليهدد بها الضاحية الجنوبية.
هذا ليس كلاماً للتيئيس. ماتيس حاول تسويق حلف علني بين العرب والاسرائيليين والاتراك. الظروف غير ملائمة الآن. كل شيء يحدث وراء الضوء، والروس يقولون ان التجربة الافغانية لن تتكرر قطعاً في سوريا وان علاقتهم الاستراتيجية مع ايران لن تتأثر بالتصريحات المدوية التي تصدر من واشنطن وعلى مدار الساعة...
الصواريخ في حالة استنفار قصوى. متى تنطلق؟ الرقص على حافة الهاوية (ولعلها حافة جهنم) اكثر من ان يكون خطيراً. الروس يقولون انهم، في الدفاع عن امنهم الاستراتيجي، جاهزون للذهاب الى الخيارات القصوى. للضباع اسنان قاطعة، للدببة ايضاً....