hit counter script

مقالات مختارة - د.جيرار ديب

هل بات دعم المشروع التركي ضرورة إقليمية؟

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 06:41

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

أجريَ استفتاء دستوري في تركيا يوم الأحد 16 نيسان 2017، وصوَّت الناخبون على مجموعة من 18 تعديلاً مقترَحاً على دستور تركيا، حيث كانت النتيجة أنْ وافقَ الشعب التركي بنسبة 51.41 في المئة، على إجراء التعديلات التي تسمح للرئيس رجب طيّب أردوغان، بالحصول على الصلاحيات المطلقة لقيادة البلاد.أثبتَ الدور التركي فعاليةً في تدخّلاتها العسكرية في سوريا والعراق من جهة، ومرونةً في التعاطي أمام المخطّطات السياسية التي تطال المنطقة من جهة أخرى. الأمر الذي وضَع دولَ القرار أمام واقع لا يمكن تجاهله من خلال إبداء الدعم لتركيا في استفتائها.

حطّمت نسبة الاستفتاء لأردوغان القيود التي كان الدستور يفرضها على رئيس البلاد، فأصبح سلطان تركيا الحديث الذي يعمل على إعادة الاعتبار للسلطنة العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى.

إنّ تطوّرات الأحداث على الساحة الدولية كالتغلغُل الإيراني في المنطقة العربية، وجدّية التهديد الكوري الشمالي وغيرها، دفعَت بالدول للتسارع في استيعاب الاستفتاء التركي، من خلال:

- إتّصال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره التركي مهنّئاً بنجاح الاستفتاء، وشكرَه على الموقف المؤيّد للضربة الأميركية ضدّ سوريا، واتّفقا على ضرورة محاسبة الرئيس السوري بشّار الأسد بسبب الهجوم الكيماوي على خان شيخون.

- إتّصال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأردوغان لتهنئته على الفوز بالاستفتاء على التعديلات الدستورية وفق ما أفادت مصادر في الرئاسة التركية.
وبَحث الرئيسان في تعزيز الجهود لتطبيع العلاقات، وأكّدا ضرورة العمل معاً لدعم وقفِ النار في سوريا.

لم يعُد يخفى على أحد النزاع الأميركي - الروسي على إعادة رسمِ النظام الدولي، بعدما فرَضت الولايات المتحدة سيطرتَها لعقود من الزمان، وما تشهده الساحة الدولية، من إعادة فرضِ التوازن بين الأقطاب الدوليين، عبر الدور الروسي في سوريا، على سبيل المثال.

هذا النزاع على النفوذ الدولي يتطلّب من كِلا الفريقين تمتينَ العلاقة، مع القوى الإقليمية في مناطق النزاع. لهذا، فالترحيب المتبادل بالاستفتاء التركي يهدف لجذبِ اللاعب التركي، على رغم مخاوفِهما من تفاقمِ النفوذ التركي في المنطقة، فتصبح عقبة أمام استراتيجيات هذه الدول الحالمة في بسطِ نفوذها.

إنّ الروسي يرى في الجانب التركي طرفاً أساسياً في الحلّ للأزمة السورية، وهذا ما بَرز في مؤتمرات آستانة على رغم الاختلاف الواضح في الرؤية المستقبلية لمصير سوريا، ولا سيّما حول بقاء النظام وعلى رأسه الأسد. هذا ما يقابله اهتمام أميركي باستعطاف التركي إلى جانبها، علّها تجعل من تركيا بُعبعاً جدّياً للتدخّل الإيراني في المنطقة في ظلّ ضعفِ الدور العربي في لجمِ الدور الإيراني، وهذا ما بدا في الحرب اليمنية.

لقد بات النظر إلى تركيا من الأطراف الدولية على أنّها تتمتّع بدور أساسي في فرضِ الحلّ، أم في تفعيل النزاع، وهذا بعدما شاركت قواتها في اجتياح الأراضي السورية ـ العراقية، وحتّى في دعمها لقوى متقاتلة على الأرض، تسير تحت أمرتِها، كقوات "درع الفرات".

أمام التصلّبِ "الأردوغاني" في فرضِ واقعٍ جديد على المنطقة، هناك الدور الإيراني الذي ثبَّت نفوذه في المنطقة، من اليمن وصولاً إلى لبنان. إضافةً إلى تمتين علاقته باللاعب الروسي، ما عقَّد التوصّل أمام أيّ حلّ تراه الأطراف الأخرى مناسباً لمصالحها. وأيضاً، فَرملَ الآليّة العسكرية لهذه الدول، ففشلت في رسمِ أهدافها على الأرض.

أخيراً، لم يعُد الأمر يتوقّف على دعم المشروع التركي في المنطقة لكسب دورها إلى جانب أحد الأطراف بسبب تداخلِ المصالح بين الدول المتقاتلة، ما سيزيد من تعقيد الوضع على التركي، على رغم صلاحيات الرئيس التي باتت شِبه مطلقة.

  • شارك الخبر