hit counter script

أخبار محليّة

فضل الله: نأمل أن تحمل إلينا الأيام القادمة قانونا انتخابيا يحمي البلد

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 13:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الكاظم أحد أصحابه، حين قال له: "أبلغ خيرا، وقل خيرا، ولا تكن إمعة"، قيل له: "وما الإمعة؟"، قال: "لا تقل أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس، إن رسول الله قال: يا أيها الناس، إنما هما نجدان؛ نجد خير ونجد شر، فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير". لقد أراد الإمام الكاظم من هذه الوصية أن لا يكون الواحد منا تابعا لأي شخص، سواء كان فردا أو جماعة، بأن يسلم له قراره وفكره وخياراته في الحياة، ليملي عليه ما يريد، ويحركه إلى حيث يريد.. حاله حال ذلك الشاعر:
وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد
فأنا أتبع قرار القبيلة، فإن هي أخذتني إلى الرشد سأسير، وإن أخذتني إلى الضلال سأسير أيضا، فالإمام الكاظم يدعونا إلى أن لا نكون خشبة في تيار أحد، أو ورقة في مهب الريح، بل أن نكون نحن التيار والريح، وإن أردنا السير مع أحد، أن نكون واعين مفتحي العينين، فنحن لا نسير معه كيفما كان أو حيثما يريد، بل حيث هو الحق والعدل والحرية والعزة والقيم الإنسانية، ومقياس علاقتنا بأي إنسان، يتحدد بمدى انسجامه مع القيم التي نؤمن بها، ونحن في هذه الحياة، لسنا أتباع أشخاص وجهات، بل نحن أتباع الحق، ندور معه حيثما دار، ومتى فعلنا ذلك، فلن نخدع في الحياة، ولن يأخذنا أحد إلى حيث لا نريد، وسنبقى أحرارا في دنيانا، وسنكون قادرين على الإجابة يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لهن}، وبذلك، نكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات".

أضاف: "والبداية من لبنان، الذي لا يزال القانون الانتخابي فيه رهين تقارب مصالح القوى السياسية والتجاذب في ما بينها، ولا يزال كل فريق سياسي يصر على القانون الذي يتناسب مع مصالحه، ويؤمن له أن يكون الأقوى في طائفته، وبين الطوائف الأخرى. وقد وصل الانحدار إلى أن لا يتنازل كل فريق عن القانون الذي يطرحه، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة الوطن، وعيشه المشترك، وحرمان فئات كبيرة من اللبنانيين من حقها في الاقتراع، كما رأينا في بعض الطروحات الأخيرة. فقد بات المهم أن يسلم هو، أو يسلم موقعه، ومن بعده الطوفان".

ورأى أن "من حق كل فريق أن يسعى لتحقيق مصالحه، وأن يحافظ على المكتسبات التي وصل إليها، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب القانون الأنسب لهذا الوطن، والأكثر عدالة وتمثيلا، فإن لم يستفد منه الآن سيستفيد منه غدا، وإن لم يستفد منه غدا سيستفيد منه أولاده وأحفاده والأجيال القادمة، بدلا من أن يعمل على تعطيل البلد وإيصاله إلى ما وصل إليه".

وأكد أن "من حق هذا البلد على القوى السياسية التي تدعي الحفاظ عليه، أن تعمل لحسابه، فالوطن لا يبنى إلا بالتضحيات، والذي يبدي استعدادا للتضحية بالدم، من الطبيعي أن يضحي بالمصالح والمكاسب. لقد كان اللبنانيون يتصورون أن فترة الشهر التي طرحها رئيس الجمهورية، ستكون كافية لدفع القوى السياسية إلى الاستعجال في لقاءاتها لإخراج القانون العتيد، فلا تقع في أي من المحاذير الثلاث، المتمثلة بالتمديد أو الفراغ أو قانون الستين، بعدما بات واضحا مدى المخاطر المترتبة على اعتماد أي منها، إلا إذا كان هناك من يفكر في إيصال البلد إلى حافة الهاوية والمجهول، ليقال بعدها اقبلوا بأي حل".

وتابع: "ولكن، ورغم ضعف الأمل، سيبقى الباب مفتوحا، وسنبقى نأمل أن تحمل إلينا الأيام القادمة قانونا انتخابيا يحمي هذا البلد من هزات هو في غنى عنها، ومن انقسام لا نريده، ويعيد للإنسان ثقته بوطنه وبقدرته على حل مشاكله بنفسه، فلا ينتظر من يملي عليه حلا أو يضغط على القيادات، كما يجري الآن، حتى تبادر إلى إيجاد الحل".

وقال: "ولا بد لنا، وفي إطار الحديث عن القانون الانتخابي، من التنبيه إلى خطورة التحريض الطائفي والمذهبي، بعد تزايد الحديث عن ثنائي شيعي في مقابل ثنائي مسيحي، أو تحالف إسلامي في مواجهة المسيحيين، وهو ما ينبغي الحد منه والوقوف في وجهه، نظرا إلى تداعياته على السلم الأهلي، ولكونه يعيد إلى الذاكرة صورة الحرب اللبنانية ومشاهدها، في الوقت الذي يعرف الجميع أن ذلك ليس حقيقيا، وأن ما يجري لا يستهدف الطوائف، فمواقع الطوائف محفوظة، والمسألة هي صراع على المواقع بين القوى السياسية، لتثبيت مواقعها، وتحصيل مكاسب أكثر. ومع الأسف، يجري ذلك من خلال استثارة الغرائز المذهبية والطائفية، واستقواء كل فريق بطائفته".

وأضاف: "في هذا الوقت، لا بد من أن ننظر بإيجابية إلى الدعوة الموجهة إلى الإعلام اللبناني لزيارة الحدود الجنوبية، لإعادة تصويب المشهد باتجاه العدو، والالتفات إلى الخطر الداهم والمستمر من الكيان الصهيوني، الذي يواصل استعداداته لشن عدوان جديد، في الوقت الذي لا يزال يخترق الحدود اللبنانية بطائراته أو يتجاوز الخط الأزرق، وكل ذلك لا يستنفر بعض الموجودين في الداخل اللبناني".

وتابع: "نصل إلى سوريا، التي يستمر الصراع الدولي والإقليمي فيها، فقد بات واضحا أن ما يحصل، يستهدف وحدة هذا البلد، وتفكيك عناصر القوة فيه، تحقيقا لمصالح الدول الكبرى، وهو ما يأتي في ظل استهداف كل مواقع القوة في العالم العربي، والذي لا يأخذه الكثيرون بالجدية المطلوبة. وفي الوقت الذي يستمر النزيف في الداخل السوري، وكان آخر تجلياته هو استهداف أهالي كفريا والفوعة، الذي سقط نتيجته عشرات الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ، والذي يشير إلى مدى إجرام الجهات التي قامت به، نلفت إلى عدم أخذ هذا الحدث حقه في التنديد والاستنكار والشجب من المواقع الدولية أو الإقليمية أو من الداخل".

وكرر "دعوة السوريين إلى وعي خطورة ما يجري لبلدهم، والمسارعة إلى إخراجه من هذا الأتون، الذي لن يستفيد منه أحد، بل هو على حساب الجميع، في الوقت الذي ندعو الدول العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤوليتها، للحؤول دون وصول النار إلى ما لم تصل إليه، وتهيئة المناخ للحلول، حفظا للدم العربي والإسلامي، بدلا من التسكع على أبواب الدول الكبرى التي لا تريد خيرا لأحد، بل تريد العمل لمصالحها، وتريد لسوريا أن تكون بقرة حلوبا لها".

وختم: "أخيرا، إننا نحيي وقفة الأسرى الفلسطينيين في يومهم؛ "يوم الأسير الفلسطيني".. لقد أعلن العدو الإسرائيلي على لسان بعض المراقبين، أنه بات يخشى لهذه الحركة داخل سجونه، من أن تتحول إلى انتفاضة أسرى، وتتفاقم لاحقا لتصل إلى مستوى الانتفاضة الشعبية في الشارع الفلسطيني. ومع الأسف، لا تجد هذه الانتفاضة ولا المعاناة الشديدة للأسرى أي اهتمام لدى الدول أو الشعوب العربية والإسلامية، في الوقت الذي تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية الوقوف مع هذا الشعب، ودعم قضيته الإنسانية والعربية والإسلامية والدينية".

  • شارك الخبر