hit counter script

مقالات مختارة - د. جيرار ديب - الجمهورية

النظام العولمي والكباش الدولي

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 06:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تغريدتين على حسابه على «تويتر»، الخميس 13-4-2017، عن قناعته بأنّ الأمور ستسير على ما يرام مع روسيا. وأنّ الصين ستتعامل بنحو جيّد مع مسألة كوريا الشمالية.
بنى الرئيس الأميركي قناعته إنطلاقاً من سياسته التي طرحها قبل انتخابه رئيساً، وهي إعادة الإعتبار لدور الولايات المتحدة في إدارة الملفات الدولية، لذلك ظهر الرئيس في تغريداته هذه، في أكثر المناطق سخونةً، كقائد يوزّع الأدوار للدول من دون الأخذ في الاعتبار مواقف الدول صاحبة القرار كروسيا والصين، وهواجسهما من هذه القضايا. فهل لم تزل القيادة العالمية حكراً على الولايات المتحدة؟

إنّ عالم اليوم، يعيش في ظلّ نظام عولمي لم يعد يعترف بقائد له طالما لم تعد هناك حدودٌ تُرسم للبلدان، إضافة إلى ظهور لاعبين جدد لهم تأثيرهم في القضايا الدولية، من بينهم دول إقليمية والشركات المتعدّدة الجنسيات، والأبرز التكتلات لمجموعة من الدول تتصدى للتدخّل الغربي في مناطقها. هذا ما قد يضعف دور الولايات المتحدة في التعاطي مع مختلف قضايا العالم، ويزيد من حدّة الكباش الدولي، لتقويض عرشها في قيادة العالم.

في هذا السياق، أوصى وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، الدول الغربية، بالقبول بحقيقة فقدانها التدريجي للريادة على الحلبة الدولية على رغم مرارة الأمر الواقع. وخلال كلمة ألقاها أمام حشد من الديبلوماسيين الخميس 13-4-2017، قال: «تسعى الدول الغربية وبأيّ ثمن كان، إلى الاحتفاظ بمواقعها الريادية حول العالم التي اعتادت عليها لقرون من الزمن». وأضاف لافروف: «من الصعوبة بمكان بالنسبة إليهم اليوم الإعتراف بأنّ العالم في تغيّر مستمر، ويشهد عملية حتمية تتمثل في نشوء نظام عالمي متعدّد الأطراف».

صحيح أنّ الموقف الروسي في سوريا غيّر في مسار الحرب الدائرة فيها، حيث استطاعت روسيا إحداث خرق على الساحة الدولية، والتغيير في المعادلة.

لكن هذا لا يعطيها أولويّة القيادة الدولية ويجعلها ذات مقدرة لقلب كل المعادلات لأسباب منها:

- الحليف الروسي في قضية معيّنة يكون خصماً لها في قضايا أخرى كحال الصين، في موقفها التفاهمي في الملف السوري، فتقف إلى جانب حليفها الروسي في دعمها للنظام بسبب بما يُمثّله النظام لهما من ضمان مصالحهما. وإنّ الفيتو الروسي - الصيني الأخير في الأمم المتحدة في شأن إدانة النظام باستخدامه الأسلحة الكيماوية ضدّ شعبه كان منسّقاً بين البلدين.

بينما نجد في قضايا أخرى تعارضاً في مواقفهما كالمواقف الروسية - الصينية غير المنسجمة تجاه أعمال كوريا الشمالية ونشاطاتها الصاروخية في آسيا، ما يُسبّب قلقاً وجودياً للصين.

- إنفلاش القضايا العالمية وتشعّبها على أكثر من نطاق ومنطقة، الأمر الذي يعطي الأفضلية للتعاطي معها إلى مَن يمتلك الخبرة والانتشار، وليس القوّة والتمحور في مناطق مُحدّدة. ففي هذا الخصوص نعطي الأفضلية للولايات المتحدة في مجاراة النظام العولمي كونها صاحبة أكبر شركات عملاقة، وذات قواعد عسكرية منتشرة في مختلف بقاع الأرض، ما يزيد من قدرتها التأثيرية في القرارات الدولية.

أخيراً، مهما يكن من دلائل توضح الفارق بين القيادة الأميركية والروسية للملفات الدولية إلّا أنّنا نجد أنّ الأميركي متمرّس أكثر في إدارة هذه الملفات، وله في التعاطي الدولي ما يجعله حاضراً في الكثير من القضايا، إضافة إلى حلفائه الذين يرون فيه قائداً جيّداً لا يمكن التخلي عنه كحاله مع الإتحاد الأوروبي.

ستكون للوقت القدرة على كشف مصير الغلبة لهذا الكباش، في ظل تخبطّ دولي لرسم العالم الجديد. هذا ما يتطلّب من دول القرار الكثير من الحزم والتدخّل لتطويق الفريق الأخر، ما سينعكس حروباً على ساحات التحدي التي لا حول لها ولا قدرة إلّا دفع ثمن الكباش الدولي، وهذا حال منطقتنا العربية.

د. جيرار ديب - الجمهورية

  • شارك الخبر