hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

العونيون: نحن جاهزون للعلمنة... تفضّلوا !

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يخوض المسيحيون أول وربما آخر معاركهم لتثبيت أساسات قانون انتخابي يضمن وجودهم المتساوي مع الاخر، لناحية تحسين النسل التمثيلي، ضمن تركيبة المجلس النيابي. قد يُفهم إصرار "التيار الوطني الحر" أولا وخلفه "القوات اللبنانية" على إقرار قانون يعيد للمسيحيين حقهم الكامل تقريبا في اختيار من يمثلهم في الندوة البرلمانية إذا ما كبسنا زر العودة الى الوراء. 

أول انتخابات نيابية بعد الحرب عام 1992 جرت في ظل قانون انتخابي حمل الرقم 154 وجاء فيه "بصورة استثنائية ولدورة انتخابيّة واحدة، تتألف الدوائر الانتخابية على الوجه الآتي: دائرة انتخابيّة واحدة في محافظة بيروت، دائرة انتخابيّة واحدة في محافظتي الجنوب والنبطيّة، دائرة انتخابيّة واحدة في محافظة لبنان الشمالي، دائرة انتخابية واحدة في كل قضاء من محافظتي جبل لبنان والبقاع باستثناء قضائي بعلبك والهرمل اللذين يؤلفان دائرة انتخابية واحدة، وقضائي البقاع الغربي وراشيا اللذين يؤلفان أيضاً دائرة انتخابية واحدة.
المقاطعة المسيحية كانت مدوية وانسحبت على الاغلبية الساحقة من المناطق في أقضية جبل لبنان، فيما تراوحت نسبة المقترعين المسيحيين بين أقل من واحد في المئة في جبيل ونحو 17 في المئة في كسروان. يومها أتت الأكثرية الساحقة من النواب المسيحيين بأصوات المسلمين من الشمال الى الجنوب مرورا بالبقاع وبيروت وجيل لبنان.
عام 1996 أقرّ قانون حمل الرقم 587 وبموجبه ورد أنه بصورة استثنائية، ولمرة واحدة، ولأسباب ظرفية متّصلة بالمصلحة العامة العليا، تتألف الدوائر الانتخابية وفقاً لما يأتي: دائرة محافظة مدينة بيروت، دائرة محافظة البقاع، دائرة محافظتي: لبنان الجنوبي والنبطية، دائرة محافظة لبنان الشمالي، دائرة انتخابية واحدة في: كل قضاء من محافظة جبل لبنان".
وبالتأكيد لم تختلف النتائج عما كانت عليه عام 1992 ، فالأصوات المسيحية لم تستطع أن تأتي بأكثر من 18 نائباً مسيحياً. ثم اعتمد قانون غازي كنعان عام 2000، الشمال دائرتان ضمّت الأولى أقضية عكار والضنية وبشري، والثانية المنية طرابلس زغرتا الكورة والبترون. أما محافظة بيروت فقسّمت الى دوائر ثلاث قادت الى فوز كل النواب المسيحيين بأصوات المسلمين. البقاع قسّم إلى ثلاثة أقضية ما أراح نسبيا الصوت المسيحي في قضاء زحلة. بالمقابل أُبقي على محافظتي الجنوب دائرة واحدة وأُدخلت بعض تعديلات على تقسيمات الجبل، فأبقي على قضاءيْ المتن والشوف منفصلين، أما كسروان وجبيل فاصبحا دائرة واحدة، وكذلك الأمر بالنسبة الى قضاءيْ بعبدا عاليه. النتيجة كانت أكثر سوءا بالنسبة للمسيحيين.
القانون نفسه اعتمد في انتخابات 2005، فلم تتغيّر النتائج بالنسبة إلى النواب المسيحيين المنتخبين بأكثرية مسلمة. أما انتخابات 2009 فشكّلت انتصارا جزئيا للمسيحيين عبر خوضها بقانون الستين معدلا ما أفسح المجال أمام رفع "عداد" النواب المنتخبين بالاصوات المسيحية... ولكن.
يسعى "التيار" عبر رئيسه جبران باسيل، مدعوما من الرئاسة الاولى، الى إقرار قانون "المناصفة النظيفة". الارثوذكسي الذي يأتي لوحده بـ 64 نائبا مسيحيا منتخبين بأصوات مسيحية سقط ثم "انبعث" مجددا في القانون التأهيلي الذي طرحه الوزير باسيل في صيغة انتخابية يبدو أنها تلفظ أنفاسها الاخيرة رغم الاعلان عن موافقات مبدئية لبعض القوى السياسية. لكن المسيحيين الذين حرموا طوال 25 عاما من "القانون العادل" يواجهون اليوم بتهم أفظع من تلك التي كان المسيحيون يوجّهونها لمن استولى على مقاعدهم واحتكر نوابهم من دون أن يرفّ لهم جفن.
من 1992 حتى اللحظة الراهنة عنوان الجذب المسيحي الوحيد كان "الحالة العونية". هي أوجدت العَصَب المقاوم يوم كان ميشال عون في المنفى وهي اليوم تخوض معركة استرداد الحقوق لكن، للمفارقة، من دون إجماع من "الطائفة" على "الاسلوب". وأكثر من ذلك ثمّة من أتى يقول لأهمّ تيار سياسي مسيحي خاض معركة السيادة ثم انصرف لتقديم نموذج متقدّم في التحرّر من كافة موروثات الماضي، بأن رفع الظلم عن المسيحيين لا يصحّ عبر ظلم الاخرين. الاخرون همّ كل من تجعلهم القوانين الانتخابية، التي تتكاثر كالفطر، مجرّد متفرّجين على منظومة تستنسخ الطبقة السياسية الحاكمة وتولد من جديد تحت شعار القانون العادل.
بالتأكيد ثمّة شريحة كبيرة من المسيحيين والمسلمين تؤمن بصدق بأن المذهبية والطائفية و"الكانتونات" في قوانين الانتخاب ليست هي المدخل للحل العادل والشامل وليست حتى جسر العبور الى العلمانية كما يراد لها أن تكون.
ثمّة شريحة من العلمانيين وتيارات المجتمع المدني قد تخوض معركة باللحم الحيّ من أجل إسقاط هذا النوع من قوانين الانتخاب لأن الاندماج هو المطلوب وليس التقوقع. لذلك همّ لا ينتظرون أقل من استبسال "التيار الوطني الحر" من أجل ان يكون في موقع الدفاع عن قانون للانتخابات ينصف جميع اللبنانيين من كافة الانتماءات، وأن يكون "التيار" منسجما مع تاريخه النضالي ومع الصورة التي زرعها في أذهان اللبنانيين يوم كان ينظر الى العوني كحالة لبنانية سيادية محض وليس حالة مسيحية.
حتّى اليوم لم يقل رئيس الجمهورية كلمته الواضحة في قانون الانتخاب. ما صدر عنه رسميا أنه مؤيّد دائم للنسبية الكاملة، وسابقا للارثوذكسي على أساس النظام النسبي، الى أن نشرت بعض وسائل الاعلام تسريبات بلسان زواره بأنه يؤيّد المختلط في حال حصول توافق سياسي عليه من دون أن يصدر أي نفي رئاسي لهذا الكلام.
المهل تضيق حتى الاختناق. الوزير جبران باسيل دافع في أكثر من مناسبة عن طروحاته الانتخابية مستغربا أن ترفض جميعها. وبالامس قدّم مطالعة لافتة وهامة يفترض أن تردّ على كافة الهواجس حيال القوانين التي طرحها وآخرها صيغة التأهيل التي تُرجَم حاليا لكنها للمفارقة ليست من بنات أفكاره بل فكرة الرئيس نبيه بري أساسا.
خلاصة ما قاله باسيل الآتي: التأهيلي بعد رفض وسقوط الصيغ الاخرى لن يكون سوى جسر العبور لمجلس الشيوخ (المذهبي والطائفي) ومجلس النواب المنتخب على أساس النسبية الشاملة، وانطلاقا من كون الميثاقية في المعركة الرئاسية غير منفصلة عن الميثاقية في الانتخابات النيابية، فكما الرئيس القوي في بيئته كذلك النائب القوي في بيئته.
ترافق ذلك مع إعلان رسمي متكرّر بدعم التيار الوطني الحر للعلمانية والدولة المدنية في زمن الصراعات في المنطقة والعالم، شرط أن تتلازم مع ولادة مجلس الشيوخ وبداية الممارسة الفعلية للمداورة في كل المواقع والمناصب وإقرار قوانين مدنية للاحوال الشخصية. قال نحن جاهزون فمن يقف الى جانبنا؟ أنه النظام العلماني الكامل الذي يطرحه "التيار" والذي يرفض أن يطبّق بانتقائية في مجلس النواب وقوانين الانتخاب.

 


 

  • شارك الخبر