hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

عصا وحجر وعظام وقيامة

الثلاثاء ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 05:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا اعلم بماذا اخاطبكم يا احبائي في العالم الاخر في يوم انكسار الموت.
أأنشد لكم انشودة قيامية؟ ام اتلو عليكم مزمورا ام نبوءة علكم تطربون؟ أأتلو عليكم نبوءة حزقيال كي تدركوا بأنّ الرياح الأربع لن تتأخر كي تبث في اجسادكم الحياة فتصيرون جيشا كبيرا؟ استكيني يا عظام وارقدي يا أرواح هكذا يقول ربنا الظافر!
لا اعلم لماذا افتكر بكم جميعا في مثل هذا الموسم البهيج، وأنتم قد سبقتمونا الى حيث الخضرة تنتظرون قدوم الديّان الذي صلبناه جميعا على خشبة حسدنا وانانا؟
وتستيقظ ابدا انت يا ليثا نائما وتدحرج الصخرة عن قبرك كما وعدت، وصخور قبورنا لا تتزحزح، تبقى مكانها منذ لحظة ميلادنا لأننا نخشى الانوار. تمر المواسم على بيادر أيامنا كأنها لم تكن، ونبقى ما نحن عليه لا بل نتراجع، كأننا قررنا ان لا نتغيّر، فنروح نردد ما لا نؤمن به حقا. تشتاق نفسي في مثل هذا الموسم الى أناس عرفتها ودمغتني بعطرها، تشتاق نفسي الى الأبدية في لحظة اقتران الأرض بالسماء. تشتاق نفسي ان تكتب الى من كتب الكون وسطر التاريخ بحبره الأحمر. تشتاق نفسي اليه والصخرة التي صنعتها بنفسي مازالت تضبط قبري. تقوم يا الله كما وعدت وأبقى انا عفنا مائتا في قبري الذي نحته بيدي.
البارحة شاهد ولدي اطيافك فيلما في تلفاز فصرخ، البارحة رآك تجلد ويبثق عليك وتعلق فصار يبكي ويتنهد ويصرخ:" ابي حرام، الا تعال فانظر ما حصل ليسوع! حرام! ... حرام ماذا فعل كي يموت هذه الموتة وينال هذا العقاب؟ من يكون هؤلاء القتلة؟".
تطلعت به، طمأنته وابلغته بانّ يسوع سيقوم كأسد والقتلة سيزولون من امام وجهه، فحيث يكون الحب والعدل يزول الظلم والكره. لم اشأ ان ابلغه بأنّ ابن الانسان في كل يوم يقتل ويصلب. لم اشأ ان ابلغه بأننا نقتله في كل مرة نستقيل من انسانيتنا ونتغاضى عن سفك دم ذكي خوفا من طاغية او حفاظا على مكتسبات. لم اشأ ان ابلغه باننا نبصق على وجه في كل مرة نجافي الحقيقة لمصلحة ما او نغلق الباب في وجه محتاج او فقير او مظلوم، لم ابلغه باننا نسلمه في كل مرة نتنكر للهدف من وجودنا. لم اشأ ان ابلغه بكل ذلك وهو قد قال لي مرارا بانه يحن الى العودة الى احشاء امه حيث الدفء والأمان والحنان، فهو قد بدأ يخشى عالمنا خوفه من العتم والبرد والظلمات.
وتابعت، وابلغته عن عصا موسى والفصح والعبور، زودته بواحدة كي لا يخشى شرا فيعبر مسافة العمر وبحاره بنعمة ربه. ابلغته بانّ العصا تشق البحار وتطرد الحيّات، وما هي الا تلك التي علق عليها يسوع الذي بكاه بالأمس، وهي نفسها التي علق ويعلق عليها كل معترف وصادق وثائر على الظلم وكل مناضل من اجل عالم أفضل. اعطيته العصا وابلغته بانها تساعده كي لا يقع، وكي يقوم سريعا ان وقع فيكمل المسير. حمل ولدي عصاه وراح يخبط الأعشاب البرية في حديقة منزلنا مستذكرا مفاعيلها السحرية.

  • شارك الخبر