hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

المطران خيرالله: سنعيد لبنان مع اخوتنا في المواطنية إلى دوره التاريخي

الأحد ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 12:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

احتفلت أبرشية البترون المارونية بقيامة يسوع المسيح، وعمت قداديس الفصح ورتبة السلام الكنائس والأديار، وأقيمت التطوافات وسط أناشيد القيامة. وترأس راعي الأبرشية المطران منير خيرالله قداس منتصف الليل في كاتدرائية مار إسطفان في البترون وقداس أحد القيامة في الكرسي الأسقفي في دير مار يوحنا مارون في كفرحي، في حضور الأمين العام السابق للقوات اللبنانية الدكتور فادي سعد وعدد من المؤمنين.

وألقى خيرالله عظة بعنوان "لماذا تبحثين عن الحي بين الأموات؟"، قال فيها: "عند فجر الأحد، وكان قد انقضى السبت وظن الناس أن كل شيء انتهى وغرقوا في صمت الأموات، جاءت النسوة حاملات الطيب إلى القبر ليحنطن جسد يسوع المائت، فوجدن الحجر قد دحرج والقبر فارغا. ورأين ملاكا واقفا قال لهن: لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات؟ إنه ليس ههنا، بل قام. فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس: إنه يسبقكم إلى الجليل وهناك ترونه كما قال لكم. إنها المفاجأة الكبرى للنسوة اللواتي أتين القبر بمنطق من يريد أن يحنط جسد يسوع بهدف حفظه والاحتفال بليتورجيا الموت. بينما يسوع المائت ليس في القبر، بل قام وأصبح في المقلب الآخر، في الحياة التي لا بداية ولا نهاية لها، في مجد الملكوت المعد لنا منذ إنشاء العالم".

وتابع: "بالقيامة انتصر المسيح على الموت وعلى كل ما يجره الموت من حزن ويأس، وانتصر على الشر وعلى كل ما يجره الشر من خطيئة وعار على الانسان. بالقيامة نقل المسيح الإنسان من الخطيئة إلى النعمة، من العبودية إلى الحرية، من الظلمة إلى النور، من الموت إلى الحياة. هذا هو معنى سر الموت والقيامة بالمسيح. وهذه هي الحقيقة الكبرى التي يرتكز عليها الإيمان المسيحي والتي جعلت الرسل والتلاميذ، بالرغم من أنهم بقوا غير مصدقين، يذهبون إلى الجليل حيث ضرب لهم يسوع موعدا. وهناك قال لهم: "إذهبوا في الأرض كلها وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به. وهأنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم" .من الجليل، أرض الأمم، أرض الشعوب كلها، انطلقت بشرى القيامة وتخطت حدود شعب الله المختار وحدود أورشليم واليهودية والسامرة. إنها دعوة إلى تخطي كل الحدود والانفتاح على كل الشعوب وعلى الأرض كلها. في الجليل حل الروح القدس على الرسل والتلاميذ فتحرروا من خوفهم وتذكروا كل ما علمهم يسوع وأوصاهم به، فانطلقوا في العالم كله ينقلون بشرى القيامة والخلاص ويشهدون للمسيح الحي والحاضر فيهم".

وأردف: "تذكروا أنه كان قال لهم: "سيكون لكم في العالم ضيق، لكن ثقوا أنا غلبت العالم". "سينزل عليكم الروح القدس وتنالون قوة وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وحتى أقاصي الأرض". إنها دعوة المسيح القائم من الموت إلى كل واحد منا في أحد القيامة، دعوة إلى التحرر من كل ما يقيدنا ويسمرنا في هذه الدنيا الفانية: حراسة القبر، وعبادة المادة والسلطة، والتقوقع في حدود جغرافية أو إتنية أو ثقافية. كل بقاع الأرض هي للمسيح. وكل الشعوب والإتنيات هي للمسيح. وكل الثقافات والحضارات هي للمسيح. شرط أن نشهد نحن المؤمنين للمسيح القائم من الموت بالمحبة والمغفرة والانفتاح والاحترام. إنها رسالتنا في سنة الشهادة والشهداء التي فيها نذكر الآلاف من شهدائنا عبر التاريخ ونكرمهم ونتخذهم نموذجا في حياتنا فيما نتعرض من جديد لسلسلة من الاضطهادات، ونحن ننشد السلام، السلام الذي جاء يسوع المسيح، ملك السلام، يزرعه في الأرض، سلام الله لا سلام البشر الذي يبشر به الانبياء الكذبة "الذين يأتون الكذب جميعا، ويداوون كسر شعبي باستخفاف قائلين سلام، ولا سلام" أو الذين "أضلوا شعبي بقولهم: سلام، ولا سلام".

وقال: "تعالوا نتأمل في ما يجري عندنا ومن حولنا من حروب عبثية وإرهاب قاتل، آملين في وقفها بقرار ممن يغدق علينا الوعود ولا يفعل، فكيف نصدق وعودهم وهم يفتعلون الحروب ويمولونها ويدعمونها بالسلاح، بادعاء أنهم يفعلون ذلك بهدف نشر الحرية والديمقراطية والسلام. في حين أن ما يعنيهم هو تحقيق مصالحهم وإنجاز مخططاتهم غير آبهين بنتائج حروبهم الكارثية على مصائر الشعوب، وقد فاتهم وفات حراس مصالحهم ومنفذي مخططاتهم أن هذه الشعوب لا تموت لأنها تؤمن بالقيامة وبالحق الطبيعي في الحياة الكريمة وتقرير المصير، فيعطونهم "مالا كثيرا ويقولون لهم: قولوا إن تلاميذه جاءوا فسرقوه ونحن نائمون"، أو إن الإرهابيين هم منكم وفيكم ونحن نغسل أيدينا من جرائمهم. ومع هذا كله، فإنهم هم الخائفون ونحن الأقوياء، أقوياء بإيماننا بالمسيح الغافر لصالبيه والمنتصر بالمحبة على الخطيئة والشر والحي أبدا في شعبه. وحده القوي قادر أن يغفر وأن يحب. هكذا شهد المسيحيون منذ انطلاقة الكنيسة أيام الحكم الروماني، وهكذا شهد أجدادنا وآباؤنا في محطات عديدة من تاريخنا، وهكذا نشهد نحن المسيحيين المشرقيين في زمن الاضطهاد الجديد، وهكذا يشهد اخوتنا الأقباط في مصر بعد انفجارات أحد الشعانين. وبالرغم من مصابهم وحزنهم الشديد، رفعوا الصلوات من أجل جلاديهم وغفروا لهم وأعلنوا إيمانهم ورجاءهم بمجد القيامة. ورددوا معا: "أنتم تكرهوننا ونحن نحبكم. أنتم تقتلوننا ونحن نغفر لكم. أنتم تضطهدوننا ونحن نصلي من أجلكم طالبين لكم من رب الأنام الهداية إلى السراط المستقيم". وهكذا فعل قداسة البابا فرنسيس في نقل تعازيه إلى الشعب المصري وإلى البابا تاوضروس، وصلى "من أجل الضحايا والجرحى" وطلب من الله "أن يهدي قلوب الأشخاص الذين يزرعون الرعب والعنف والموت، ويهدي قلوب الذين يصنعون السلاح ويتاجرون به".

وختم: "في يوم القيامة، إننا نجدد ثقتنا ورجاءنا بالمسيح القائم من الموت، ونجعل حدث القيامة يفعل فينا لنكون شهود المحبة والمغفرة والسلام. وسنعمل معا على دحرجة الحجارة التي تسد أبواب قلوبنا وتمنعنا من التلاقي مع بعضنا البعض ومن اللقاء بالمسيح الذي يسبقنا إلى كل مكان في العالم نحن مدعوون فيه إلى حمل رسالتنا المميزة. إننا نجدد ثقتنا ورجاءنا بأن وطننا لبنان سيقوم إلى حياة متجددة بفضل جهود كل واحد منا، وبأننا نحن المؤمنين بالقيامة، ومع اخوتنا في المواطنية وفي الإيمان بالإله الواحد، سنعيده إلى دوره التاريخي. ولبنان وطن باركه الله ليكون بلد التلاقي في الحرية ويفسح في المجال أمام جميع أبنائه للتخاطب والتحاور والعيش الواحد في احترام التعددية الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية. تعالوا نردد معا: المسيح قام، حقا قام".

وبعد القداس تقبل خيرالله التهاني بالعيد. 

  • شارك الخبر