hit counter script
شريط الأحداث

- بروفسور غريتا صعب - الجمهورية

الأثر الإقتصادي والسياسي لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 06:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الاوروبي لن يكون بالأمر البسيط كما يظنّه البعض، وهناك جملة امور اقتصادية وسياسية لا بد من معالجتها كي تكون هذه المغادرة سلسة ولا تترك اثرها السيء لا على بريطانيا ولا على الاتحاد الاوروبي.
لا يمكن استبعاد فكرة معاقبة بريطانيا لمغادرتها الاتحاد الاوروبي، لذلك قد يكون هذا الخروج سيئا على الاقتصاد البريطاني ويمكن ان يؤدي الى ركود في اوروبا سيما وان الامور تسير بشكل سيء جدًا اذا لم يستطع القيّمون على الامور الاقتصادية والسياسية في الطرفين التوصّل الى اتفاق.

حسب وزير المالية الالماني «على بريطانيا ان تدفع ثمن تركها الاتحاد الاوروبي وليس هناك قائمة انتقائية تختار منها بريطانيا ما تريده». هناك قائمة كاملة فقط او لا شيء بتاتًا.

هذا يعني ان ما يسمّى بالحريات الاربع «من حركة البضائع ورؤوس الاموال والخدمات وحريات تنقل الاشخاص تعتبر وحدة متكاملة ولا يمكن اختيار ما تريده بريطانيا منها فإما ان تختار الاربعة وتبقى ضمن الاتحاد او انها وبتصويتها تكون قد تنازلت شرعا عن هذه الحريات الاربع.

أشارت مذكرة ارسلها محللون في بنك الاستثمار ING الى عملائهم الاسبوع الماضي في شأن الاثار المحتملة لـ Brexit على المملكة المتحدة وبقية اوروبا الى عوامل عدة قد يكون اهمها:

١- سوف يبدأ الجانبان مفاوضات لتقليل الضرر الاقتصادي للـ Brexit مع امل تخفيف العواقب والتي قد تكون نتائجها سيئة للغاية.

٢- هناك تحديات كبيرة للمملكة المتحدة مع مزيد من عدم اليقين الامر الذي يجعل حركة الاستثمار متراجعة ويؤدّي في الواقع الى انخفاض حاد في النشاط الاقتصادي.

٣- سوف يزداد الضغط على الجنيه الاسترليني بسبب مخاوف الـ Brexit مما يعني ان التضخّم سيبقى عاليا لفترات طويلة وبطبيعة الحال مزيد من الضغط على الانفاق.

٤- احتمال نجاح الانتخابات المناهضة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، وهذا يعني زيادة احتمال تفكك الاتحاد.

اضف الى ذلك احتمال سير المحادثات بطريقة عدائية تؤثر على الاقتصاد الاوروبي والبريطاني مما يعني سياسة سيئة جنبًا الى جنب مع تراجع اقتصادي وهذا يؤدي حتما الى اضطراب وعدوى مالية نتيجتها ركود في انحاء اوروبا.

لغاية الان، الاخبار سيئة للجميع سيما وان رئيس الوزراء البريطاني الحالي تيريزا ماي وقعت رسالة رسمية الى رئيس المجلس الاوروبي دونالد تاسك استنادًا الى المادة ٥٠ عن نية المملكة المتحدة ترك الاتحاد الاوروبي بعد اجراء استفتاء في حزيران ٢٠١٦ لكنها وعلى ما يبدو واقعة بين المطرقة والسندان اذ انها تحتاج الى استرضاء مصوتي الخروج من الاتحاد في ما يخص قيود الهجرة كذلك هي بحاجة للتأكد من ان اقتصاد المملكة لن يدفع وحده الثمن. أضف الى ذلك ان اي تراجع في بريطانيا سيكون اثره واضحًا في هولندا وبلجيكا وايرلندا والتي لديها علاقات تجارية قوية مع المملكة.

اما من النواحي المالية فالامور تبدو ذات اثار جانبية كبيرة لا سيما وان الـ Brexit يعني تخلي اوروبا عن احد اكبر المساهمين في ميزانيتها سيما وان المملكة المتحدة كانت حصتها من الالتزام الاوروبي بما يقدر ب ١٩،٣ مليار دولار اميركي ويعني بطبيعة الحال تراجعًا في ميزانية الاتحاد والتي قد تنعكس على امور اقتصادية عديدة اهمها ميدان الدعم الزراعي .

هذه الامور، وحسب المفوض الاوروبي أوتينغر، تكلف المانيا بالتحديد وفرنسا معها دفع مبالغ اضافية من اجل تغطية العجز الناتج عن الـ Brexit كذلك كون المملكة المتحدة احد اكبر اللاعبين في الاتحاد الاوروبي في ما يتعلق بالسياسة واسواق المال.

علاوة على ذلك، من الممكن ان يؤدي الـ Brexit الى الاخلال بميزان القوى داخل الاتحاد الاوروبي ويعزز وضعية المانيا بينما يضعف الدول الصغيرة. كذلك سوف يضعف الـ Brexit الدور العالمي للاتحاد الاوروبي. والسؤال الوحيد هو مدى القدرة على تحمّل هذه النتائج. وعلى سبيل المثال، هل سيبقى الاتحاد الاوروبي قادرا على فرض عقوبات على روسيا دون وجود المملكة المتحدة وقوتها الدولية.

وتبدو الامور متفاقمة للغاية لا سيما انه وحسب تاسك لا محادثات في شأن التجارة الحرة مع المملكة ما لم تنجز التزاماتها المادية وتسديد فواتيرها وحقوق مواطني الاتحاد الاوروبي في بريطانيا، كذلك الالتزامات القانونية للمملكة تجاه اوروبا.

كذلك تبرز امور عديدة مع كل ما يحدث على مستوى التطورات السياسية والتي لم تكن مدرجة في اي جدول اعمال للاتحاد الاوروبي، على غرار مستقبل جبل طارق، وهو نقطة خلاف رئيسية بين بريطانيا واسبانيا، وسوف يكون محورًا هامًا في محادثات الخروج من الاتحاد وجنبًا الى جنب مع المسائل المتصلة بوصول بريطانيا الى السوق الاوروبية المشتركة ومستقبل حقوق مواطني الاتحاد الاوروبي في المملكة المتحدة، كذلك حقوق البريطانيين الذين يعيشون في اوروبا.

لذلك نرى ان الـ Brexit وتداعياته ما زالت معقدة ويلزمها الوقت الكافي لحلها وقد تتداخل الامور السياسية لتلقي بثقلها على العملية مما يعني ان التوصل الى اتفاقيات تجارية وغيرها قد تكون محفوفة بالمخاطر.

بروفسور غريتا صعب - الجمهورية

  • شارك الخبر