hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

إطلاق مقترح تعديل القانون رقم 293/2014 للحماية من العنف الأسري

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 14:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقدت وزارة العدل و"منظمة كفى عنف واستغلال" اليوم مؤتمرًا صحافيًا أطلقتا خلاله مسودّة تعديل القانون رقم 293/2014 "لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري" التي عملت الجهتان على تحضيرها، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات على إقرار القانون في المجلس النيابي. وقد عُقد المؤتمر برعاية وزير العدل سليم جريصاتي وبحضور وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، وممثّل عن وزير الدولة لحقوق الإنسان أيمن شقير، ورئيس مجلس القضاء الأعلى وأعضاء في المجلس، ورئيس هيئة التفتيش القضائية وأعضاء في الهيئة، وعدد من قضاة العجلة والمحامين/ات العامين/ات الأسريين/ات، والمحامين/ات والإعلاميين/ات ومنظمات المجتمع المدني. 

استهلّ وزير العدل المؤتمر بكلمة أشار فيها إلى "أن أهمّ ما جاء في التعديلات المقترحة يكمن في اعتماد تعريف واضح لمفهوم "العنف الأسري" الذي يعكس سوء استعمال للسلطة داخل الأسرة وجعل جريمة العنف الأسري التي تستحقّ المعالجة الخاصة وجميع النتائح المترتبة عليها من القتل وإحداث عاهات جسدية دائمة أو مؤقتة والتسبّب بالإيذاء الجسدي والمعنوي مرورًا بحجز الحرية وصولاً إلى الارتهان والضرر الإقتصادي، جريمة قائمة بذاتها ومعاقب على نتائجها الضارة بأكبر قدر من الفعالية والمرونة والسرعة". وأعلن جريصاتي أنّه سيتقدّم "بمشروع اقتراح تعديل القانون رقم 293/2014 إلى مقام مجلس الوزراء الكريم، لإقراره وإحالته إلى المجلس النيابي، متأمّلاً أن تساهم هذه التعديلات في القضاء على ظاهرة العنف والحد من الآثار السلبية لهذه الظاهرة التي يعاني منها الأطفال والنساء بصورة خاصّة في مجتمعات العالم بأكملها."
ومن ثمّ ألقى وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان كلمةً أثنى فيها على الإصلاحات الضرورية "لتطوير القانون بما يعزز دفاع المرأة المعنفة عن نفسها وعن سائر أفراد أسرتها." كما شدّد على "أهمية إنشاء مراكز خاصة في المناطق لاستقبال المعنّفات وتلقّي ما يتقدّمن به من شكاوى مع إيوائهنّ موقتًا في حال دعت الحاجة".
المديرة العامة لوزارة العدل القاضية ميسم النويري لخّصت التعديلات المقترح إدخالها على القانون "وتحديدًا المواد 2 و3 و4 و5 و9 و11 و12 و13 و14 و17 و18 و21 من القانون، أي تقريبًا نصف أحكامه، وهي كالتالي:
1 – التعريف بالأسرة: أصبحت تشمل أيًا من الزوجين، ليس فقط أثناء قيام الرابطة الزوجية وإنما ايضاً بعد انحلالها لأن هذا الانحلال لا يمنع المعنّف من ارتكاب التعنيف.

2 – العنف الأسري: وهو يشمل الفعل أو الامتناع عنه أو التهديد بهما وإنما ذلك الذي يعكس سوء استعمال السلطة داخل الأسرة بالقوة الجسدية أو غيرها...

3 – معاقبة بجريمة العنف الأسري كل من حرض أو اشترك أو تدخل في هذه الجريمة ولو كان من غير أفراد الأسرة وهذا للحؤول دون استعانة المعنّف بأشخاص غرباء عن الأسرة وسع نطاق تطبيق القانون.

4 – إدراج نص خاص للعقوبات يُغني عن العودة إلى نصوص قانون العقوبات، فأصبحت جريمة العنف الأسري بموجبه جريمة قائمة بذاتها، وتتم معاقبة نتائجها الجرمية كافةً من قتل قصدي، وغير مقصود، واستغلال الجنسي، وحجز الحرية، والإيذاء الجسدي والمعنوي، إلخ، وفقًا للعقوبات المنصوص عليها في القانون عينه.

5 - انسجامًا مع الاتفاقيات الدولية المطبّقة في هذا المجال، تم إضافة مفهوم العنف الإقتصادي وتجريمه واعتباره كصورة من صور العنف الأسري. ويدخل في مفهوم العنف الاقتصادي الحرمان من الموارد المالية، أو الحرمان من الاحتياجات الأساسية، أو جرائم الاحتيال والسرقة واغتصاب التوقيع بين أفراد الاسرة المنصوص عنها في المواد 635 إلى 673 من قانون العقوبات. بالاستناد إلى ما تقدّم، ألغيت التعديلات المقترحة أحكام المادة 674 من قانون العقوبات التي تعفي من العقاب مرتكبي الجرائم المذكورة اعلاه الذين يقدمون عليها إضرارًا بالأصول أو الفروع أو الزوج أو الزوجة في كل مرة تشكّل هذه الجرائم جرائم عنف أسري. كما تشدّدت العقوبات في حال كانت الجرائم المرتكبة بهدف ممارسة الجماع أو بسببه، مع اقتراح إلغاء أحكام المواد 487 و488 و489 من قانون العقوبات دون تعديلها على خلاف النص الحالي.

6 - أما الجانب الأكثر عملية من التعديلات فكان اعتماد مبدأ تخصّص القضاة في قضايا العنف الأسري عبر تكليف قضاة في كل محافظة لتلقي الشكاوى ومتابعة جميع مراحلها من محامين عامين وقضاة حكم أو موضوع من دون الحاجة إلى انشاء محاكم جديدة وذلك في قرار توزيع الاعمال.

7 - كما أن التعديلات المقترحة جعلت من مسألة استعانة الضحية بمساعدة اجتماعية مسألة شخصية ومرتبطة بطلب الضحية، بعد إعلامها من قبل رتيب التحقيق بحقها في الاستعانة بمساعدة اجتماعية.

8 - وعلى صعيد متصل بعمل النيابات العامة وفرت التعديلات التواصل المباشر بين قضاة النيابة العامة وقضاة الأمور المستعجلة، الذين يصدرون قرارات حماية، إذ إن هذا التعديل يسمح للمحامي العام أن يتّخذ إجراءات بمعرض تنفيذ أمر الحماية الصادر عن قاضي العجلة، وهذا التعديل أساسه تطبيقي ومستقى من الإجراءات التي كان يقوم بها قضاة العجلة عبر إبلاغ النيابة العامة أوامر الحماية الصادرة عنهم لمنحها المزيد من الفعالية وفرصة أكبر للتنفيذ الفعلي. بالتالي باتت الضابطة العدلية، بالاستناد إلى إشارات النيابة العامة، بمثابة الذراع الحديدية القادرة على فرض بنود أمر الحماية على المعنّف.

9 - كما طالت التعديلات المقترحة أمر الحماية بعينه، إذ تضمنت النسخة الحالية من القانون بعض العقبات عندما نصت على شمول أمر الحماية للأولاد الذين هم في سن الحضانة دون سواهم، وذلك وفقاً لأحكام قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالطوائف. فتنبّه القضاة وأصحاب الاختصاص لهذه المسألة المهمة، خصوصًا وأن احكام الحضانة لا تسري إلا في حال وقوع الطلاق أو الهجر بين الزوجين، ممّا من شأنه أن يقلّص من دائرة الأطفال المشمولين بأمر الحماية دون أي سبب يبرره. فألغيت الفقرة المذكورة، ولتفعيل النص لم يعد يشترط أن يكون لسنّ الحضانة أي دور فيه خصوصًا وأن مفهوم الحضانة يختلف بين طائفة وأخرى وبين الفتى والفتاة.

10- كما أضيف ما يفيد منح القاضي صلاحية الاستعانة بكل من يراه مناسبًا من المختصين لتفعيل قرار الحماية ومواكبة تطبيقه. وخُصّص أمر الحماية للنساء فقط على وجه التحديد كونهنّ الأكثر عرضةً للعنف بنتائجه القاتلة، بصرف النظر عن وضعهن الاجتماعي والاقتصادي، وذلك للحؤول دون قيام المعنّف بإستصدار قرار حماية كيدي للضغط على ضحيته وحملها على التراجع عن مطالبها.

11 - تطرح التعديلات المقترحة مسألة غاية في الفعالية ألا وهي التكامل في الأدوار بين القضاة المولجين إصدار أوامر الحماية من جهة وقاضي الأحداث الذي يصدر تدابير الحماية من جهة أخرى. فأصبح بموجب التعديلات المقترحة، بإمكان الضحية القاصر، أن تتقدّم بطلب حماية من جانب قاضي الأحداث وتطلب اتّخاذ تدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عنها في القانون المذكور. والمسألة الراهنة تطال بشكل كبير واقع الفتاة القاصر المتزوّجة والتي هي بطبيعة الحال ضحية للعنف الأسري، فمن جهة لا تستطيع المثول أمام قاضي العجلة إلا من خلال ولي أمرها الذي قد يكون رافضًا لمبدأ الحماية من أساسه أو غير متقبل له كجزء من ثقافته. فإذا أتاح لها القانون ولوج باب قاضي الأحداث دون الحاجة إلى ولي أمر، فيكون من المجدي أن يكون لهذا الأخير أيضًا صلاحية إصدار أمر حماية تطبيقًا لأحكام قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.

12 - بالإضافة إلى التعديلات السابق ذكرها، تضمّنت الاقتراحات وجوب إعطاء مهلة قصوى للقاضي المختص قدرها 48 ساعة لإصدار أمر الحماية، وذلك لما لسرعة البت في حماية الضحية من أهمية.

13 - من أبرز التدابير التي أضيفت إلى أوامر الحماية حق المرأة في إخراج أولادها معها حكمًا كما وسائر الأشخاص المقيمين معها إذا كانوا معرّضين للخطر الأمر الذي يشكل استباقًا لقوانين الأحوال الشخصية حول مسائل الحضانة وبقاء الأولاد مع الأم.

14 - وفي النهاية منحت التعديلات وزارة العدل دورًا فعالاً في مسألة تمويل الصندوق المُنشأ بموجب المادة 21 من القانون، كما ومنحتها الحق في تحديد نظامه بناءً على مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح كل من وزيري العدل والدولة لشؤون المرأة، كما أخضعت هذا الصندوق لوصاية وزارة العدل وحدها."

بعد عرض التعديلات، قدّمت مدير منظمة كفى عنف واستغلال السيّدة زويا روجانا عرضًا لأعداد النساء اللواتي توافدن إلى مركز الدعم في منظّمة كفى "التي شهدت ارتفاعًا غير مسبوق بلغ 275% في العام الذي تلا إقرار القانون عن العام الذي سبقه (معّدل 793 حالة في السنة خلال السنوات الثلاث الأخيرة مقابل 288 سيدة بين نيسان 2013 وآذار 2014). وأضافت "لقد بلغ العدد الإجمالي للحالات التي استقبلها مركزنا خلال السنوات الثلاث الماضية، أي بين نيسان 2014 و آذار 2017، 2380 حالة. وخلال هذه الفترة، تمكّن الفريق القانوني في كفى من مساعدة 137 سيدة في الحصول على قرار حماية وفقاً للقانون 293. أما على الصعيد الوطني، فمن المعلوم أن هناك غياباً تاماً لأي إحصاءات تتعلّق بالعنف الأسري، إلا أننا، وبجهودنا الخاصة، قد تمكنّا من جمع قرارات الحماية الصادرة في مختلف المحافظات اللبنانية، وقد تجاوز عددها الـ 350 قرار حماية منذ إقرار القانون لغاية آخر عام 2016." وأملت روحانا "من الجهات المعنية الإسراع في تطبيق البنود التي لا تزال غير مطبّقة في القانون 293، مثل إنشاء القطعة المتخصّصة في قوى الأمن الداخلي، والإسراع في بتّ التعديلات المقترحة على القانون، كي لا يأخذ إقرارها سبع سنوات أخرى كالمدّة التي استغرقها إقرار القانون. وأضافت "نعلم بأن إقرار القانون وحده ليس كافياً لإنقاذ النساء من كافة أشكال العنف التي يتعرّضن لها، خاصة في نطاق قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها لدى مختلف الطوائف، أكان في القوانين المتعلقة بالسن الأدنى للزواج وشروطه أو بالطلاق أو الحضانة أو النفقة أو غيرها."

اختُتم المؤتمر بكلمة لرئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون لفتت فيها إلى أن "اجتماعنا اليوم هو بمثابة إعلان مبادئ نكرّسه في صيغة مشروع قانون يراعي خصوصيّات المرأة من جوانبها كافة، ويوليها الحق في الحماية من العنف الأسري، بعيدًا عن التعقيدات الاجتماعية والطائفية والدينية. ورأت عون أن اللقاء "يشكّل رافدًا حقوقيًا جديدًا نضعه في سبيل الوصول إلى العدالة الإجتماعية الحقيقية، التي لا يمكن أن نتصوّرها إلا من خلال قوانين جديدة متقدمة تهدف إلى تغيير العادات الراسخة المتّسمة بالظلامة وانتفاء العدالة والإنصاف. وما مشروع القانون هذا إلا خطوة متقدمة وأساسية للعمل على نشر ثقافة حقوق المرأة، ومنع التمادي غير المسؤول في انتهاج العنف الأسري . 

  • شارك الخبر