hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

منتدى الأربعاء إستضاف الأباتي هاشم في لقاء حول قراءة مسيحية للسيدة مريم في القرآن

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 17:28

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إستضاف "منتدى الأربعاء" في "مؤسسة الإمام الحكيم" رئيس الرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي نعمة الله هاشم في لقاء حواري تحت عنوان "قراءة مسيحية للسيدة مريم في القرآن الكريم، بحضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية.

بداية قدم اللقاء وأداره المحامي بلال الحسيني، ثم تحدث الأباتي هاشم منطلقا في الحديث عن موضوع الندوة، مشيرا إلى أن "قراءته هي قراءة لمؤمن مسيحي لنص القرآن، من بين قراءات أخرى متعددة".

أضاف: "نشهد في السنوات الأخيرة حماسة إعلامية من قبل الأوساط الحوراية بشكل خاص لتسويق ذكر القرآن ل "أم عيسى" وما كانت السيدة "مريم" في كتب التفاسير وفي الأحاديث النبوية والتكريم الشعبي لها في التقليد الإسلامي، وتقود المغالاة البعض إلى إعتبار أنهم وجدوا في المكانة التي تحتلها مريم في القرآن والإسلام المفتاح السحري لإزالة ما يعتبرونه الفوارق الدينية التي تفصل بين البشر والشعوب، والطريق الآمن للوصول إلى سلام عالمي بين أتباع الديانتين الأكثر إنتشارا في العالم، يتخطى النزاعات العقدية العقيمة لصالح التلاقي الإنساني، لكن قبل التسرع بإطلاق إعلانات النصر المبكرة وتقديم التنازلات والقبول بالمساومات والاحتفال بالإعياد والصلوات المشتركة، يجب الإقرار بأنه ينقص هذا الموضوع الكثير من الدراسات العلمية الرصينة والمتزنة التي يمكن البناء عليها كمن يبني على صخر المصداقية العلمية والإيمانية وليس على رمال الحماسة الساذجة والتقوى التسووية".

وتابع: "من المؤكد إن لهذا الموقف بمعزل عن سذاجة أو عمق أفكار بعض متخذيه وخبث نوايا البعض الآخر أو صدقها، ما يستند إليه في النص القرآني وفي الأحاديث النبوية وفي التقليد الإسلامي، في القرآن بين سور القرآن سورة تحمل إسم "مريم"، ويرد ذكر إسم "مريم" 34 مرة، بالإضافة إلى الإشارة إليها بإسم "إبنة عمران" مرة واحدة، و"أخت هارون" مرة واحدة أيضا، وهي تلقى معاملة مميزة فهي المرأة الوحيدة التي يدعوها القرآن بإسمها ويمدح فضائلها وإصطفاء الله لها على مثال الأنبياء، لا بل يدعوها وإبنها "آية للعالمين"، فنجد "صدى لهذا التكريم في التقليد الشعبي الإسلامي وفي كتابات وممارسات بعض المسلمين حتى يومنا الحاضر".

وأردف هاشم: وعن نسب مريم في القرآن، فإن شكل "مريم" في القرآن مادة للمجادلات الدفاعية بين المسلمين والمسيحيين، ففي حين لا نجد أي ذكر لنسب "مريم" في الأناجيل القانونية، فإن القرآن يعتبرها "إبنة عمران" ويدعوها "أخت هارون"، وهذا ما دفع بالكثير من النقاد إلى القول بأن القرآن قد إرتكب خطا تاريخيا وذلك بخلطه بين مريم أم يسوع ومريم أخت موسى وهارون، وقد حاول المفسرون المسلمون حل هذه المعضلة إما عن طريق إعتبار أن الشخصيات مختلفة وأن التشابه يقتصر على الأسماء بين "عمرام" بالميم ـ والد مريم أخت موسى وهارون، و"عمران" ـ بالنون ـ والد مريم أم عيسى؛ وبين اسم "هارون" شقيق "موسى" و"مريم" وهارون آخر شقيق "مريم" أم عيسى.. وإما عن طريق المجاز باعتبار أن لفظتي "بنت" وأخت" لا تعنيان في الكتاب المقدس والقرآن علاقتي البنوة أو الأخوة المباشرة والأمثلة على ذلك كثيرة".

وتابع: "وعن نشأتها في الهيكل وكفالتها من قبل زكريا وعن تأمين رزقها من قبل الله، فيتفق القرآن مع الأناجيل المنحولة على كفالة العذراء من قبل زكريا في الهيكل، وهذا ما لا نجد له ذكرا في الأناجيل القانونية، وتغيب من القرآن شخصية "يوسف" خطيب مريم الذي تذكره الأناجيل القانونية والمنحولة، ففي حين تغيب رواية الأقلام التي يلمح إليها القرآن عن الأناجيل القانونية، فإن الإناجيل المنحولة تنسب إليها إلى رواية الأقلام إختيار يوسف لكفالة مريم، وأما التقاليد الإسلامية فتكرر إختيار زكريا لكفالتها بواسطة هذه المعجزة".

وقال: "لا نجد في الأناجيل القانونية أو المنحولة ذكرا للنخلة في ولادة المسيح، ووحده إنجيل "متا" المنحول يذكر أمر الطفل يسوع للنخلة بالانحناء لإطعام مريم أمه ويوسف خطيبها من ثمرها، وبعد ذلك بأجراء نبع ماء من عروقها لإروائهما مع الماشية أثناء السفر في الصحراء وليس عند ولادة الطفل".

أضاف: "يختلف المفسرون في هوية من نادى "مريم" بأن لا تحزن هل هو الملاك أم الطفل المولود حديثا، لكن، إذا ما أخذنا رواية إنجيل "متا" المنحول بالاعتبار، يمكننا ترجيح أن يكون المقصود في القرآن هو الطفل يسوع خاصة وأنه سوف يشهد بنطقه العجائبي في المهد في الآيات اللاحقة على براءة أمه". لذلك فالطلب من مريم بعدم الكلام والدفاع عن نفسها، وكأنها قد أخذت على نفسها نذرا بالصوم عن الكلام، وهذا ما ليس له مقابل في التقاليد المسيحية إلا صمت "مريم" المدوي في الأناجيل وإمتداح هذا الصمت في كتابات وعظات آباء الكنيسة واللاهوتيين المسيحيين الأوائل حتى يومنا. فإتهام "مريم" من قبل قومها بالبغاء، فالأناجيل القانونية والمنحولة تكتفي بشك "يوسف" وإزالة الشك في الحلم من قبل الملاك، أما القرآن فيجعل من الشك إتهاما ويوسع إطاره ليشمل قوم مريم واليهود بشكل عام ليعود فيبرأها بواسطة معجزة نطق إبنها، كما يتخذ من هذا الشك سببا لاتهام اليهود بالكفر وكلام الزور وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما."

وختم هاشم: "بعد هذه القراءة السريعة لموضوع "مريم" في القرآن يمكننا القول بأن ذكر السيدة "مريم" في القرآن يشكل مفتاح قراءة وتفسير من الطراز الأول للقرآن وللعقائد الإسلامية بحد ذاتها ولعلاقتها بالمسيحية وبالأناجيل والكتابات والعقائد المسيحية بشكل عام قبل أن يكون مدعاة للمقاربات السطحية للواقع الديني والاجتماعي.

  • شارك الخبر