hit counter script

مقالات مختارة - محمد صلاح - الحياة

السيسي وترامب وسلة الإرهاب!

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 06:48

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ما أن أُعلن عن زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى واشنطن، المقررة في الثالث من الشهر المقبل، حتى بدأت على الفور محاولات إفشال الزيارة، ونشطت قنوات فضائية تابعة للإخوان المسلمين أو متعاطفة معهم، وتبث من خارج مصر، في تذكير العرب بخطايا أميركا وكوارث واشنطن ومخططات العم سام لتقسيم العرب والسيطرة على ثرواتهم!. واتخذ أعضاء اللجان الإلكترونية في الجماعة مواقعهم لترويج البضاعة وإغراق السوق بأكاذيب وفبركات عن تنازلات مصرية سيقدّمها السيسي إلى ترامب ليحصل على المكافأة المتمثلة في موقف عدائي من الإدارة الأميركية تجاه الإخوان! هذا على أساس أن ترامب مثلاً كان إخوانياً ثم انشق، وأن مواقفه السابقة كانت داعمة للجماعة ثم تغيرت بتأثير السيسي عليه! صحيح أن قادة ورموزاً من الإخوان كانوا يجولون في أروقة الإدارة الأميركية حتى وقت قريب، وأن العلاقة بين الإخوان وإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كانت أفضل من علاقتهم بالتيار السلفي! وأن الجماعة تناضل من أجل منع الإدارة الأميركية من إقرار قانون يعتبر الإخوان جماعة إرهابية، إلا أن ما يدركه الجميع أن الجماعة ترغب وتقبل وتتمنى مجرد نظرة أو همسة أو لمسة حنان من ترامب، علماً بأن فترة ولاية أوباما مثّلت سنوات عجافاً على مستوى العلاقات مع مصر، سواء في عهد مبارك أو بعدما ضرب الربيع العربي أجواء المنطقة العربية، حيث وصل الأمر حد الإيذاء بعد تعليق واشنطن جزءاً من المساعدات العسكرية المقدمة للقاهرة، التي تقدر بـ1.3 بليون دولار في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2013، رداً على عزل مرسي، في وقت كانت مصر تخوض معاركها الشرسة ضد الإرهاب.

انتهى التعليق تدريجياً في وجود أوباما، لكن الرجل الذي تحمس لحكم الإخوان لمصر لم يُظهر دعماً أميركياً قوياً للإدارة المصرية في معركتها ضد الإرهاب، واكتفت إدارته في نيسان (أبريل) من عام 2014 بإنهاء تعليق تسليم مصر طائرات أباتشي الهجومية، واحتاج تفعيل القرار ثمانية أشهر حتى تسلمت القاهرة في كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه عشر طائرات «أباتشي»، بعد إلحاح في طلبها لحاجة الجيش المصري لتلك النوعية من الطائرات في المعارك الدائرة في شمال سيناء ضد متطرفين تابعين لـ «داعش». وفي آذار (مارس) 2015 أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما إنهاء تعليق المساعدات العسكرية لمصر، بعد أن رسّخ النظام الجديد في القاهرة شرعيته.

قبل انتخابات دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة ظهر تفضيل مصري لافت له على حساب منافسته هيلاري كلينتون، مرده «الود اللافت» الذي بدا خلال لقاء السيسي مع ترامب في نيويورك في أيلول (سبتمبر) الماضي على هامش حضور السيسي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي الزيارة نفسها التقى السيسي أيضاً كلينتون. وبدا من اللقاءين أن العلاقات ستكون أفضل في حال تولي ترامب الرئاسة، فالمرشح الجمهوري أغدق في الثناء على سياسات السيسي وسماته الشخصية بعد اللقاء، كما أعلن تقديره للسيسي والشعب المصري «على ما قاموا به دفاعاً عن بلادهم بما حقق مصلحة العالم بأكمله»، في إشارة إلى عزل مرسي. أما لقاء السيسي مع كلينتون فتطرق إلى ملفات حقوق الإنسان والحريات التي تختلف مقاربة العاصمتين في تناولها. تفضيلات السيسي ظهرت بوضوح حين سُئل بعد اللقاءين عمّا إذا كان يرى أن كلينتون ستكون رئيساً موفقاً، فأجاب: «الأحزاب هنا لا تسمح لمرشحين بالوصول إلى هذا المستوى إلا إذا كانوا مؤهلين لقيادة دولة بحجم الولايات المتحدة»، وحين سُئل عمّا إذا كان يرى أن ترامب سيكون قائداً قوياً، أجاب: «لا شك في ذلك». ويبدو أن المخاوف المصرية من جنوح ترامب إلى قرارات أو مواقف حادة خفت كثيراً بعدما أظهر الرجل تعقلاً في التعامل مع القضايا العربية بعد تسلمه الحكم، وكذلك مع بدء الإدارة الجديدة ولايتها بنقاش حول تصنيف الجماعة منظمة إرهابية، في تبنٍّ واضح لوجهة نظر الحكومة المصرية بضرورة التعامل مع الجماعات الإرهابية بمعيار واحد وعدم التفريق بينها. وأتى النقاش الأميركي بعد مكالمتين هاتفيتين بين ترامب والسيسي، الأولى بمبادرة من الرئيس المصري لتهنئة الرئيس الأميركي بالفوز، وفي الثانية اتصل ترامب بالسيسي، وتبادلا الثناء على رؤية كل منهما في ما يخص مجابهة الإرهاب.

مؤكد أن ملفات سياسية مهمة ستُبحث، فقضايا الشرق الأوسط مفتوحة ومعقدة ومتشابكة، وأن ملفات اقتصادية ضرورية للبلدين سيتم بحثها، لكن، على الأرجح، ستُسفر عن ترجمة للرؤية المشتركة بين السيسي وترامب حول الإرهاب على أرض الواقع عبر سياسات وإجراءات تستهدف «داعش» والإخوان وجماعات وتنظيمات أخرى تخرج من السلة ذاتها!
محمد صلاح - الحياة

  • شارك الخبر