hit counter script

مقالات مختارة - د. ناصر زيدان

بعض ما لم يُقل عن لقاء المختارة

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 06:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

اللقاء الجامع الذي حصل في المختارة بجبل لبنان الاحد 19 آذار/مارس 2017 بمناسبة مرور 40 عاماً على إستشهاد كمال جنبلاط؛ كان حدثاً سياسياً بالغ الاهمية، ذلك ان النصاب السياسي الذي تمثل في اللقاء، قلَّ ان يحضر في مكانٍ آخر بهذه الشمولية، حيث تمثلت القوى السياسية اللبنانية بكافة تلاوينها في الإحتفال، وعلى اعلى المستويات، لا سيما الحضور الشخصي لرئيس الحكومة سعد الحريري، وممثل رئيس الجمهورية مستشاره جان عزيز وممثل رئيس مجلس النواب النائب علي بزي، ووفد حزب الله وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ونُخبة واسعة من القيادات الحزبية والدينية والاجتماعية والاعلامية، إضافة الى عدد كبير من سفراء الدول العربية والاجنبية، وممثلي فلسطين بمختلف قواها.

امَّا النصاب الشعبي؛ فكان المفاجأة التي ادهشت الجميع، بما فيهم المُنظمين، حيث غصَّت باحات قصر المختارة وساحاتها والطرقات المتفرعة عنها بالمواطنيين، وليس مهماً تحديد العدد الدقيق للحاضرين، لكن المساحات التي غطتها قامات الناس؛ كانت واسعةٌ جداً، وهي تتسع لأكثر من 150 الفاً، ومن المرات القليلة التي يحتشِد فيها مثل هذا العدد في مكانٍ واحد.
لقد قيل الكثير عن الاحتفال، وكُتبت العديد من التحليلات الهامة؛ ومن بعض القضايا التي يجدُر الحديث عنها ايضاً:
اولاً: التنوع الذي غلب على الحاضرين، فقد جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية، ومن مختلف الطوائف، بما فيهم المسيحيين من قرى الجبل. ولا يُقلِّل من اهمية الحدث حضور اغلبية ساحقة من الموحدين الدروز، بل ان ذلك يبعث برسائل سياسية هامة في هذا الوقت بالذات. وإضافة الى هذا التنوع؛ فقد كان للجهد الذي يبذله اي مُشارك في المهرجان سيراً على الأقدام مسافات طويلة؛ دلالة على قوة الإلتزام في الخط الوطني والعربي والتقدمي الذي كان يمثله المعلم كمال جنبلاط، ووفاء لرئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، وقناعة راسخة لدى المشاركين بالملامح السياسية الاولية التي أطلَّ بها تيمور وليد جنبلاط .
ثانياً: خطاب النائب وليد جنبلاط امام المُحتشدين؛ كان مؤثراً. والعاطفة التي أثارتها عباراته عن دفن الاموات ومن ثُمَ النهوض؛ كانت كبيرةٌ جداً، لأنها سلَطت الضوء على المسيرة الشاقة والمُضنية التي حفِلَت بها حياة جنبلاط السياسية منذ إستشهاد والده عام 1977، وأخذت اغلبية الجمهور الحاضر الى مساحة من التأملات الروحانية، ومنهم مَن بكى تأثُراً، لأن كلمات جنبلاط أخذت ابعاداً فلسفية، وحملت إيحاءات إيمانية، وبدى فيها شيءً يُشبه طقوصيات الوداع، وقد ترافقت كلماته مع إشارات تحية، وتأهيل، وشكر، من جنبلاط للجمهور، باليدين، او بالتلويح بالكوفية؛ اكملت مشهدية الخصائص التي ربطت جنبلاط مع الناس الذين احبوه.
ثالثاً: وضَّحت بعض عبارات جنبلاط في خطابه، ما اراد الجمهور الواسع التعبير عنه من خلال الحضور الكثيف. لاسيما لناحية التأكيد على العيش المشترك والحوار والسلم فوق كُل إعتبار. وصولاً الى حد الإشارة الى ان دماء الابرياء المسيحيين الذين سقطوا في ذلك اليوم الاسود عندما أغتيل كمال جنبلاط؛ اوقعت في نفسه ذات الالم الذي اوقعته دماء والده الشهيد. وبين هذه العبارة وتلك؛ كانت الرسالة واضحة، وهي: ان للجبل خصوصية لا يمكن التقليل من شأنها في المحطات الرئيسية لتاريخ لبنان، والمختارة هي هي حجر من صوان موضوعٌ على قاعدة الزاوية في الهيكل اللبناني، لا يتآكل مع السنيين، والتحولات الكبرى دائماً كانت تنطلِق من الجبل، مثالاً على ذلك؛ ايام الثورة البيضاء عام 1952 وعام 1958 و في المحطات التي تلت.
رابعاً: إضافة الى الثوابت التي اعلنها جنبلاط كوصايا لإبنه تيمور - الذي تألَّق في تنقلاته الواثقة وإيحاءاته البالغة الأهمية بين الضيوف والمواطنيين - كانت إشارة جنبلاط الى ان الكوفية التي وضعها على اكتاف تيمور هي: " كوفية الكرم والتواضع" ايضاً، وهذه مقاربة جنبلاطية قديمة لها مكانتها الثابتة عند كل الذين توالوا على زعامة المختارة، وكانتا خاصيتن مُميزتين لديهم على الدوام.
من حق البعض الغيِرة مما حصل نهار الاحد الماضي... ذلك ان ما حصل لم يكُن عادياً.

(الانباء الكويتية)
 

  • شارك الخبر