hit counter script

أخبار محليّة

علي فضل الله: ليكن الشعب رقيبا ومتابعا ومحاسبا في وجه التقصير والفساد

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٧ - 13:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الله موسى بن عمران عندما سأله: "يا رب، أوصني، فقال: أوصيك بي، فقال: يا رب، أوصني، قال: أوصيك بي، ثلاثا. قال: يا رب، أوصني. قال: أوصيك بأمك. قال: يا رب، أوصني. قال: أوصيك بأمك. قال: يا رب، أوصني. قال: أوصيك بأبيك". إن الأم هي وصية الله لنا، وقد كرر تعالى هذه الوصية، حتى يعزز فينا شكرها وامتناننا ورعايتنا لها واهتمامنا بها، لأن عطاءها لا بد من أن يقدر، وهي التي حملتنا حيث لا يحمل أحد أحدا، وأعطتنا من ثمرة قلبها حيث لا يعطي أحد أحدا، ووقتنا بجميع جوارحها، وهي بذلك لا تتأفف ولا تضجر، بل نراها مستبشرة فرحة، تجوع لتطعمنا، وتعطش لتسقينا، وتهجر النوم، وتضحي لأجلنا، فحقها علينا أن نبادلها جميلها بجميل، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!؟".

اضاف: "لذلك، هنيئا لكل من عبر عن ذلك في اليوم الذي تعارف الناس على أنه عيدها، ولكننا لسنا ممن يكتفي بذلك في يوم أو مناسبة، بل لا بد من أن يبقى شكرها وتقديرها وعطاؤنا لها قائما ما دام فينا نبض من حياة، فحقها علينا كبير، وكل ما وصلنا إليه، يعود الفضل فيه إليها. ولذلك، ينبغي أن نحرص على أن ننفذ وصية الله، بالحرص على رضاها وتكريمها، وأن نفعل ذلك بدون تأفف منا، وأن لا نكل عن دعائنا لها بعد كل صلاة وفي كل وقت، وأن تكون كلمتنا: رب ارحمها كما ربتني صغيرا، وأن لا ننساها من صالح أعمالنا، إن هي غادرت الحياة، فإن فعلنا ذلك، ستلاحقنا دعواتها وبركاتها التي تخترق حجب السماء، لنحصل على بركات وعطاءات رب غفور رحيم كريم، وبذلك نكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات".

وقال: "البداية من لبنان، الذي تستمر فيه حال المراوحة في كل الملفات المطروحة، فلم تقر الموازنة حتى اليوم، ولم تأخذ سلسلة الرتب والرواتب التي هي حق لا لبس فيه للأساتذة والقطاع العام، طريقها إلى التنفيذ، ولم يجر التحضير لأي خطط عملية لتحقيق ما وعد به اللبنانيون من كشف مواقع الفساد والهدر الذي يأكل أخضر مال الدولة ويابسها، ولم ينجز القانون الانتخابي الذي هو مفتاح التغيير وبناء الدولة. كل هذا التأجيل لا يحصل بسبب الحاجة إلى مزيد من الدراسة والتعمق والبحث، للوصول إلى الحلول الفضلى التي تستحق الانتظار، بل بفعل تجاذب القوى السياسية، وتضارب مصالحها، وانتظار التوافقات، التي إن حصلت، فهي غالبا لا تكون لسواد عيون اللبنانيين، بل تحقيقا لمصالح هذه القوى، وبذلك يصدق القول إن الويل للبنانيين إن اختلفت القوى السياسية وتضاربت مصالحها، والويل لهم إن هم توافقوا".

اضاف: "لذلك، لن نراهن كثيرا على أن تصدر الحلول والقوانين التي ينبغي أن تكون في مصلحة اللبنانيين بشكل طبيعي، بحيث يتسابق من هم في المواقع السياسية على رضى الشعب اللبناني، بل سيبقى رهاننا على قلة منهم لم يمتهنوا السياسة، ولم يحولوها إلى مجد شخصي أو ذاتي.. وعلى الشعب الذي سنبقى ندعوه إلى تحمل مسؤولياته ليكون رقيبا ومتابعا ومحاسبا، أن يرفع صوته في وجه أي تقصير أو فساد، وأن لا يستقيل من مسؤولياته، وأن لا يكون، كما يراد له، عددا من الأعداد، أو مجرد قطيع".

واكد "ان شعبا يراقب ويتابع، سيحسب له حساب، وسيغير الكثير من الوقائع. ولذلك، كنا ولا نزال مع أي حراك شعبي، شرط أن يكون صادقا وجادا في أهدافه وغاياته، لا يجير لحساب أحد، ولا يكون وسيلة يتسلق من خلالها من يريد الوصول، أو من يعبث بأمن الوطن".


وقال: "وفي هذا الوقت، تدخل إسرائيل على الخط، ولا تكتفي بتهديداتها للبنان دولة ومقاومة، بل تمارس أيضا الضغوط لإيقاف ما بدأته الدولة اللبنانية من تلزيم بلوكات الغاز والنفط المحاذية لفلسطين، بادعاء أن هذه البلوكات تعود إلى هذا الكيان، وهي في ذلك لم تكترث بالوثائق التي قدمتها الدولة اللبنانية، والتي تؤكد أنها جزء لا يتجزأ من الساحل اللبناني".

اضاف: "إننا أمام ذلك، نقدر الموقف الرسمي اللبناني الرافض لتهديدات العدو الصهيوني ومزاعمه، ونؤكد الاستمرار في العمل لمواجهته. وهنا، ندعو إلى موقف لبناني موحد لمواجهة هذا التحدي الجديد، لأن العدو يستفيد من الظروف السياسية المستجدة في الساحة الدولية والإقليمية، للعبث بثروة لبنان ومقدراته. إننا نثق بأن اللبنانيين، دولة وشعبا ومقاومة، الذين استطاعوا أن يمنعوا العدو الصهيوني من أن يعبث ببرهم وبحرهم، وإن أمكن بجوهم، سيمنعونه مجددا من أن يعبث بثروتهم النفطية وبمقدراتهم الوطنية".

وتابع: "ونبقى في لبنان، لنحيي الموقف الذي اتخذته الأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف، ومقرها لبنان، باستقالتها من الأمانة العامة، ردا على مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة لها بسحب تقريرها الذي دانت فيه الكيان الصهيوني وممارساته التعسفية والعنصرية بحق الشعب الفلسطيني. إننا في الوقت الذي نثمن هذا الموقف، نشير إلى الانحياز الذي وصلت إليه الأمم المتحدة في تبريرها لممارسات الكيان الصهيوني، في الوقت الذي يفترض أن تكون عنوانا لمساندة حقوق الشعوب المظلومة والمقهورة، ومنها الشعب الفلسطيني، بدلا من أن تدعم ظالميه".

وقال: "وإلى بريطانيا، حيث الاعتداء الذي قام به أحد المتأثرين بالمنطق الإرهابي لداعش، والذي أدى إلى سقوط العديد من الضحايا. إننا ندين هذا الاعتداء، ونراه مسيئا إلى القيم الدينية والإنسانية، لكونه اعتداء على النفس التي حرمها الله، ومساهما في تعقيد العلاقة الوطيدة التي نريدها بين أبناء هذا البلد والمسلمين فيه، حيث ينعمون بالحرية".

واكد "ان هذا الاعتداء يشوه صورة الإسلام، لكون منفذه مسلما، من دون أن يعزز موقفا سياسيا محقا، أو يلبي لشعوبنا مطلبا عادلا. وهنا، لا بد من أن ننبه إلى خطورة المنطق الذي يسارع البعض من خلاله إلى إلصاق التهم بالإسلام، أو الإساءة إلى صورة المسلمين، وجعلهم في بوتقة الإرهاب. إن مواجهة ما يجري ينبغي أن يتم من خلال تعزيز الحوار الذي نريده بين الغرب والمسلمين، وتعزيز الفهم المتبادل، والعمل معا لمواجهة ظاهرة التكفير، وذلك بإزالة أسبابها والفكر الذي يتغذى منها".

وختم: "وأخيرا، نستقبل الأربعاء المقبل، أول أيام شهر رجب، وهو شهر سلام روحي نريد منه للمسلمين أن يعيشوا في أجواء الذكر والدعاء والاستغفار، وهو شهر سلام فردي واجتماعي، لكونه الشهر الذي أمر الله أن تتوقف فيه النزاعات والحروب والفتن، وما أكثرها في واقعنا! نسأل الله أن يعين المسلمين على الالتزام به، حتى يئدوا الفتن التي يراد لها أن تعبث بأرضهم وأوطانهم، وتشق صفوفهم".
 

  • شارك الخبر