hit counter script

مقالات مختارة - د. جيرار ديب - الجمهورية

معركة دمشق، والحرب إلى المجهول

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٧ - 06:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أعلنت مصادر في المعارضة السورية المسلّحة، الإثنين 20-3-2017، بدء المرحلة الثانية من المعركة عند أطراف دمشق. ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه الإشتباكات بين «هيئة تحرير الشام» والفصائل التابعة لها من جهة، وقوات الجيش السوري من جهة أخرى.
تزامناً مع هذه الاشتباكات، إنطلقت أمس (الخميس) جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف. لكنّ الآمال في تحقيق أيّ اختراق تبقى محدودة في ظلّ عدم إبداء طرفي النزاع أيّ مرونة في موافقهما، واندلاع معارك عنيفة في دمشق.

هذه ليست المرّة الأولى التي تشهد أحياء دمشق، معارك عنيفة بين الطرفين. فقد شهدت سابقاً عملية عسكرية شنّها «الجيش السوري الحرّ» في 17-7-2012، تحت عنوان: «بركان دمشق، وزلزال سوريا». لكنّها المرة الأولى، التي تحمل هذه المعركة الكثير من الدلالات للأطراف جميعاً.

بدأت معركة دمشق بعد إسقاط اتفاق الهدنة الذي تمّ الإتفاق عليه في مؤتمر أستانة، بين المعارضة والنظام بمباركة الأطراف الراعية للنزاع، بغياب الدور الأساسي للاعب الأميركي الذي باتت له قواعد في سوريا من خلال دخول عسكره الساحة السورية في منبج لتأمين الدولة الكردية.

معركة دمشق، بدأت:

• بعد تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إذ شنّت المقاتلات الإسرائيلية غارة جديدة فجر الإثنين 20-3-2017، على الأراضي السورية، إستهدفت دفاعات جوية سورية تتمركز في جبال القلمون، وذلك وفق ما نقله موقع «i24» الإسرائيلي.

• بعد التعارض في المواقف الروسية - الإيرانية، من الرؤية حول مصير سوريا ودورها المستقبلي، حيث تعمل القيادة الروسية على تقديم مسودّة لدستور جديد للبلاد، فهناك محاولات جدّية لإعادة هيكلة الجيش السوري على أسس جديدة. بينما إيران ترى في النظام الحالي امتداداً طبيعياً لنفوذها في الشرق.

• بعد العودة العسكرية للقوى الأميركية في المنطقة. فهي عودة تريد منها وضع حدّ للتدخل التركي في المنطقة عبر محاصرة قواتها في سوريا، وهذا ما حصل بعد قطعها الطريق أمام التقدّم التركي في الشمال السوري. أيضاً، ترى فيها الولايات المتحدة، وفق ما جاء على لسان مندوبتها في الأمم المتحدة، أهمية تهدف إلى «إخراج إيران من سوريا».

• بعد رغبة المعارضة السورية المسلّحة في الذهاب إلى مفاوضات أستانة وجنيف، بقوة وثقة. وهم يمتلكون أوراق قوة، يستطيعون من خلالها فرض شروطهم على الطاولة.

تقاطعت الأهداف بين القوى المتنازعة، إلّا أنّ الحسم يبقى للميدان ومرهوناً بالتطورات المقبلة، خصوصاً أنّ للقيادة السورية موقفاً من ما يحصل، إذ سيعمد جيشها على الاستبسال كي لا تسقط العاصمة الحيوية لها، لأنّ بسقوطها سيخسر النظام أبرز مدنه، التي ستكون بمثابة العدّ العكسي لخسارته.

مهما يكن، فمعركة دمشق تحمل في طياتها رسائل إلى الأطراف المتتازعة، ما ينذر باشتداد المعارك فيها كي يُصار إلى رفع سقف المفاوضات في أستانة وجنيف، عند المعارضة، ومن ورائها تحديداً. إنّ الرسالة تبدو قاسية للنظام الذي لا يتوانى عن مدّ «حزب الله» بأسلحة متطوّرة وصواريخ فاجأت «إسرائيل» في ردّها على غاراتها الأخيرة على مواقع في سوريا.

أخيراً، لن تكون المعركة سهلة أمام أحد، فالجميع ينتظر نتائج ميدانية كي يحصّن موقعه في التفاوض، خصوصاً وإنّها عناوين وجودية مصيرية للبعض منها. لذلك، سيكون القتال هذه المرّة شرساً وعنيفاً، قد تستخدم فيه أسلحة نوعية غير تقليدية.

لكن مهما بدا المشهد الحالي، إلّا أنّنا نقف أمام إشكاليتين: هل فتحت معركة دمشق كي لا تنتهي إلّا بنهاية الأزمة؟ أم إنها معركة لإعادة التوازن على الساحتين المحلية والدولية؟

د. جيرار ديب - الجمهورية

  • شارك الخبر