hit counter script

مقالات مختارة - علي نون - المستقبل

طعنة.. غير مقصودة!

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٧ - 06:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كلام وزير الخارجية جبران باسيل من واشنطن، أنّ الجيش اللبناني هو «الجيش الوحيد في المنطقة الذي تمكّن من منع داعش من الدخول الى بلده».. يوجّه، من (غير قصد طبعاً!) طعنة نجلاء الى «حزب الله» وكل مخزونه التعبوي الذي استخدمه على مدى السنوات الماضية، لتبرير ذهابه الى سوريا والانخراط في نكبتها!

وأوّل ذلك، هو التركيبة الكلامية الاختصارية التي انتشرت في بيئة «حزب الله» وفي غيرها واستُخدمت كعنوان إختصاري لأي محاججة مع آخرين مختلفين: ولو «لم نذهب الى سوريا لجاء داعش وأطنابه إلينا»! و«لو لم نسبقهم لسبقونا»! و«لو لم نعالجهم في أرضهم لاستباحوا أرضنا»!.. بل أن أنشودة التخويف تلك أوصلت في بعض محطاتها الاستنفارية الى المسّ بالعصب الأكثر حساسية عند عموم البشر من خلال استعارة نكبة الايزيديات في العراق للتدليل على حصافة قرار «مواجهة التكفيريين والإرهابيين» استباقياً «وإلا سيصلون إلينا ويستبيحون أعراضنا ويسبون نساءنا»... الخ!

لم تعنِ «التفاصيل الدقيقة» الشيء الكثير عند الحزب وآلته التعبوية، بل الأهم بالنسبة إليه كان إشاعة معطى التخويف وجعله ثقافة عامة.. تماماً (في الشكل لو سمحتم) مثلما تفعل إسرائيل لتبرير لصوصيتها واعتداءاتها وامتناعها عن الأخذ بالتسوية وشروطها، حيث ثقافة القلعة والحصار و«الخوف» من الإفناء، تبقى في رأس جدول الأعمال السياسي وليس في آخره! وتبقى الشماعة الأولى لرفض أي «تنازل» على طريق تلك التسوية المنشودة!

«التفاصيل» التي لم تعنِ شيئاً عند «حزب الله» تتضمن من بين أشياء كثيرة، تغاضيه عن حقيقة أنّه يدّعي أدواراً وقدرات تخوّله التصدّي والانتصار (في أدبياته!) على إسرائيل نفسها! وعلى الذهاب الى أي مكان ممكن لاستعراض قوته وبطشه، والانخراط في مواجهات كبيرة في السياسة (والأمن!) مع دول حقيقية ومتمكّنة وقادرة.. عدا أنّه وصل الى حدّ التشاوف بقدرته على تعديل خرائط في المنطقة كلها! ومع ذلك وغيره، أطلق «خطاب الرعب» والخوف «المصيري» من مجموعات موصومة بالإرهاب وبالكاد تتمكن من النفاذ في الحروب التي تستهدفها داخل سوريا!

في هذه السيرة التي تطول لم يسأل الحزب عن أحد. ولم يستشر أحداً. ولم (ولن يفعل) شيئاً خارج سرديّة قراره الخاص ورؤيته لذلك القرار. وهي التي تمتد «فوق» لبنان ودولته وجيشه وناسه وتصل مباشرة الى طهران نفسها! وإلى «الولي الفقيه» فيها دون غيره! حتى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» لا تعني له شيئاً في لحظة الجدّ والإقدام!

الوزير باسيل يقول في الخلاصة، (أو هكذا يُفهم من كلامه!) إنّ تلك الثلاثية لا تعني له شيئاً في المقابل! باعتبار أنّ الجيش وحده هو الذي حمى لبنان من «داعش» وغيرها! لا القتال الاستباقي لـِ«حزب الله» في سوريا! ولا مئات وربما آلاف القتلى والجرحى الذين سقطوا فيها! ولا التعبئة الهستيرية التي اعتمدها (ولا يزال) لتبرير ذلك! ولا العسكرة الفالتة على غاربها من قبل الحزب في طول البقاع وعرضه!

والواقع هو أنّ الوزير باسيل، الذي لم يتقصد على الأرجح التفخيت بالحزب وادّعاءاته، نسي أن يدعّم كلامه بالحقيقة التي لم يجادلها غير «حزب الله» والمتمثلة بأن الجيش اللبناني هو الوحيد فعلياً وضميرياً الذي تصدى للإرهاب في أرضه وكسره بالقوة والنار والقرار الصحّ عندما قضى على التنظيم المصدّر من دمشق تحت إسم «فتح الإسلام» في مخيّم نهر البارد في العام 2007! في حين يتذكر الجميع، أنّ الحزب يومها كان في موقع المحذّر من «تجاوز الخطوط الحمر» في ذلك المخيم؟!

الأرجح (والله أعلم) أنّ «حزب الله» سيسمع في المرحلة الآتية، الكثير من المواقف المماثلة لمواقف الوزير باسيل في واشنطن.. بل إن الظنّ قائم ومعقول جداً، بأنّه قد يسمع الكلام ذاته من طهران نفسها! وإن صيغ بعبارات إعجازية وإلهية أكيدة!

علي نون - المستقبل

  • شارك الخبر