hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

علي فضل الله في مؤسسة ناجي نعمان الثقافية: لا لحوار المجاملة

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٧ - 13:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

استضاف الأديب ناجي نعمان، في "لقاء الأربعاء" الـ 53 العلامة السيد علي محمد حسين فضل الله، في مؤسسته الثقافية في جونيه، في إطار الموسم التاسع لصالونه الأدبي الثقافي (2016-2017).

بعد النشيد الوطني، خاطرة من نعمان في وجيه نحله وفيكتور الكك ومحمد البعلبكي الذين "غادروا أرضا ليكسبوا سماء هي، بالتأكيد، أرحم وأرحب وأمدد"، فترحيب بالسيد فضل الله "سليل فخر وإرث ونهج"، جاء فيه: "سيد هو، سيد اسما، وسيد فعلا؛ والسيد السيد من بالمعرفة اتشح، وبالانفتاح ازدان؛ من بالفضل اتصف، ومن الفضائل طلب ازديادا".

وتحدث الدكتور خنجر حمية عن "الفضاء الفكري" للسيد فضل الله، فقال: "إنه فضاء يتشكل من وعي لا التباس فيه لقيمة الإنسان، وللكرامة البشرية، وللحوار طريق إلى التفاهم والتعارف وبلوغ الخير وتحقيق العدل، وللاحترام القائم على الإقرار بالتنوع حقيقة كونية، في حياة الطبيعة وفي حياة الإنسان وفي حياة المجتمعات".

وأضاف: "في فضاء كهذا يصبح الدين والتراث الديني بحسب العلامة فضل الله، مادة تستثمر دلالاتها ومغازيها في خدمة الإنسان، إذ كتب السيد: "نستدعي التراث الديني إلى واقعنا المعاش، لنصلحه ونحسن صنعه بتمثل الأنبياء والأولياء، في مقابل الفهم المعكوس للدين، الذي يريد أن يستلب الواقع باسم الدين، وأن يرده إلى العصور الغابرة، بحثا عن واقع يراه مثاليا، فيعود بنا إلى الجاهلية مثلا، مع ما تمثله من تخلف وقهر. إن الدين هو لخدمة الإنسان، لا أن الإنسان مسخر لخدمة الدين".

وتابع: "ومثل هذه الاستعادة الحية الحاضرة للتراث الديني تخدم أغراضا متنوعة وتحقق جملة أهداف، فهي ترسخ فهم الدين فعلا بشريا لا يملك من القداسة إلا بمقدار ما يعبر عن الحقيقة ويخدمها ويدعو إليها، وبمقدار ما يقدم من خير للإنسان ويساهم في تحقيق أهدافه السامية النبيلة ومقاصده الرفيعة الخيرة".

أما الأمين العام ل"ملتقى الأديان والمذاهب" الشيخ حسين أحمد شحادة، فتحدث عن "العلامة المجتهد وأنسنة الدين"، ومما قاله: "تجسدت في شخصية السيد العلمية روح الإنسان وعقل العالم الناقد المهموم بتخليص الثقافة الدينية مما لحق بها من شوائب الخرافة وأمزجة العصبيات المذهبية والطائفية التي أنتجت ظواهر العنف والتطرف والتكفير. وكم كان يكرر علي، عندما أشير إلى عجز الخطاب الديني عن إيصال ما نحن بحاجة إليه من تفسير الدين الإنساني، بأن المجتهد، إذا لم يكن ناقدا لتصحيح معرفتنا بتراثنا الديني، فإنه يتحول جزءا من أزمة المعرفة بالدين. وإذا لم يكن الخطاب الديني في المستوى الذي يؤهله لاستنهاض الوعي وإجهاض الفتن، فإنه سيظل عاجزا عن الإسهام في بناء السلم الأهلي وتهذيب الحوار وتحفيز التنمية وإغناء ثقافة المواطنة الكاملة والمتساوية".

وأضاف: "ولأن لبنان الإنسان هو الموضوع الأول والأخير عند سماحته، فقد أطلق مشروع ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار، وأعلن 13 نيسان من كل عام يوما وطنيا للسلم الأهلي. كما تطلع بثقة إلى مستقبلنا اللبناني، فأطلق مشروع شبكة الأمان للسلم الأهلي ليواجه من خلالها تحديات الاحتلال الذي يستهدف وحدتنا الوطنية، وتحديات الفتن المأسوية التي تستهدف لبنان الرسالة والعيش الواحد في ألق الوطن وجماله، مؤكدا أن لبنان الشراكة المسيحية-الإسلامية لا يمكن أن يستمر من غير وعينا بقيمة هذه الشراكة في حياتنا، وأن الوطن لا يمكن أن يستمر في أجواء القطع والكراهية التي شوهت أعز ما يتميز به التآخي المسيحي-الإسلامي من قيم؛ وملاحظته هي أن مشكلة لبنان لم تكن أبدا في تنوعه الديني بل في إكراه هذا التنوع على الانقسام والقطيعة والإقصاء".

واشار الى "ان السيد فضل الله لم يخضع لضغوط التموضع المذهبي والسياسي التي أرادتها أشباح الفتن منصات وألغاما لتقسيم الوطن وتفتيت وحدته، فتجاوز الاصطفافات المصنوعة من تقديس الجهل وغرائزه، ونادى بملء صرخته من أجل سلام الأديان يوم قال: "ثمة في مجتمعاتنا قانعون وراضون بما تكون لديهم من صور سلبية عن الآخر تأسست على أفكار مسبقة وخاطئة؛ التعصب مشكلة الحياة عندما ترى نفسك مالكا الحقيقة المطلقة ولا ترى عند الآخر شيئا من نقاط الضوء؛ ولا خيار أمامنا في مواجهة هذا الانغلاق إلا بالتواضع المعرفي والحب والتسامح والحرص على الكرامة الإنسانية والقبول بأن الاختلاف هو سر الله في خلقه".

والقى الدكتور ميشال كعدي كلمة مؤسسة الثقافة بالمجان، فقال: "هذا الذي أقول فيه الليلة، انقطع إلى العلم والفقه، في تقشف الزاهد، فهو يذكرنا بالذين صلوا في الغار، والإمام الأوزاعي، والأئمة الذين تخرجوا من مدرسة السيد شمس الدين التي تعود بنا إلى القرن الرابع عشر، ومدرسة ميس، والكوثرية. وهو من هو في مدرسة العلامة السيد محمد حسين فضل الله - نعم الوالد يا علي - أقول لك ولغيرك من هذه المدرسة: أنتم من المعرفة في الباحة العلياء".

وأضاف: "أيها الناس، الذي نكرمه الليلة أحبه الملأ لأنه أضاف إلى نسبه غر السمات النبوية، من دون أن ينسى النخوة، والعلم والترفع؛ وأما الرؤية وبسط الصراحة والجرأة فمن عدته وأعداله".

وتمحورت كلمة السيد علي فضل الله حول الوضع اللبناني، والحوار المسيحي - الإسلامي. ومما قاله: "لقد أرادوا من الدخان اللبناني، ومن دمائنا ودمار بيوتنا، أن يحققوا ما يريدون منا. وعندما انتهت لعبتهم، دعونا إلى التوافق والتلاقي في الطائف وما بعد الطائف. هم أوقدوا نارا كنا وقودها، وأخمدوها عندما أرادوا ذلك، لكن بعد فوات الأمان. لذلك، ومنذ ذلك الوقت، شعرت مع الكثيرين بأن علينا مسؤولية كبيرة في أن نحمي هذا الوطن من الذين سيكررون التجربة، وسيعملون على العبث بتكوينه، فكان لا بد من إيجاد صمامات الأمان في داخله، بإيجاد شبكة أمان للسلم الأهلي. فهذا البلد سيبقى مستهدفا من العدو الصهيوني الذي يعمل على تهويد فلسطين، ويرى لبنان نقيضا له، ويريد للفتنة في المنطقة أن تندلع من لبنان، أو يريد للبنان أن يكون صدى لما يجري في محيطه".

اضاف: "لذلك انطلقت من خلال عناوين أساسية قررت أن أشتغل عليها، وهي أولا: العمل على تقوية الإنسان في هذا البلد، من خلال تعزيز الوعي لديه، بأن نرفع عنه الجهل والتخلف، ونسد حاجاته، لأن في ذلك المدخل لأي استغلال ممن يريدون العبث بهذا البلد، ولهذا انطلقت في العمل التربوي والثقافي والاجتماعي والإنساني، من خلال العديد من الجمعيات الثقافية والإنسانية؛ حيث كنت أرى أن تثبيت السلم الأهلي داخل لبنان، يتم من خلال المدرسة والجامعة، ومن خلال سد الفقر والحاجة، ومن خلال تعزيز الوعي".

وتابع: "أما العنوان الثاني، فهو إعادة الاعتبار إلى الأديان، بأن نعيد إلى الدين أصالته، أن ننقيه مما أدخل إليه. فالدين الذي ينتمي الناس من خلاله إلى الله، لا يمكن إلا أن يكون كما هو الله في عطائه، في حبه ورحمته، لا يعرف حدودا ولا يميز بين الناس، فشمسه تشرق على الجميع، ومطره ينزل على الجميع، وينابيعه تتفجر خيرا على الجميع، وكل ما خالف ذلك مما ينسب إلى الدين، لا بد من أن يضرب به عرض الحائط.
نعم، نحن نؤمن بالعنف بحدوده، وكاستثناء، لكن لا بد من أن يكون منطلقه وأهدافه الرحمة ومحبة الآخر، لا الحقد والعداوة والبغضاء، كما هو عنف الله مع عباده في العواصف والزلازل والبراكين، لتكون الحياة أفضل".

وأعلن ان "العنوان الآخر هو الحوار، الحوار أبدا. والدين لا ينبغي أن يقف عند حد في مقاربته قضية الحوار. طبعا، ليس هو الحوار الذي اعتدناه، حوار المجاملة أو "الديكور"، أو حوار تقطيع الوقت، أو الحوار الهادف إلى اختراق الآخر، أو حوار الضعيف مع القوي لأنه ضعيف، فالحوار هو منطق الله مع عباده، حين حاورهم ولم يكرههم على دينه، وهو منطق الأنبياء الذين ينتسب إليهم المؤمنون برسالاتهم، فقد حاوروا كل الناس، حتى الذين شهروا في وجوههم سيوف العداوة، وأرادوا النيل منهم، فالدين لا تتجلى قيمته إلا بزرع بذور الحوار الممزوج بالكلمة الطيبة".

وسلم كل من المضيف نعمان، ورئيس بلدية جونيه واتحاد بلديات كسروان-الفتوح الشيخ جوان حبيش، العلامة فضل الله شهادة الاستضافة والتكريم.

بعدها، تم توزيع مجاني لآخر إصدارات مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجان ودار نعمان للثقافة، وكتب لكل من الأديبين جان كميد وإميل كبا. كما جال الحاضرون في مكتبة المجموعات والأعمال الكاملة وصالة متري وأنجليك نعمان الاستعادية.

  • شارك الخبر