hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - جيمي فرنسيس

قـولـــوا وداعــــــــــا ... لنفط لبنان

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٧ - 06:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع


في ظلّ الانتداب الفرنسي، اوائل القرن الماضي، كثر الحديث وتم الكشف مرّات عدّة عن امكانية وجود نفط على الاراضي اللبنانية. وكان الصوت يعلو حينها لفترة، ليعود ويصمت لفترات اطول.
بعد تلك الحقبة، شهدت الدول العربية فورة اكتشافات لآبار نفطية كبيرة، وعمّت تلك البلاد ثورة لا مثيل لها، قابلتها في لبنان فورة حروب واحداث داخلية، كتمت جميع الاصوات المتلفظة والمطالبة، بدراسات ميدانية للكشف عن امكانية وجود النفط في لبنان.
بعد خروج لبنان من الحرب الداخلية، التي استنزفت كامل مقدراته وعادت الدولة في اواخر القرن الماضي للملمة اشلائها محاولة النهوض من تحت الركام، واجهت حينها الوصاية السورية، التي بسطت كامل سلطتها على القرار اللبناني السياسي والاقتصادي والاجتماعي،
فكانت حينها، تأتي ببعض رجالها وتوصلهم الى عرش السلطة ومن خلال سلطتهم المباشرة يلتزمون المشاريع العامة مقابل "خوة" او "كوميسيون" للوصاية العليّة.
وهنا بيت القصيد. اخذت العادة منذ تلك الفترة، ان تترافق مهنة رجال الاعمال، مع ادارة الشأن العام لدى الاغلبية منهم، وليستطيع هؤلاء اقتطاع الخوة او "الكوميسيون"، كان لا بد لهم من احتسابها من ضمن الفاتورة، اي الفاتورة التي ستدفع من جيب المواطن، من خزينة الدولة، حتى اخذ الدين العام يرتفع بشكل جنوني. ولتغطية الفروقات، توجه السياسيون لعقد مؤتمرات دولية داعمة للبنان حيث قدموا القروض الطويلة الاجل مقابل فوائد مخفضة.
ومع مرور الوقت استقر الوضع في لبنان، واستمرت المشاريع، وارتفع عجز الخزينة لعدم توفر ايرادات تعادل النفقات، فعاد ملف النفط الى الواجهة عام 2002، وتمّت الاستعانة بالتقنيات المتطورة، وتمّ المسح، ونتج عنه احتمال كبير لوجود آبار نفط وغاز هائلة في البحر الاقليمي اللبناني.
خرج الجيش السوري من لبنان عام 2005، و"بقيت حليمة على عادتها القديمة". فاعتاد المشغلون، على دفع "الكوميسيون"، فلمَ لا تكون تلك الكوميسيون لهم؟ وكما السابق، بقي بعضهم، عدد كبير ممن جمع بين مهنته ومركزه، على احتساب الكوميسيون مع فاتورة تنفيذ اعماله، واستمرت خزينة الدولة تدفع تلك المصاريف مقابل ايرادات لا تذكر،
بعد تأكد السياسيين اللبنانيين من جدية كشوفات المسح، سارعوا لطمس ذلك الموضوع اعلاميا، وبدأوا العمل في الكواليس، في المقابل شهد لبنان ارتفاعا كبيرا للنفقات عبر تلزيم مشاريع كبيرة تعتبر نهضوية، وبتكاليف خيالية لتعود وتتوقف الحكومات بعدها عن اصدار الموازنات، وانقسام البلد سياسيا وتمثّل لفرقاء جدد في الحكم،
وصولا الى العام 2010، وانطلاق العجلة التشريعية لملف النفط في لبنان، عبر اصدار القانون رقم 132/2010 والذي حدّد الإطار القانوني لإدارة قطاع النفط والغاز، والذي لحظ اقرار قانون لاحق بانشاء صندوق سيادي، لجمع كافة الاموال التي ستحصل نتيجة الانتاج النفطي وحصر تلك الاموال فيه، فاصلا بينه وبين خزينة الدولة، كما استتبع شرح هذا الصندوق السيادي، بعدم استطاعة الحكومات المسّ بتلك الاموال مباشرة، انما الاستثمار بها فقط، ما يحتّم عدم امكانية تسكير الدين العام مباشرة من تلك الاموال وخاصة ان بقي على نفس الوتيرة التصاعدية وبقائه على حاله، اذا كان مردود الاستثمار سيوجّه للمشاريع العامة، اما في حال وجّه لتسديد فواتير الخزينة، فستقل المشاريع ويستمر الايفاء لفترة طويلة مع بقاء التهديد بإعلان افلاس لبنان قائم،
يشغل بال بعض السياسيين في الوقت الحالي، كيفية الاستفادة من استخراج النفط في لبنان، في ظلّ فصل الصندوق السيادي وعدم امكانية المسّ به مباشرة، فهل سيستطيعون المشاركة في التنقيب؟ مع العلم ان دفتر الشروط يفترض ان تكون الشركات المشاركة بالتنقيب "مؤهلة" حسب قانون 132/2010 قانون النفط "البحري" اي لديها خبرة ومجال طويل في انتاج النفط، وهو ما يستصعب على اكثريتهم،
الا ان القانون لحظ مشاركة "شركة وطنية"، تدخل العالم النفطي، بعد عملية الاكتشاف، على شكل شركة كهرباء لبنان، اي مؤسسة عامة، ليحافظوا على التوزيع الطائفي في الدولة بالاضافة لكونها مستقلة اداريا، وماليا، فلها صندوقها الخاص، وعليه مديرا يتبع حزبا او طائفة، فهل ستكون هذه الشركة "مؤهلة ام لا يسر هذا الشرط عليها؟
ايضا وايضا، يعمل انفسهم على وضع مسودة قانون للتنقيب عن النفط في البرّ، وبدأت محاولات التذاكي، وتفادي ما يعرقل اهدافهم هذه المرة، من شرط الشركات "المؤهلة" الى انشاء الشركة الوطنية "قبل الاكتشافات" الى، الى، ...
يطمئن السياسيّون في لبنان الى ان الشعب لم يعتد المساءلة ولا المحاسبة، وبالتالي هم قادرون على الاستمرار في زيادة العجز من دون اي ضغوط عليهم، فهل يعيدون السيناريو نفسه كما دائما ولكن في ملف النفط؟
يتكلم بعضهم عن بقاء السياسيين في نفس النهج، وبسبب عدم قدرتهم على المسّ بالصندوق السيادي، فلا شيء قادرًا على تغيير هذا الوضع الا " عنصر الضرورة القصوى"، فما هي هذه الضرورة؟
ويبقى السؤال، هل سيستمر الفاسدون في لبنان، في سرقة مقدرات الدولة اللبنانية، وزيادة عجز الخزينة ليصل لبنان الى مرحلة اللاعودة، ونصبح امام عنصر الضرورة القصوى، لا خيار امامنا سوى تعديل القوانين ونسف الصندوق السيادي ومفهومه الخاص، عبر دمجه او افساح المجال لتغطية الدين العام منه مباشرة، وبهذه الطريقة يبقون على نهب الخزينة مباشرة، وما يستتبع من زيادة في العجز، لا تغطى الا من الصندوق السيادي، وصولا لافراغه وسرقته بطريقة غير مباشرة؟
على هذه الحال، لا يبقى امام الشعب اللبناني سوى حلّين، اما اعتبار اموال النفط اللبناني قد صرفت ونهبت بطريقة غير مباشرة، وانتهت(!) وعليكم السلام، واما الاستمرار في المحاسبة واعادت الثقة بنفسه ووثوقه ببعض القيادات السياسية الجديدة التي اثبتت في الايام الماضية القليلة صدقها وهدفها مكافحة الفساد، و وعيه انه ليس فقط مصدر السلطات، انما مصدر القرارات ايضا!

المحامي جيمي فرنسيس
 

  • شارك الخبر