hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

مؤتمر الاعلام ناشر الحضارات اختتم أعماله

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٧ - 14:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إختتمت "الوكالة الوطنية للاعلام" اليوم، مؤتمرها الدولي بعنوان "الاعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار" برعاية وزير الاعلام ملحم الرياشي، في فندق هيلتون حبتور غراند - سن الفيل، بجلسة تناولت "أهمية الاعلام في تعزيز التواصل الاقتصادي" أدارتها الاعلامية رنا الحاج وتحدث فيها كل من: رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم فؤاد زمكحل، الصحافي الاقتصادي والأستاذ الجامعي ميشال مرقص، رئيسة تحرير "أراب ايكونوميك نيوز" فيوليت بلعة.

وكانت مداخلة لمرقص بعنوان "الإعلام يعزز الاقتصاد"، قال فيها: "عندما طلب إلي، أن أتحدث في أهمية الإعلام على صعيد الاقتصاد، خطرت في بالي هذه الأبيات للشاعر الأموي ربيعة الدارمي، وفيها يقطع فترة زهد وعفه عن قول الشعر الغزل، لكن إلحاح تاجر باع جميع الخمر الملونة لديه، باستثناء ما كان أسود، ورجاه أن ينجده في تسويق البضاعة الكاسدة،فنزل عند رغبته وأنشد: قل للمليحة في الخمار الأسود، ماذا صنعت بزاهد متعبد، قد كان شمر للصلاة ثيابه، حتى وقفت له بباب المسجد، ردي عليه صلاته وصيامه لا تقتليه بحق دين محمد، فذاع شعره في المدينة، وأقبلت نساؤها على شراء الخمر السود، وعاد الدارمي إلى زهده. الشاعر يومها كان صحافي عصره بامتياز، ولولا شعراء لسقطت أحداث من التاريخ. وفي قول الشاعر إعلان إعلامي، ترويج في إغراء، تماما كإغراء الحية لحواء، بقولها لها: "إن تأكلي من هذه الثمرة تصيري"... بدلا من كلي".

أضاف: "ان هذه القصوصة، تتجلى بدهية الإعلام في الترويج لما هو اقتصادي، ويومها كان اقتصاديا فقط. وأكثر الشعراء من وصف منتجات صناعية كثيرة ومتنوعة، ومن وصف فاكهة ومنافع لها، وتشبيهات المرأة الجميلة بها، فراجت تلك البضائع والمنتجات وتعززت أسواقها. لكن في الألفية الثالثة، ومع تمدد بساط الاقتصاد، إلى كل النشاطات الإنسانية، تقريبا، بدا الإعلام مهما ومهما جدا ليقف دوره عند اتجاهات متعاكسة الغايات والنتائج".

وعن الإعلام الإقتصادي، بدأ ب"مقاربة في المفهوم والوظائف" قال فيها: "عندما نقارب موضع الإعلام في مفهومه العام الشامل، نتوقف عند مرتكز أساس لهذا المفهوم، هو الإخبار. ويعني نقل العلم بحدث محدد، والسعي إلى نشره أي الإعلام به. وهي مقاربة بديهية من اشتقاق اللفظ والتماهي مع مضمونه أو مضامينه. لكن في الواقع، يبدو الإعلام فنا من فنون مقاربة شؤون الكوكب من توصيف الواقع إلى تمييز الخلل والتخطيط للمستقبل، نتيجة إسقاطات وتحاليل. هو علم فني وتقصي حقيقة وارتكاز على منطق، وأنواعه لا تحصى أهمها: السياسي، الإجتماعي، الإقتصادي، الفني، الأدبي، العلمي، الصحي، البيئي، التنموي، الرياضي، الفلكي، الأنتروبولوجي والتاريخي (والتاريخ هو إعلام رجعي)، الإعلام الديني، كما التوقع والإسقاطات إعلام مستقبلي وهكذا".

أضاف: "إلا أنه، وفي وجه من الوجوه، تتداخل هذه الأنواع كلها وما لم نذكره منها، تحت عباءة أو فضاء الإعلام الإقتصادي. وإذا كان الإقتصاد علم الحاجة، وعلمه هو علم تأمين الحاجة، نجد أن الإنسان البدائي جاع فاحتاج إلى طعام، وعطش فسعى إلى تأمين الماء، واتقى البرد والأمطار والرياح بما يغطي بدنه، ودرأ الأخطار ببناء أكواخ أو بلجوئه إلى أماكن حصينة مثل المغاور، وراح يطور أدواته ليستكمل حياته فانتقل من طور الرعي والزرع إلى الصنع، وتكاثر فاحتاج إلى أكثر، فحصلت الحروب لتأمين الغنائم والأسلاب واحتلال مساحات ومواقع استراتيجية إلى ما بلغناه اليوم، كل ذلك بدافع من الحاجة حتى ضرب المثل: الحاجة أم الإختراع - والإختراع يطور الواقع الإقتصادي، ولولا حاجة المبرمج لصورة ولادة طفلته لبقيت الهواتف الخليوية من دون كاميرات وسيلفي".

ورأى أن "الإعلام الإقتصادي هو إعلام يواكب تطور تأمين الحاجة، ويلج ابوابها كلها بصدقية وحذر ومنطق، ويتمثل هذا الإعلام في علماء الإقتصاد والمدارس الإقتصادية، جميعهم وجميعها حاولوا أن يضعوا معايير لنشاطات الإنسان تؤمن حاجاته، وتكفي المجتمعات فتقضي على الحاجة القاسية أي الفقر، فالفقر هو حاجة الإنسان إلى مأكل ومشرب ومبيت وإلى تأمين عيشه الكريم . والمدارس الإقتصادية هي مذاهب إقتصادية تتوخى القدرة على التنفيذ بواسطة السلطة أو السلطان، وهنا تدخل السياسة، وتتنافس المدارس الإقتصادية والإتجاهات وتتضارب أهداف المصالح الخاصة ورؤوس الأموال سعيا إلى بقاء الأقوى، بلوغا إلى حصول صراعات سواء باردة - ما يعرف بالحرب الباردة - أو الساخنة، حتى بات العلماء والإقتصاديون والسياسيون يتوقعون حصول حروب مستقبلية حيث تتشابك الحاجة إلى مورد من الموارد الإقتصادية ومنها الماء، تماما كما حصل قبل آلاف آلاف السنين".

وعن حقول الإعلام الإقتصادي قال: "لذا نحن، في الإقتصاد، نبحر في مجرة من النشاطات والتفاعلات بحيث يصعب فصل الحدث عن الحدث وسلخ العلاقة الإقتصادية المجردة عن بيئتها ومحيطها واقتلاعها عن جذورها وقد تداخلت بجذور عنكبوتية متنوعة، وهي تستمر في التشابك والإمتداد والتداخل بحيث صار الإقتصاد وجها من وجوه الحياة البشرية والمجتمعات كلها، يفعل ويتفاعل وينفعل،.

ورأى أن "السياسة، الأداب والفنون والثقافة، الصحة والطبابة والدواء، التنمية، المناخ والبيئة، الدين، الفضاء والفلك وعلم الفلك والتنجيم والتبصير، البنية التحتية، المعلوماتية والنانوتكنولوجيا، العلم والتعليم، الثراء، الفقر، التجارة والصناعة والسياحة والخدمات والبناء والزراعة والصيد والغابات السطح النباتي والنقل البري والبحري والبري، الحروب واتفاقات السلام، المال وأسواق المال والمناخ المالي، الضرائب والرسوم والجباية والصيرفة والمصارف، التسول، علم السكان، الصحة والأمراض والنوم واليقظة، العالم الرقمي، السعادة والحزن كلها إقتصاد، والمجموعات الجيوسياسية - هي مجموعات جيو إقتصادية.

وقال: "الإعلام الإقتصادي يقارب هذه الوجوه الإقتصادية المتنوعة والمتكاثرة خبرا ومفهوما وعمقا في الأسباب والنتائج وترويجا ونقدا وانتقادا وانعكاسات إيجابية وسلبية وتخطيطا وإسقاطا واحتمالية التطور وإمكان تأمين الحاجة، ويعرض للإتجاهات والمدارس والطروحات والسياسات الإقتصادية".

وأشار الى أن "الإعلام الإقتصادي يهدف إلى تحقيق رخاء الفرد والمجتمع وتصويب المسالك العرجاء والإتجاهات الخاطئة، إنه إعلام مسؤول، منطقي وواقعي، ولكنه في الوقت ذاته رؤيوي ذات رسالة تهدف إلى بناء سعادة المجتمع، فمن واجب الإعلام الإقتصادي، كما السياسي، أن يستهدف تحصين المجتمعات ويسعى إلى دعوة الحكام لتأمين رفاهية مجتمعاتهم أو مواطنيهم، والديموقراطيات في العالم لا تعني فقط الإقتراع بحرية لمن نراه يحقق طموحات الناخبين أو يتوافق مع أهوائنا، بل تعني الديموقراطية، حق المواطن في الوصول إلى ما يؤمن له العيش الكريم، أي أن يكون قادرا على تأمين أبسط مقومات العيش بلا ذل وإذلال. فالديموقراطية إذا هي تحقيق الإقتصاد الكافي للناس فلا تمتهن كراماتهم بسبب العوز والحاجة".

ولفت الى أنه "مع تقدم الوسائل والتكنولوجيا تطورت وسائل الإعلام وباتت أكثر إنتشارا وتوسعا وميلا على جذب الزبائن والقراء، فالأخبار بما فيها الإعلام الإقتصادي، كانت قبل قرن بطيئة الإنتشار محصورة بإذاعات محدودة ومستمعين قلة، وبصور وصحف ضيقة النشر تتوافق ومعدلات العلم والتعلم والثقافة لا بل مع معدلات الأحداث في عصرها".

وقال: "اليوم ينتشر الإعلام إذاعيا وعبر الصحف والمجلات وشاشات التلفزة والمواقع الإلكترونية الخاصة أو الصحافية، فباتت مؤسسات أممية تابعة لهيئة الأمم المتحدة تنشر أخبار النمو والتخلف والأمراض والصحة والزراعة والإستهلاك والإنتاج الزراعي والصيد والغابات والنمو الإقتصادي والتطورات الإقتصادية من ديموغرافية وملحقاتها ومالية وحالات الدول المدينة أو الثرية وعلاقة المجتمعات بالديموقراطية المعيشية بحق وصول المواطن إلى مياه وكهرباء وعلم وصحة وتلفزيون وراديو وهاتف ثابت او خليوي، وغيرها وغيرها من مواقع عالمية متخصصة مثل مواقع الشفافية الإقتصادية والفساد والسعادة وتكيف المجتمعات مع مواقع إقتصادية، وحالات المصارف العالمية وشفافيتها، ولا ننسى الكتب المتخصصة والمؤلفات الإقتصادية والدوريات العالمية المهمة في عرض الواقع الإقتصادي، كما أن الهواتف الخليوية الذكية باتت وسيلة إعلامية متنقلة تنقل الأحداث بسرعة، لكن حتما بطريقة مختصرة قد تثير ذعرا أحيانا وتتسبب في تشنجات إقتصادية"، موضحا أن "الوسائل الترويجية - الإعلانية تسعى سواء في الإعلانات الخاصة أو في منشورات عنها إلى نقل وجه من وجوه الإقتصاد الإستهلاكي".

وعن كيفية مقاربة الإعلام للشأن الإقتصادي قال: "في البلدان الديموقراطية المتقدمة، حيث لحرية الرأي والقول أولوية، لا ينحصر الإعلام الإقتصادي بالإخبار عن حدث حصل في مجال إقتصادي: تأسيس مؤسسة، انهيار أخرى، إجتماع حكام مصارف مركزية، ندوات لمسؤولين عن تجارة عالمية، بل يتعدى الخبر إلى العرض المفصل من ضمن تحقيقات ترتكز على بعدين أساسيين: البعد الإحصائي الواقعي والبعد الإستقصائي".

أضاف: "البعد الواقعي يعرض الحال والإحصائي يعرض التطور بالأرقام والإسقاطات المستقبلية ومقارنة المؤشرات، والاستقصائي يستطلع الواقع في ماضيه وحاضره كما يتوقع المستقبل".

وتابع: "وإلى الخبر والتحقيق توجد الرؤية - الإعلام الإقتصادي هو إعلام رؤيوي، يفترض في الإعلامي الإقتصادي أن يمارس مهنته بعلم وجدارة وثقة وواقعية ويعرف كيف يستنطق واقع الأرقام سواء لناحية تموجاتها السالفة، أو إسقاطاتها المقبلة، وفي ضوئها يعرض ويشجع أو يحذر"، معتبرا أنه على "الإعلامي عامة والإقتصادي بخاصة، أن يقول ببساطة وصدق، ما يراه صائبا وما يراه غير صائب ويتجرد من عواطفه، فرغيف الخبز لا يتأمن بالعاطفة بل بالجهد والمنطق، والإضرابات العمالية لتحسين أوضاع معيشية لا تخضع لأديان ومذاهب وأحزاب، والتجرد يحكم بأن نبحث عن الوجه الحقيقي للواقعة الإقتصادية أو للحالة قيد المعالجة، لافتا الى أن "التسرع يوقع في خطأ الحكم، والتحري الجدي لدى أفرقاء معنيين متنافسين يوصل إلى مدارج حقيقة لا يرسخها سوى اختزان العلم والثقافة الإقتصاديين واللجوء إلى المنطق المجرد، وفي كثير من الحالات المقارنة بين وقائع متشابهة في العالم، وعرض الحلول لها ونتائجها، فالإقتصاد هو علم والعلم يخضع للإختبار والتجربة والمقارنة بهدف إرساء مسلمات ثابتة أو متقاربة في النتائج".

وعن خصوصيات التحرير الاقتصادي قال: "لا شك في أن الإعلام الإقتصادي، هو إعلام خاص، يتوجه إلى نخب معينة من القراء، تشمل معنيين في شؤون الإقتصاد والتنمية والبيئة والديموغرافيا والتطور والنمو والإختراعات والإبداعات، وتتوزع فئات المعنيين، من المهتمين بالإعلام الإقتصادي، بين قارئ يحب الإطلاع على الإحداثيات في حقول الإقتصاد، وبين دارس لشأن اقتصادي، وخبير يبحث عن معلومة أو منظومة معلومات ومعطيات إقتصادية أو خبير في شؤون التوقعات الإقتصادية المستقبلية وما إلى ذلك".

أضاف: "لذلك على الإعلامي في الشأن الإقتصادي أن يكون في مستوى هذا الإقتصاد: ملما في الشأن الإقتصادي، يزداد ثقافة في هذا المجال، ويواكب في الثقافة ما يستجد على هذا الصعيد، الإقتصاد هو وقائع، والوقائع تفرض إعلاما واقعيا بلا مواربة أو كذب وغش، شأن الإعلامي الإقتصادي أن يهتم بالمستهلك والمواطن، فلا يخدعه بتقديم إعلام يروج لشؤون على حساب المستهلك، غاية الإعلام الإقتصادي تطوير المجتمع ورقيه وتأمين مستلزمات الناس في المجالات الحياتية المعيوشة، توخي الحقيقة في الإخبار والتوجيه، مساعدة المجتمع في التخلص من آفاته، عدم الإضرار بالإقتصاد العام، عدم غش المستهلك، عدم اتهام الآخرين بما ليس مؤكدا ومثبتا بما لا يرقى شك إليه".

وتابع: "من جهة أخرى يمكن القول بأنه لم يعد يوجد ما يسمى الإعلام الاقتصادي، بعدما أصبح الاقتصاد جزءا من نسيج الإعلام، والإعلام جزءا من نسيج الاقتصاد، وهو تلاحم تفرضه معطيات العصر ومنجزاته. فالإعلام الذي يعنى بالجانب التخصصي بالنسبة للاقتصاد خرج من أروقة المؤسسات الأكاديمية بفعل ما فرضته الطفرات والهزات الاقتصادية التي شهدها العالم، ما دفع الإعلام إلى تسخير طاقاته لمتابعة تلك الطفرات وما تلاها من هزات باعتباره شريكا في تحمل نتائجها في حالتي السلب والإيجاب، وباعتبارها المحور الأساس لاهتمام القطاعات التي يتعامل معها الإعلام ابتداء من القارئ العادي المؤثر على حجم التوزيع، وانتهاء بالشركات الكبرى الأكثر تأثيرا في حجم الإعلان، وهما - أي التوزيع والإعلان - مصدر التمويل الرئيس للمؤسسة الإعلامية".

واعتبر أنه "من هنا يكون الإعلام والاقتصاد في شراكة متعددة الوجوه ودائمة العلاقة، وهما في الجبهة ذاتها لمواجهة التحديات الشرسة التي يواجهانها معا، وإذا سلمنا بأن الاقتصاد يمكن أن يصنع إعلاما ناجحا، فمؤكد أن الإعلام يمكن أيضا أن يصنع اقتصادا ناجحا، وهذا ما يفسر نجاح المؤسسة الإعلامية إذا توافرت لها قيادات اقتصادية متخصصة، وواعية لدور الإعلام كصناعة واستثمار منفتح على النجاحات المؤكدة في ظل الدراسات العلمية والتخطيط السليم لتحقيق مراحل التغيير والتطوير بنجاح، ومن جانب آخر فيما يتعلق بالعلاقة الوثيقة بين الإعلام والاقتصاد ما نراه من نظريات اقتصادية تفضي إلى أن ميزانيات الدعاية والإعلام لا تعرف الشح أو التقتير إذا أريد للمؤسسة الاقتصادية النجاح. لكن هذه العلاقة بين الطرفين غالبا ما يعتريها التباس في أذهان قيادات إعلامية واقتصادية معا، فمن الجانب الإعلامي يندر بخاصة في الصحافة العربية التركيز على الكوادر المتخصصة في الاقتصاد، وهذا شأنها في كل مجالات النشر وليس الاقتصاد فقط، فالصحف لا يمكن أن تعتمد في نجاحها على المحرر وتتعامل معه مثل حجر الشطرنج في يد اللاعب فهو يعمل في المحليات، وبعد ذلك في السياسة، وبعدها في الثقافة، وربما بعدها في الارشيف، ولا مانع لديها من نقله إلى صفحة المرأة والطفل، وهذا التخبط، وانعدام المحرر المتخصص يقود الصحيفة إلى فشل ذريع ليس في الطرح الاقتصادي فقط، ولكن في جميع الطروحات التي تقدمها لقرائها ومعلنيها. وإذا سلمنا بأن الاقتصاد يمكن أن يصنع إعلاما ناجحا، فمؤكد أن الإعلام يمكن أيضا أن يصنع اقتصادا ناجحا. فمشكلة غياب مراكز المعلومات لديها، المؤسسة الإقتصادية أكثر جرأة وتقدما من الإعلام الإقتصادي، فتلك تختار أخصائيين في أعمالها وأقسامها بخلاف المؤسسة الإعلامية".

وختم: "كما أن الإعلام الاقتصادي سلاح لا يقل شأنا عن السلاح الحقيقي فالعالم يتبع سياسة البقاء للأقوى والأقوى هنا ليس هو الأصح أو الأكثر صوابا دائما، بل الأقوى في المفهوم المادي هو الأكثر قوة على الصمود في مواجهة التقلبات المالية والـدعايات الإعلامية والإشاعات المغرضة والمضاربات التجارية".

أما بلعة فسألت في مداخلتها: "أين الصحافة الاقتصادية من لبنان اليوم؟ أزمات متراكمة تندفع بالجملة والمفرق، تسلب المواطن قدراته المعيشية، وتفقر المجتمع وتقضي على بقايا طبقة متوسطة، وتهجر شبابه في بطالة حقيقية ومقنعة. في هذا العرض، سأحاول أن أتناول دور اعلام اقتصادي يفترض ان يقوم على خدمة اقتصاد القطاع العام كما القطاع الخاص، الاقتصاد الكلي والفردي، اي اقتصاد المجتمع والدولة. من حيث المبدأ، تختلف قضايا الاقتصاد عن ملفات السياسة واستحقاقاتها. ففي الاولى، علم ومعادلات وأرقام، وفي الثانية مصالح وتقاطع مصالح ونظريات. لكن للاسف، في بلادنا، الاقتصاد يلحق بالسياسة لا العكس، لينطبع بسماتها ويفرز سياسات وخططا وبرامج على قياس عهود وحكام، خلافا لتصنيف دول العالم الذي يستند إلى قوة اقتصاد الدولة، ومتانة عملتها ومصارفها، وعلاقاتها التجارية الخارجية، وجاذبيتها الاستثمارية. والأمثلة كثيرة، من الولايات المتحدة الى اليابان والصين فالاتحاد الاوروبي".

أضافت: "هذا الدور، بحاجة الى إعلام اقتصادي متخصص قوي وفاعل، يعرف كيف يتعامل مع المعلومات والدراسات والتقارير والبيانات، كي يشكل الرافعة الاسترشادية للاقتصاد الوطني، وللعاملين فيه، وايضا للمتعاملين معه. فهل نحن على هذا المستوى من المهنية؟".

وقالت: "جولة على الاعلام الاقتصادي تكشف نقصا في التحرير المتخصص. فكم من الصحافيين والاعلاميين خضعوا لدورات تدريبية، أعادت ترتيب معارفهم وخبراتهم في مجال التغطية والمناقشة والتحليل ودراسة الملفات؟. لو كنا كصحافة اقتصادية في جانب التأهيل المشبع، لكنا حتما، أحدثنا علامة فارقة في ملفات الفساد، وهدر المال العام، والصفقات التي تعقد "على عينك يا تاجر"، بدل ان يقتصر الواقع على محاولات خجولة وفردية، وغير مدعومة أحيانا من جانب ادارات المؤسسات الاعلامية، بسبب وجود مصالح شخصية او مالية او حتى نزاعات. لهذا، لا نزال في لبنان، نطالب ونعاني من دون جدوى".

وتابعت: "نعلم جميعا أن المطلوب كثير. غياب الموازنات العامة لـ 12 عاما، هو فضيحة غير مسبوقة في تاريخ الدول. عجز يتنامى، وسياسة اقتراض عقيمة ترفع منسوب الدين من الناتج الى خطوط حمراء يتحفظ عليها المجتمع المالي الدولي، ومعه ترتفع خدمة الدين، ما يعني إنفاقا غير مجد للسياسات المالية. لدينا ازمة نزوح احدثت فوضى عشوائية في الحياة المعيشية والاجتماعية، وانسحبت على سوق العمل التي ضاقت اساسا على العمالة اللبنانية. لدينا غاز ونفط يقبعان في قعر المياه الاقليمية، اي إهدار لثروة اللبنانيين، ومماطلة غير مبررة لاتخاذ قرارات سبقتنا اليها قبرص واسرائيل أقله بعشر سنوات. ببساطة، لم يصب اعلامنا الاقتصادي في معالجة توسع طارئ وقسري لاقتصاد الـ 4 ملايين نسمة، الذي بات يأوي ويطعم ويشغل 6 ملايين، من دون ان يبادر الى تحديث بنيته التحتية، ومن دون ان يعالج ارتفاع معدل الفقر الذي قد يكون تخطى ال 45%. عذرا لعدم الجزم هنا، لان لبنان لا يؤمن ربما بالارقام، لذا تغيب الاحصاءات الرسمية عن الكثير من احوال الاقتصاد، وربما اكثرها حساسية "عدد السكان"، وهي القاعدة الاساس لقياس أي من مؤشرات الاقتصاد".

وسألت: "كيف نتناول قضايا الناس وهواجس المجتمع؟"، وقالت: "سؤال محق، فاللبنانيون متروكون من دون "لوبي" رقابي يوصل ما بين المعلومة والقرار الاقتصادي، يساهم في التثقيف ونشر الوعي، يبادر الى تعريف المجتمع بالتشريعات والاجراءات المتعلقة بحقوقه وواجباته. فدور الاعلام الاقتصادي استراتيجي في التنمية الشاملة، وفي ربط رجال الاعمال والاقتصاد والمؤسسات ببعضهم، وبالجمهور أيضا. كذلك له مهمة الكشف عن التجاوزات والمعوقات التي تعترض سبيل التنمية والتطوير، كسوء الادارة، وضعف القرار، والفساد المالي، وسوء استغلال الموارد. في الصحافة التقليدية، نقص هائل في حجم الاهتمام بالاعلام الاقتصادي. على أصابع اليد، يمكن ان نحصي الاعلاميين الاقتصاديين المتخصصين، الذين تركوا بصمات في تصويب انحرافات السلطة حين انتقدوا وكشفوا وقاتلوا دفاعا عن الصواب والحق، كذلك حين دعموا مسيرات التصحيح والاصلاح على ندرتها. فلا اقتصاد في الصحف، ولا برامج جدية في الاذاعات او التلفزيونات. كل ما لدينا، لوحات اعلانية، جامدة أو متحركة، تنقل كما من الاخبار التي "لا تضر ولا تنفع"، ومعظم الاحيان، من دون تفاعل او توقعات". وبما أنني انتقلت الى الاعلام الالكتروني منذ العام 2014 حين أطلقت أول موقع إخباري إقتصادي متخصص مع تطبيق هو الاول من نوعه في المنطقة، أستطيع أن أبدي أسفا صريحا على صفحات داخلية في مواقع إلكترونية سياسية، تكتفي بنشر البيانات الصحافية حرفيا، او تمارس الصحافة الفضائحية، أو تسعى خلف الاثارة والتشويق معتمدة قاعدة "رجل عض كلبا". وهي لا تزيح قيد أنملة عن التسرع في نشر المعلومة، حتى ولو على حساب المضمون. فلا تدقيق في صحة الخبر، ولا مراجعة لهول من أخطاء اللغة والقواعد وكأننا أمام جيل لا يتقن من الصحافة إلا ما تمنحه من لقب وعلاقات، متخليا وبعذر "التواصل" السريع، عن مهنية ورسالة وصدقية".

وقالت: "علاقة الاقتصاد بالصحافة، يجب ان تكون في الاتجاهين. مؤسسات تحتاج تمويلا لتؤمن استمراريتها وتحافظ على كوادرها التحريرية، وقطاع خاص أو رسمي بحاجة الى منصة لترويج أفكاره ومنتجاته. أي شائبة تصيب تلك العلاقة، ستنعكس حتما في أساليب العمل، فتتحول لتنحرف نحو مخارج أخرى قد تكون في الابتزاز أو الضغط او حتى الاهمال. وهذا ما يفسر ربما، بعض اوجه الازمة المالية التي تعصف بمؤسسات الاعلام، والتي جعلت الصحافة الاقتصادية لامبالية ومتفرجة، بدل ان تكون قوة الضغط التي يعتمد عليها المجتمع لانتشاله مما قاده اليه، صناع القرار واصحاب المصالح".

وختمت: "في الخلاصة، يجب الاقرار بأن هناك هوة عميقة ما زالت تفصل بين الاعلام الاقتصادي والتنمية. فإن لم نقر بوجودها، لن نسعى يوما إلى تضييق أفقها وصولا الى الهدف".

وقال زمكحل: "نحن كرجال أعمال وسيدات لبنانيين في العالم، نظرتنا إلى الاعلام هي أنه رسالة وصورة شفافة وموضوعية وواقعية، وهو يسمح لنا أن ندور حول العالم ونحن في مكان وجودنا. إن الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع أوصل منذ عقود الحرف والكلمة والصورة والنجاحات اللبنانية حول العالم. الاعلام في نظرنا هو الباب الأول للاستثمار للمعلومات ولجذب المستثمرين والرياديين والشركات الدولية والاقليمية الى بلدنا. الاعلام هو المصدر الأول للمعلومات العامة والاقتصادية والمالية والرقمية. ومن دون شك هو يؤمن الترابط والتواصل بين المستثمرين الرياديين من ضمن البلد نفسه وعبر الحدود".

أضاف: "في نظرتنا أن الاقتصاد هو سفينة والاعلام هو الشراع الاساسي لهذه السفينة وواجبنا كرجال اعمال هو ان نؤمن الهواء لنفخ هذا الشراع ونؤمن سير السفينة. الاقتصاد يعني استثمار يعني اعمال ومردود وافكار ونتائج ودراسات ووقائع. وبحسب رجال الاعمال الكبار في العالم تبدأ نقطة انطلاق الاقتصاد الذي هو التواصل والترابط بين رجال أعمال داخليين اقليميين وعالميين. فالإعلام يلعب دور همزة الوصل للافكار والابداع والرياديين.
من هذا المنطلق الاعلام هو المحرك الأساسي لاقتصاد اي بلد وهو السلاح البناء والمنتج لتنمية الاستثمارات والاقتصاد".

وتابع: "نحن نتكل على الاعلام اللبناني لتصدير صورة بلدنا الايجابية وجذب الاستثمارات والمستثمرين. ونحن نؤمن بالتآزر التام بين الاقتصاد والأعمال والاعلام. يعني: واحد زائدا واحدا يساوي أكثر من اثنين، لأن الاقتصاد والاعلام يجب ان يكونا حياديين وشفافين بعيدا عن التوترات السياسية وهذه الشراكة الحقيقية المنتجة هي الوحيدة التي يمكن ان تعيد لبنان على الخارطة الاقتصادية والمالية والسياسية العالمية. ونحن بكل فخر كرجال أعمال لبنانيين في العالم زرعنا العلم اللبناني في كل ركن على الكرة الأرضية. على الاعلام تصدير صورة نجاحنا الاقتصادي في كل بيت في العالم".
 

  • شارك الخبر