hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

مؤتمر الاعلام ناشر الحضارات شددت على دور الاعلام في صناعة الرأي العام

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 18:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتواصل أعمال المؤتمر الدولي ل "الوكالة الوطنية للاعلام" بعنوان "الاعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار" في فندق الحبتور في سن الفيل.

وقد ترأس الجلسة الثالثة وعنوانها "دور وسائل الاعلام في صناعة الرأي العام ومواجهة الارهاب" الوكيل المساعد للاعلام الخارجي في وزارة الاعلام الكويتية فيصل المتلقم ممثلا وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الاعلام الكويتي الشيخ محمد العبدلله المبارك الصباح، وأدارتها مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" السيدة لور سليمان صعب، وتحدث فيها مدير التوجيه في الجيش العميد علي قانصوه، رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العقيد جوزف مسلم، رئيس مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام العميد نبيل حنون ورئيس تحرير الأخبار في محطة "إم.تي.في" وليد عبود.

وألقى المتلقم كلمة الوزير الصباح فقال: "بداية يشرفني أن أنوب عن معالي الشيخ محمد العبد الله المبارك الصباح، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام بالوكالة، للمشاركة في المؤتمر الدولي "الإعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار"، كما يسعدني التواجد بين الإخوة والأشقاء في بلدي الثاني لبنان، لترؤس هذه الجلسة حول دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام ومواجهة الإرهاب، بمشاركة كوكبة من الإعلاميين والمتخصصين الذين نكن لهم كل التقدير والاحترام".

اضاف: "إن التحول الكبير الذي شهدته المجتمعات العربية على مختلف المستويات الثقافية والفكرية والاجتماعية، بل والسياسية أيضا، مع بداية العام 2011، التي واكبتها قفزة في تكنولوجيا صناعة الإعلام ووسائل تواصله، لم يعد بالإمكان اعتبار الإعلام مجرد وسيلة لتوصيل الخبر، وإنما بوصفه قوة هامة تؤثر بشكل فاعل في تشكيل الرأي العام الجماهيري وصنع قناعاته بما يساهم في ترسيخ المفاهيم الوطنية والدينية الصحيحة وتوجيهها نحو البناء والتنمية، وهو ما قامت به دولة الكويت من بناء استراتيجية إعلامية وطنية على مستوى الدولة، يعمل على تطبيقها الإعلام الرسمي والخاص، من أجل ترسيخ أسس الاستقرار والأمن المجتمعي".

وتابع: "إن التطور الهائل في صناعة الإعلام بجناحيه الفضائي والإلكتروني، العابر للحدود، أصبح يشكل أهم التحديات التي تواجه أمن واستقرار الأمة العربية، بما قد يحتوي عليه من مفاهيم مغلوطة تستقطب بصفة خاصة الفئات الشبابية، وما قد يستتبع ذلك وقوعهم في شرك التطرف والإرهاب، وهو ما يستوجب العمل على إقرار استراتيجية إعلامية عربية مشتركة، تلتزم بها المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة كافة، لترسيخ قيم الوسطية والتسامح والمحبة والإخاء وقبول الآخر، وهي بمثابة القواعد الأساسية في محاربة ومواجهة الإرهاب الذي يستند في الأساس على قناعات فكرية وثقافية مغلوطة".

وقال: "إن المنتج الإعلامي أيا كان نوعه أو الفئة المستهدفة به، هو منتج فكري ومعنوي، وليس سلعة مادية مجردة، بل سلعة تحمل في طياتها الأيديولوجية والفكر ونمط الحياة والسياسة والقيم السامية، مما جعله أهم وسائل التسويق المعرفي و الفكري البناءة، بوسائله المتنوعة التقليدية والجديدة، وهذا يتطلب مزيدا من الشفافية ونشر الحقائق المجردة، والابتعاد عن تسويق مظاهر العنف، أو تعظيم فكر الكراهية والتطرف في كافة الأعمال الإعلامية المرئية والمسموعة والالكترونية".

وأضاف: "لقد أدركت دولة الكويت مبكرا خطورة وسائل الإعلام الجديد على استقرار وأمن المجتمع، فكان لها قصب السبق على المستوى العربي، في إنشاء قطاع للاعلام الجديد ليمثل أحد القطاعات الإعلامية الفاعلة في وزارة الإعلام، الذي يشارك وبفعالية كبيرة في منظومة الإعلام الرسمي لدولة الكويت، تلبية للاحتياجات المجتمعية، للتعامل مع التحديات الفكرية والثقافية التي تحملها وسائط ووسائل الإعلام الإلكتروني الجديد العابر للحدود، بما قد تتضمنه من قيم وأفكار وثقافات غريبة على المجتمع الكويتي والخليجي، تستهدف الفئات الشبابية على نحو خاص، للتأثير على أمن واستقرار المجتمعات".

وختم: "إن الإعلام المسؤول بوسائله كافة، يعد ناشر الحضارات الحقيقي، وهمزة الوصل في التقارب بين الشعوب والمجتمعات والأفراد، وهو الصناعة الأساسية لإشاعة الأمن والاستقرار المجتمعي لمواجهة الإرهاب، متى ما قام بدوره على الوجه الأمثل في دعم خطط التنمية والثقافة المستنيرة، وترسيخ مفاهيم الولاء والانتماء الوطني، وإشاعة قيم السلام والتسامح والوسطية، ونبذ الكراهية والغلو وتطرف الفكر والإرهاب، كمنصات حرية إعلامية مسؤولة، تساهم في بناء الشخصية الوطنية والقومية وتعزيز الدور الإيجابي لهذه الوسائل في مختلف نواحي الحياة، لتنعم دولنا وشعوبنا العربية بالأمن والاستقرار والتطور".

قانصوه
وألقى العميد قانصوه مداخلة عن "دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام ومواجهة الإرهاب"، فقال: "أن نتناول دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام، موضوع ليس بالجديد، لا على الممسكين بتلك الوسائل، ولا على المرسل ولا على المتلقي. وقد تم استهلاكه في النقاشات منذ وجدت تلك الوسائل سواء في دراسته أو في مساراته وفي نتائجه، إنما النقاش يصبح مواكبا حين نتناوله منذ سيادة ثورة المعلومات ووسائل الاتصال ومفاعيله على مفاصل مؤثرة في حركة الدول والشعوب، ما يستوقف أي متابع عند التأثيرات التي تحدثها تلك الثورة في اتجاهات الرأي العام".

أضاف: "واضح أن الإعلام المعاصر لم يعد مجرد وسيلة لإيصال المعلومة ونقل الأخبار والأحداث للناس، كما حددت أدواره النظريات القديمة بأنه "المرآة التي تعكس صورة الواقع" وحسب، لكنه تحول إلى أداة يتفاعل معها المتلقي ويتأثر بها فكريا وسلوكيا، لا بل تخطى هذا الدور في نتائج هذا التفاعل والذي يسمى "صناعة الرأي العام"، إلى دور سلطوي مباشر، يشارك الكثير من المحطات والأحداث في صنع قرارات السياسات التي تخلق الواقع. ومن أبرز الشواهد على ذلك، الأدوار التي يقوم بها بعض كبريات وسائل الإعلام في تحضير المناخات لسياسات ما ومستجدات ستحدث، وفي المواكبة والمتابعة والترويج، وصولا إلى خلق وقائع ومواد إعلامية تخدم مسارات سياسية وعسكرية كبرى".

ورأى أن "الإعلام بذاته صناعة تكتسب بعدا يتخطى في فعاليته المرتبة التي أعطيت له كسلطة رابعة، فقفز إلى صفوف أمامية كـ"كارتيل" يخضع في أحيان السلطات السياسية إلى مسارات يريدها، نتيجة الضخ الإعلامي والضغوطات الهائلة، وعديدة هي الحالات التي حصلت على هذا الصعيد".

واعتبر أنه "في عز سيادة العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات، كثرت النظريات المتخوفة على ثقافات الدول المتخلفة، وتلك الفقيرة أو النامية أو التي في طور النمو، من أن تطمسها ثقافة الدول الكبرى الغربية بمجملها، وتقضي على خصوصياتها، لجهة ما يردها من علوم ونظريات وتحليلات وأدبيات وسلوكيات من شأنها أن تبدل مفاهيم المجتمع بصورة جذرية. لم يأخذ أصحاب تلك النظريات في الحسبان إمكان تلقف بعض هذه المجتمعات للتكنولوجيا الحديثة، خصوصا التي تعتنق إيديولوجيات متشددة تنحى نحو التطرف والأصولية خصوصا الدينية منها، واستخدامها بطريقة معاكسة ولو بالقدر الأقل وفق المتيسر من الإمكانات المتاحة، وذلك لنشر أفكارها وبث معتقداتها التي زادت ونمت في السنوات الأخيرة مع بروز الحالات الأصولية، وبالتحديد الدينية الخارجة عن الرسالات السمحاء في المعاني الحقيقية للدين، والمشدودة إلى جذور عنفية، إذ تحولت فصائل من جماعاتها نحو العمل الإرهابي، جراء أكثر من عامل مرتبط بأحداث على صلة بالواقع الجيوسياسي والسيكولوجيا الناشئة، ليصبح ظاهرة يعجز العالم عن السيطرة عليها إلا بأكلاف عالية جدا".

أضاف: "لن نقلل في هذا من شأن الإعلام ووسائله، لكن السؤال يبقى ضروريا: هل تراجع دوره أمام ثورة التكنولوجيا واستخدامات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؟ يقودنا السؤال إلى مصدر الأخبار والتحليلات وسواها. لقد اعتاد العالم أن يكون الصحافي هو المصدر الأول للمعلومة من أي جهة استقاها وهذا حق له. كانت الوسائل الإعلامية بأنواعها كلها، صحيفة مقروءة أو دورية أو إذاعة أو تلفزيون محلي أو فضائي هي الجهة الناقلة، أو بالتعبير الإعلامي هي الجهة المرسلة، والرأي العام سواء المحلي أو العالمي هو المتلقي، يميز ويتفاعل مع الأخبار وفق اهتماماته. وكان التحليل أو الرأي الذي ينشر ويبث، والقادر بمضمونه على خلق رأي عام سواء مؤيد أو رافض. وكانت كبريات الوسائل الإعلامية لا تعهد بهذه الأدوار إلا لأقلام موثوقة ومشبعة بالمعرفة والاطلاع الواسعين، مع قدرة على إظهار مكامن الانعكاسات الناتجة من أي حدث، ما يجعلها وبثقة، تتبنى ما تخطه أقلام كتابها وتتحمل مسؤوليته"، سائلا "أما اليوم ومع ثورة التواصل بأدواته المختلفة أين نحن من المصدر؟".

وقال: "صحيح أن الأدوار التي تشكل مصدرا إخباريا تطورت بشكل مذهل، فبات الصحافي والوسيلة يعتمدان في كثير من الأحداث على ما يتم تناقله عبر وسائل التواصل الموجودة بين أيدي الناس، في كل مكان وفي كل زاوية من زوايا الأرض، بواسطة النقل اللحظوي للمعلومة أو للصوت أو للصورة، وأكثرها المأخوذة بواسطة الهواتف الذكية المحمولة والنقالة، وأصبح الفايسبوك والواتس آب والتلغرام والإنستغرام الوسائل الأسرع من لمح البصر. لكن من يعطي لتلك المعلومات المصداقية؟ إنها المهمة التي تقع على الوسيلة الإعلامية التي تضفي المصداقية أو تنفيها عنها، من خلال البحث والتحري وتقاطع المعلومات والمعطيات. لكن التحدي الأقوى، من يمنع تأثيرات أي من الأخبار التي تنشرها أو تبثها أو تتداولها هذه الوسائل الذكية في جانبها السلبي أو العنفي، إذا ما كانت لها ارتدادات وتداعيات خطيرة؟ ونحن في زمن النقل المباشر (Live) والمشاهدات المباشرة، يقودنا هذا الواقع إلى صلب موضوعنا، دور وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب".

وعن الإرهاب ودور وسائل الإعلام في مواجهته قال: "يشكل الإرهاب التكفيري خطرا داهما يتهدد حضارات الشعوب، ويتربص بأمنها واستقرارها، ويدق إسفينا بين مكوناتها الطائفية والاجتماعية، إذ له مخاطره السلبية على الصعد السياسية والعسكرية والأمنية وغيرها. ولا تبدو أي دولة أو ساحة بمنأى عن مخاطره، إذ لم يعد مفهوم الحرب على الإرهاب يقتصر على مفهوم القتال الكلاسيكي الذي يعتمد على استخدام الأسلحة والذخائر والأعتدة والمعدات وغيرها، بل أصبحت التكنولوجيا الرقمية، أداة أخرى من أدوات الحرب، وباتت تشكل مجال قتال جديد، يضاف إلى المجالات البحرية والجوية والبرية والفضائية، لتصبح شبكة الإنترنت بمنزلة ساحة معركة حقيقية، يتم استخدامها من قبل الجميع".

أضاف: "لقد اكتسب الإرهاب حاليا، عناصر قوة إضافية وفرتها له تقنيات العولمة، ومكنته من التحول الى ظاهرة كونية، وهذا الأمر دفع الحكومات إلى اتباع طرق وأساليب أكثر تطورا لفهم الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة، التي تهدد الأمن القومي والسيادة الوطنية للدول".

وشدد على أن "مواجهة الإرهاب ليست شأنا منوطا بوسائل الإعلام والاتصال وحدها، إنه شأن عام وهم مشترك ورئيسي بين مكونات الأوطان والمجتمعات، من نظم سياسية وقدرات عسكرية وأمنية وإعلامية واقتصادية واجتماعية وتربوية وثقافية وقيم دينية وغيرها، تحتاج بداية إلى تعزيز الذات الوطنية والأخلاقية والحضارية لتمتين الانتماء وتحصينه، ومن ثم تأتي الأدوار اللاحقة. فالجانب الإعلامي بوسائله الرئيسة أو بوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، أساسي، والدليل على ذلك ما شهدناه في منطقتنا بعد تداعيات الحادي عشر من أيلول العام 2001 في نيويورك، سواء في طريقة تعامل الإعلام الأميركي مع هذا الحدث، حاجبا صور ضحايا الاعتداء، أو سواء ما نشاهده في منطقتنا العربية من أحداث دراماتيكية طالت بدمويتها العديد من دولها تنشر صورها الـ (Rushes) "الخام" عبر الفضاء الواسع وفي لحظة وقوع الحدث".
وتابع: "وإذا كان الدور الرئيسي للإعلام بوصفه رسالة، يتمحور حول تعزيز الانتماء والمعنويات، ونقل الواقع بحقيقته وكشف المزور وفضحه سواء من المنطلقات الأخلاقية، فإنه في مواجهة الإرهاب، مطلوب من وسائل الإعلام المزيد من الجهد على المستويين المادي (الإخباري) والنفسي، عبر خلق مناخات تحصن الرأي العام من محاولات ترهيبه، وتجعله قادرا وواثقا من مواجهة هذا الخطر، لا الانزلاق إلى لعبة الترويج غير المقصود للمنتجات الإعلامية التي تصدرها التنظيمات الإرهابية، مع ما تحمل من صور مروعة ومفجعة ومقززة عن جرائمها (كعمليات قتل وقطع رؤوس وأطراف وانتزاع قلوب إلى آخر منظومة الإجرام)، بغية زرع الرعب ونشر الخوف كوسيلة لتشكيل الجزء الأكبر من ربح المعركة".

وقال: "لا شك في أن واقع استخدام الإرهاب وسائل الإعلام المختلفة، خاصة شبكة الإنترنت، قد فرض تغيير طرق التفكير والوسائل والأساليب المتبعة في خطة المواجهة الرقمية ضد التنظيمات الإرهابية، بحيث تركز عمل الأجهزة الأمنية الحكومية، محليا وإقليميا ودوليا، على مراقبة القدرات الإلكترونية والرقمية للإرهاب، خصوصا نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواجهته عبر حملات وعمليات نفسية مضادة، ومن خلال إجراءات وتقنيات رقمية، تمنع إعلام هذا الإرهاب من الوصول إلى المجتمعات والأفراد والتأثير فيهم من جهة، وتعمل على تحصين عقول المواطنين وتوعيتهم وإعدادهم لمواجهة دائمة وحتمية ضد هذا الخطر من جهة أخرى".

وعن مواجهة الإرهاب في لبنان على المستويين الإعلامي والتوجيهي، دعا الى "ضرورة التزام جميع وسائل الإعلام، قانوني الإعلام المرئي والمسموع والمطبوعات، وسائر القوانين المرعية الإجراء، خصوصا لجهة مراعاة المصلحة الوطنية، وعدم الترويج لأعداء الوطن، عن قصد أو غير قصد، وجوب عدم قيام وسائل الإعلام بعرض أي مشاهد أو تقديم معلومات من شأنها التأثير في مهمات الجيش، لا سيما خلال العمليات القتالية، حث وسائل الإعلام على توخي الدقة في بث أو نشر أي معلومات ترتبط بالجيش أو بالحالة الأمنية العامة، والعودة إلى قيادة الجيش للتثبت من حقيقة هذه المعلومات، ضرورة مواكبة وسائل الإعلام معارك الجيش ضد الإرهاب بصورة إيجابية، وعدم إقدامها على بث مشاهد أو نشر صور لجرائم وفظاعات الإرهابيين، إعداد برامج توعية للمواطنين لاطلاعهم على أخطار الإرهاب، وحثهم على عدم الإصغاء إلى الشائعات المغرضة والملفقة التي تهدف إلى النيل من معنويات الجيش وإرباك الحالة الوطنية، وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية في البلاد وإطلاق برامج إعلامية توجيهية تتضمن مقابلات مع مفكرين وعلماء دين كبار لإظهار حقيقة التنظيمات الإرهابية".

ورأى أنه "قد يعتبر أصحاب الرأي المنادي بالموضوعية، أن نقل الصورة من على ضفتي المعركة (المجتمعات والدول المقاومة للإرهاب، والإرهاب نفسه)، هو من صلب العمل الإعلامي الاحترافي. هذا يصح لو أن الخطر غير متأت عن أعمال إرهابية لا هدف لها سوى تدمير الإنسان والمجتمعات والحضارات والرسالات. أما وأن الخطر لن يستثني أحدا، وأبرز تجلياته تدمير ما بنته البشرية من حضارات على مر العصور وما حملته الديانات السماوية، وجر الخليقة إلى أزمان التخلف الخارج من التاريخ، تصبح الموضوعية ومن خلال نقل تلك الصور، أقرب إلى الترويج للجريمة، وتتحول الوسيلة الإعلامية وكأنها في جانب معين عاملة من غير أن تدري لصالح الإرهاب، تخوض حربا نفسية عنه، حين تتحول وكأنها شريكة في عملية التدمير الممنهج والشامل، أو في تغليب الشر على الخير. لقد وعت الجماعات والتنظيمات الإرهابية أهمية الجانب الإعلامي في معركتها منذ البداية، فأتقنت استخدام وسائله، مستعينة بالمقتدرين على رسم الصورة الإعلامية التي تخدم أهدافها، فانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مختلف أوجه صور وفيديوهات المعارك، وكان أدلها تلك التي تنقل مشاهد "الانتصارات" والغزوات العنفية، ونجحت في نشر أفكارها وفي خلق بيئات مؤيدة لها في أماكن بعيدة عن نقاط منشئها، وفي إيقاظ مناخات شجعت أفرادا من بلدان ومجتمعات بعيدة للالتحاق بها (مهما اختلفت مادة الجذب كالجهاد في سبيل الله وملاقاة الحوريات في الجنة وغيرها...إلخ)، كما نجحت في إقامة التواصل بين مجموعاتها أينما وجدت، تتبادل في ما بينها المعلومات والتعليمات وتقوم بتنفيذ ما هو مطلوب من أعمال إرهابية. من هنا، فإن المسؤولية الإنسانية والوطنية لدى وسائل الإعلام الراغبة في نقل الحقائق، يجب أن تتقدم بشكل فاعل من خلال الطرق الفضلى في التعاطي مع الوقائع، بالشكل الذي يطوع الإنتاجات والمواد الإعلامية للإرهابيين، بما يخدم المعركة في مواجهتهم، لا بتشريع طريق الخوف أمام تسهيل جحافلهم الإجرامية، وذلك بموازاة رفع مستوى الإنتاجات الإعلامية التي تعزز صمود المجموعات المهددة، وتقوي في نفوسها القدرة على المواجهة والانتصار".

ولفت الى أنه "قد تكون إمكانات العديد من الوسائل الإعلامية المادية متواضعة إلى الحد الذي لا يساعدها على الاضطلاع بهذا الدور منفردة، وهذا في الغالب هو الواقع الذي نعيشه، فيصبح لزاما على القيمين على قيادة المواجهة ضد الإرهاب، اعتبار الجانب الإعلامي بأدواته المختلفة جزءا لا يتجزأ من المعركة، وبالتالي رصد ما يستلزم من إمكانات لمساعدتها على تخطي أزماتها للقيام بدورها في إطار المعركة العالمية المفتوحة ضد الإرهاب، وذلك باعتبار وسائل الإعلام جزءا من السيادة الوطنية والقومية، لا بوقا يتم تطويعه للتطبيل والتزمير، وإلا فقد دوره وبات مصيره أمام احتمالات ثلاث: أولا، الاستمرار في الدور المتفلت من معركة المصير، وثانيا اللجوء إلى تمويل من مصادر لا تعنيها مسلمات السيادة بقدر الجوانب الربحية في لعبة المشاهدة والريتنغ والمنافسات التجارية، وثالثا الإقفال وبالتالي الاحتجاب. ما يجدر بالقول إنه، وأيا تكن الطريقة التي سيتم اعتمادها في المسارات الإعلامية لمواجهة الإرهاب، سواء في الدول التي تتبع الإعلام الحر، أو تلك التي تتبع الإعلام الموجه، يفترض لحظ مساحة لعقل المتابع (المتلقي) في المواد التي يقدمها له، خصوصا مع الانفتاح على عالم الإعلام والمعرفة الواسع، فزمن التلقين لم يعد قادرا على تطويع الناس، والثورة العلمية والمعلوماتية والتكنولوجية قد تخطت المفاهيم البائدة، ودرجة الوعي والمعرفة أوسع بالتأكيد مما تقدمه بعض البرامج الإعلامية، نظرا إلى إمكانية الوصول السهلة والسريعة إلى أي معلومة أو حدث أو تحليل أو ابتكار، والرأي العام باتت صناعته متعذرة ببضاعة خارجة عن مفاهيم الحداثة، حتى أصبحنا اليوم أمام وقائع، وأمام رأي عام مؤيد وآخر معارض، تبعا لكل حدث وتبعا لكل ردة فعل".

وختم مشددا على أنه "يبقى لتعزيز الثقافة والانتماء الدور الأعمق والأبرز في مواجهة الإرهاب، وهو دور لا يمكن لوسائل الإعلام أن تستقيل منه".

مسلم
وقدم العقيد مسلم عرضا عن دور وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب فتحدث عن العلاقة بين الإرهاب والإعلام، وقال: "حتى الآن ليس هناك تعريف موحد للارهاب الا ان جميع التعريفات تضمنت العناصر التالية: أعمال عنف كبيرة وقاسية تطال مواطنين أبرياء بغض النظر عن العمر أو الجنس بهدف الضغط على السلطة لتحقيق هدف خاص للجماعات الإرهابية، استثنائية الجرائم الإرهابية في القوانين".

أضاف: "أما في ما يتعلق بالإعلام فهو الإظهار والإبلاغ عن حدث ما من خلال الصورة والكلمة أو أية وسيلة أخرى. وتقول مارغريت تاتشر الدعاية الإعلامية هي أوكسجين الإرهاب. ويقول الظواهري ان أكثر من نصف هذه المعركة هو في الساحة الإعلامية".

ثم تناول كيفية استغلال الإرهابيين لوسائل الإعلام، معتبرا "انهم يعلمون انه من دون التغطية الإعلامية يبقى تأثير الحدث لا أهمية له"، متطرقا الى جذب المؤسسات الإعلامية والى ان وسائل الإعلام تسعى الى رفع معدلات المشاهدة". معددا أهداف الإرهابيين وهي: الحصول على انتباه الجمهور، الحصول على الإعتراف بدوافع المنظمة الإرهابية خلف العمل الإرهابي، الحصول على احترام وتعاطف الداعمين والمؤيدين، والحصول على ما يشبه المكانة الشرعية".

ثم تحدث عن تقنيات الإرهابيين الإعلامية وهي: استعمال الإعلام ولا سيما الألكتروني بشكل مكثف حيث تعتبره داعش (جبهة أساسية موازية): إنشاء حاسبات وتطبيقات مختلفة، تستخدم أكثر من عشرين لغة، اسست أكثر من 36 مكتب إعلامي في عدة مناطق، مرتبطة مباشرة بمقر القيادة في الرقة، 1146 رسالة ترويجية مختلفة في الشهر، إنشاء مجلات وصفحات إعلامية الكترونية، معتبرا ان الإرهابيين يصممون أساليبا إعلامية متطورة غير اعتيادية ويستغلون كل الأحداث والمناسبات، والاستراتيجيات الإعلامية لا تحدث بالصدفة، ومصممة بعناية، فهم يصممون أحداث لها صدى أو هزة جماهيرية، والهجمات الأكبر تحصل عادة على انتباه اكبر. والهجمات الإرهابية تقدم ما تعشقه الوسائل الإعلامية المعاصرة كالدراما والإهتمامات الإنسانية".

أما عن المنافسة والسبق الصحافي، فقال: يقول توماس جيفرسون "عندما تكون الصحافة حرة، فإن الجميع في أمان". وتقول احدى الباحثات: "وسائل الإعلام تتم مكافأتها عن بث الإرهاب. فكل وسيلة ترغب في أن تكون الأولى في عرض الأحداث ومعدلات المشاهدة ترتبط مباشرة بدخل الإعلام. إعادة تدويرالصور الدموية، والأسباب الشخصية والسعي الى النجومية الإعلامية".

وتطرق الى دور الاعلام في مواجهة الإرهاب، متحدثا عن الإستراتيجية الإعلامية العربية لمكافة الإرهاب، ملخصا "دور الإعلام في مواجهة الإرهاب" برصد الأنشطة الإرهابية على الصعيدين المحلي والدولي ونشر المعلومات الصحيحة عن الإرهاب والعمل على توعية المواطنين، قياس اتجاهات الرأي العام نحو الجماعات الإرهابية واسلوب مواجهتها، نشر جهود المكافحة.

وتحدث عن تقنيات وسائل الإعلام في مكافحة الإرهاب ولخصها بالآتي: "التنسيق الأمني الإعلامي في مجال تبادل المعلومات، التصدي لوسائل الإعلام المضادة التي تفتح قنواتها، عدم نشر المواد لاعلامية الترويجية للارهابيين، حرمان الإرهابيين من حرية الوصول الى منافذ الوسائل الإعلامية عند بث المؤثرات الصوتية، تعزيز البرامج التي تظهر عنفية الشخضيات الإرهابية وماضيها الإجرامي، إيجاد آلية لتوحيد الرسالة الإعلامية، إجراء الأبحاث التي تبين المستوى العلمي والثقافي للارهابيين، إعداد وتنفيذ خطة تدريب اعلامي -أمني مشتركة، عدم نشر المشاهد والصور العنيفة ولا سيما صور الدماء والأشلاء، تفعيل دور الشرطة المجتمعية في مجال حث المواطنين على مناهضة الفكر الإرهابي والإبلاغ عن أي معلومات، تأمين تمويل برامج مختلفة حول مكافخحة الإرهاب".

وتناول كيفية مواجهة قوى الأمن الداخلي الإرهاب إعلاميا:
أ- في مجال تحصين المجتمع وتنمية الوعي الوطني والأمني لدى المواطن.
- برامج إعلامية: بالجرم المشهود- عاطل عن الحرية.
- مجلة: دراسات، فتى الأمن.
- الموقع الألكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي
- جمعيات ومنظمات المجتمع المدني
- تنظيم والمشاركة في: معارض ، محاضرات وندوات.
- مركز الشرطة النموذجي في فصيلة رأس بيروت يطبق مبادىء الشرطة المجتمعية.
- تظهير الحالة الجرمية في لبنان بصورة واقعية.

ثم تطرق الى الحملات الإعلانية الموجهة الى النازحين:
- تنظيم حملات إعلانية ترعوية موجهة الى النازحين السوريين من قبل الجهات المعنية في الدولة اللبنانية وبالتنسيق مع المنظمات الدولية.
- الهدف من هذه الحملات هو تبيان عدم العنصرية تجاه النازحين.
- تؤدي هذه الحملات الى إيضاح الواقع الحقيقي بغية خلق حالة تعاطف من قبلهم تجاه الشعب.
- تحول بذلك النازحين الى قوة مساعدة للدولة.

وأوضح أن "قوى الأمن الداخلي قامت بحملات توعية للحفاظ على سلامتهم ومنها:
- #تسبح -عخير
- حملة خحول الخطر من استعمال الفحم في التدفئة.
- تلقفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذه الحملة التوعوية.

ثم عرض لنشرة قامت بها هذه المنظمة بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي.

حنون
وكانت كلمة للعميد حنون قال فيها: "إن لوسائل الإعلام المختلفة، بما لها من وظيفة أساسية في نقل المعلومات والأخبار والآراء والتحليلات والتصريحات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأمنية والدينية دورا جوهريا بارزا في التكوين الثقافي والنفسي لأفراد المجتمع وفي التأثير على الرأي العام والجمهور وتوعيته. وقد تنامى هذا الدور في عصرنا الحالي مع التطور والإنتشار الواسع النطاق لوسائل الإعلام من صحافة مطبوعة وإلكترونية وراديو وتلفزيونات أرضية وفضائية ومواقع إلكترونية ووسائل تواصل إجتماعي مختلفة والتي أصبحت اليوم قادرة على نقل المعلومة ليس فقط إلى كل بيت بل وإلى كل هاتف خليوي حيثما كان وبصورة فورية".

أضاف: "وقد أدركت السلطات والأحزاب والتيارات والجمعيات السياسية وغير السياسية، سواء في المجتمعات الديمقراطية أو غير الديمقراطية، ومنذ زمن بعيد، أهمية دور وسائل الإعلام في تكوين الرأي العام ونشر الوعي الإجتماعي، وقد عملت، معتمدة على خبراء متخصصين في بعض الأحيان، على تسخير وسائل الإعلام من خلال بث البرامج والأخبار والدعاية السياسية وغير السياسية لتوجيه الرأي العام بما يخدم مصالحها وتوجهاتها أو لتحفيزه للتفكير في قضايا معينة وبلورة رأيه بمعارضة أو دعم هذه القضايا، سواء كانت هذه القضايا محلية أو دولية، واستثمار هذا الرأي في فرض توجهات معينة على المجتمع ككل أو منع توجهات أخرى".

وقال:" لوسائل الإعلام في تكوينها للرأي العام ثلاثة أدوار رئيسية:

- دور إيجابي يتمثل في نشر الوعي السياسي والإجتماعي والديني ونشر الثقافة والتربية والعلوم والحث على الفضائل وإزكاء روح المواطنة، وذلك من خلال بث الوقائع والمعلومات بصورة صحيحة وكاملة وضمن منهجية منطقية سليمة ومدروسة بحيث يقوم أفراد المجتمع بتكوين أراء وقناعات صحيحة وسليمة تخدم المصلحة الكلية للبيئة الوطنية.

- دور سلبي يتمثل في نقل معلومات وأخبار مجتزأة أو ناقصة ومحاولة فرض تحليلات غير سليمة والسعي لتغيير آراء الناس بما لا يخدم المصلحة الجماعية وإنما يخدم مصلحة فئة دون أخرى، أو قد يخدم في بعض الأحيان أجندات خارجية أو مآرب فئات شاذة عن جوهر المجتمع. وقد يحصل هذا التأثير بصورة غير متعمدة نتيجة ضعف خبرة الكادر الإعلامي أو سعيه نحو السبق الإعلامي دون إدراك لعواقب التسرع في نشر الخبر، وقد يكون هذا التأثير في بعض الأحيان متعمداً حيث تكون الوسائل الإعلامية فريسة التمويل الخارجي الذي يفقدها المفهوم الحقيقي للحرية الإعلامية ويجعلها أداة في يد الممولين.

- دور حيادي حيث يقتصر دور الوسائل الإعلامية على نقل آراء المواطنين ومخاوفهم ومشاكلهم وإستفساراتهم إلى الجهات المعنية، بهدف التقريب بين السلطات الأمنية والإدارية وبين المواطنين، وعرض الواقع الحقيقي المتكون أصلا لدى الرأي العام، دون أن تقوم الوسيلة الإعلامية بالتأثير المباشر على آراء هؤلاء المواطنين ودون أن تعمل على توجيهه".

وتابع: "إن لوسائل الإعلام، في تأديتها لدورها المذكور سالفا، سواء بصيغته الإيجابية أو السلبية أو الحيادية، تأثيرا مباشرا على الواقع الأمني في البلاد، فهي إذا قامت باحترام مشاعر المواطنين ونقل المعلومة إليهم بصيغة توجيهية تعمل على تحذير المواطنين من المخاطر وتبعدهم عن الإنجرار خلف الفئات الشاذة والمتطرفة والتخريبية وتوضح الدور الحقيقي لعمل الأجهزة الأمنية وتحث على إحترام تضحيات رجال الأمن وتعمل على نقل المخاوف والمعاناة الحقيقية للمواطن، فهي تنشر حالة من الطمأنينة والإلفة والتكافل الإجتماعي وتنمي الوعي الأمني. أما إذا عملت الوسيلة الإعلامية على نشر الأفكار الهدامة والحث على الفوضى والتمرد على السلطة العامة وتشويه دور الأجهزة الأمنية أو تحولت إلى بوق دعاية للفئات المتطرفة أو الشاذة فإنها تنشر الذعر والفوضى وعدم الإنضباط في صفوف المواطنين وتضعف الشعور الوطني وتؤثر سلبا على الأمن الوطني والقومي. وقد تنبهت المجتمعات الديمقراطية الى خطورة دور وسائل الاعلام في المجال الأمني، لذلك وضعت أسسا ومعايير لمزاولة مهنة الاعلام في زمن السلم، باعتبار ان الحرية التي تتمتع بها وسائل الاعلام حق للمجتمع وليست امتيازا للوسيلة الإعلامية، كما تفرض الدول الديمقراطية، على عكس ما يعتقد البعض، قيودا مشددة على وسائل الإعلام في أزمنة الحرب والأزمات والإضطرابات حيث تعتبر هذه الوسائل أحد أدوات الحرب المضادة في مواجهة الاعداء الخارجيين والداخليين على حد سواء. ومن هذا المنطلق بدأ يظهر تعاون حثيث بين الكثير من وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية والعسكرية بهدف نقل المعلومة الصحيحة والوقائع الحقيقية والدعاية الوطنية والأمنية البناءة".

وقال: "لأن تنامي الظاهرة الإرهابية في النصف الثاني من القرن العشرين وإستمرارها وتوسعها الكبير في زمننا الحالي، قد فرض واقعا إعلاميا جديدا على المستوى المحلي والدولي. إن المنظمات الإرهابية تحاول وباستمرار إستخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنت لخدمة أهدافها الدعائية وللترويج لأفكارها المتطرفة وإيهام الناس بقدراتها وإمكانياتها وتجنيد المؤيدين والداعمين لقضاياها ونقل تعليماتها لكوادرها، وكثيرا ما تنساق وسائل الإعلام إلى السبق الصحفي والنقل الفوري لوقائع العمليات الإرهابية والمقابلات الحصرية مع قيادات المنظمات الإرهابية، فتقع فريسة سهلة لمآرب هذه المنظمات وتتحول إلى بوق داعية مجاني للأفكار الهدامة وتصنع للقيادات والمنظمات الإرهابية شهرة وإنتشارا إعلاميا ما كان لها أن تحققه بقدراتها الذاتية، حيث تقوم قيادات المنظمات الإرهابية بتبرير وسائلها العنفية والدعاية لأهدافها والترويج لعملياتها ضمن إطار بطولي يسهل عملية إستقطاب المؤيدين وينشر الرعب والذعر في صفوف المواطنين ويضعف روح المقاومة لديهم".

أضاف: "إن أغلب وسائل الإعلام تتعاطى مع دور الأجهزة الأمنية في القيام بمهامها في مكافحة الإرهاب من منطلق السبق الصحفي أو الإعلامي، وأحيانا من منطلق النقد غير البناء وغير المستند إلى خبرة حقيقية في العمل الأمني، كما تعمد بعض وسائل الإعلام في كثير من الاحيان إلى بث بعض العمليات الأمنية خلال تنفيذها أو محاولة الدخول إلى مسرح الجريمة الإرهابية بكافة الطرق أو تعمد إلى بث معلومات منقوصة أو مجتزأة وغير مستقاة من مصادرها الصحيحة، ما يؤثر سلبا على مهام الأجهزة الأمنية وحسن سير التحقيقات ويعيق ملاحقة الأشخاص المتورطين ويخلق حالة من البلبلة والفتنة في صفوف المواطنين ويشوه وقائع التحقيق. إن الضمير المهني والمصداقية الإعلامية والحس الأمني والوطني يفرض على القيمين على وسائل الإعلام المختلفة إحترام حرمة مسرح الجريمة وتوخي الدقة عند بث الأخبار الأمنية وإنتظار صدور بيانات رسمية عن الجهات الامنية القائمة بالتنفيذ والتي يعود لها وللجهات القضائية المشرفة على التحقيق تقدير الوضع وتحديد التوقيت المناسب لنشر المعلومات المتعلقة بالمهام المنفذة في مجال مكافحة الإرهاب للتمكن من الوصول إلى الخواتيم المرجوة".

وقال: "إن مسؤولية مكافحة الإرهاب والجريمة والتطرف ليست محصورة بالأجهزة الأمنية، بل هي مسؤولية تضامنية إجتماعية، ومن هنا يبرز دور وسائل الإعلام في معالجة ومجابهة الظواهر الإرهابية والإجرامية والتوعية لخطورتها وفضح حقيقتها للعامة، ونشر روح الأخوة والإعتدال والتسامح بين مختلف شرائح المجتمع، وبث الشعور الوطني وخلق حالة من الوعي الديني والقومي والإجتماعي. ومن هنا لابد لكل وسيلة إعلامية أن تضع نصب أعينها تحقيق الأمور التالية:

- تأهيل الكدرات الإعلامية المكلَّفة بنقل الأخبار الأمنية والعسكرية والتعليق عليها بما يتلاءم مع المفهوم الحديث للإعلام الحربي والأمني الذي يحترم خصوصية هذا النوع من الإعلام ويتقيد بضوابطه ويقدِّر عواقبه.

- إستقاء المعلومات الصحيحة من مصادرها، أي من الأجهزة الأمنية نفسها، وليس من أفواه المواطنين الذين قد لا يكونون في كثير من الأحيان على إطِّلاع على الحقائق أو قد يحاول بعضهم نقل تصوّراته الخاصة خدمة لمآرب شخصية.

- التركيز على نقل واقع العمل الإرهابي ونتائجه السلبية على المجتمع وعدم التحول لبوق دعاية للمنظمات الإرهابية، وعدم تضخيم الأحداث وبثّ الشائعات والوقائع غير الصحيحة وعدم السعي إلى إثارة الذعر في صفوف المواطنين.

- عدم السعي لبث مقابلات مباشرة أو غير مباشرة مع القيادات الإرهابية حتى لا تتحول الوسيلة الإعلامية إلى أبواق إعلامية لهذه المنظمات.

- التخفيف قدر الإمكان من المشاهد الدموية والعنيفة التي يتم نقلها إحتراماً لمشاعر الناس ولمبادئ حقوق الإنسان وحتى لا تؤثر هذه المشاهد سلباً على الوعي الإجتماعي وتشكل عامل إثارة غير مبرر.

- الإستعانة بخبراء في مجال العمل الأمني والعسكري والتواصل مع الجهات المعنية في الأجهزة الأمنية والعسكرية بهدف نقل صورة سليمة عن دور هذه الأجهزة في مكافحة الإرهاب وخدمة المواطنين.

- تحفيز المواطنين للتعاون مع الأجهزة الأمنية والإلتزام بتوجيهاتها والإبتعاد عن مسرح الجريمة والإبلاغ الفوري عن أي مشبوهين أو متورطين.

- بث الدعاية المضادة للظاهرة الإرهابية والتحذير منها وكشف حقيقتها وتوعية المواطنين لمخاطر ما تنشره وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنت من أفكار ترويجية أو معلومات مغلوطة او إشاعات قد ينساق وراءها بعض الناشئة أو ضعاف النفوس أو قد تؤثر سلباً على المجتمع وتثير مخاوف غير حقيقية في صفوف المواطنين.

- تنمية الوعي الديني والأخلاقي والثقافي لدى الجماهير وبث روح المواطنة بهدف مكافحة الدعوات الإرهابية وذلك من خلال إعداد البرامج الدينية والتثقيفية والأمنية بالتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية.
- التركيز على دور المرأة في توعية المجتمع وخصوصا الأسرة والطفل على حقيقة ومخاطر الظاهرة الإرهابية".

وتابع: "إن للتوعية الأمنية والدينية والإجتماعية، خصوصا لدى وسائل الإعلام المحلية، دورا أساسيا في مكافحة الفكر الإرهابي والتحذير منه، وإن التنسيق بين الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام من خلال إعداد برامج موجهة وبث مقاطع دعائية، تهدف إلى التقريب بين المواطن ورجل الأمن، يساهم بصورة جدية في رفع روح المواطنة وترسيخ الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين ويدفعهم إلى التقرب من رجال الأمن ومساعدتهم في مهامهم ماديا ومعنويا، بحيث يمكن بسهولة تطبيق مبدأ " كل مواطن خفير".

وختم:"إن المديرية العامة للأمن العام، وعملا بتوجيهات حضرة المدير العام اللواء عباس إبراهيم، سعت وتسعى بإستمرار للتعاون مع جميع وسائل الإعلام في شتى المجالات لما فيه المصلحة الأمنية والإجتماعية، وهي تتجاوب ضمن الحدود المسموح بها مع إستفسارات الإعلاميين، وتعمد بصورة فورية إلى بث البيانات المتعلقة بالإنجازات الأمنية والقضايا الإدارية، كما أنها قامت بتأسيس مجلة الأمن العام لتفعيل نقل صورة المؤسسة ومهامها وإنجازاتها إلى كافة المواطنين".

عبود

وألقى عبود مداخلة قال فيها: "عندما نقول كلمة اعلام تتبادر الى ذهننا فورا كلمة الرأي العام. فالترابط بين هاتين الكلمتين وثيق ودائم، وثمة علاقة جدلية قائمة بينهما، ولعل هذا ما يميز الاعلام كفن عن فنون أخرى لها دورها في تاريخ الانسانية. فثمة انشطة بشرية تنطبق عليها نظرية الفن للفن، لكن الاعلام لا يندرج البتة في هذا الاطار. انه فن يهدف الى التوجه الى ناس محددين في الزمان والمكان والظروف ليحمل اليهم رسالة واضحة، او حتى رسائل واضحة تتعلق بحياتهم اليومية، وبحاضرهم ومستقبلهم. من هنا قولنا ان الاعلان يصنع الرأي العام وهو قول صحيح وينطبق على الحقيقة والواقع".

أضاف: "واللافت ان هذا المفهوم يتطور مع الزمن، مع تطور الوسائل التي يستخدمها الاعلام لإيصال رسائله الى الرأي العام. ففي الماضي كان الاعلام إما يدعو ويحرض على امر ما، واما يغطيه ويصفه بعد حصوله. اما اليوم، فالاعلام يشارك في كل حدث مشاركة حية فاعلة. الاعلام بهذا المعنى اصبح على علاقة تفاعلية مباشرة مع الناس، مع الجمهور، لا بل صار يصنع الحدث بعدما كان يحرض عليه او ينقله الى الناس بعد حصوله. هذا الامر اختبره العالم مرات عدة من خلال النقل التلفزيوني المباشر لاحداث معينة، وهو نقل تحول من مجرد نقل تلفزيوني مشهدي بصري الى مشاركة تفاعلية في صناعة الحدث من خلال حض الرأي العام على مناصرة فكرة او قضية او اشخاص معينين".

وتابع: "في لبنان نحن اختبرنا هذا الامر في محطات عدة، سواء كان للاختبار طابعه السياسي او طابعه الاجتماعي - الانمائي، يكفي هنا ان أتوقف عند مناصرة الاعلام منذ عام ونصف العام للحراك الشعبي الهادف الى ايجاد حل لقضية النفايات. الاعلام ساهم آنذاك في بلورة الحراك الشعبي، لا بل ساهم في ولادة تجمعات شعبية وحركات وجمعيات، اخذت انطلاقتها الاولى من مشاركة الاعلام في صنعها. من هنا فإن الاعلام الحديث بوسائله التكنولوجية المتطورة، لم يعد يكتفي بصناعة الرأي العام، بل صار هو من يصنع الحدث بشكل او بآخر".

وسأل في ظل هذا الواقع الاعلامي الجديد - القديم، اين نحن من قضية الارهاب، بل كيف يمكن الاعلام ان يساهم في مواجهة الارهاب؟ وقال: "بادئ ذي بدء يجب أن نقول ان الارهاب ليس وجهة نظر، ليس قضية سياسية تحتمل المع والضد، ليس مسألة اقتصادية تحتمل مؤيدين ومعارضين وبين بين. الإرهاب قضية انسانية جامعة، عابرة للحدود والأوطان، عابرة للأديان والطوائف والمذاهب، وعابرة ايضا للأعراق والألوان والأجناس، من هنا ينبغي أن تكون هناك في أي بلد، حتى لا أقول في أي منطقة من مناطق العالم، وحتى لا أقول في العالم اجمع، سياسة إعلامية واحدة بين وسائل الإعلام في ما يتعلق بالأمن القومي، وبالإرهاب، الرؤية على هذا الصعيد لا ينبغي أن تكون وجهة نظر، بل واحدة وواضحة لا تحتمل أي مجال من مجالات التفسير والتأويل".

وقال:"يقود هذا الأمر وسائل الإعلام الى عدم التعامل مع الأخبار المتعلقة بالإرهاب، بحياد وبرودة. ففي كل حدث إرهابي، نحن لسنا أمام سبق إعلامي، نحن أمام اعتداء على شعب وعلى دولة، اعتداء غير منطقي وغير مبرر، لأنه يستهدف أبرياء، العمل الإرهابي جريمة موصوفة، وبالتالي لا يجب فتح صفحات الجرائد والهواء لتقديم تحليلات وتبريرات تخدم الإرهابيين بحجة حرية الرأي والتعبير. ومع بعض التوسع يجب عدم ايلاء اهتمام كبير لأنشطة وتظاهرات المناصرين للجماعات الارهابية وعدم تسليط الأضواء عليها. فللارهابيين آباء وامهات واخوة واخوات، وهؤلاء يتعاطفون معهم بشكل أو بآخر، وقد يعتبرون أن أقاربهم هم ضحية العدالة إذا طالت مدة سجنهم، أو طال التحقيق معهم. ولنا في هذا المجال أمثلة حية في لبنان. المطلوب من وسائل الاعلام في هذه الحالة الا تولي اهتماما كبيرا لما يقوم به أقارب الارهابيين حتى لا تصبح جريمة الارهابيين مبررة وحتى لا يتحولوا من مجرمين الى ضحايا".

وتابع: "من جهة أخرى على الاعلام ان يلقي الأضواء الكاشفة على أمر مهم يتعلق بما تلحقه الاعمال الارهابية من أضرار على المجتمع والدولة. الارهاب لا يستهدف الأرواح فقط، بل يضرب بنية الدولة ويهدد اقتصادها. وعليه فإن ضرر الارهابيين لا يتركز على الناس والمواطنين الذين يستهدفهم فحسب، بل يشمل كل المجتمع وكل الوطن، هذا ما يجب أن تركز عليه وسائل الإعلام، بحيث تتحول قضية القضاء على الارهاب من قضية عامة، في المطلق، الى قضية شخصية ذاتية، لكل مواطن، لانها فعلا لا قولا تستهدف كل مواطن. وفي هذا الإطار يجب أن يعتمد الإعلام على قصص انسانية لجذب تعاطف المواطنين مع أجهزة الدولة في مواجهة الإرهاب، كذلك ينبغي تبني برامج إعلامية تهدف الى تنمية الحس الوطني وتعزيز روح المواطنة، وينبغي أيضا التصدي لما يطرح عبر بعض الإعلام المضاد من مغالطات وافكار مغرضة، هدفها الأول والأخير التأثير على الشباب سلبا ـ فالشبان كمخزون ثوري، هم الهدف الأول للاستقطاب لدى الإرهاب والإرهابيين، ويجب أن يقوم الإعلام بدوره مع الشباب ويمنع ان يتحول هؤلاء فريسة سهلة للاستقطاب من قبل الإرهابيين".

وقال: كل هذه المبادىء التي ذكرناها لم تحقق اهدافها إلا إذا رفدناها بمعطى مهم جدا يتعلق بالتثقيف الديني الحقيقي، فمعظم الإرهابيين اليوم يتوسلون الدين الإسلامي لتبرير افعالهم. من هنا على وسائل الإعلام أن تمارس دورا تنويريا على صعيد الدين. فالدين لا يحلل القتل، والدين لا يبيح العنف، والدين لا يمكن أن يبشر بالإرهاب، لذا لا يجب إعداد برامج باللغات المختلفة للتعريف بالإسلام الحقيقي، وللايضاح بطريقة لا لبس فيها ان الأرهاب ليس من الإسلام في شيء. كل هذه الأهداف التي رسمناها لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تدريب الإعلاميين السياسيين والإجتماعيين (المسؤولون عن الأخبار وعن البرامج السياسية والإجتماعية والعاملون فيها) على التعامل مع قضايا الإرهاب والأمن القومي انطلاقا من معايير واضحة ووفق روح مهنية عالية".

وختم: "وبعد، كل ما تقدم يختصر بعبارة واحدة: فلنعط الأمل للمواطنين، نحن أبناء الحقيقة، فلنزرع حب الحقيقة عند من نتوجه اليهم في عملنا الإعلامي، وعندها ثقوا اننا سننتصر على الارهاب والإرهابيين، لأن غريزة الحياة عند الناس هي الغريزة الطبيعية لديهم، فإذا خيرناهم بين ثقافة الموت وثقافة الحياة فهم حتما سيختارون ثقافة الحياة، فلنحب الحقيقة كما تستحق أن تحب، بل لنكن حديرين بحمل رسالة الحقيقة، فنعزز عند قرائنا ومشاهدينا حب الحياة".

  • شارك الخبر