hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

الجلسة الثانية من مؤتمر الاعلام ناشر الحضارات: تأكيد على دوره بتعزيز دور الأديان

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 14:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتواصل جلسات المؤتمر الدولي ل "الوكالة الوطنية للاعلام" بعنوان "الاعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار". فقد ترأس الجلسة الثانية بعنوان "دور الاعلام في تعزيز دور الأديان" رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر وأدارها الأمين العام لاتحاد وكالات الأنباء العربية فريد أيار، وتحدث فيها مدير وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" محمد خدادي، والمدير العام ل "نور سات وتيلي لوميار" جاك كلاسي. مطر وقال المطران مطر: "في هذا المؤتمر العام الذي تقيمه مشكورة وزارة الإعلام في لبنان، والذي نحيي جميع المشاركين فيه تنظيما وفكرا، يدور كلام المؤتمرين حول: "الإعلام ناشر الحضارات وهمزة الوصل للحوار" وفيما أشكر بخاصة سعادة مديرة الوكالة الوطنية للإعلام السيدة المصون لور سليمان التي وجهت إلي باسم صاحب المعالي وزير الإعلام الأستاذ ملحم الرياشي المحترم دعوة للمشاركة في أعمال هذا المؤتمر، أرى من الضروري للاجابة على السؤال الذي طرح علي للمعالجة، وهو بعنوان: "دور الإعلام في تعزيز حوار الأديان"، أن أعود إلى أول تصريح قام به معاليه بعد أن تسلم وزارة الإعلام بالذات، حيث قال بما فاجأ به الجميع مفاجأة كلية: "أتمنى أن أكون آخر وزير إعلام في بلدي لبنان". أضاف:"إن تصريحا بهذه القوة وبهذا الحجم لا بد وأن ينطوي على حقائق أساسية تمس دور الإعلام وتطال الفلسفة التي تكمن وراء هذا العمل لتجعل منه عملا قيما ومبررا أو لتعتبره عملا منقوص الدور والقيمة في آن معا. فالإعلام، بما هو نقل خبر أو معلومة أيا كانت، من مصدر إلى مصب، أو من نقطة انطلاق إلى نقطة وصول، يصبح خطرا على الناس إذا كان المصدر المذكور وزارة تدير الإعلام الأحادي في دولة دكتاتورية الفكر والمنحى وتنقل إلى رعاياها وإلى العالم إعلاما رسميا لا يسمح لسواه أن يكون له أثر أو حتى وجود. ففي مثل هذه الحال وأمام مثل هذه الشروط لا يريد معالي الوزير الرياشي أن يكون وزيرا للاعلام كما يرغب في أن لا توجد مثل هذه الوزارة في وطن الحرية الإعلامية وكرامة الإنسان مثل وطنه لبنان. ويكمل معاليه تصريحه الشهير بقوله "إني أفضل لهذه الوزارة في لبنان أن تكون قيمة على التواصل بين الناس ليكون الإعلام بينهم نقل أفكار من ضفة إلى ضفة ومن جماعة لجماعة والعكس بالعكس حتى تتكون الحقيقة أمام الجميع وبفضل عمل الجميع، ويصبح الإعلام فعل حضارة وتقدم للمجتمع برمته". وأنا إذ سمعت هذا التصريح شخصيا ودهشت لفعله وقوته ذكرت حالا وبصفتي رئيسا للجنة الكاثوليكية لوسائل الإعلام في لبنان أن المجلس الفاتيكاني لمثل هذا العمل قد دعي منذ زمن بعيد، "المجلس الحبري لوسائل التواصل الاجتماعي"، مسقطا كلمة الإعلام حتى من عنوانه الرسمي. وإذا كانت الكتب تقرأ من عناوينها فإن عنوان المجلس الحبري للتواصل الاجتماعي يعبر من دون شك عن حقيقة الدور الإعلامي في العالم، على أنها فعل تواصل بين الناس يبغى منه تبادل الحضارات بين الشعوب وتعاون القيمين على مثل هذا التواصل في سبيل خلق عالم إنسانيٍ جدير بتطلعات البشر نحو سحر الحياة ونحو السلام الخلاق الذي تريده السماء هدية منها ومكافأة للساعين إليه والعاملين من أجله في كل الأرض". وتابع: "لذلك يكرس قداسة البابا فرنسيس في رسالتيه الأخيرتين للعام 2015 وللعام 2016 دورين أساسيين للإعلام وللاعلاميين في العالم، وهما على التوالي: نقل الخبر الصحيح والمجرد عن التضليل والهوى، وهذا أمر بديهي لكل مؤمن بالأخلاقية الإعلامية، ومن ثم العمل المشترك أو الاشتراك في العمل من أجل بناء السلام وحضارة الإنسان والإنسانية. فمن هذا التكريس البابوي الأخير نستقي الحقيقة الشاملة للرسالة الإعلامية وهي الإسهام من قبل الإعلاميين جميعا في صنع حضارة السلام وحضارة التلاقي بين جميع البشر. ولاقتناعنا بمثل هذا المنحى، يجدر أن نميز بين ما هو معروف بإعلام الحرب وبين ما يجب أن يكون دور الإعلام تحت ألوية الصلح والسلام. فالحرب تشن ليربح خصم أو عدو ضد خصمه أو عدوه وهو لذلك يعتمد الغش والخداع والتضليل ونصب الحيل لإيقاع الآخر في هاوية الخسارة الكبرى. أما معركة السلام فهي معركة لا تتوخى سلما للوصول إلى مبتغاها سوى سلم الحقيقة والمصالحة والمحبة والخير وفهم الآخر والحوار معه حتى الوصول إلى نقاط التفاهم المنقذة للجميع. وهنا نصل إلى ختام هذه المقدمة المستفيضة بقولنا أن هناك إعلامان في الكون، واحد لا يستحق أن يكون إعلاما والآخر يستحق. وهما إعلام العداوة والاستعباد، وإعلام السلام والأخوة والتضامن في البناء. وبين هذين الإعلامين خيارنا وخياركم واضح حتما. وقد سبق وأعلنه مؤتمركم الكريم بقوله في عنوان الدعوة إليه: "إنه إعلام نشر الحضارات وهمزة الوصل للحوار". فنعم المنحى ونعم المقصد السليم". وقال: "هنا نصل إلى موضوعنا الخاص والمحدد لهذه الجلسة وهو يتعلق بدور الإعلام في تعزيز حوار الأديان. إنه موضوع جلل. لا بل إنه موضوع الساعة في شرق بات اليوم أحوج ما يكون إلى النجاح في إقامة حوار الأديان فيه ليعرف له ولشعوبه سبيلا إلى الخلاص مما يتخبط فيه من مآس ويغرق فيه من دماء ودموع؟ ومن أجل ذلك نتطلع بأمل ورجاء كبيرين إلى الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها قداسة البابا فرنسيس إلى القاهرة في نيسان القادم ليواصل الحوار الذي بدأه قداسته مع سماحة إمام الأزهر الشريف الشيخ أحمد الطيب بصفته مرجعا عالميا للاسلام بدون منازع. وإذ نتمنى لهذه الزيارة البابوية كل النجاح، يطيب لنا أن نحيي المنحى الاعتدالي الذي سلكه ويسلكه سماحة الشيخ الطيب في مواجهة التطرف الذي يقع فيه بعض الإسلاميين، من الداعشيين وسواهم، والذي يعتبره شيخ الأزهر لا خروجا على الإسلام فحسب بل عصيانا عليه في حقيقته الأساس". أضاف: "فماذا يكون دور الإعلام، على سبيل المثال، في مواكبة هذا الحوار الإسلامي - المسيحي بالذات؟ الإجابة على هذا السؤال تصب مباشرة في موضوع بحثنا هذا. لكن هذه الإجابة تقتضي أولا عرض الشروط الجوهرية التي تساعد على إقامة أي حوارٍ دينيٍ وعلى النجاح في إقامته وقطف الثمار الطيبة المرجوة منه. فنعود إلى بدايات الحوار بين الأديان ولا سيما بين المسيحية والإسلام في الزمن الحديث وبخاصة على إثر عقد المجمع الفاتيكاني الثاني الذي اختتم في العام 1965. لقد أطلق هذا المجمع تعليما جاء فيه مدح صريح للقيم التي يتضمنها الإسلام من مثل عبادة الله والصلاة له والإيمان بالثواب والعقاب واحترام الرب يسوع كنبيٍ ولو كان لا يقبل بنوته الإلهية. ثم صدر نداء من المجمع موجه إلى المسيحيين والمسلمين معا يدعو فيه إلى تنقية الذاكرة من أخطاء الماضي والنظر معا إلى الأمام من أجل اكتشاف متبادل للقيم المسيحية والإسلامية معا، وذلك بغية إقامة السلام بين أبناء الديانتين الكبيرتين، وعلى مستوى العالم بأسره. من هذه الوقائع نستنتج أن الإعلام الذي يريد أن يخدم حوار الأديان يفرض على أصحابه أن يدخلوا في مثل هذه الأجواء الإيجابية وأن يخلعوا عنهم كل تعصب وكل فكر أحاديٍ مطلق. نحن نستطيع ولنا الحق أن نؤمن بأن المسيح هو التجلي الكامل للألوهة في حياة البشر، لكننا نؤمن أيضا بأن الله يظهر نفسه في التاريخ عبر الطبيعة وعبر الثقافات وعبر الأديان حيث المؤمنون يبحثون عنه بصدق في مطويات نفوسهم. فجميع البشر مخلوقون على صورة الله ومثاله وليست هذه الصورة حكرا للمسيحيين دون سواهم. وبذات المعنى نقر ونعترف بأننا نحن للمسيح وليس المسيح لنا وكأنه ملك مسجل لصالحنا كما يسجل بناء أو حتى فكر أو حضارة. فالمسيح يخص المسلمين واليهود أيضا كما يخص البوذيين والهندوسيين في الشرق الأقصى كما سائر أهل الأديان القديمة في أفريقيا وسواها من قارات الأرض". وقال:"هذا هو الشرط الأول المفروض لكي يخدم الإعلام حوار الأديان، وهو أن ينفتح الإعلامي على قيم الآخر وأن يقبل بأن يرى حقيقة أو وجها للحقيقة عند غيره من الناس. أما الشرط الثاني لنجاح دور الإعلام في خدمة الحوار الديني فهو شرط معرفة الآخر معرفة أوثق وتخطي الأفكار المسبقة التي لا بد من أن يقع فيها الناس لقلة التواصل فيما بينهم ولقلة المعرفة الوثقى. هنا نحيي كل جهد قام ويقوم به المتحاورون لكي نسمع الإسلام يحدث عن ذاته والمسيحية عن ذاتها بكل حرية ولكي يعرف الناس حقيقة الناس كما يعرفها أصحابها بالتمام. فننوه هنا بعمل أكاديميٍ يجري في لبنان حيث يتحدث مسلم عن إسلامه أمام الحاضرين ومسيحي عن مسيحيته دون أن يدور في بادئ الأمر أي حوار بين المشاركين، بل يفسح في المجال ليفكر كل واحد من الحضور على حدة في ما سمع ليتسنى فهم الأمور بروية قبل العودة إلى النقاش الذي سيأتي دوره فيما بعد لا محالة. وليكن معلوما هنا أن المطلوب ليس أن آتي بالمسلم إلى إيماني ولا أن يأتي المسلم بالمسيحي إلى إيمانه. فالإيمان حر وهو من الله. والكنيسة كرست في هذا الموضوع الحرية الدينية وكذلك فالإسلام يجاهر بأن لا إكراه في الدين. فالمطلوب من الحوار هو أن نتوصل إلى احترام أهل الأديان بعضهم لبعض وإلى احترام خصوصيات كلٍ منهم. فالإيمان هو لله وحده. أما الحياة فهي مشتركة بين الجميع، في همومها ومواجهة مشاكلها كافة. لهذا رأينا في الإسلام تمييزا جوهريا في أمور الدين بين العبادات والمعاملات. فالعبادات هي لله وحده وهي حرة لا دخل لأحدٍ مع أحدٍ فيها. أما المعاملات فهي مجال المساواة بين الجميع وهذا ما يساعد على بناء الدول المدنية التي تستقي في العالم من قيم الدين وتحترم الأديان كلها وتؤمن للناس عدالة لا تمييز فيها بين مسيحيٍ ومسلمٍ ولا مع أي صاحب دين آخر". أضاف:"إن هذا الجهد الفكري والمعرفي مطلوب من الإعلامي لكي يواكب عملية الحوار ويساعد على نجاحها. وهو أيضا يحمل إلى المتحاورين نبض الناس وحاجتهم إلى التفاهم بين أهل الأديان من أجل إعلاء رايات السلام في العالم. هناك أيضا مجال ثالث لعمل الإعلاميين في خدمة الحوار بين الأديان. إنه مجال نشر تعاليم الحوار وثماره، وإدخال هذه التعاليم ونقل هذه الثمار إلى أكبر شريحة من المجتمعات. هذا ما يعرف في الكنيسة الكاثوليكية بتقبل الناس للرسالة الدينية التي تصل إليهم. فلا يكفي أن يجتمع أساقفة العالم في روما وأن ينشروا نتيجة مجمعهم، بلْ المطلوب أن تصل النتيجة إلى القلوب والعقول من الناس. وهذا ما لا يتم إلا بالعمل المضني من قبل رسل الكلمة بلوغا إلى الغاية، وباتخاذ الوسائل الحديثة لنقل هذه التعاليم، فإننا نعني بها الوسائل المسموعة والبصرية كلها كما الوسائل الرقمية الحديثة التي صارت تصل إلى الناس أكثر من أية وسيلة أخرى وبما لا قياس معها إلى حد بعيد. ناهيك بالعمل المطلوب لشرح الأمور وتسهيل تناقل الأفكار والتعاطي مع العقليات الخاصة وصولا للولوج إليها عبر حاجاتها الكثيرة والمتنوعة. إنها حقا رسالة قائمة بحد ذاتها يمارسها المعلمون في مدارسهم والصحافيون أيضا في مجالات عملهم الأوسع". وقال:" من المؤسف جدا أن نطلق في الكنيسة وسواها تعاليم قيمة دون أن تصل إلى الناس. وهذا أمر يعرفه أهل الحوار إذ تبقى ثمار أعمالهم محصورة ضمن مساحات ضيقة دون أن تعطى فرصة للولوج إلى العالم الفسيح. الإعلام إذن بحاجة إلى الحوار كما الحوار إلى الإعلام ليتم التواصل بين الناس على شكلٍ يؤمن اكتمال المعرفة وتقوية فرصها ضمن مساحة العقل. يبقى الشرط الأخير المطلوب في خدمة الحوار وتعزيزه، وهو مطلوب من الإعلاميين بخاصة كما هو مطلوب أيضا من سواهم. إنه شرط الرجاء بالمستقبل، وشرط الالتزام بما نؤمن به على الرغم من المعوقات التي يفاجئ بها التاريخ في تقلبات غير متوقعة. فنذكر على سبيل المثال مقدمة الكاتب الأميركي هانتغتون الذي ينادي بحتمية صراع الحضارات وبخاصة بين المسيحية والإسلام ونجيب عليه في الوقت ذاته بأن هذه المقولة هي من صنعه هو وليست من صنع المستقبل الذي لا يخصه بل يخص الله وملكوته. نحن نؤمن بالخير وبالتلاقي وبالحوار وسيلة إلى تغليب المحبة وتفضيل التلاقي على الافتراق وعلى العداوة التي لا طائل تحتها. فإن أهل الإعلام هم أيضا من المؤمنين بهذا الخير ومن الساعين إلى تعميمه في القلوب وفي الربوع. هذا الأمر لن يرفض شرعية التحليل ولا التوقعات السلبية كنتيجة لأعمال سلبية قائمة، لكن الفكر الذي يقود الإنسان إلى الخير هو الفكر القائل بأن التاريخ ليس قدرا أعمى ولا قوة خارجة عن الإنسان بل هو ثمرة فكره وعمله فرديا وجماعيا. فمن الأحقية بمكان أن نفضل أناسا يصنعون المستقبل على أناس يتقوقعونه ليس إلا. لكننا نقر في الوقت عينه بأن العالم بات اليوم بحاجة إلى رجال وإلى نساء يعرفون الكبر ويقدمون القيم بالأولوية على الماديات. فمثل هؤلاء هم أنبياء الحاضر وبناة المستقبل. ونحن بحاجة إلى أهل قممٍ في سعة عقولهم وقلوبهم وإلى أهل أودية سحيقة في تواضعهم العميق. ولقد قال الأب ميشال الحايك حول هذا الموضوع: "أن الوادي ليس إلا جبلا مقلوبا". وختم: "في الختام لا بد من القول بأن أهل الإعلام هم على جبهات الحياة يتخذون مواقع متقدمة في معركة الحقيقة والمحبة، ونحن وإياهم في مجال الحوار الديني وتقارب الناس فيما بينهم متحدون بالرجاء، ولسنا وحدنا في خضم هذا الدور. بل هناك يد الله التي تمسكنا كما تمسك التاريخ وتجترح الأعجوبة المتمثلة على الدوام بتغليب الرجاء على اليأس والقيامة على كل أنواع الموت". خدادي وألقى خدادي كلمة قال فيها: "بداية، أود أن أعرب عن امتناني للوكالة الوطنية للإعلام في لبنان لتنظيمها هذا المؤتمر، وأعتذر عن عدم تمكني من الحضور لأن هذا اليوم يوافق اليوم الأول من رأس السنة الإيرانية، النوروز". أضاف: "في ما يتعلق بموضوع الجلسة، أعتقد أن الناس يبذلون اليوم جهودا مضنية من أجل تطوير علاقاتهم والتخفيف من وحدتهم. هم يطبقون المعرفة وينفذون التكنولوجيا لتحقيق هذه الغاية. السبب هو أن الناس يؤمنون أن العلاقات الوثيقة تساعدهم على تحقيق تطور أسرع وحياة أفضل. هذه النظريات مثل "إنشاء القرية العالمية" و"إزالة الحدود" و"توحيد العملات" متجذره في هذا الإعتقاد. غير أن العلاقات تتحسن بوتيرة أسرع، إن كانت مبنية على أساس المعلومات الصحيحة. ولكن،عندما تكون هذه الروابط قائمة على معلومات خاطئة، يواجه الناس مشاكل كبيرة على صعيد تفاعلاتهم". ورأى أنه "يمكن لعوامل عدة أن تؤثر على نوعية العلاقات بين الأشخاص الذين يتمتعون بمعتقدات مختلفة، ومن أهمها المعتقدات الدينية. فتنظيم الدولة الإسلامية يعود في جذوره إلى التطرف الديني، وهو مفهوم خاطئ يخدم مصالح أعداء الإسلام - مفهوم يشوه الصورة الحقيقية للإسلام التي تقوم على الرحمة والمحبة. اليوم، لا يعدم تنظيم الدولة الإسلامية الناس لمجرد قتلهم بل لخلق صورة عنيفة عن الإسلام". وأسف لان "الإعلام ينشر في بعض الأحيان تقارير حول هذه الأعمال الوحشية بشكل مطرد، ويتجاهل مسؤوليته المهنية لتجنب خدمة حاجات هؤلاء الذين يسعون إلى تغذية العنف والكراهية". وقال: "لذلك، نحن نعترف بـ"الدين" وبـ"الحاجة إلى بناء علاقات في ما بين الأشخاص" كحقائق مؤثرة في مجتمعاتنا. قد يؤدي الإعلام دور "جسر المعلومات" لإيجاد ونشر أرضية مشتركة بين الأشخاص الذين يتمتعون بمعتقدات مختلفة. وتعمل كل الأديان السماوية على تعزيز ثلاثة أهداف مشتركة على الأقل وهي: الإيمان بالإله الواحد، التعايش السلمي والرجاء". أضاف: "لا شك في أن كل الأديان تعارض الفقر والتمييز، فيما تدعم العدالة. فالهندوس والمسلمون تعايشوا في الهند على أساس هذه الأرضية المشتركة. وعاش أهل الشيعة والسنة معا بسلام لقرون في باكستان وإيران وغيرها من الدول، نظرا لأنه من دور الإعلام العمل على جمع المعلومات ومعالجتها ونشرها، يطرح السؤال التالي: "هل قامت وسائل الإعلام بعمل جدير بالإعجاب؟". وتابع: "إضافة إلى ذلك، لماذا تشكل الأخبار السيئة أخبارا عاجلة؟ وهل يدرك الإعلام وجود الأرضيات المشتركة بين الأشخاص الذين يتمتعون بمعتقدات مختلفة؟ ما هي نسبة منتجاتنا الجديدة التي تعزز السلام وما هي نسبة تلك التي تغذي الكراهية؟ كم من التقارير تكتب لخدمة مصالح الناس وكم منها تكتب لخدمة مصلحة الحكومات؟ ما هي نسبة وسائل الإعلام التي تسعى إلى تفضيل العدالة والسلام على الموارد المالية؟" وأكد على أنه "من الواضح أننا نحن، أهل الإعلام، نحتاج إلى مراجعة مقارباتنا وسياساتنا. فالنمط الحالي الذي يسلط الضوء على الأخبار السيئة سيتغير يوما ما، إنما كلما كان التغيير أسرع كان ذلك أفضل، إذ إن وجود الإعلام مهدد بالشبكات الإجتماعية. في الواقع، تشكل الأخبار الجيدة غالبية القصص على الشبكات الإجتماعية وهذا ما يظهر النمط السائد بين الأشخاص. فالناس يؤيدون السلام. تتوافق عملية تعزيز السلام مع مسؤولياتنا المهنية. وأنا آمل أن يساهم هذا المؤتمر في تعزيز التعايش وتنمية التعاطف بين الناس حول العالم وبشكل خاص بين المسلمين". وختم متمنيا "أن نستضيفكم أيها الضيوف الكرام في إيران وأن نناقش هذه المسألة الأساسية في المستقبل.إن ساعدتم الله فسيساعدكم ويجعلكم تصمدون". كلاسي وكانت كلمة لمدير عام تيلي لوميار جاك الكلاسي قال فيها: "مرافقتي للاعلام على مدار 27 سنة مع كل ايجابياتها ، اظهرت لي: ان كل هذه الاكتشافات الحديثة ، وتطور تقنيات الاعلام والسرعة بنشر المعلومة، بات يرافقه تدهور مهول ومريع بالمصداقية وبالمضمون. فيض المعلومات الذي يصلنا بساعة كان يصل الى اجدادنا على مدار سنة كاملة . هذا الفيض من المعلومات، هو كالسيل الجارف، لم يعد يترك لنا الخيار في الاختيار، او انتقاء المعلومة، او وقت للتفكير والتحليل، او التأكد من مصداقية الخبر. وللأسف بات هم وسائل الاعلام كسب اعداد المشاهدين والقراء ، والتهافت على اسبقية الخبر دون التدقيق في مصدره ومصداقيته او التركيز على حقيقة حدوثه بالفعل".


وأضاف:" صحيح ان هناك ستة آلاف سنة بشرية على كوكب الارض ،والحروب والصراعات لا زالت قائمة ولكن يومها لم يكن هناك اعلام بمفهوم اليوم وكان تناقل الأخبار محدودا، ولكن الحروب على الأقل كانت تتوقف بين الحين والآخر.ولكن من مئة سنة الى اليوم مع اكتشاف الراديو عام 1920(1912 )، والتلفزيون عام 1925، ومن بعدها الثورة الالكترونية في عصرنا الحديث والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الإجتماعي ، لم تتوقف الحروب.حربان عالميتان في القرن الماضي ما عدا الحروب الصغيرة المتفرقة هنا وهناك .اكثر من 50 حرب قائمة اليوم في العالم ". وتابع: "بدأت هذه الحروب تتخذ أشكالا جديدة، فبالإضافة الى ادوات الحرب الفعلية من مدافع وصواريخ وقنابل ومختلف انواع الأسلحة ، هناك حروب اخرى بأدوات واساليب جديدة. حروب ضد المفاهيم التي تربينا عليها من قيم وثقافة ، ولم يعد سهل ايقاف ذلك الضخ الهائل من الأخبار والأفكار ، والسيل من المعلومات مع الانترنيت الذي يستعمله 3,5 مليار انسان ،اي ما يعادل نصف سكان الأرض. اتساءل ما هي فائدة بعض وسائل الإعلام من التركيز على السلبيات والصورالمتشائمة السوداوية، التي لا تتحدث الا عن المآسي والمجازر والإرهاب ، وعن صور العدو الشبح القابعة في ذاكرتنا التاريخية المشحونة بصور العنف". وقال: "لا استطيع الفهم كيف ان ابن السبعين والسبع سنوات يتابعون الخبر ذاته ، ويرون اقوى المشاهد؟ على اي قيم تتربى أجيالنا، تحت شعار وستار الحرية بات كل شيئ مباح.العنف الكلامي مباح.السجال التجريحي مباح، الكلام التحريضي مباح، المشهد الإباحي مباح. هذا التفلت الاخلاقي في الإعلام يزيد على مصائبنا مصائبا، ويقودنا الى الكارثة .وهذا ما يجعل شبابنا يهرب الى البدع والشعوذة والسحر والتنجيم والسهر المفرط والسكر والمخدرات ،هربا من واقع اصبحوا أضعف من أن يواجهوه.الإعلام ليس نقل معلومة بل هو رسالة. المعلومة شيء ( information) والرسالة شيئ آخر( Message) دور الاعلام هو أن يثقف وينشئ informer et former.دور الاعلام هو نقل الحقيقة وحفظ كرامة الانسان. على الأجيال الجديدة ان تعرف أن الشر موجود ولكنه خطأ وهو صغير ونسبي امام الخير الموجود في الدنيا. ليس صدفة أن يكون لتيلي لوميار 11 فضائية تتحدث عن الخير ، لأن الخير موجود وبوفرة، فغنى الفكر والثقافة والفنون الموجود اليوم في مجتمعاتنا يفتش عن مكان ليتفجر منه قيما وجمالا. ليست صحيحة مقولة "المشاهد عايز كده" لتبرير السطحية في البرامج وتسخيفها". وأضاف: "لو كان هذا صحيحا ما كان لتيلي لوميار ونورسات 20 مليون مشاهد يفتشون عن الحقيقة . البطولة ليست بأسبقية الخبر على حساب كرامة الناس وتحطيمهم وتشويه صورتهم، والقوة ليست بطشا يكسر رقابهم ويدوس على كراماتهم . البطولة والقوة هي ان تنحني على من سقطوا كي ترفعهم من جديد فيقفون موفوري الكرامة. تحت ستار الجرأة نقول ما يقال وما لايقال، فكم من الكلام خرب حياة الناس وادى الى قتلهم.الاشاعة تقتل اكثر من المتفجرة. وصايا الله العشرة تربينا عليها في مدارسنا و كنائسنا وصايا عمرها 3729 سنة لا تسرق لا تقتل لا تكذب لا تشهد بالزور. للأسف البعض يفكر ان وصية لا تقتل هي وصية خاصة بالمجرمين و القتلة و لا علاقة له بها، و ينسى ان كلام التشهير و الإهانة والكلام الموجع الذي يسبب الحزن والالم و يحطم الآخر و يجعلة يشعر انه لا شيء و غير صالح لشيء ،هذا فعل قتل و سيحاسب عليه في الآخرة كقاتل حقيقي". وتابع:"في عالم اصبحت فيها وسائل الإعلام في خدمة الموت، وبات الإعلام فيه مدرسة للتجريح والتحريض والفضائح وقلة الأدب والكذب، ما احوجنا اليوم لإعلاميين شرفاء. كل إعلامي شريف يليق به لقب امير، وإذا زرع في محطته او برنامجه او اذاعته او مجلته او جريدته او على موقعه كلمة محبة تأكدوا اننا سوف نحصد السلام .نحن بحاجة لإعلام يفكر صح و ينقل صح. نحن بحاجة لإعلام لا يتلاعب بعقول الناس و لا يسمم ارواحهم. نحن بحاجة الى إعلام يساعدهم على التميز بين الخير والشر . نحن بحاجة الى إعلام يظهر الآخر المختلف عنا بالديانة واللون، والعرق انه هو ايضا خليقة الله وأخا لنا في الإنسانية. نحن بحاجة الى إعلام يمد الجسور مع الآخر. نحن بحاجة الى إعلام لا يصب الزيت على النار .نحن بحاجة الى إعلام يزرع الفرح على وجوه الناس. نحن بحاجة الى إعلام ديني ملتزم معتدل لا يجرح بالآخر". وقال:"من المتوقع خلال ال 25 سنة القادمة ان يصبح عدد سكان الارض 10 مليارات نسمة لن يكون كل هؤلاء مسيحيين او مسلمين او يهود. اليوم نتناول الحوار بين الاديان، في حين ان عدد الديانات في العالم يتجاوز ال 4200 ديانة منتشرة في جميع انحاء الارض، كل هؤلاء اناس مخلوقة على صورة الله و مثاله، ولا يقول احد اننا الاكثرية و هؤلاء اقلية، فهل القلب اقلية في الصدر او الدماغ اقلية في الراس؟ ام العين اقلية في الوجه؟ فإن هذا من الاكثرية او ذاك من الاقلية قد ساهما في تطور البشرية و تقدم العلوم والإختراعات واكتشاف الادوية واشياء آخرى. نحن بحاجة اليوم ان نربي اجيالا قادرة على العيش مع بعضها البعض وان تعرف ان الطريق الى الله تمر بالآخر المختلف. فمن ليس قادرا على العيش مع من يختلف معه في الدين، لن يكون قادرا ان يعيش مع من هو مختلف عنه بالرأي. في كل دياناتنا و كتبنا نعلم ان الله فضل الإنسان على كل مخلوقاته و سخر له كل ما في السماء و الارض. فالله هو رب العالمين المؤمنين منهم وغير المؤمنين". أضاف:"من هذا المؤتمر نطالب الوزارات و المرجعيات المختصة بإدراج وسائل الإعلام وتقنياتها في المناهج التربوية و في مختلف المراحل الدراسية ، فابناؤنا يستحقون منا ان نبدأ بتنظيم هذه الفوضى الإعلامية، فيربى جيل قادر على الإختيار ، قادر على التميز بين الخير و الشر، مؤمن ان الاديان هي و سيلة لنشر السلام، مدرك ان العيش معا ممكن و ان العيش المشترك هو مستقبل الشرق والغرب". وختم:"اكتفي بالقول ان تيلي لوميار و نورسات استطاعت ان تجمع المسيحيين و غير المسيحين من حولها وان تكون مقبولة من المسلمين قبل المسيحيين كي نقول ان للاعلام دورا كبيرا بتعزير حوار الاديان. وأنهي بالقول "ويل لوطن اعلامه يقيم قلة الأدب مكان الأدب".
 

  • شارك الخبر