hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

المؤتمر الدولي للوكالة الوطنية: تشديد على دور الاعلام في تعزيز حوار الحضارات

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 14:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يواصل مؤتمر "الوكالة الوطنية للاعلام" "الاعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار" أعماله، وكانت الجلسة الاولى بعنوان "دور الاعلام في تعزيز حوار الحضارات"، التي ترأستها ممثلة الامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ، أدارها مدير "وكالة الانباء البحرينية" مهند سليمان النعيمي، وتحدث فيها كل مدير "اذاعة لبنان" محمد ابراهيم ممثلا المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، ومدير وكالة الانباء الايطالية "أنسا" جيوسيبي سيربون، والامين العام للجنة الحوار المسيحي - الاسلامي الامير حارث شهاب. كاغ في مستهل الجلسة تحدثت كاغ فشكرت وزير الإعلام ملحم رياشي لرعايته المؤتمر، وقالت: "لقد أثبتت السيدة سليمان ريادة وروح مبادرة كما كل نساء الإعلام في لبنان، ونحن نعرف ان النساء عندما ينجحن في الإعلام يستطعن النجاح في السياسة عندما تأتيهن الفرصة المناسبة". أضافت: "أتى هذا المؤتمر في وقت مناسب، لبنان كان دائما يلعب دورا رياديا في الإعلام، ونحن نرحب بمبادرة وزير الإعلام بتحويل الوزارة الى وزارة تواصل وحوار، وجعل لبنان بلد رسالة كما كان الحال في السابق، فلبنان هو رسالة للتسامح وللتعايش وللحوار. نحن نعيش في عصر التغير والتكنولوجيا التي تؤثر أيضا على الإعلام، مما يقدم فرصا ولكن أيضا تحديات. فالإعلام كان دائما منظما بطريقة تقليدية، وكنا معتادين على الإعلام المكتوب، أما الآن فتأقلمنا مع الإعلام الرقمي عبر وسائل التواصل التي فيها مجالات واسعة في التأثير على المجتمع وعلى تصرفاته وعلى سلم القيم فيه. من المهم اليوم اكثر من أي وقت مضى أن يكون الإعلام جسرا لبناء مجتمع متكامل". ورأت انه "في زمن التغيير السريع، كثرت المخاطر بخاصة لناحية الإرهاب وجذب الأجيال الصاعدة للارهاب، وليس هناك أهم من نشر القيم والتصرفات السليمة من أجل بناء جدار واق لبلداننا من اجل مستقبل أفضل". وختمت: "ان دور الإعلام في بناء الجسور في المجتمعات هو من أهم المواضيع، وخصوصا اننا نعيش اليوم في قرية كونية والكل يتطلع الى ما يجري خلال ثوان، لذلك يمكن للاعلام المساعدة على محاربة سوء الفهم ومحاربة الفكر الآحادي والعنصرية. يلعب الإعلام دورا كبيرا في التعبير عن الحقيقة وما هو كوني، الكرامة الإنسانية والحقوق وحق الوصول والمساواة"، معتبرة أن "كل من يريد أن يكون في مجال الإعلام يجب أن يؤمن بعالم أفضل. من يدخل مجال الإعلام يكون له رسالة أو فكرة يريد من خلالها ان يساهم في المجتمع وفي العالم، هنا الدور المهم للأخلاقية ونقل الأخبار بدقة ونقل الأخبار المبنية على وقائع، ومن خلال ذلك محاربة الأخبار المزيفة والتخفيف من التوترات، والتركيز على اهمية التفتيش عن الحقائق والتحاليل الموثوقة مما يفتح مجالا للناس ليحكموا على الأمور بشكل موضوعي". فلحة وألقى ابراهيم كلمة الدكتور فلحة فقال: "انه لمن دواعي سروري وغبطتي ان أتيحت لي هذه الفرصة متكلما في حضرة هذه القامات الاعلامية التي أجل وأحترم". وقال: "إن الاعلام فن من فنون نشر المعرفة والوعي أداته الكلمة ووسيلته المرئي والمسموع والمكتوب، وقد اصبحت هذه الوسيلة في جيب كل منا، هذا هو تعريفي للاعلام على عجالة، وانا لا أدعي هذا الاختصاص، ولكنني أزعم أنني اكتسبت شيئا من المعرفة في هذا المجال بالتجربة والخبرة في ميادين العمل خارج نطاق اختصاصي الاساسي في الآداب والعلوم الانسانية، لذا أراني حييا في حضرتكم اذا ما حاولت إطلاق نظريات ومفاهيم تتصل بعنوان هذا المؤتمر: الاعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار. على أي حال، أنا وعلى قدر مساحة تأثيري، من الداعين الى الحوار ومن العاملين فيه، التواقين الى تثميره واستمراره على مستوى جغرافية وجود الانسان أنى استقر، او رحل فحل، فثقافة قبول الآخر دعوة سامية تبنتها الاديان وضعيها وسماويها، وحضنتها النظم والقوانين الحديثة وأن بعض الدول ألغت قوانينها الفروقات، وراكمت مجتمعاتها العلوم والمعرفة والحضارة فها هي شعوب أوروبا وكندا وأميركا اللاتينية قبل حكوماتها تستقبل شتى الاعراق والاثنيات والاديان لتنصهر في مجتمعاتها، مثلما كان الشرق العربي يستقبل قديما أعراقا مختلفة وحتى قبل 70 عاما حين استقبل عشرات الآلاف من الاوروبيين المهاجرين جراء الحرب والدمار والقتل، على عكس ما نرى اليوم في منطقتنا، وللاسف، من البعض الذين لا يقبلون اي آخر مختلف، متحولين الى حواضن منغلقة على ذاتها خارجة عن السياق التاريخي لمنطقتنا وعن السياق الحتمي لتطور الشعوب وانفتاحها مولدة نماذج ارهابية تكفيرية، ولعل ما تسعون اليه اليوم، من جعل الاعلام صخرة وصل لتعميم ثقافة الحوار ونشر الحضارات الانسانية، لعله يكون مساهمة فاعلة في تحويل هذا الانغلاق الذي لا يزال محدودا الى مساحات رحبة تتفتح على الاخر المختلف، وتحتضنه فيتماهى في المجتمع". وأضاف:" ان هذا المؤتمر وأي مؤتمر آخر تحت هذا العنوان السامي، سيعمق التواصل والحوار وتبادل التجارب ونشر المعرفة والعلوم لما فيه خير الانسان. أوليس ما قدمته الام تريزا من إفناء عمرها في خدمة الاخر المختلف، همزة وصل للحوار ونشرا لثقافة وحضارة معينة؟ ألم يكن ما اكتشفه باستور (لانقاذ حياة الملايين خدمة لكل انسان مشابه او مختلف) همزة وصل حواري وتواصلا حضاريا، ما زالت البشرية وستبقى الى الابد تجني ثمار اكتشافاته الطبية ؟ وهل ابن خلدون عندما كتب "مقدمة" كتبها للعرب ام لكل البشر؟ ألم يكن عمله خدمة للانسان وهمزة وصل حضارية وثقافية؟". وتابع: " النماذج الانسانية العظيمة والتي كانت همزة وصل بين الشعوب والامم كثيرة وعلى مر العصور. المهم في يومنا هذا تعزيز الاعلام لنشر كل ما هو حق وعادل، ليؤدي رسالته في نشر الحضارات وليكون همزة وصل للحوار وليحول انسان الكراهية اليوم الى إنسان المحبة والسلام، اليوم وغدا. وبالاعلام نعزز حقيقة ان انسان الارض، منذ غابر العصور وعلى مدى الاتي من المستقبل غير المنظور وغير المعروف، ولد ، وسيولد، دون اختيار منه اين يولد وممن وعلى اي دين. انه ابن بيئته مرغما، لذلك كلنا نظراء متساوون في الخلق، لا يشرف واحد منا على آخر الا بما يقدم للانسانية ولاننا كلنا متساوون فنتسابق في خدمة بعضنا تحت مظلة المحبة والسلام والغفران تحدونا ثقافة الحوار والتواصل الانساني". وختم: "اخيرا، أتوجه بالتحية الى القائمين على هذا المؤتمر ولا سيما مديرة الوكالة للاعلام السيدة لور سليمان، كما أوجه التحية الى راعي هذا المؤتمر معالي الوزير الاستاذ ملحم رياشي الذي عزف على وتر قناعتي ومنيتي حال تسلمه وزارة الاعلام داعيا الى انشاء وزارة الحوار والتواصل. وفي هذا السياق فلنرفع شعار: "حاورني، أخاك تجدني". سيربون وتحدثت سيربون عن "معنى الحضارة التي هي عبارة عن نظام مجتمعي يتميز بالزراعة وأنواع مختلفة من العيش وأنظمة اقتصادية وثقافية". وقالت: "في السابق كنا نركز على الجانب المادي من الحضارة التي تعارض البربرية"، عارضة "لانتشار الحضارة سابقا من خلال التجارة، أما اليوم فهي تنتشر من خلال التكنولوجيا والإتصالات"، سائلة "هل يمكننا اليوم الحديث عن العديد من الحضارات أو عن حضارة واحدة وهي العولمة". أضافت: "اليوم وفي ظل وجود أكثر من حضارة، نحن بحاجة للحوار وللغة مشتركة ولمعرفة كيفية التواصل مع الآخرين، ولمعرفة ثقافة الآخر وتاريخه، وذلك من اجل بناء حوار فعال حقيقي". واعتبرت ان "قول الحقيقة أمر مهم، وهذا ما ذكره وزير الإعلام في وقت سابق، والإعلام يستخدم الأدوات نفسها لاجل نشر الحضارات وهناك دور رئيسي للاعلام للوصول الى أكبر عدد من الناس من خلال خلق حس مشترك، ولذلك فنحن بحاجة الى منظمة إعلامية وإدارة تحريرية ناجحة وإلى شبكات قوية والى تكنولوجيا حديثة لمعرفة السوق ومعرفة احتياجات العملاء الى نماذج تجارية ناجحة والى تنويع منتجاتنا وتنويع العمل على وسائل التواصل". وختمت سائلة "هل يمكن أن نعتبر ان مجتمعاتنا مجتمعات حضارية"؟. شهاب أما شهاب فألقى مداخلة قال فيها: "من الملاحظ أن دور الإعلام يستمر بالتعاظم في هذه المرحلة بعد أن فرضه واقع التواصل بين البشر، وحب الإطلاع والفضول الذي توسعت دائرته وتعزز بعد اكتشافات الوسائل الحديثة لنقل المعلومات. لقد بتنا اليوم أمام نشأة قارات جديدة فرضها هذا الواقع، وعلينا التعامل معها. إن الحضارات معنية بهذا التحول فلم تعد مكونات العالم معزولة عن بعضها البعض، بل كلها صار مفتوحا على كلها في قرية كونية واحدة. ولا يعني ذلك القضاء على الخصوصية، بل تعزيزا لها، لأنه صار بإمكانها أن تبرز ذاتها بكل أبعادها ، من دون أن يتمكن أحد من طمسها أو التنكر لها. إن التواصل ليس قضية اجتماعية وحسب، بل هو قضية إنسانية ضاربة في عمق حقيقة الإنسان ، الذي لا يحيا حقا إلا من خلال التلاقي، لأن إنسانيته تناديه إلى ما هو إنساني كما عبر عنه الفيلسوف والكاتب الروماني تِرنسTerence في القرن الثاني قبل الميلاد في صرخته الشهيرة Homo sum معبرا عن تواصل وتضامن البشر: "أنا انسان، ولا يمكن لكل ما هو إنساني أن يكون غريبا عني" "Je suis homme, et rien de ce qui est humain ne m'est étranger". أضاف: "هذه الحقيقة هي أيضا في أصل دور الإعلام ،الذي نشأ بقصد التواصل القيام بدور الوسيط حيث تعذر التواصل المباشر، حتى بات يشكل ضرورة لا غنى عنها لتنظيم تعقيدات مجتمعاتنا الحديثة ، فتزداد أهميته مع غياب سلطة المعايير المبدئية ، وفي حقبة اطلق عليها أمين معلوف اسم حقبة "خلل العالم"، في كتابه (Le dérèglement du Monde ,2010). لذا فالإعلام هو في آن فن شريف، أو أداة خطرة تشكل رابطا تواصليا، قد يساهم في تماسك المجتمع كما في تفككه، وذلك بقدر قربه أو ابتعاده عن الفكرة الإنسانية ومطلب الحقيقة، مع نقطة فاصلة بين الإعلام كفن شريف، وبين الإعلام كأداة مسخرة لمصالح فئوية وإن كانت قلة تعتبرانه في خدمة البشر والتفاهم في ما بينهم، وهو خاضع لمعايير أخلاقية مبدئية ثابتة لتوجيه العمل من أجل الخير العام. وشتان بين الأمرين. وتابع: "إن تقيد الإعلام بمطلب الحقيقة واحترام الحرية الإنسانية يساهم في خلق الرأي الصواب عند متابعيه، فيخدم الغاية من التواصل الإنساني، وهو الإنتصار على بلبلة الألسن لبلوغ الفهم المتبادل. إن الإعلام شريك في بث "المسؤولية" في المجتمع. من خلال عرض الحقيقة التي تساعد المتلقي على التمييز الفعلي فيمكنه أن يعيش في شركة حقيقية مع الآخرين، ويكون أيضا قد بلغ حقيقته كسلطة رابعة في المجتمع. إن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر السهل نظرا لوقوع الإعلام تحت تأثير مغريات كثيرة تعزز صورة سودوية عن العالم، في مقابل إهمال نواح أخرى أكثر بناء لحياة المجتمع وفيها خدمة لنمو التواصل الإنساني السليم. هذا ما نلاحظه مثلا في تقصير الإعلام في مواكبة حوار الحضارات. وهو حوار إذا ما أشيع وانتشر وتعزز سوف يقدم منافع جلل للعالم، في زمن ينظر الى الحروب أنها وليدة صراع حضارات لم تنجح في بناء عيشها المشترك. هذه الحروب أطلق عليها البابا فرنسيس إسم الحرب العالمية الثالثة المجزأة. وبما أن الحضارات في الأصل تمتلك هوية آتية في الغالب من أُسس دينية، تبدو هذه الحرب اليوم أنها حرب بين أديان، حيث يقف الإعلام بصورة عامة موقفاً حذرا لا بل سلبيا من الدين، مهملا الدور الإيجابي لعودته الى الواجهة، حيث لا يزال يشكل مكونا أساسيا من مكونات الهوية الإنسانية. ليته يقترب من موقف البابا بندكتس الذي نادى بالحياد الإيجابي في علاقة الدين بالشأن العام. فالمسلمون والمسيحيون الذين يشكلون نصف سكان الكرة الأرضية، قادرون أن يكونوا قوة فاعلة داعمة للسلام. الفارق هذا يحدده خيار الإعلام في التعاطي مع هذه الحقيقة. فالإعلام الذي يقرب العالم من بعضه ، يمكنه أن يعزز التواصل بين الأديان أو أن يؤجج الصراعات الدينية. وهذا ما ينعكس على الواقع إذ حيث نرى كثيرا من الدجالين المفتنين الذين يعتلون المنابر، وهم لا يكتفون بنقل التشويهات الدينية التي نشأت في غياب رقابة مرجعية وتحت ستار الحرية المطلقة، موفرين الجو لخطاب متطرف يحرض على الإقصاء والعنف بما لا يمت للدين بصلة، بينما واجب الحرية أن تسير مع الحقيقة يدا بيد". وأضاف: "هذا مكمن الداء في العالم العربي، إذ نجد أحيانا إعلاما يفتقر للمعرفة الدينية، مما يفضي إلى ضرر كبير بحوار الحضارات. وهناك إعلام يقدم نفسه أنه مختص بأمور الدين، لكنه يؤثر ميلا متطرفا يصبغ الدين بطابع يبعده عن أصله وجوهره". وقال: "هذا ما نواجهه نحن المهتمين بالحوار الإسلامي - المسيحي، بحيث نجد أنفسنا في الكثير من الأحيان معزولين عن التأثير على صعيد الواقع، إذ أن مساعي لجان الحوار لا تتلاقى في الكثير من الأوقات مع أجندات الإعلام. والنجاح الذي تلاقيه مؤتمرات الحوار، لم تجد بعد في الكثير من الأوقات ترددات واضحة على أرض الإعلام كما كنا نتوقع، لا بل هي ويا للأسف تشهد في بعض الأحيان حركة تسير في اتجاه معاكس. التحذير من الخطر موجود ولا شك، أما الإضاءة فخافتة أو حتى معدومة". ورأى أن "منطقنا تمر في مخاض عسير إذ تدور في شأن مستقبلها أسئلة كثيرة تتعلق بالجغرافيا والديموغرافيا وحدود وأنظمة الحكم فيها، وفي الوقت عينه تبشر التطورات التي تحدث في أوروبا بأن الدول هناك أيضا تدخل مرحلة مخاض حضاري كبير، تعبر عنه الخضات الأمنية الحاصلة. هذه الحال على الصعيد المحلي والدولي تحتاج لأصوات جريئة مغايرة، تخرق الصورة النمطية التي بدأت بالتشكل. ولبنان مؤهل أكثر من غيره ليكون هذا الصوت، بما أنه أثبت أن لا مجال فيه لإسلاموفوبيا أو كريستيانوفوبيا أو ما شابه، إذ استطاع على الرغم من كل التحديات والصعوبات أن يبرهن أنه نشأ كعطية المسيحي للمسلم وعطية المسلم للمسيحي". وقال: "لقد ثابرنا في لبنان على اعتماد الحوار لمواجهة الأمواج العاتية لصراع الحضارات، وللحؤول دون تمكينها من أن تأكل الأخضر واليابس، وسنظل على تشبثنا بالحوار طريقا وحيدا إذا كنا نريد عالما متناغما وأكثر إنسانية. فالمسيحيون والمسلمون الذين ينشدون القيم الإنسانية المطلقة، هم اليوم مطالبون بالتخلي عن الأحكام المسبقة والأفكار النمطية، من أجل الإنخراط معا وبقوة في نضال مشترك يساندهم فيه الإعلام الواعي لرسالته، يهدف إلى نبذ العنف وإحترام الحياة والعدالة، وتعزيز حقوق الإنسان، وحماية الخلق، ورعاية من هم الأكثر حرمانا. علبنا ألا ننسى أن حوار المسيحيين في الشرق هو حوار مع إخوتنا المسلمين قبل كل شيء، وخبرة الكنائس الشرقية يجب أن توظف لتَكون جسر عبور في الحوار الجاري بين الشرق والغرب، نظرا لتجذر هذه الكنائس في إنتمائها العربي الأصيل، ومن صناع تاريخها ، وهي ترغب في المساهمة في حل المشكلات التي تعترض مجتمعاتها الباحثة عن مستقبلها بعد تراجع التوجهات العربية الوحدوية، وتراجع الحداثة أمام المد الأُصولي". أضاف: "إن المطلوب من مسيحيي لبنان بشكل خاص، أن يكونوا عناصر متقدمة في بلورة فكرة جديدة للعروبة ترتكز على الحداثة والتطور، وقد سبق لهم أن كانوا رواد عملية النهضة، كما عليهم خلق ديناميكية عمل جديد مع المسلمين في مواضيع أساسية مختلفة كدور الروحانية تجاه المادية، ووقفة الضمير المسيحي والضمير الإسلامي في محاربة الإرهاب كما في مواجهة تحديات التنمية، وفي الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي تحديد مفهوم المواطنة والهوية". وتابع: "نداؤنا إلى الإعلام هو للضغط من أجل التخلي عن البرامج التي تؤثر السجالات والتي تؤجج صراع الحضارات وتؤسس للحقد والكراهية والعنصرية، فتكون وسائله أدوات تساهم في تقريب وجهات النظر وفي نهضة الإنسانية بعيدا عن التشكيك بقوة المحبة في تحقيق أي إنجازات في خدمة الإنسان، فلا ننس أنه خلق ليحب ويحب. هذا لا يتحقق طبعا، إلا إذا ساهم الإعلام بإبراز المساعي الرامية إلى تفعيل الحوار، وتزويد الرأي العام بمواد إعلامية تقوم مثلا على الشهادات الحية عن نجاحات الحوار، لأن الإنسان المعاصر يتأثر بالشهود أكثر من المعلمين، والمستقبل لا يقوم على توازن القوى وحسب، بل مستندا إلى الحقيقة، والحقيقة في ما يخصنا في حوار الحضارات، هي أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين هي قضية محورية أساسية لتركيز السلام العالمي ، ولبنان حامل لها من أجل مستقبل مشرق. ولنا في هذا المجال ملاحظة تطال إعلامنا في العالم العربي، فإذا كان الغرب لا يعير إهتماما كبيرا لمسألة الدين لأنه سبق له أن فصل بين الدين والدولة، وبالتالي فحرية الرأي لا تفكر بضوابط لها، فإن الوضع يختلف في المجتمعات الشرقية حيث الدين له موقع ثقل قوي في المجتمعات والشعور الديني قوي، ولا بد من توفيق بين فكرة مراعاة خصوصية الدين وحرية التعبير". وختم: "هذه الأفكار أراها تأسيسية في دور الإعلام في حوار الحضارات. فالعالم على رغم ظاهرة التباعد والتشظي الذي نشهد عليه، يعرف تيارا قويا من المدافعين عن وحدته، لكن هذا التيار في الغالب لا يحظى بموقع له في مجال التواصل. والإعلام بطبيعته التي تحدثنا عنها من كبار المساهمين في هذه الوحدة، إذا ظل أمينا لدعوته الأصيلة، والأمل بذلك كبير. لكن للأسف يبقى قول المتنبي في الكثير من الأحيان حقيقة دامغة، نذكَر بها كي لا نلدغ :"كلما أنبت الزمان قناة، ركب المرء في القناة سنانا". إنما نحن أبناء رجاء، فتفاءلوا بالخير تجدوه".
 

  • شارك الخبر