hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

الحركة الثقافية في أنطلياس كرمت أنيس مسلم

الأحد ١٥ آذار ٢٠١٧ - 14:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كرمت الحركة الثقافية - أنطلياس الدكتور أنيس مسلم ضمن برنامج تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي، في إطار المهرجان اللبناني للكتاب - السنة ال36 - دورة منير أبو دبس، في مقر الحركة - دير مار الياس أنطلياس - مسرح الأخوين رحباني، في حضور عدد كبير من الفاعليات الثقافية، الأدبية، الأكاديمية، العلمية، السياسية، الروحية، الإعلامية والإجتماعية.

بداية، رحب مدير الإحتفال هيكل درغام بالحضور "في رحاب الحركة الثقافية - انطلياس في هذه القاعة قاعة مسرح الاخوين رحباني لنتحلق جميعا حول علم الثقافة الصديق الدكتور أنيس مسلم وسيادة المطران جورج إسكندر. هامتان ثقافيتان مفعمتان بالقيم الثقافية والإنسانية والأخلاقية والروحية، عملا في خدمة العطاء الثقافي الجيد والابداع الحضاري والإنساني".

أضاف: "في هذا الملتقى لكل التيارات والمكونات اللبنانية المؤمنة بثقافة الحوار والحرية والديموقراطية والتعددية والميثاقية والاعتدال وكرامة حقوق الانسان والمرأة والطفل والمساواة والعدالة. الحركة الثقافية - انطلياس هي جماعة حرة ديموقراطية مستقلة علمانية وقوة جمع متعددين يعيشون في شراكة حقيقية ووحدة في التنوع من اجل المواطنة وتنمية الوعي وفكر العامية والميثاقية والعروبة الحضارية. الحركة الثقافية - انطلياس لا تتكون من أعضائها فحسب، بل من اصدقائها وجمهورها ومن المثقفين المبدعين والاحرار. انها جزء من المجتمع والوطن والابداع الإنساني دون تبعية، تسعى إلى المحافظة على الاصالة والهوية والتراث".

أضاف: "الدكتور انيس مسلم صديق الحركة منذ نشأتها، عاصرها وناضل في صفوفها. لذا، نحن نتحلق اليوم حول كبير منا لنحتفي به علما من اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي. علم بحق، علامة فارقة في ثقافة الانفتاح واللقاء والمحبة. باحث متعمق في تاريخ الصحافة اللبنانية، مخرجا أجيالا من الصحافيين والإعلاميين، أديب بقلم مميز ومزايا أخرى عديدة. ابن زحلة المولود في تربل المجاورة عشية الحرب العالمية الثانية، بزغ نشاطه الباكر غداة استقلال لبنان. وكان لاندفاعه وروحه المغامرة وذكائه المتوقد الاثر الاول في تفرده وتكوين شخصيته في محيطه".

واعتبر أن "تكريمه ليس إلا تعريفا بما هو معروف. هو من جماعة المثقفين العاملين في خدمة وتنمية الثقافة الحرة ومن أصحاب النوايا والارادات الصالحة لترسيخ ثقافة الحوار والعيش المسيحي - الإسلامي الاخوي والديموقراطي. الدكتور انيس مسلم في كل ما عمل يسكنه هم الحفاظ على أثمن ما قد يملكه الانسان: الحب - الفرح. هاجسه أخلاقي ابداعي، هدفه إنعاش الذاكرة الثقافية الوجودية التي عرفها مجتمعنا".

وكرر ما قاله بالمكرم الشاعر سعيد عقل: "أنيس مسلم في كل حياته واعماله ومؤلفاته نبيل نبيل، تقرأه كأنك تقرأ الشرف".

وختم: "أنيس مسلم علم من اعلام الثقافة والتربية في لبنان، أستاذ جامعي وعميد وفي الموقعين: إداري بارع التنظيم والتدبير".

ثم قال درغام في المطران جورج إسكندر: "اكمالا لهذه الاحتفالية لا بد من التوقف امام هالة سيدنا جورج إسكندر صديق ورفيق علمنا الثقافي طوال حياته".

أضاف: "هو أيضا علم ثقافي بامتياز - رجل كلمة الله في الانسان. في كل مرة تتقدم منه للسلام والتبريك، تكون امام هالة من الحكمة والشجاعة والسلام. تعلو سمته ابتسامة عطية من الله. صاحب سيرة تحتذى مثالا لجيل جديد من الرعاة الصديقين".

وقال: "سيدنا يتقن فضيلة المحبة، ويجسد القول المأثور: "حيث لا توجد المحبة ضع انت المحبة فتجد المحبة". إنه بحق علامة فارقة في ثقافة المحبة والحوار والانفتاح".

وأعطى درغام الكلمة الى المطران إسكندر الذي كانت له مداخلة حملها "تحية معطرة بنسائم من أطياب مدينة زحلة، إلى السيدات والسادة المشاركين في الحفل التكريمي، محبي القيم الإنسانية واللبنانية المضيئة في نخب من مواطنينا، وفي سواهم، والمشجعين لها، وإلى الناشطين في حركة ثقافية عريقة تعمل على إثراء الفكر والمعرفة، وتجهد في إذكاء الفن والأدب والجمال، حركة تقيم الندوات والمحاضرات والأمسيات الشيقة البناءة، وتصدر الكتب، وتلامس، بعمق رسالتها، حنايا أفئدة من مختلف الفئات والإنتماءات، في أرجاء لبنان وساحات جيرانه"، وقال: "إليكم يا من تواصلون، في رحابها، العطاء، بلا انقطاع، أيا كانت الظروف والعوائق، كرمى عين وطن، حلمتم به رسالة بين الأوطان".

أضاف إسكندر: "ومن البديهي أن أحيي، بعاطفة أخوية، من اجتمعنا حوله ولأجله، في يوم الوفاء هذا، يوم التكريم المفعم بالبهجة والمودة والاعتزاز، مقدما أيضا تهاني للنخب الذين احتفلتم بتكريمهم في مجرى الأيام المنقضية من هذه الدورة".

وتابع: "دعيت إلى هذا المجلس لأقول كلمة في الصديق العميد أنيس مسلم: فماذا أختار؟ وعلى ماذا أتكلم؟ أعلى أدبه ومؤلفاته، والتكريم هنا لأهل الثقافة؟ إن الذين تفضلوا ودعونا هم وافرو الاطلاع في هذا المضمار، وأخص بالدلالة الأدباء الكبار من بلدي الحاضرين معنا، الذين أنسوا بمؤلفات الأنيس. فاسمحوا لي، في هذه الحال، أن أتناول بعض الجوانب من شخص من نكرم وحياته، ملفتا إلى أننا، كلينا، هو وأنا، واجهنا الحياة معا، زمنا رحيبا، شكرنا إلهنا عليه".

وأردف: "جمعتنا الصداقة منذ أيام الدراسة في الكلية الشرقية الزحلية، حيث كان للحركة الكشفية فعلها الأكيد في عملية إنضاج الإنسان الصالح، عندنا وفي رفاقنا".
وأشار اسكندر الى أن "الأنيس تعلم أن يعمل بأفضل ما يستطيع، وأن يكون دوما مستعدا للخدمة، وأن يهوى الطبيعة، بجمادها ونباتها وحيوانها، وهي، الطبيعة، تحمله على محبة الإنسان"، وقال: "أنيس مسلم يدهشك ويحيرك قبل أن تتمكن من معرفته، وقد تتساءل: هل هو بسيط أم عالم؟ ساذج أم فهيم؟ مهرج أم فنان؟ هل يميل إلى الحزن أم إلى الفرح؟ هل هو إنسان متكبر أم رجل خدمة؟ عاطفي أم صاحب إرادة؟ يهوى التجمع أم إنه يفضل الإنفراد؟ صريح وقاس أم دبلوماسي ولطيف؟ قانع يفرح كأولاد يكتفون بما يحصلون عليه، أم مقدام يطمح، كالمغامرين، دوما إلى أبعد؟".

وقال: "من عرف صديقنا عن قرب، دهش وابتهج، وقدر فيه الخصال المتنوعة، ولربما المتناقضة، وميز قدرته العجيبة على جمعها، باتزان، في شخصه. فهو ابن بيت لم يبتعد عن سواه من بيوتنا البسيطة، ذات الدخل المالي المتوسط، الحالمة بالنمو والترقي، وقد حافظ على بساطة طبعه في أجواء عائلته، لكنه جد وغامر، فاكتسب لنفسه مكانة ثقافية ووظائفية واجتماعية عالية، دائما في إخلاص للايمان والأخلاق".

ولفت الى ان "أنيس مسلم ليس معصوما من الزلل، فهو، مثلنا، يقع في الخطأ، لكنه ينتفض مصرا على إصلاح ذاته، قبل أن يقوم إلى دعوة إصلاح عند الآخرين"، وقال: "على غرار أترابه، عاش حياة أيامه، ببساطة، لكنه كان يصرف أمورها بإتقان ونبل، وفي الوقت عينه سبر أبعاد الفكر والأدب والفن والفلسفة والحركات والمذاهب والأديان ومختلف المعضلات البشرية".

وختم: "كل تكريم في أرضنا يمر، ولو كان لائقا وصادقا ومشكورا، وكل مجد يعبر مهما كان رفيعا وعذبا. حسبك أنك أحببت الناس وأحبوك، وهم أمناء في البقاء إلى جانبك. حسبك ما حباك الخالق من مزايا، وما أبدعت، بفضلها، وبذلت، فازداد بك العالم حبا وجمالا. وأقول أيضا: حسبك أنك ترجو الحق الأوحد، واللامتناهي الأكمل، والآتي الأبهى والأجمل".

بدوره قال المكرم مسلم: "أنا سعيد بالتقائي هذه الصفوة من الأصدقاء، وأنا محرج في آن، ما عساي أقول، بعد الذي سمعتموه؟ ربما أنقذ نفسي وأريحكم، إذا اعترفت لكم الساعة، بأن ثمة عناية رافقتني، منذ فتوتي، ومهدت سبلي وانتشلتني من الضيق والشطط، كلما مررت بشدة، أو واجهتني أزمة، أو تعرضت لانحراف أو بالغت في غلو".

أضاف: "ولعل الفضل في ذلك يعود إلى والدي، ومن ثم إلى زوجتي التي أكملت دور والدتي، تربية وصلاة وعناية، إلى روحها الطاهرة أقدم هذا التكريم باقة وفاء ومحبة".

وقال: "في قراءته لكتابي "هواجس" تساءل سيادة المطران جورج خضر، عما إذا كانت القداسة في الأدب ممكنة؟ وكأن صاحب القلم النضر، يخشى من أن تكون القداسة مستحيلة، أو شبه محرمة على الأدباء، وخاصة لأن ثمة نقاد لا يتورعون عن النيل من الخلقية الأدبية والتسامي في الأدب".

أضاف مسلم: "منذ بداياتي مع القلم. كنت أتدرب على الخلقية تقربا من القداسة، وكان تمريني على ذلك، مسلكا وكتابة، مبهجا، مريحا ومطمئنا، على الرغم من المصاعب التي واجهتني"، متابعا "علمتني تجارب الحياة، أن أعيش اللحظة الحاضرة بكثافة، ولكنني لا أسجن أفكاري ولا تطلعاتي المستقبلية داخل جدران هذا الحاضر مهما تعاظمت إغراءاته. على أنني كنت، غالبا، على غرار أمي، أثق بالله وأسعى إلى نيل رضاه، بيد أنني لم أنجو من الشك وعذاباته في مجالي: الإيمان بالله والثقة بالعقل".

وقال: "ولكن الشك، على قساوته، مكنني من تجاوز حالة الاحباط والخوف من الغد، وضاعف وفائي للطفل الباقي حيا في كياني، فثابرت على طرد الأفكار السوداء من رأسي. وإنني كأديب لا أخشى، حتى في أواخر ثمانيناتي، أن أفقد ما تحتاجه الكلمات من نفس ومن روح ومن حيوية، ولا أهاب الجفاف، فدورة دمي لا تزال تنبض في الكلمات ولا أظنها تتوقف قبل أن أغادر. إنسانيتي وصحت وتبلورت، إلى حد، مع لغتي في كتبي الأخيرة".

وأردف: "علمني أمين نخلة تذوق النصوص الجميلة، وعدم الاكتفاء بقراءة واحدة إذا كنت أريد اكتشاف اللؤلؤ الخبيء في حنايا الكتب الثمينة. بفضل أمين نخلة، أتقنت اختيار الكلمات وجلوها والسهر عليها متعافية، لتظل جديرة بالحياة. وأدركت، مع الوقت، أن كل شيء يشيخ فينا إلا الرغبة والشوق، وأن كل انعكاسات العمر التي نتلقاها في جسدنا، يتجاهلها عقلنا، وأحيانا، ينكرها، وأن ما نكتبه هو رفض الموت، وبخاصة، قبل أوانه".


وقال: "في الكتابة أخرج من وحدتي، أتحرر من سجنها، فلا أعود أشعر أنني وحيد، بل متوحد مع امتياز التوحد وبعد آفاقه. في الكتابة أنشئ شريعتي ونظامي الخاصين وأقيم توازن مسيرتي وعلاقتي بالناس والأشياء المحيطين بي".

وبعد تطرقه الى المفارق الثلاثة الأساسية في حياته، قال: "أنا سعيد، بقدر ما أنا محرج، بوقوفي الساعة، على منبر الحركة الثقافية، مكرما ومكرما من تفضل وجعلني بين هذا السرب من المبدعين المميزين "، شاكرا كل من شارك متحدثا وشاهدا في التكريم، من المطران إسكندر، الى مدير الجلسة هيكل درغام، الى الوزير ملحم رياشي، فالوزير السابق عدنان السيد حسين والجراح البروفسور أنطوان غصين، والإعلامية ماغي فرح، والشاعر هنري زغيب، والصحافية كريستين زعتر معلوف".

وختم: "الشكر اولا وآخرا إلى الله، وإليكم أحبائي جميعا عميق محبتي".


 

  • شارك الخبر