hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في المركز الكاثوليكي للاعلام عن المؤسسات الإعلامية بين ميثاق الشرف الإعلامي والتفلت الأخلاقي

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٧ - 18:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقدت قبل ظهر اليوم، ندوة صحافية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، عن "المؤسسات الإعلامية بين ميثاق الشرف الإعلامي والتفلت الأخلاقي"، شارك فيها رئيس أساقفة بيروت للموارنة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس تحرير مجلة "الامن العام" العميد منير عقيقي، مدير العمليات في تلفزيون MTV فرنسوا زيادة والدكتور أنطوان متى، وحضرها مدير "صوت الإنجيل" الأب اغسطينوس الحلو وعدد من الإعلاميين والمهتمين.


وألقى مطر كلمة قال فيها: "عندما نتكلم عن الإعلام نتكلم عن الحرية، ونحن فخورون بالحرية الإعلامية في بلادنا وفي العالم كله. لكن السؤال: هل الحرية تتنافى مع المسؤولية أم تفرضها؟ وعلى سبيل المثال هل الحرية هي ضد العقل؟ هل ينتفي العقل إذا شددنا على الحرية؟ هل الحرية تتنافى مع الكرامة الإنسانية وحقوق الآخرين؟ هل الحرية تتنافى مع الحق، هل تتنافى مع الإنسانية؟ كلا".

أضاف: "هناك قيم تحمي الحرية، كما أن الحرية تحمي كل هذه القيم في آن معا، نحن أحرار ومسؤولون في الوقت عينه. لذلك الإعلام يجب أن يكون حرا ومسؤولا في ذات الوقت، إلى حد أن معالي وزير الأعلام قد قال "إنني أتمنى أن أكون آخر وزير للاعلام" بمعنى أن الإعلام لا تصنعه الدولة، الإعلام هو يسوي الأمور، هو الرأي العام الذي يحاسب والذي يسأل، لذلك في العلاقة بين الدولة والإعلام هناك ميثاق، وميثاق شرف أن تلتزم بأخلاقياتنا وبمسولياتنا الوطنية والإنسانية والاجتماعية، لأن الدولة تتكل على الإعلام والإعلاميين في صنع الرأي العام ولا تصنع الرأي العام وحدها. لذلك أنا مسرور جدا أن اتكلم عن ميثاق شرف يعطي الإعلاميين كل كرامتهم وكل مسؤولياتهم ويكونوا هم موجهين في الإعلام إلى الدروب والأمور الصحيحة".

وختم: "للأسف، هناك تفلت أخلاقي في بلادنا والإعلام مسؤول عن أن يستشري أو أن يتوقف. الإعلام مسؤول عن ترويج التفلت الأخلاقي أو على العكس أن يدل على مكان الضعف في مجتمعنا والخلل حتى نسويه كلنا. الإعلام يسأل ويسأل بالنسبة لهذا الموضوع".


وكانت مداخلة لعقيقي عن "تطبيق ميثاق الشرف الاعلامي لتعزيز السلم الاهلي في لبنان"، قال فيها: "إن المشكلات التي نعاني منها لبنانيا موجودة في اكثر من مؤسسة، وهناك مشكلة في البنية وفي الأشخاص وفي أسلوب العمل وأخلاقية هذا الأسلوب، ومدى احترامه للمثل المعلنة في ميثاق الشرف الاعلامي الذي مول ونظم واعلن برعاية الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وبإشرافهما ورعايتهما، وبعنوان مميز حيث تم ربط اعلان الميثاق بتعزيز السلم الاهلي في لبنان، وهنا تكمن اهميته واهمية الالتزام بمضمونه".

أضاف: "ان ما يجب الوقوف عنده ولمرة واحدة وأخيرة، خصوصا ان قيما كثيرة قد ماتت في هذا البلد، هو الدور الخطير الذي تضطلع به بعض الوسائل الإعلامية أو برامج وصفحات منها، في إذكاء مناخات الفتن والانقسامات العمودية والافقية في ما بين اللبنانيين، ضاربة بعرض الحائط القوانين وكل بنود ميثاق الشرف الاعلامي، بما يجعل لبنان ساحة وليس دولة او وطنا. فقد صار الهم في كيفية تأمين معدلات الجذب عند المشاهد ولو كان ذلك على حساب وطن برمته، أو حتى على حساب كرامات عائلات. اعتذر هنا من بعض الزملاء في هذه المهنة الشريفة والشاقة في آن، لأقول ان غالبية المادة الاعلامية خالية من روح الرسالة، حتى عند مؤسسات كانت ذات يوم ملهمة للحرية والتحرر، فصارت منابر للتحلل الأخلاقي والوطني، وبدلا من ان تسهب في تمحيص الأوضاع الداخلية على انواعها وما اكثرها، بات همها في مكان آخر لا لزوم لتحديده، وهنا طبعا لا أعمم".

وتابع: "ما أقوله لا يرمي في حال من الأحوال الى الدعوة لتحول الاعلام الى نشرات وكراسات حزبية او أيديولوجية او دينية، انما هو صرخة صادقة للوقوف وقفة ضمير حر امام ما نزرعه الآن وما ستحصده الأجيال الآتية وهم ابناؤنا".

وقال: "المطلوب هو التجرؤ على الذات لتعيين مكامن الألم ومخاطر الفتن، ويتعين على الاعلام الصحيح ان يكون شاهدا على التاريخ والمرحلة ووقوعاتهما، وعلى الاعلاميين ان يكونوا شهود اللحظة ومراكمي تفاعلاتها، لا أن يكونوا شهود زور من هناك، فيسهمون في ذبح القيم على مائدة الشهوات والانانيات".

أضاف: "بصراحة وبضمير مرتاح، ان عالما من فقدان الثقة قائم بين المجتمع وقواه المدنية الحية وبيننا كإعلام مرئي ومسموع ومكتوب والكتروني، فالقارىء سيبقى قارئا متى قدم له ما يقرأه وليس ما يشحنه، والمشاهد سيبقى مشاهدا متى عرض له ولعائلته ما يرضي ذائقته ويحترم انسانيته وليس ما يفتت عائلته".

وتابع: "ان ما يبعث على القلق هو السكوت المتمادي عن الفوضى التي توقظ بشراسة ذاكرات اللبنانيين، وأقول ذاكرات لأننا الى الان لم ننجح ـصحافيين وسياسيين- في بناء ذاكرة وطنية، لا بل الأسوأ ان بعض وسائل الاعلام تطرح أسئلة واشكالات لا ترمي الا الى نثر الملح على جروح الجسد اللبناني الكثيرة، والى تضليل المواطنين وإثارة غرائزهم، وأخشى ما أخشاه هو ان كثيرين يتناسون انهم يلهون بوطنهم وبأن النار متى اندلعت ستأتي علينا جميعا، وحينها لن تنفع حصانات أيا تكن مسمياتها".

وأردف: "ان تعثر ميثاق الشرف الاعلامي الذي نناقشه اليوم عن تحقيق مبتغاه، سببه اننا لم نعرف كيف نكون لبنانيين، ومزجنا بين التاريخ وبين التحليل، وتناولنا قضايا الخارج لكن من باب تحويله الى ممول وميسر وراع، هنا كان بدء التعثر والوقوف في مربع المراوحة. فليس عارا ولا نقيصة التزام القانون في القضايا التي تمس الامن القومي والاقتصادي والاجتماعي، فحسبي -وليس من موقع دوني- اننا لسنا أعرق ديموقراطية من الولايات المتحدة خلال حرب الخليج المعروفة بعاصفة الصحراء، ولا خلال هجمات الحادي عشر من أيلول. وليس بطولة تناول قضايا الجنس والدين من باب الاثارة فهذا مدعاة للخجل".

وقال: "كان لبنان رائدا في الاعلام فلنعده الى حيث كان. صار بعضنا مثارا للتندر عن الانحطاط، ويمكن لنا ان نطلب من العالم ما نريد وقد يعطينا، لكن لا يمكن ان نطلب منه ان يحترمنا اذا لم نكن اهلا لذلك، فالاحترام يفرض ولا يستجدى، يؤخذ ولا يعطى".

أضاف: "أمامنا ميثاق شرف اعلامي، معناه موجود في بنوده الثمانية عشرة، شهد على اطلاقه معظم اصحاب وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، ووقعوا عليه في وجود مسؤولين رسميين ودوليين".

وختم: "رأفة بكرامة الانسان وحقوق الطفل، وحماية المرأة ودورها الكبير في المجتمع وصورتها، وإيمانا بوطننا وديمومته، وحفاظا على الحرية. أدعو كل وسائل الاعلام المحلية والخارجية الناشطة في لبنان، الى العمل بموجبات هذا الميثاق. وان تكون بنوده ملحقا اساسيا في مشروع قانون الاعلام الذي يناقش في اروقة المجلس النيابي، ومادة تربوية في مناهجنا التعليمية تسمح للمواطن اللبناني التمييز بين من يخل بمقتضيات السلم الاهلي وبين من يصونه، فيكون هذا المواطن الشاهد الحقيقي لمجريات الامور، فيكتمل عندها دور الاعلام في ان يكون جسر تواصل بين السلطة والرأي العام، ينقل نبض الشارع، ويكشف الاخطاء فيصح عند ذلك القول انه بالفعل السلطة الرابعة".


بدوره، قال زيادة في مداخلة عن "كيف تنظر المؤسسات الإعلامية لميثاق الشرف وكيف تتعامل معه": "بعد مرور ثلاث سنوات ونصف سنة على ميثاق الشرف الإعلامي، وأنا لا أستطيع أن أكون متفائلا، ما قمنا به غير كاف أمام كل هذه البنود التي عمل عليها فريق عمل بذل وقتا ومجهودا وتركيزا على قواعد لو أننا طبقناها خلال السنوات والنصف الماضية، لكنا حققنا المطلوب".

أضاف: "ان تضارب المصالح قد منع المؤسسات من تطبيق النص الذي اتفقت عليه، وهنا أرد الوضع الاقتصادي الذي هو في رأيي السبب الرئيس في إقفال بعض المؤسسات وتشريد العديد من الصحافيين. تبين وللأسف، ان السباق في وضع الخبر أو ارساله ثم تصحيحه يعود بفائدة على المحطة الاعلامية بحسب الاحصاءات التي للأسف، تتحكم في أغلب الأحيان بالاعلام عامة".

وتابع: "عندما تقام دعوى على محطة ما ومن فريق ما، تسارع المحطة المنافسة الى وضع الخبر بالعناوين الرئيسية مما يستدعي رد المحطة المساء اليها، واذا ربحت المحطة المقامة ضدها الدعوى، فالمحطة المنافسة إما تتجاهل الموضوع أو تضع الخبر في آخر النشرة". ورأى أن "الحل هو المجلس الوطني للاعلام والرقابة اللاحقة".

وقال: "ان الدقة والموضوعية في الاعلام هما مترابطتان ومتلازمتان مع دقة وموضوعية سياسيينا، فأحيانا كثيرة نضع الحق على الاعلام عند نشر اخبار سياسيين قد تمس أو تنسف كل هذا الميثاق الذي يناقش اليوم، ولكننا ننسى أمرا مهما هو انحدار مستوى التخاطب بين السياسيين أنفسهم، ويمكن أن نقرأ ونرى هذا الامر عبر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي".

أضاف: "لم تستطع أي مؤسسة إعلامية اتباع مبدأ الحياد، والبقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف، طبعا بنسب متفاوتة لأسباب اقتصادية وسياسية وحسابات خاصة. ان مبدأ التوازن قد ضرب ولم يعط كل أطراف الحدث فرصا متساوية، ولسوء الحظ الوضع الأمني خلال ثلاث سنوات ونصف سنة لم يكن جيدا وقد ساهم في نقض ميثاق الشرف الإعلامي عدة مرات من خلال بث كل المؤسسات وخلافا للميثاق اسماء الضحايا او المصابين أو المنكوبين قبل التأكد او قبل اعلان الصليب الأحمر والقوى الأمنية الاسماء، وفي معظم الأحيان كان الأهل يعرفون بالخبر عبر الاعلام ومن دون أي مراعاة لمشاعرهم".

وختم: "نأمل تحسين الاوضاع خاصة اننا حققنا تقدما بسيطا، ورويدا رويدا سنتوصل الى سياسة إعلامية حرة، منفتحة، شفافة وموضوعية تكون على قدر طموحات وتطلعات الشعب اللبناني".


وقال متى: "ان مقاربة مسؤولية المحطات الإعلامية في الأخبار والبرامج السياسية وبرامج التسلية متعددة المحاور لجهة تحديد هوية المسؤولين من اداريين ومشرفين ومنتجين، ولجهة المحاسبة القانونية والمواثقية والأخلاقيات العامة والإنتظام العام. باختصار، مهما تعددت هذه المسؤولية، فالمسؤول الأول هو إدارة المؤسسة راسمة سياستها الإعلامية، والمحاسب الثاني هو الرأي العام، أي الجمهور المشاهد. ويمكن تحديد هذه المسؤولية وفق سلم إداري ومهني يخضع لمعادلات المسؤولية الإدارية العامة والمسؤولية المهنية".

أضاف: "في الأخبار مقدمات الأخبار، وهي بدعة لبنانية، تعكس التزام المحطة بخط سياسي معين بهدف توجيه الرأي العام نحو اتجاهات سياسية معينة، أو تحاكي توجهات جمهور هذا الخط. أما التفاصيل فهي تخضع لمبدأ معروف هو الـ Cuisinage. في البرامج السياسية، هذا الإلتزام ينعكس أيضا في البرامج السياسية من حيث انتماءات الضيوف، خصوصا عند استضافة من هم من اتجاهات سياسية مختلفة بهدف حصد جمهور متنوع. في برامج التسلية، انزلاق بعض هذه البرامج، تعبيرا وصورا ومقدمين، إلى درحة الإنفلات الأخلاقي اعتقادا من مسؤولي المحطات انها قادرة على جمع جمهور متنوع لا تستطيع البرامج السياسية والأخبارية على جمعه".

وختم: "الملاحظ ان الإنقسام السياسي الداخلي وما يحيطه من صراعات اقليمية ضاغطة عليه، أدخل المحطات الإعلامية في الأخبار والبرامج السياسية في التزامات سياسية حادة، وتراجع الإعلانات والشح في التمويل الداخلي والخارجي أدخل المحطات أيضا في تنافس تجاري أعمى، مما يهدد على المدى المتوسط والبعيد مستقبلها كما يحدث في الإعلام الورقي أو المكتوب".


وأخيرا، قال أبو كسم: "أردنا من هذه الندوة أن نناقش ميثاق الشرف الأعلامي التي وقعت عليه معظم المؤسسات الإعلامية سنة 2013، واردنا أن نجري قراءة في هذا الميثاق وما توصلت اليه هذه المؤسسات من تطبيق له ليس لنحاسب إنما لنلاقي وزير الإعلام الأستاذ ملحم الرياشي الذي سيكون له ندوة من هذا المركز كما وعد المطران مطر، لكي نطلق ورشة تحديث الإعلام ووسائل الإعلام وقانون الإعلام وكل ما يصب في هذه الخانة حتى نجعل من إعلامنا إعلاما موجها، إعلاما يبني الإنسان وليس إعلاما يهدم الإنسان".

أضاف: "إن معركتنا في تحديث هذه القوانين وإطلاق الورشات الإعلامية له الهدف الأساسي وهو إعلان الحقيقة، بناء رأي عام يكون على مستوى لبنان بلد الرسالة وبلد الثقافة والحضارات، بلد الحوار والتعايش والعيش الواحد، ولبنان الذي هو كما يذكر الجميع أنه بلد إعلامي بامتياز. لهذا السبب نحن سنواصل هذا العمل سوية إلى جانب كل المؤسسات الإعلامية، نحن نتعاون معها، ونتشارك معها كل ما يخص الأحداث الكنيسة وما سواها من أحداث اجتماعية لها اتصال بالقيم الإخلاقية والإنسانية. انما نريد أن نقول نحن في مواجهة كل البرامج التي تساهم في هدم الإنسانية والقيم الأجتماعية وتضرب العائلة اللبنانية".

وختم: "لهذا نحن نسمع أنه سيجري تحديث للمجلس الوطني للاعلام وتفعيل له، فهو مجلس استشاري حتى الأن وليس مجلسا تقريريا. نحن نطالب بإعطائه السلطة التقريرية أن يراقب وأن يحاسب وهذا من شأنه أن يساعد الوسائل الإعلامية وليس أن يعرقل مسيرتها. وبإعطائه مزيدا من الصلاحيات لكي يستقيم الوضع الإعلامي في لبنان، وحتى نصل إلى هذا الواقع، ونحن واثقون من مبادرات وزير الإعلام الرياشي، نحن في خندق واحد مع كل الوسائل الأعلامية من أجل أن تكون هذه الوسائل منبرا لإعلان الحقيقة وليس سوى ذلك".  

  • شارك الخبر