hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

الحركة الثقافية في أنطلياس كرمت الدكتور رياض غنام

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 13:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كرمت الحركة الثقافية - انطلياس المدير العام للجلسات واللجان في مجلس النواب الدكتور رياض غنام في إطار المهرجان اللبناني للكتاب - السنة السادسة والثلاثون 2017 - دورة منير أبو دبس وضمن برنامج تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي، في دير مار الياس انطلياس - مسرح الأخوين رحباني، في حضور نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الشيخ طلعت حماده ممثلا وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده، والمحامي باسل ملاعب ممثلا وزير المهجرين طلال ارسلان والنائبين جيلبرت زوين وشانت جانجنيان وفاعليات ثقافية وشخصيات ومهتمين.

وكانت كلمة لمنير سلامة من الحركة الثقافية قال فيها: "انه الرعيل الثاني والثلاثون من المكرمين على منبر الحركة الثقافية - انطلياس. مكرمون لهم صفحات مجيدة في البنيان الثقافي اللبناني والعربي، شغلوا مساحات فكرية واسعة وتركوا آثارا ومؤلفات ساهمت في تكوين الابعاد التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية في لبنان والبلدان العربية، وبعضهم على المستوى الدولي والإنساني العام".

أضاف: "مكرمنا في هذه الأمسية شخصية عصامية حاكت خيوط نسيجها العلمي والفكري بثبات وتصميم، واحاطت بميادين تخصصها وعملها بكفاءة عالية، وبعلمية رصينة، وحاولت ان تغطي بعضا من مساحات تاريخ لبنان الحديث وبعضا من تاريخ طائفة عريقة ومتجذرة في هذا الجبل اللبناني المعاند دائما وملاذ محرومي الحرية في هذا الشرق. انه الدكتور رياض غنام. يحمل مكرمنا اجازتين واحدة في الحقوق وأخرى في التاريخ كما يحمل الدكتوراه فئة أولى في مادة التاريخ. ترقى في سلم الوظيفة من محرر الى مدير عام في المجلس النيابي. ساهم بمشاركة زميله الأستاذ عدنان ضاهر في تأريخ الحياة البرلمانية والأصول التشريعية وكذلك الحياة الوزارية في لبنان منذ نشأة المتصرفية سنة 1861. كما ساهما في تأريخ حكام لبنان ورؤسائه منذ سقوط الامارة اللبنانية سنة 1841".

وختم: "شارك مكرمنا في مؤتمرات عدة حول الحياة النيابية واعمال الرقابة النيابية وفي مؤتمرات تاريخية وفكرية وثقافية متنوعة. هذا قليل من كثير اترك الاستفاضة فيه لمن عرفه ورافقه لعقود أربعة ونيف. ولكن حسبي ان اشير الى ان مكرمنا مستمر في عطاءاته وفي العمل على استكمال دراسات سياسية واقتصادية واجتماعية تعتمد على الوثائق وهو عمل جبار يستلزم الكثير من الوقت للتدقيق والتحليل والصياغة العلمية. لكل الصفات الإنسانية والوطنية والعلمية تتشرف في الحركة الثقافية أن يكون هذا اليوم العاشر من آذار سنة 2017 هو يوم المكرم الدكتور رياض غنام".

ثم قدم الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر المكرم، فلفت بداية الى أن الحديث عن مزايا غنام وصفاته "مهمة، كمن يقارع شعرا بسيف".

وقال: "رياض غنام من أين لي أن أبدأ وكيف؟ لا تسلني إلا إذا أجبتني كيف تبدأ الريح؟ وكيف تتحول إلى أمطار، أو كيف يتساقط المطر عندما ينتصب "قوس قزح"؟ ومحاولة الكلام عنك أو لك وقوع في المحاولة، أو انسياق للمحال".

أضاف: "للحديث عن رياض في النفس شغف، للقلم شوق وترف، الاستماع إليه وصلات تطريب، وترائيات تجويد، وهو على تواضع جم، وأناقة أداء، وطليع رعيل، وطني أصيل، وإنسان نبيل، سموا بالنفس وإلى السدرات ارتقاء".

وإذ لفت ضاهر الى أن غنام "عصامي حتى العظم، منذ كان محررا في المجلس، سنوات من الكد والكفاح والسهر لم يعرف اليأس أو القنوط سبيلا إلى نفسه، بخاصة في زمن المحنة"، قال: "عرف الوظيفة في مجلس النواب باكرا وتحديدا في مصلحة اللجان والجلسات وبحكم خلقية رفيعة أحب التاريخ ودرس القانون فوازن بينهما لأن التوازن من شيمه... أخلاقه وسلوكه ونهجه كل ذات معايير دقيقة ومتوازنة. يجلس كبوذي بين يدي معبد. ويحدثك كياباني مذنب. يتمايل قليلا في جلسته، ليس أكثر من حقل بنفسج بين يدي النسم. ويسدر كقارورة طيب أضاعت سدادتها، ولم تحزن، كلها للناس، أولا وآخرا. فكأن التهذيب والتواضع خلتان في القارورة. يقبل عليك منصتا، ولا يريبك مستفهما، ولعله أدرى منك بهذا الذي تبذخ به أنت. واثق من لباقته، كسفير يحترم نفسه، لدولة تعرف قدر نفسها. مثقف كدائرة معارف في كل عام تنقح".

وتناول كتاب "مجلس النواب في ذاكرة الاستقلال"، قائلا: "حلق رياض في هذا الكتاب بعيدا عن مدار الجاذبية وكان عندنا أكثر من توارد أفكار وإنها توأمة مشاعر، فالجيرة نسب بين الحيطان كما قالت العرب، فكيف بها إذا كان الساكنون داخل هذه الحيطان أهلا ومعشرا وأصدقاء شأننا؟
في جوهره وتكوينه رياض شخص سوي، مثال مضيء للمواطن الصالح، في الجمهورية الفاضلة، في أي حلبة التمسته لتجدنه موازيا ذاته المترعة قيما، مثلا عليا ومواهب، مستأهلا "الهبة" السيدة إكرام التي أكملت دينه وشعشعت بيته.
إنه المتقدم في كتابة التاريخ ومن أربابها المجلين".

وأضاف: "لن أغرق في تعداد كتبه الخمسة والعشرين ولا أستطيع إلا ان أخص منها المعجم النيابي، المعجم الوزاري، معجم الحكام والرؤساء وكلها تعود إلى سالف الزمان في لبنان وجبله، وإن كنت أنسى لا أنسى كتاب الأصول التشريعية وكتاب الرقابة البرلمانية الذي اعتمد مرجعا إلزاميا لطلاب الدكتوراه والحقوق في جامعات المغرب وترجم في بعضه إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية وتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار ولا أعرف لماذا هذه الكتب مكتومة الصوت؟ ألعقم لدى القراء طارئ؟ والله إن فكره قد ناب عن ألف عقم".

وتابع ضاهر: "الأجمل من هذا كله، قوله لي ذات مرة أن لبنان قادر على ردم حفائر الأحقاد في العقول وطمرها، وأن يغفر لنا ما ارتكبناه بحقه، لنعود إليه كما السنبل إلى الأرض، فندخل في حنانه، وندخل في جنته، بعدما فرطنا بالحرف والأرجوان يا أبا التاريخ، وعكرنا على الأصداف تحكي لنا روايتها، وأقلقنا المحار في أعماقها وشتتنا رفوف النوارس، بعد أن قمنا قبل ذلك بتهجير السنونو التي استوطنت بيوتنا عندما كانت البيوت أليفة؟ إن لبنان دائم عمره إلى الأبد فأسأل الله لرياض نظير هذا العمر.
كما علمني أنه إذا شاب الحياة العامة في بلد ما اضطراب أو تقصير أو شيوع فساد، فالعلة ليست في مواد الدستور، إنما هي في القيمين على الأحكام الذين جعلوا من أنفسهم ومن القوانين، دمى تعبث بها أيدي الاستغلال الرخيص، والاستهتار الفاضح بمقدرات الشعب والبلاد، كما هي مع الأسف الشديد في بعض المواطنين الذين تستعبدهم أهواؤهم، فلا يكترثون بحرمة القانون والسيادة، ما داموا يجدون عباءة خارجية يلتحفونها. وحري بالدستور أن يكون أداة إيقاظ لوعي المواطنين والحفاظ على كرامتهم وإنمائها، تمهيدا لبناء مجتمع متماسك متين يوفر للشعب الخير، في وطن قائم على التفاهم الحميم والحب المتبادل".

وختم: "رياض لا يشبه غيره، وغيره لا يستطيع أن يشبهه، ففي كتبه لا يأتيك الغش من بين سطورها ولا من خلف السطور؛ لأنها مكفولة الأصالة، عريقة الحروف، وريقة المداد والقلم. لأن له أصالة المتنبي وحكمة المعري. هذا هو رياض الذي قال لي يوما: عندما تفتح مجالس القول، تغلق مجالس العمل، وإنه لا داء يركب الأمة كمثل داء الكلام".

وكانت كلمة للمكرم غنام قال فيها: "من وحي تكريم المرحوم المفكر سليمان تقي الدين الذي اقيم في 13 آذار 2015 أبدأ كلمتي: كم من طائر أطل من نافذة هذا الدير ليلقي التحية والسلام، ثم خفق بجناحيه ليحلق مودعا، وكم من المكرمين مروا عبر رحابه، منهم من قضى، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا".

وأضاف: "لعل أجمل ما في ذاكرتنا المتحركة، هو العودة الى الوراء، إلى الطفولة المسكونة ببراءة العفوية، بذكريات الأماكن التي شهدت الفتوة وبواكير الصبا. ولأن المسافة بين الأمس واليوم هي كرمشة العين، كحلم لا يدوم ومضات، فغالبا ما ترانا في ترداد إليه، إلى حنين لا يخبو له حراك ولا يستقر له قرار. منذ اليفاع كنت مسكونا بمرويات الماضي واحداثه ومعلوماته، ولاحقا بعلم التاريخ، ولان حلم الأهل لا يتحقق الا بشهادة طب أو هندسة أو حقوق، ولأني من جيل يحترم رأي الاباء ويقدر تضحياتهم. أقبلت على دراسة الحقوق، ونلت شهادتها سنة 1974 من الجامعة اللبنانية، يوم كانت جامعة كل لبنان، ثم انصرفت بعدها الى ما كنت مسكونا به، إلى وريقات صفراء، إلى حنين متجدد، وأيام دونتها كتب قيمات، ومصنفات خالدات. انصرفت الى موارد تفيض بماضي اجدادنا، مسلمين ومسيحيين، موارنة ودروزا، مدونات تزخر بمواقف بطولات هي رمز الوطنية الحقة، يوم كانوا لا يخرجون الى مواقع القتال الا مزودين بحفنة من تراب كنيسة سيدة دير القمر، ولا يعودون الى بيوتهم بعد الاياب، الا لشكرها على سلامتهم وتقديم النذور لها".

وتابع:" يقول ارنست رينان: "ان كل شعب يجب أن يزور تاريخه ليصنع من نفسه شعبا متماسكا"، ومشكلة بعض المؤرخين عندنا أنهم كتبوا تاريخ طوائفهم كتعبير عن الكبرياء الوطنية، ولا أقول انهم زوروا تاريخها ليجعلوا منها أساسا لبناء الوطن. فعلم التاريخ بحر لا حد له ولا قرار، يفاجئك بتناقضات احداثه، وتشعبات منهجياته، واختلاف غرضيات مؤرخيه. أوليس تاريخ لبنان مثالا نموذجيا لكل تناقضات علم التاريخ، واختلاف مدوناته، واختلاق احداثه ووقائعه؟".

وشكر ضاهر والحركة الثقافية - أنطلياس والمكرمين والمنظمين.

وختم: "يكفيني اعتزازا اني طائر أطللت من نافذة هذا الدير، ومكثت برهة تحت قبته، وألقيت تحية محبة وشكر وتقدير وسلام". 

  • شارك الخبر