hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

غسان سكاف: اعتماد النسبية أمر حسّاس وتطبيقها صعب بظلّ التركيبة الطائفية

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٧ - 11:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

حلّ رئيس قسم جراحة الدماغ والاعصاب والعامود الفقري في الجامعة الاميركية في بيروت البروفسور غسان سكاف ضيف شرف على حفل غداء اقامه رئيس بلدية عيتا الفخار جان سكاف على شرف رؤساء بلديات ومخاتير البقاع الغربي وراشيا في فندق ومطعم الخريزات في البقاع الغربي، حيث ركز في كلمته على ضرورة اقرار قانون انتخابي واعطاء منطقة البقاع الغربي راشيا الاولوية.

وفي خلال حفل الغداء الذي شارك فيه نحو 300 شخصية بينهم رؤساء اتحاد بلديات السهل محمد المجذوب، وقلعة الاستقلال فوزي سالم، والبحيرة يحيا ضاهر، وجبل الشيخ صالح ابو منصور، وقائمقام البقاع الغربي وسام نسبين ونحو 50 رئيس بلدية حالي و90 مختارا في البقاع الغربي وراشيا اضافة الى رجال دين من الطائفتين المسيحية والاسلامية بينهم مفتي زحلة والبقاع العلامة الشيخ خليل الميس، ومتروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران أنطونيوس الصوري، ورئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام درويش، وراعي ابرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض ممثلا بالاب جورج مفلح، اكد مفتي زحلة والبقاع العلامة الشيخ خليل الميس "ان آخر العبارات صياغة للبروفسور سكاف كانت وحياً من السماء، لا أعجب أن فينا مثل هذا النمط ولكني أعجب لماذا غيب هذا النمط، كل من هو موجود فيه خير ولكن عندنا الخير أكثر وأكثر وقال لا بد أن تتاح الفرصة لعباقرة لبنان كما أتيحت بالامس لأن الأرقام العادية هي كالأسفار تكمل العدد ولا تصنع عدداً، مضيفا " لقد إنتهينا من عصر الأسفار وجاء عصر الأرقام الكبيرة، بروفسور سكاف نعم أعطيت رأس العالم والآن تعطى رأس لبنان، وأعطيت رأس العالم لتعالج الرأس وإذا عولج الرأس سلم البلد وتعرفون قضية الرأس، لذلك أمضى في مجال الطب بما أعطاه الله وإذا بالدول كلها تقول له تفضل أيها البروفسور المنصة لك قالوا لك ذلك، والبقاع يقول لك أهلاً وسهلاً المنصة لك."

من جانبه، تحدث رئيس بلدية عيتا الفخار جان سكاف عن واقع منطقة البقاع جراء النزوح السوري مشيرا الى ان الاتحادات تقوم باعمال جبارة كي تعوّض، وانهم كرؤساء بلديات ومخاتير يتحولون الى همزة وصل بين المواطن والمسؤول، لفت الى ان منطقتنا انبتت الكثير من رجال العلم والفكر والادب والسياسة الذي لهم اليد الطولى في ازدهار بلدنا ورفع اسم لبنان عاليا، والبروفسور غسان سكاف واحد منهم، الشاب العصامي الذي عرفته مستشفيات لبنان والعالم العربي بمهاراته وقدراته، وعرفناه متفانيا في عمله ومحبا لمجتمعه ولاهله وناشطا لخدمة بقاعنا ومنطقتنا على وجه التحديد."

بدوره، اكد رئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال فوزي سالم "اننا نلتقي اليوم في لحظة بدأت فيها الدولة باستعادة هيبتها ودورها منذ قرار الرئيس سعد الحريري بانهاء الفراغ، آملا من "رئيس الحكومة والوزراء التفاتة كريمة نحو القرى البقاعية"، ومتمنيا ان "نصل إلى قانون انتخابي عادل وواقعي يراعي قواعد الشراكة الحقيقية والعيش الواحد والتلاقي بعيدا عن المذهبية والطائفية، اشار الى "انه لمن الاعتزاز والفخر أن ننتمي الى بقاع الخير، الذي يحتضن قامات بقاعية لها بصماتها المؤثرة في كثير من المجالات والمواقع ومن بينها قامة البروفسور غسان سكاف.

واستهل البروفسور غسان سكاف كلمته بالقول ان "قصته بدأت في بلدة عيتا الفخار وتسلّق سلم الحياة بتدرج ليجد نفسه فجأة يغوص في دراسة الطب والجراحة في كبرى الجامعات الأميركية، وقد انعم الله عليه فأعطاه محبة الناس وصلوات المرضى" مؤكدا ان "الطب ليس مهنة انما رسالة، والعطاء رائع ولكن ان تعطي فرصة لحياة جديدة لإنسان فأعلى مراتب العطاء، أما الطبيب فعائلته هي الإنسانية وكنيسته ومعبده هو عيادته أو مشفاه، وأعمق صلاة يؤديها هي عمله، والمريض ليس مستهلكا لعناية طبية، ليس مسيحياً أو مسلماً، فقيراً او غنياً، انه إنسان، لكنه إنسان ضعيف، وان أكبر فرح عنده هو خدمة الضعفاء، فالنبل هو ان تعطي من نفسك للضعيف لا ان تخسر من نفسك للقوي."

تطرق سكاف في كلمته الى منطقة البقاع الغربي وراشيا واصفا اياها بانها رسالة لبنان التعددي، ومعتبرا بان رؤساء بلدياتها ومخاتيرها هم أصحاب جدارة وكفاءة داعيا اياهم الى ان يكونوا سداً منيعاً في مواجهة الفساد والفاسدين، رأى انه "من غير المبالغ ان نلقي اللوم على الحكومات المتعاقبة التي تسببت بحرمان المنطقة من دعم كاف للقطاع التعليمي ومواكبة التقدم، وان نرى في محيطنا العربي ثورات من التطرف الديني والعنف"، قائلا "فلنتمرد على هذا الواقعِ من حولنا بالمعرفة فقط، ولنحمي البقاع عبر نشر سياسة الاعتدال، وتحسين المستوى التعليمي عبر نشر مدارس وجامعات، فالصروح التعليمية هي وحدها القادرة على فرز نخبة تغييرية في المجتمع سياسياً واجتماعياً وثقافياً وانسانياً، وعلى تغيير الواقع اللبناني الذي مازال أسيراً للطائفية، وعلى التمرد والثورة على الواقع لا بواسطة السلاح بل بواسطة العقل. وشدد د. سكاف على "ضرورة وضع قضية الصحة في البقاع في اعلى سلم اولوياتنا، فالحياة هي هبة من الله أما الصحة فهي الشرط الضروري لإستمرار الحياة والمدخل الى حياة كريمة"، واضعا "المسؤولية على الدولة والقيمين عليها للعمل الجاد والدؤوب في هذا الإتجاه." زراعيا، اشار د. سكاف ان "السهل أصبح اليوم جزيرة مفككة الأوصال، مكتوفة الأيدي، تنظر إلى منتوجاتها تتلف أمام عينيها، لدرجة اصبح من الصعب تصريف حتى 10% من هذا الناتج اليومي والخسائر تقدّر بمليون دولار يومياً، وواصفا ما يحصل بـ "النكبة الزراعية الاجتماعية لكون 95% من سكان البقاع يعملون بالزراعة"، ومطالبا بدعم الهيئات الرسمية والمنظمات غير الحكومية المعنية بالقطاع والمؤسسات الدولية التابعة للامم المتحدة، من دون ان يلغي ذلك واجبنا من التوجه فوراً نحو التصنيع الزراعي الذي يثبت مزارعينا في أرضهم ويغنينا عن استجداء الدول المحيطة بنا لتصريف انتاجنا."

ولفت سكاف الى ان "بعض فصول الفساد في لبنان قد طالت البقاعيين في صحتهم وأرزاقهم ولقمة عيشهم وهي تتعلق بتلوث خطير في مياه نهر الليطاني، معتبرا ان الحلول تبدأ ولا تنتهي بقرار سياسي بمعالجة تلوث النهر وإعلان حالة طوارئ بيئية تبدأ بتفعيل دور البلديات واستكمال شبكات الصرف الصحي والعمل على معالجة المياه المبتذلة والنفايات السائلة عبر إنتشار محطات التكرير وإجبار المزارعين على الحد من إستخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية في الزراعة." وشدد ايضا على ضرورة ان تتحرك مجالس البلديات في كل قرى حوض الليطاني لوقف المرامل غير الشرعية وإبعاد مخيمات الإخوة السوريين عن مجرى النهر.

ولفت الى ان "لبنان يرزح تحت دين يفوق 78 مليار دولار في مجتمع نسبة الشباب فيه 35%، 45% منهم يفكرون بالهجرة و 34% عاطلون عن العمل، وإقتصادنا يؤمن 4000 وظيفة لشبابنا بينما نحتاج الى 25000 وظيفة سنوياً، وان لبنان اليوم أمام ثروة نفطية تخرج من البحر لا لتجد حيتاناً يبتلعونها بل أوادم يوزعونها توزيعاً عادلاً لتحسين أوضاعِ الناس المعيشية والإجتماعية وخلق فرص عمل للعاطلين عنه، اعتبر "اننا اليوم نعيش أزمة مصير، وان ماضي لبنان المجيد يبكي الآن على حاضره الرديء ولا يعرف الشعب أي مستقبل ينتظره، مشيرا الى ان منذ سنة 1943 منذ الإستقلال ونحن نقتل هذا الوطن وهو يرفض أن يموت وان السبب الحقيقي للحرب اللبنانية ولحروب الآخرين على أرضنا هو عدم بناء دولة بين 1943 و1975، واضاف قائلا: "ولا نُخفي سراً عندما نقول أن تدمير لبنان هو دائماً محوراً اساسياً للسياسة الإسرائيلية، وعندما لا نعفي اللبنانيين من مسؤولية تدمير الوطن، فعيبٌ علينا أن نتهرب من مسؤوليتنا في تدمير هذا الكيان الحضاري في الشرق، ومطالبا أهل السلطة بأن يظلوا محافظين على الحد الأدنى من التفاهم والتعاون بقبول سياسة "ربط النزاع" إلى أن تساعد التطورات في المنطقة والتي تدخل فيها مصالح الدول الكبرى على اطفاء الحرائق المحيطة بنا، وداعيا المجتمع المدني أن يكون له دور فاعل في الرقابة والمحاسبة، فصحيح أن المهم ان يبقى الوطن ولكن الأهم أن يبقى بين أيدي أوفياء ومخلصين له."

ورأى ان "عظمة لبنان هي في تراثه المشرقي المسيحي - الإسلامي وزواله يكون بزوال هذا التعانق بين المسيحية والإسلام، مشيرا الى ان الإستحقاقات المتعلقة بالإنتخابات النيابية في لبنان لطالما شكلت منبراً لجوقة من المزايدين طائفياً لدى كافة المكونات." واضاف قائلا: "انا ابن هذه المنطقة المتعددة الأديان والمذاهب التي انصهرت جميعها في بوتقة واحدة متمسكة بنموذجِ العيش المشترك، انا الأرثوذكسي بالدم ولكن السني والشيعي والدرزي بالوطنية، أراني رافضاً الإنضواء تحت أي شكل من أشكال الأنظمة أو القوانين البعيدة عن التعددية والعيش المشترك، فالأرثوذكسية ليست تقوقعاً وانغلاقاً بل انفتاحاً، هي ارثوذكسية شارل دباس وشارل مالك وغسان تويني وفؤاد بطرس وأنطون سعادة وميشال عفلق ولكنها ليست أرثوذكسية أصحاب الخطاب الطائفي الشعبوي المطالب بحق يراد به باطل. فالأرثوذكسيون هم الغساسنة الذين إنتصروا لهويتهم العربية المشرقية ووضعوها فوق أي إعتبار آخر.

واكد ان "النظام الطائفي السياسي اللبناني وُضع لتنظيم العمل السياسي ووضع خطوطا حمراء أمام مستغلي الطائفية على حساب مصلحة الوطن، وقد تمّ وضع هذا القانون بالتوافق بين جميع اللبنانيين ولا يمكن تغييره إلا بتوافق جميع اللبنانيين وبطوائفهم كافة، مشددا على ان المعادلة التي تتحكم بالتركيبة اللبنانية هي في غاية الدقة والحساسية، وهذه النعمة التي سميت رسالة ممكن أن تتحول إلى نقمة إذا أسأنا التعاطي معها."

أما لجهة وضع قانون إنتخاب يعتمد النسبية، فاعتبر د. سكاف انه أمر حساس وتطبيقه صعب في ظلّ التركيبة الطائفية اللبنانية، اذ على النسبية أن تحرم التمثيل الطائفي لكافة المكونات، وهذا أمر معقد جداً ويحتاج إلى الكثير من الدراسة في أجواء باردة بعيدة عن الشحن المذهبي والطائفي التي تستثمر في السياسة وتشكل خطراً على الكيان. ورأى ان "دراسة القانون الجديد من قبل معنيين بشكل مباشر باللعبة الإنتخابية يتنافى مع أبسط قواعد العدالة،" آملا في أن "تكلّف لجنة حيادية من إختصاصيين على المستوى العالمي لوضع الأنظمة الإنتخابية تكون مهمتهم دراسة ووضع قانون إنتخابي يأخذ بعين الإعتبار التعددية وصحة التمثيل وأسمى أُسس وقواعد الديمقراطية، فقانون الإنتخاب في دول العالم يعمل به لينتقي الناخب نائبه، أما في لبنان فنحن نبحث عن قانون ينتقي فيه النائب ناخبه."

وتساءل سكاف: "هل نحن اليوم على استعداد لإعطاء لاعبين جدد وسائل المشاركة في الحياة السياسية، ام اننا نريد الحفاظ على النادي المغلق الذي يولد نفسه بنفسه، داعيا المتحاورين بشأن قانون الانتخاب للعمل على تأليف لوائح ائتلافية ايا يكن القانون على غرار الإتفاق على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة وتأليف حكومة وفاق وطني واسعة. بعد هذه الإنتخابات وبعد قيام لبنان جديد، يصبح الإتفاق على نظام جديد له ممكن أن يعتمد إما النظام السويسري أو الفنلندي او النمساوي او نموذج جديد للحياد."

فلبنان الذي نريد اضاف سكاف هو لبنان البعيد عن سياسة المحاور، ولبنان سويسرا الشرق فعلاً لا قولاً، ولبنان القوي بحيادِه الذي يقوى به الجميع ولا يقوى أحدٌ عليه، ولبنان العربي لا بالوجه فقط بل في الجسد أيضاً، والعالمي بالروح والرؤيا، ولبنان العيش المشترك، مضيفا: "فلنتذكر أن لبنان لم يستفد من الاصطفافات الطائفية والمذهبية في الماضي البعيد والماضي القريب ولن يستفيدَ أيضا̋ من الإنقسامات والصرعات في المستقبل، وهنا لا بد من تسليط الضوء على بيان مؤتمر الأزهر منذ أقل من اسبوعين حيث اكدّ على فكرة العيش المشترك وفكرة دولة المواطنة وعدم القبول بإستمرار مصطلح الأقليات."

ولفت سكاف الى انه ليس حالماً وهو يعلم جيداً أن الطريق الى النجاح تمر دائماً بالفشل، داعيا الى "الاقتداء بالرئيس الأميركي روزفلت الذي كان مصاباً بداء شلل الأطفال ومع ذلك أشرف على صنع عالم جديد بعد الحرب العالمية الثانية والعمل على تغيير الواقع اللبناني الذي ما زال أسيراً للطائفية والى التمرد على الواقع الحالي لصنع واقع افضل ومستقبل يليق بالوطن."
 

  • شارك الخبر