hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

المطران خيرالله: للتضحية في سبيل خدمة الخير العام ليبقة لبنان الرسالة

الأحد ١٥ آذار ٢٠١٧ - 16:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

احتفلت أبرشية البترون المارونية بعيد شفيعها البطريرك الأول للموارنة القديس يوحنا مارون، خلال قداس ترأسه راعي الابرشية المطران منير خيرالله في المقر الأول للبطريركية المارونية في الكرسي الاسقفي في دير مار يوحنا مارون في كفرحي وعاونه في القداس القيم الأبرشي الخوري بيار صعب ورئيس أنطش البترون ودير مار يعقوب ـ دوما الأب جورج طربيه، في حضور النائبين بطرس حرب وسامر سعادة، ممثل النائب انطوان زهرا مدير مكتبه بيار باز، قائمقام البترون روجيه طوبيا، المدير العام للنفط أورور الفغالي، المدير العام لمؤسسة المقاييس والمواصفات لانا ضرغام، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب، قضاة، فاعليات سياسية واجتماعية وتربوية، راهبات، رؤساء بلديات ومخاتير، رؤساء جمعيات وهيئات، وحشد كبير من ابناء الابرشية والمؤمنين والزوار الذين توافدوا من مختلف المناطق. خدمت القداس جوقة رعية مار سركيس وباخوس في كفرعبيدا.

وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة استهلها "بنقل تحية غبطة ابينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، خليفة مار يوحنا مارون السابع والسبعين، وتحية أخي وأبي الروحي المطران بولس اميل سعادة الذي سيعود إلينا سريعا بإذن الله".

وقال: "يكتسب عيد مار يوحنا مارون، البطريرك الأول وشفيع أبرشيتنا، معنى مميزا هذه السنة إذ يندرج في بداية سنة الشهادة والشهداء التي أعلنها صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وقد ابتدأت في 9 شباط الفائت عيد أبينا مار مارون وتنتهي في 2 آذار عيد أبينا مار يوحنا مارون. والكنيسة المارونية، بعد مارون ويوحنا مارون ومع سلسلة البطاركة العظام والنساك، هي كنيسة الشهادة والشهداء إذ بنيت على خطى مار مارون الروحانية النسكية التي تتميز ببعدين متكاملين: البعد العمودي في العلاقة مع الله والبعد الأفقي في العلاقة مع البشر، وهي روحانية الزهد في العالم للارتقاء إلى الله، والانفتاح على الانسان لعيش المحبة في التضحية حتى بذل الذات".

واضاف: "في عيش الشهادة لإيمانهم بالمسيح، ابن الله المتجسد انسانا ليساوي الإنسانية بألوهيته والمائت على الصليب ليفتدي البشرية ببذل ذاته محبة بها والقائم من الموت ليجعل من كل انسان ابنا لله محررا من عبودية الخطيئة والموت، انتشر تلاميذ مارون في منطقة قورش وأفاميه وأنطاكية وبنوا الكنائس والأديار، ومن أكبرها وأهمها على الإطلاق دير مار مارون على العاصي. ومنهم من قصد جبال لبنان واستوطنوا جرود جبيل والبترون وجبة بشري سالكين مجرى نهر العاصي، وهو النهر الوحيد العاصي على الطبيعة، بعكس مساره، إذ انطلقوا من مصبه في البحر شمال سوريا صعودا شرقا ثم جنوبا إلى منبعه قرب الهرمل، وبنوا أديرتهم على ضفافه قبل أن ينتشروا في كل الاتجاهات ويكونوا "شعب مارون" ويسكنون ببيت مارون إلى أن أتى يوحنا مارون في أواخر القرن السابع وأسس الكنيسة المارونية".

وتابع قائلا: "يوحنا مارون هذا الأتي من انطاكية، وبعد تربيته المسيحية في مدارس انطاكية والقسطنطينية، زهد في العالم وترك كل شيء ودخل إلى دير مار مارون العاصي ولبس ثوب الرهبانية ثم رقى إلى درجة الكهنوت وسمي مارون نسبة إلى الدير الذي ترهب به.
سنة 676 عين اسقفا على البترون الابرشية التي كانت تضم كل ابناء مارون في جبل لبنان، فدخل جبل لبنان وتجمعت اليه الناس من غريب وقريب، كما يكتب البطريرك اسطفان الدويهي قي تاريخ الازمنة، الى ان صاروا شعبا عظيما عم كل بلدان الشام.
في اواخر القرن السابع نادى به الشعب والاكليروس بطريركا على انطاكية. فأسس الكنيسة البطريركية على اسم مار مارون ونظمها كنسيا واجتماعيا وثقافيا وامن لها استقلالا ذاتيا في قلب الكنيسة الانطاكية وضمن نطاق الامبراطورية العربية الاسلامية. ما سهل للموارنة ان يبنوا عالمهم الخاص في جبل لبنان ولكن دون ان يتقوقعوا على ذاتهم، او ان يتعدوا على الاخرين. فاتبعوا بعد يوحنا مارون مقومات روحانيتهم النسكية وعاشوا في العراء على قمم الجبال او في قعر الوديان زاهدين في العالم وملذاته واغراءاته ومتحملين على مر الاجيال اشق العذابات والاضطهادات في سبيل الحفاظ على ثوابتهم الاربعة الغالية اي:
- حريتهم في عيش ايمانهم بالله والتعبير عن ارائهم
- تعلقهم بارضهم المقدسة التي سقوها من عرق جبينهم
-ارتباطهم بشخص البطريرك، رأسهم الواحد وابيهم وراعيهم ومرجعهم ورمز وحدتهم وضامنها.
- ثقافتهم وانفتاحهم على الشرق والغرب، فنجحوا في جعل جبل لبنان معقلا للحريات إستقبل فيه كل الشعوب المضطهدة من مسيحية وإسلامية، وعاشوا معا في التفاهم والاحترام المتبادل بالرغم من الأزمات والحروب المفتعلة من السلطنات المحتلة. ثم نجحوا في تأسيس الكيان اللبناني والذاتية اللبنانية منذ بداية القرن السادس عشر مع اخوتهم المسيحيين والمسلمين والدروز. وتوصلوا معا إلى أن ينالوا سنة 1920 إعلان دولة لبنان الكبير بقيادة البطريرك إلياس الحويك التي أصبحت سنة 1943 الجمهورية اللبنانية والوطن الرسالة، والنموذج لكل بلدان العالم وشعوبها".

وأردف: "أما لماذا إختار أبناء مارون المجيء إلى جبل لبنان، فذلك "لأنه الجبل الذي يسكن فيه أولياء الله تلبية لدعوة منه "كما يقول البطريرك اسطفان الدويهي، وقد أتوا إليه لا كلاجئين، بل أتوه نساكا ومرسلين كما يقول الأب يواكيم مبارك".

واضاف: "لقد ارتضى الموارنة، في تبنيهم الحياة النسكية بعد مارون ويوحنا مارون، أن يخوضوا المغامرة مع الله حتى النهاية دون أي غش، وقبلوا التضحية بالذات لأن روحانيتهم النسكية هي روحانية الصليب. فهموا أن التضحية بالحياة ليست خسارة لها بل هي على العكس ربح جديد لها بقدر التضحية بها. وكانوا يقصدون "الارتفاع حيث يشخص نظرهم إلى ذاك الجبل الذي أراده الله لهم موطنا"، كما يقول الأب ميشال الحايك، كي يكونوا في علاقة روحية عمودية معه. فحملوا صليبهم مع المسيح وراحوا يرتفعون به صعودا حتى التضحية بالذات، حتى الارتقاء إلى الله. وتخلوا عن أمور الدنيا وزهدوا بها. ولم يرضوا التعامل معها إلا من خلال علاقتهم مع إخوتهم البشر إلى أي دين أو طائفة أو جنس أو عرق أو ثقافة انتموا. إنه البعد الأفقي والرسولي في روحانيتهم النسكية. ما سمح لهم بالانتشار السهل إلى الوديان ثم إلى السواحل وإلى أبعد من البحر، إلى كل أصقاع العالم حيث هم منتشرون اليوم".

وتوجه الى أبناء وبنات الابرشية بالقول:"اخوتي الموارنة واللبنانيين في أي بقعة من العالم انتم قائمون، مار يوحنا مارون يدعونا اليوم في عيده إلى الزهد في العالم في ما نحن نعيش في قلب العالم ونواجه تحدياته، إلى الارتقاء إلى الله وإلى جيل الله حيث يسكن أولياؤه قديسونا ونساكنا، وإلى قبول التضحية في سبيل خدمة الخير العام كي يبقى لبنان وطن الرسالة في العيش معا بالحرية والكرامة واحترام التعددية يدعونا مار يوحنا مارون إلى العودة إلى جذورنا واصالة ايماننا والحفاظ على ثوابتنا من أجل تأدية الشهادة بالمحبة والبذل والتضحية تكريما للألاف من شهدائنا الذين بذلوا حياتهم كى نبقى نحن مرفوعي الرأس".

وختم: "أيها الرب يسوع، نصلي إليك اليوم ونحن تائبون، فاقبل صلواتنا بشفاعة مريم والدة الإله وسيدة لبنان، واجعل من مار مارون ومار يوحنا مارون وجميع قديسينا مثالا لنا وقدوة، واجعل من بطريركنا ومطراننا وكهنتنا ونساكنا ورهباننا وراهبتنا ومسؤولينا السياسيين والمدنين وشبابنا والأباء بيننا والأمهات مشاريع قداسة في عيش الروحانية النسكية شهادة لك ولأبيك ولروحك القدوس، الإله الواحد له المجد إلى الأبد أمين".

وبعد القداس تقبل المطران خيرالله التهاني بالعيد ثم أقام مأدبة غداء على شرف الحضور وشارك فيها كل المؤمنين الذي شاركوا في الذبيحة الالهية.


 

  • شارك الخبر