hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

مديوغوريه في قلب الكنيسة: فكفى تشويهًا للحقيقة وهذا وضعها القانونيّ

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٧ - 19:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

صدر عن المكتب الإعلامي لجماعة "youth of Mary" البيان الآتي:

حينما تشهد أرض مديوغوريه على عودة المؤمنين إلى عيش الأسرار واحترام الكهنة، وعلى مئات الدعوات الكهنوتية والمصالحات العائلية، وعيش الشبيبة للتّوبة والسّلام، حتمًا تكون مديوغوريه في قلب الكنيسة لا بل تساهم في شفائها.
فبعدما تسبّبت بعض المقالات على أحد مواقع التواصل الإجتماعي ببلبلة حول ظهورات مديوغوريه، كان من الضروريّ إيضاح الآتي، تاركين العواطف جانبًا ومركّزين بموضوعية على الوضع القانونيّ لهذه الظّهورات.
تحدّد الكنيسة ثلاثة أوضاع قانونية تجاه أي ظهور:
– الوضع الأوّل: تعتبر الظهور غير صحيح (غير فائق للطبيعة)
– الوضع الثاني: تعتبر الظهور صحيح (فائق للطبيعة)
– الوضع الثالث: تعتبر الظهور قيد الدّرس (غير فائق للطبيعة حتى الآن ولكن المجال لا يزال مفتوحًا للبحث).
على صعيدٍ آخر، تقوم الكنيسة بدراسة الظهورات من نواحٍ عدّة:
أ‌إنسجام الظهور مع تعليم الكنيسة
ب‌الطاعة للكنيسة والحالة النفسية للشهود
ت‌الثّمار الروحية والتوبة
ث‌أحداث فائقة للطّبيعة
أما من جهة ظهورات مديوغوريه، فقد استعانت الكنيسة بأطباء وعلماء نفس ولاهوتيين متخصّصين، كما سعت للتّحقيق وتدوين شهادات ذات صلة. كلّ ذلك في سبيل استكمال تحقيقاتها الأولية.
فلو تبيّن للكنيسة آنذاك أي خرق للمبادئ ولأسس الظّهور الصّحيح، فما كانت تردّدت لحظةً في اعتماد الوضع الأوّل، أي اعتبار أن الظهور غير صحيح، ولكانت قد أقفلت الملفّ حينها.
إلا أنها، ومع النتائج الإيجابية للعديد من التحقيقات الطبية والنفسية التي كُشف عنها من خلال الذين قاموا بها، قد تحفّظت عن إعطاء رأيها النّهائي وذلك أمر طبيعيّ جدًّا بكونه: من جهةٍ أولى لم ينتهي الظّهور بعد، ومن جهةٍ ثانية تشير الظهورات إلى وجود أسرار تتضمّن علامة مرئية وأحداث خاصة ستجري في المستقبل. لذلك، من الحكمة أن تنتظر الكنيسة لتلتمس الثمار النهائية للظهور.
أما بالنسبة للوثيقة الرّسمية التي تُحدّد رأي الكنيسة، فكان إعلان مجلس أساقفة يوغوسلافيا أو ما يعرف بإعلان زادار Zadar الذي صدر في تاريخ 10 نيسان 1991، قد اختار الوضع القانوني الثالث أي أن الظهور لا يزال قيد الدّرس وليس معترفًا به حتّى الآن. كما شجّع إعلان زادار على تكريم العذراء مريم في مديوغوريه شرط أن يتّفق مع تعليم الكنيسة (علمًا أن مديوغوريه لم تكن مقامًا مريميًا قبل الظهورات كون شفيع الرعية هو مار يعقوب).
ولهذا الوضع الثالث قوانينه الخاصة إذ ينطبق عليه المرسوم A.A.S58/16 الذي أقرّه البابا بولس السادس سنة 1966 والذي ينصّ على أنه لم يعد من مانع في نشر الكتابات المتعلّقة بالظّهورات والعجائب شرط الإلتزام بقرار الكنيسة النّهائيّ عند صدوره.
أما بالنّسبة للسماح برحلات الحجّ إلى مديوغوريه، فقد أعلن الدّكتور خواكيم فالس، النّاطق باسم الكرسيّ الرّسولي لقسم الإعلام الكاثوليكي، في 6 آب 1996 ما يلي: “لا يمكن منع الحجاج من الذّهاب إلى مديوغوريه إلّا إذا ثبت أن الظهورات كاذبة. وبما أن هذا الأمر لم يتمّ فبإمكان كلّ شخص أن يذهب إلى مديوغوريه إذا ما رغب في ذلك”.
وأكّد الناطق باسم الكرسيّ الرسولي الدكتور فالس أنه “عندما يذهب المؤمنون الكاثوليك في رحلة حجّ فإن لهم الحقّ في أن يرافقهم أشخاص يؤمّنون لهم الإرشاد الرّوحي. والكنيسة لا تمنع الكهنة من الإنضمام إلى الرحلات المنظّمة من قبل علمانيين إلى مديوغوريه”.
باختصار لما ذُكر أعلاه باستطاعتنا أن نعتبر، بما لا شكَّ فيه، أن الوضع القانوني الحالي لمديوغوريه يسمح بنشر رسالتها وروحانيتها، كما بتنظيم رحلات حجّ إليها والمشاركة بها، فضلاً عن حقّ الكهنة بمرافقة المؤمنين إليها.
فمن يريد أن يطعن بحقّ نشر الرسائل أو الحجّ أو مرافقة الكهنة فعليه أن يثبت أن الكنيسة غيّرت الوضع القانوني للظّهور، وهذا ما لم يحصل. وكلّ كلام يُنقل عن رسالة من هنا وتصريح من هناك أو تفسير لتصريح أي مسؤول في الكنيسة، إن كان إيجابيًا أي لصالح مديوغوريه فهو فلا يعتبر إعتراف بالظهور وإن كان سلبيّ فلا يمكن إعتباره نفيًا له، لأن ذلك لا يتمّ إلّا من خلال قرار مباشر وعلنّي من مجمع العقيدة والإيمان، مُثبّت من قداسة البابا، ملغيًا الوضع القانوني الحالي ومثبّتًا عدم صحّة الظّهورات. وهذا ما لم يحصل.
على هذا النّحو، لا بدّ من التعليق على ما صدر أخيرًا من رأيٍ سلبي من أسقف موستار تجاه ظهورات مديوغوريه. فلا بدّ من إعطاء لمحة تاريخية عن مرجعية دراسة ظهورات مديوغوريه:
في البداية، وكما تجري العادة، إن أسقف موستار هو من يتابع ملفّ الظهورات كونها تقع في أبرشيته. إنّما حوالي منتصف الثمانينات تمّ نقل هذه الصلاحية لمجلس أساقفة يوغوسلافيا. وعند سقوط يوغوسلافيا انتقل الملفّ إلى أساقفة البوسنة والهرسك، إلى أن تمّ أخيرًا تكليف مجمع العقيدة والإيمان لتشكيل لجنة ومتابعة ملفّ الظهورات مباشرةً.
وتأكيدًا على أن أسقف موستار لم يعُد يتمتّع بأية سلطة أو حقّ لمتابعة هذا الملفّ، فقد عيّن البابا فرنسيس في شباط 2017 رئيس أساقفة وارسو-براغ، هنريك هوزر للنّظر في الوضع الرّعوي في مديوغوريه علمًا أن ذلك هو أصلاً عمل أسقف موستار.
علاوةً على ذلك، وتأكيدًا على أن رأي أسقف موستار لا يُعتبر أكثر من موقف شخصيّ، قد جرت الحادثة نفسها في السّابق مع أسقف موستار. حينئذٍ وجّه المطران ميلر أوبري إلى الكاردينال راتزنغر، رئيس مجمع العقيدة والإمان، في كانون الثاني عام 1998 رسالة سائلاً إيّاه عن موقف أسقف موستار السّلبي من مديغوريه وعن قيمته القانونية. فجاء الرّد من مجمع العقيدة والإيمان في 26 أيار 1998 أن الكلام السّلبي الذي عبّر عنه مطران موستار حول ظهورات مديوغوريه يُعتبر “رأيًا شخصيًا”. كما أكّد المجمع في الرسالة نفسها على أنه يُسمح إقامة رحلات حج إلى مديوغوريه بانتظار القرار النّهائي للكنيسة.
بعد كلّ ما ذكر، نكون قد أثبتنا بالوقائع المؤكّدة وبالإستناد إلى وثائق رسمية أنه يمكن للمؤمنين التعرّف على روحانية مديوغوريه وعيشها إن من خلال القراءات أو رحلات الحجّ المرافقة من قبل الكهنة.
وكلّ ما يقال عكس ذلك فإما يكون عن قلّة معرفة وعدم إضطلاع على حيثيات هذا الملفّ أو عن تزوير متعمّد لموقف الكنيسة وهذا أمر خطير جدًّا لما فيه من إنتحال للصّفة الكنسية وشهادة زور.
وفي الختام نضع بين يدي مريم العذراء سيدة مديوغوريه وسيدة لبنان هذه القضية آسفين بألمٍ عمّا قد صدر من بعض أولادها الذين قد يكونون لا يدرون ماذا يفعلون…

  • شارك الخبر