hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

الراعي: بالاختلاف والتنوع نبني عائلة بشرية واحدة

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٧ - 15:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في القاهرة حفل تدشين مدارس القديس يوسف المارونية التي تم ترميمها وتجديدها، في حضور راعي الابرشية المطران جورج شيحان، وراعي ابرشية بيروت المطران بولس مطر والهيئتين الإدارية والتعليمية في المدرسة ولفيف من الكهنة وحشد من الطلاب والأهالي.

وألقى مدير المدرسة الأب نبيل هب الريح كلمة ترحيبية شكر فيها للراعي لفتته ومباركته "هذه المسيرة في الخدمة والعمل وهذه المؤسسة العريقة التي تعد رمزا للماضي والحاضر والمستقبل".
ولفت الى أن "العامل يستحق أجرته"، مؤكدا "أننا استحققنا أجرنا بحضور غبطتكم وصلواتكم وتبريككم لهذه المدرسة العريقة التي تأسست سنة 1906 وتاريخها حافل في مجال التربية والتنشئة التي توليها المارونية الأهمية القصوى".

وعرض هب الريح لتاريخ المدرسة مستذكرا رؤساءها من مطارنة وآباء ومديرين "تركوا أثرهم وعلموا أجيالا، تاركين إرثا من أبنائهم الذين تميزوا في مختلف القطاعات".

وشدد على أن "المارونية رسالة نابعة من أصالة جوهرها وغايتها السامية الداحضة للباطل، فهي رسالة نور لا يمكن للظلمة ان تخفيه. وهي رسالة محبة لا تسقط ابدا. ونحن نحمل على عاتقنا مسؤولية زرع المحبة وقيم التسامح في ابنائنا وفي بعضنا البعض".

وختم موجها "تحية تقدير وشكر ومحبة للبطريرك الراعي على حضوره وسط ابنائه الذين يلتمسون بركته وصلواته".

بدوره ألقى المطران جورج شيحان كلمة قال فيها: "يذكرنا المجمع البطريركي في باب الكنيسة المارونية والتربية بأن "المدارس المارونية انطلقت من لبنان إلى النطاق البطريركي وإلى بلاد الانتشار، فكان لمصر نصيب بدأ بهذه المدرسة العريقة، مدرسة القديس يوسف المارونية وتبعتها المدرسة المارونية للرهبنة اللبنانية المريمية في مصر الجديدة".

وأضاف: "من خلال هذه المدارس التي تتكاثر في لبنان والنطاق البطريركي، إستطاعت الكنيسة المارونية أن تغذي أبناء مجتمعاتها بالقيم الإنسانية والمسيحية، مشجعة على الانفتاح العلمي والثقافي، ومنمية طاقات تلاميذها الإبداعية بهدف تهيئتهم للالتزام الكنسي والمجتمعي في إطار الخير والحق والحرية والمحبة. ويلفت المجمع إلى أن المربين كثر لكن التربية مهملة أو مشوهة، ويقول إن المدرسة تواجه اليوم تحديا كبيرا، وعليها أن تنتزع دورها من كل الذين يشوهون تربية أجيالنا الطالعة. فينبغي لها أن تؤمن التربية الشاملة الهادفة إلى إنماء الشخصية في كل أبعادها الروحية والأكادمية والوطنية والاجتماعية".

وتابع: "في كل ذلك، على المدرسة أن تواجه إشكالية تأقلم التقليد مع الحداثة، فتعمل على إقامة التوازن بين ما تقدمه الحداثة من حرية فردية ذاتية، ومن قدرات معرفية واسعة وانفتاح على ثقافة أدبية وعلمية واجتماعية وحتى أخلاقية لا مرجعية دينية لها، وعلى مجتمع استهلاكي تحدد نشاطه حاجات الإنسان ورغباته، وبين ما يراه التقليد من التقيد بالدين والإيمان وفروضهما، ومن تأكيد العادات الاجتماعية والعائلية، ومن ضرورة احترام المواقف الأساسية التي بلورتها الحضارة الخاصة بالجماعات البشرية".

وأشار الى أن "مدرستنا إرث عريق وتاريخ مجيد لكنيستنا المارونية ولأبرشيتنا في مصر العربية. لقد أعطت هذا المجتمع المصري أجيالا من الرجال العظام الذين منهم الطبيب والمهندس والمحامي ورجل الأعمال وأرباب الأسر. وتاريخها أنها حملت مشعل التربية عبر آباء أفاضل وكهنة وعلمانيين كرسوا حياتهم من أجل رسالة التربية والتعليم، وكان أبرزهم الخورأسقف يوحنا طعمة الذي غرس من روحه وخدمته وتضحياته طيلة أربعين عاما في أجيال حملت بفخر أسمه "تلامذة أبونا طعمة"، وخريجي المارونية، وما زالوا حتى هذه الأيام يفاخرون بأنهم عاشوا أيام الدراسة والعلم والمعرفة في أرجاء هذا الصرح العريق.
ونحن اليوم مع الإدارة الحالية برئاسة ولدنا الخوري نبيل هب الريح، ممثل الهيئة المالكة ومعه مجموعة من المدراء وأفراد الهيئة التعليمية يجتهدون بكل سهر وعناية ورعاية ومتابعة حثيثة لكل مجريات التربية وما تتطلبه من خدمات، ولا سيما أن أبناءنا اليوم ليسوا كأبناء الأمس، فهم يتطلبون إهتماما مضاعفا نظرا الى التحديات التي يواجهونها على المستوى التعليمي والتربوي والأخلاقي. وفي هذا المجال نؤكد أن ولدنا الخوري نبيل هب الريح لم يأل جهدا وسهرا في متابعة مسيرة هذه المدرسة بكل حكمة وإدارة ومسؤولية بالتعاون مع مدير المدرسة الأستاذ سمير نقولا الذي نكن له الاحترام والتقدير. الخوري نبيل اجتهد مع فريق من المهندسين والمتعهدين كي تلبس هذه المدرسة حلتها الجديدة وتكون مؤهلة بكل فصولها ومكاتبها ومعاملها لتلبية حاجات طلابنا بأفضل ما يمكن، فيكون اهتمامنا بالحجر والبشر".

وقال: "اننا باسمكم يا صاحب الغبطة والنيافة وباسم كهنة الأبرشية وعموم أفراد الهيئة التعليمية وأولياء الأمور نهنئه ونثني على جهوده آملين لمدرستنا ولطلابنا ولكل من تطأ قدماه أعتاب هذه المدرسة كل التقدم والإزدهار لمستقبل أفضل من العلم والتربية. شكرا لحضوركم بيننا يا صاحب الغبطة والنيافة، تواكبون مسيرة أبرشيتنا المارونية في مصر. ففي زيارتكم الرعائية عام 2015 باركتم مبنى المطرانية في مصر الجديدة وكنيسة القديس مارون التي هي بمسؤؤلية وخدمة آباء الرهبنة المارونية المريمية. واليوم تباركون أعمال الترميم التي طالت مدرستنا هذه، وفي المستقبل القريب سنلتقي معكم بإذن الله في الإسكندرية حيث سنبدأ ورشة عمل مع الكاهن الجديد الخوري فريد مرهج وأبناء الرعية في الإسكندرية، وأيضا أعمال ترميم كنيسة القديسة تريزيا في الإسماعلية لتكون مركز رياضات ومؤتمرات وأنشطة شبابية تهدف إلى تفعيل حضورنا ورسالتنا ككنيسة مارونية إمتدت على مدى خمسماية سنة".

وختم شيحان: "كلنا أمل ونحن نعمل برعاية الله وبركتكم ورعايتكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أن تثمر جهودنا لنواكب مسيرة هذا البلد العظيم في ظل الرئاسة الحكيمة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يعمل بكل جد ونشاط لكي تستعيد مصر دورها الريادي بين بلدان الشرق الأوسط. نشكر الله معكم أيها الحضور الكريم ونسأل الله لإبرشيتنا ولمدرستنا هذه والقيمين عليها كما لطلابنا كل التوفيق والنجاح من أجل إنسان ناجح ووطن يستحق الحياة".

الطلاب
وكانت كلمة للطلاب ألقيت باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنكليزية رحبت بأبيات شعرية بزيارة البطريرك، وتم التشديد في نصوصها على "قوة الأواصر التي تربط مصر ولبنان والتي كان نتاجها هذا الصرح التعليمي".

وأعلن الطلاب في كلماتهم انهم سيسيرون على "درب تقديم نماذج بشرية مشرفة تعد موطنا للقدوة". ولفتوا الى ان "المدرسة تعد المنزل الثاني للطالب او المجتمع المصغر له، لذا سيخطون بخطوات ثابتة نحو الرقي والازدهار في ظل تأييدكم ودعمكم لخطانا".

وعبر الطلاب عن فرحهم لاستقبال الراعي للمرة الثالثة في مدرستهم معتبرين ان "هذه الزيارة تشكل شرارة ستشعل في قلوبنا الفرح الكبير وستدفعنا للعمل بشكل اضافي لتبقى مدرستنا بمصافي المدارس الكبرى".

الراعي
بدوره ألقى الراعي كلمة قال فيها: "يسعدنا اليوم ان نكون معكم لكي نهنئ سيدنا المطران جورج شيحان الولي على المدارس والأب جورج نبيل هب الريح ورئيس الهيئتين التعليمية والإدارية والطلاب والاهل على اعادة ترميم مدرسة مار يوسف".

وأضاف: "من أهم رسائل الكنيسة في العالم ولا سيما هنا في القاهرة وتحديدا المارونية، انشاء المدرسة. واليوم نحن نترحم على المؤسسين لهذه المدرسة الذين اهتموا بها منذ عام 1906، وهم يشفعون بنا في السماء ويفرحون معنا فرحا كبيرا لأن المدرسة ما زالت تنمو بالبشر والحجر. وقيمتها أن الكنيسة تؤمن بخدمتها التربوية التي هي عزيزة على قلبه. وفي المناسبة يرافقنا اليوم المطران بولس مطر الذي يشرف على سبع مدارس هي مدارس الحكمة في بيروت اضافة الى جامعة الحكمة وهي انكلوفونية وفرانكوفونية كذلك تضم فروعا للفندقية والمهنية. وسيدنا مطر من محبي التربية، لذلك هو مرتاح جدا بوجوده معنا اليوم وفرحته كبيرة".

وتابع: "نحيي الكنيسة والمجتمع والدولة. ونحيي كل من يساعد طلابنا على صوغ شخصيتهم بكل أبعادها العلمية والروحية والأخلاقية والوطنية. هؤلاء الطلاب يسلمهم الأهل الى مدارسنا التي بدورها تسلمهم الى المجتمع والكنيسة في مصر لكي يكونوا مواطنين مخلصين لوطنهم ومؤمنين لأبناء الكنيسة. وهنا لا بد لي من ان احيي طلابنا من المسلمين واهلهم، ويسعدنا وجود طلاب مسلمين ومسيحيين في مدارس مار يوسف المارونية".

وأشار الى "أننا أتينا من مؤتمر ناجح جدا تمحورت مواضيعه الأربعة الأساسية حول الحرية والمواطنة والتنوع والتكامل. وكان تشديد في هذا المؤتمر على اهمية تربية اجيالنا على هذه القيم الأربع. فركزنا على المدارس التي هي المنطلق الأساسي الذي نربي من خلاله اولادنا على هذه القيم. لقد كنتم حاضرين معنا في المؤتمر على الرغم من انكم لم تشاركوا لأن التركيز كان على المدرسة بكل مكوناتها، فهناك تهيأ الأجيال. التفاعل الإيجابي كان لافتا والجميع أحس بهذا المؤتمر الذي تمثلت فيه 60 دولة وبلغ الحضور نحو 200 شخص أتوا من كل البلدان والطوائف. لقد شعروا جميعا بان عالم اليوم بحاجة الى تنشئة اجيال جديدة وبحاجة الى عالم يعيد للإنسان حريته الحقيقية التي هي عطية من عند الله. ربنا يقول انا حررتكم لكي لا تستعبدوا لأحد وعلمتكم الحقيقة لأنها تحرركم وهي تجمعكم، لذلك فالحرية هي عطية كبرى من الله. لقد شعر المؤتمرون بأن هناك حاجة الى وجود تربية في المدارس والبيوت والمجتمع على مفهوم الحرية الحقيقية وعلى المواطنة التي يعيش من خلالها الناس متنوعين بانتماءاتهم السياسية والدينية والحزبية، ولكنهم يكونون مجتمعا واحدا ووطنا واحدا مبنيا على الحقوق والواجبات".

وأردف: "لذلك للمدرسة دور كبير جدا لكي تهيئ شبابنا واجيالنا الصاعدة على قيم الحقوق والواجبات. بعضهم عرض لفكرة التكلم عن الواجبات، انطلاقا من واجباتي انا تجاه وطني والمجتمع والله والكنيسة بعدها ستصلني حقوقي بالتأكيد. وهناك تركيز على فكرة التنوع، فالعالم لا يمكنه ان يعيش بالآحادية. المدرسة تضم الجميع على تنوعهم ونحن نتعلم انه داخل المدرسة وخارجها علينا ان نحترم بعضنا بعضا باختلافنا لأن هذا الإختلاف والتنوع يجعلنا نبني عائلة بشرية واحدة. في المدرسة نربي الأجيال الجديدة وفي المدرسة نربي لعالمنا العربي مجتمعا يخرج من تمزقه وحروبه ومن النزاعات الكبيرة التي تشرذمه".

وختم الراعي: "من هنا نحيي جمهورية مصر العربية تحية كبيرة جدا، ونحيي رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ونقول له إن هذه المدرسة هي في خدمتكم وفي خدمة الوطن، لذلك يمكنكم أن تكونوا مرتاحين لأن الاجيال يتم تربيتها أفضل تربية في هذه المدارس. أحيي أهلكم ومجتمعكم المسلم وكل الكنائس وكنيستنا بنوع خاص لأنه من هنا يتخرج المواطنون والمؤمنون المخلصون".

  • شارك الخبر