hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - جورج العاقوري

تفجير سيدة النجاة... أذكر يا إنسان

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٧ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بقلم جورج العاقوري

من شعائر إنطلاق مسيرة الصوم لدى المسيحيين رسم شارة الصليب بالرماد على الجباه، وترداد مقولة "إذكر يا إنسان انك من التراب والى التراب تعود" لتسقط لاحقاً مع تتويج الصوم بالصلب والقيامة حيث غلب المسيح الموت بالموت.
العودة الى التراب ليست سوى تذكير للأنسان بأن أمجاد هذه الارض فانية، وبأنه مع المسيح اصبح إنساناً جديداً. كما أن عيش الصوم ليس خوفاً من الله أو "حمية غذائية" بل لبناء الارادة وتهذيب الذات وضبط الرغبة الجامحة. الله لا يحمل chronometer ويحسب لنا الانقطاع عن الاكل والشرب بالثواني، ولا "ناطر ع الكوع"، بل يريد ان ينبع الصيام من رغبة ذاتية بكامل الحرية فيكون فعل إيمان لا فرض واجب وعيشاً للمحبة ولملء إنسانية الانسان.
السابع والعشرون من شباط هذا العام يصادف إنطلاق الصوم وذكرى تفجير "سيدة النجاة" في زوق مكايل بالمؤمنين خلال الاحتفال بذبيحة الاحد عام 1994، يوم أضحوا هم الذبيحة في هيكل الوطن المحتل يومها.
مع ولادة "الطائف" نظرياً والذي شكل البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الرافعة المسيحية له، بدأ الانقلاب عليه عملياً جراء الخلل بموازين القوى الاقليمية بعد غزو العراق للكويت ودخول جيش حافظ الاسد مع التحالف الدولي لتحرير الكويت وتقديم نفسه كضابط إيقاع إقليمي. فكان ان أطلقت يد سوريا في لبنان: حلّ لميليشيات وترك لأخرى، خلل فادح في إستيعاب المقاتلين في المؤسسات العسكرية الشرعية، إسترداد أملاك الدولة المصادرة من فريق وتركها مع آخر، تشكيل حكومات غير متوازنة سياسي وإحراج "القوات اللبنانية" عبر تمثيلها بشكل مخالف للاحجام ثم تعيين نواب بشكل فاقع عام 1991 قبل الانقضاض على طرح الطائف بإنتخاب مجلس نيابي من 108 مقاعد عبر رفع العدد الى 128 وتوزيعها بشكل لا يتلاءم مع الواقع الديمغرافي بل يكفل هيمنة نظام الاسد على الحياة التشريعية.
بالتزامن، كان تضييق من نوع آخر على "القوات" بين 1990 و1994، عبر تصفية كوادرها من ايلي ضو الى سامي ابو جودة ونديم عبد النور ووصولاً على سليمان عقيقي، وخلق الذرائع لملاحقة مناصريها كمحاولة إغتيال الرئيس الياس الهراوي، الى التدخل بشكل مباشر لمنع وصول سمير جعجع الى رئاسة حزب "الكتائب" ثم تفجير بيت الصيفي عشية انتهاء سنة 1993، وصولا الى تفجير كنيسة "سيدة النجاة" في 27 شباط 1994 المصيدة التي فبركت خصيصاً للقضاء على "القوات" بعد الفشل بتدجين سمير جعجع بالترغيب والترهيب ومقولة "يا النظارة يا الوزارة" ما زالت عالقة في الاذهان.
تفجير "سيدة النجاة" وما تلاه من حلّ لـ"القوات" واعتقالات طاولت حتى جعجع، كان "الضربة القاضية" بنظر مفبركيه الذي توهموا ان "القوات" الى التراب تعود، وتصبح ذكرى لن يجرؤ احد على ذكر إسمها حتى... وراحوا يروجون لمناخ "الاحباط المسيحي" الذي يناقض المسيحية بجوهرها المتمثل بالرجاء، ويسوقون لمنطق "حلف الاقليات"... ومع مرور الوقت وتراكم احكام قضاء ذاك الزمن الصادرة بحق جعجع وإنسداد الافق السياسي محلياً وإقليميا ودولياً جراء حال من "الستاتيكو"، كاد بعضهم يضعف ويشكك بحقيقة أن "ما من ظلم يدوم"... الى أن كان ربيع 2005 وثورة الارز يوم تقاطع نضال التيار السيادي اللبناني مع توجهات عواصم القرار في توقيت الخطأ المُميت المتمثل بإغتيال الرئيس رفيق الحريري.
فكان التاريخ يلقنّ الدرس مرة جديدة أن ما من ظلم يدوم وما من إحتلال يستمر، وحتى لو فجروا كنيسة وإغتالوا وإعتقلوا لن يزهر الخوف إلا عقماً... فإذكر يا إنسان.
 

  • شارك الخبر