hit counter script

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني

هل حان موعد طاولة الحوار في بعبدا؟

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٧ - 07:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يرى البعض أنّ لا حلّ لتعثّر التوافق على وضع قانون جديد للإنتخاب إلاّ بالحوار بين الكتل النيابية كافة، التي لا يزال بعضها يُطلق مواقفه عبر وسائل الإعلام، من دون أن يكشف أوراقه كافة على طاولة المفاوضات. وإذا كان إقامة طاولة حوار في قصر بعبدا برئاسة الرئيس العماد ميشال عون، على ما تقول أوساط سياسية متابعة، هي مفتاح الحلّ بعد أن سُدّت الطريق في وجه الخطط أو المبادرات الثلاثية والرباعية، فإنّ عون لن يعترض على هذا الأمر.
ولكن في المبدأ، على ما تشرح، فالرئيس عون يجد أنّ المكان المناسب لطرح قانون الإنتخاب هو في مجلس النوّاب، ولا يعتبر أنّ طاولة الحوار هي الجهة المخوّلة البحث فيه. كما أنّه يسعى لتعزيز دور المؤسسات الدستورية والشرعية لكي تقوم كلّ منها بما يُلزمها به الدستور من دون أي تلكؤ أو مماطلة، ولهذا لا يزال يُعوّل على سعي الأحزاب والكتل النيابية للتوصّل الى اتفاق على قانون الإنتخاب الجديد.
وبعد دخول لبنان مرحلة ما بعد دعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري، وفق قانون الستين، (حتى الآن) وإمكانية إقرار القانون الجديد حتى قبل يوم واحد من موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، والمقرّرة في 21 أيار القادم، فإنّ العدّ العكسي قد بدأ. ولهذا فعلى القوى والمكوّنات السياسية أن تعي مسؤولية هذا الأمر وتتعاون من أجل إقرار القانون الجديد، من خلال تكثيف اللقاءات والإتصالات التي توصل هذه المسألة الى خواتيمها.
ومن أجل تسريع وتيرة العمل على إنجاز القانون، اقترح البعض فكرة إحياء طاولة الحوار في بعبدا مجدّداً، ولاقت استحساناً من قوى سياسية عدّة حتى من فريق 8 آذار. على أنّ الرئيس عون لن يرفضها، على ما عقّبت، إذا كان ثمّة إجماع عليها من قبل القوى المشاركة فيها، شرط عدم انعقادها من أجل مناقشة الملفات الشائكة كسلاح «حزب الله» أو الإستراتيجية الدفاعية الوطنية، بل حصرها ببند واحد ألا وهو «الإتفاق على الصيغة النهائية لقانون الإنتخاب الجديد».
كذلك فإنّ هذه الطاولة، في حال عُقدت، ستكون منفصلة، بحسب الأوساط نفسها، عن سابقاتها أي عن مقرّرات طاولات الحوار التي حصلت في العهود الرئاسية السابقة لا سيما «إعلان بعبدا» الذي لا تزال بعض الأطراف تتمسّك به، في حين أنّه ليس محطّ إجماع داخلي. ومن هنا، فلا يُراد من طاول الحوار الجديدة أن تُشكّل مصدر خلافات أو انقسامات جديدة بين المكوّنات السياسية، بل أن تحلّ مشكلة معيّنة هي قانون الإنتخاب. ولهذا يجب تبيان مواقف مختلف المكوّنات قبل الدعوة «الرسمية» الى عقد هذه الطاولة في بعبدا.
وبرأيها، إنّ الرئيس عون يؤيّد الحوار في المبدأ، والأخذ بمواقف الأطراف الأخرى، وإلاّ لما كان دعا الى استفتاء شعبي على قانون الإنتخاب لحلّ هذه المسألة، بعد أن عجزت الكتل النيابية عن التوصّل الى اتفاق يُرضي الجميع. ولكن اليوم مع تبدّل بعض المعطيات، وموافقة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على هذا الطرح، يُصبح بالإمكان تطبيقه. ولعلّ اقتراح تجديد هذه الطاولة هو بمثابة جسّ النبض لمعرفة كلّ المواقف منها، قبل القيام بخطوة ناقصة تزيد من تعقيد الأمور بدلاً من حلّها.
وتكشف الأوساط نفسها بأنّ أي من الأطراف السياسية اليوم، لن يسعى على هذه الطاولة (إذا ما عُقدت) الى فتح ملف سلاح «حزب الله». فقد بات معلوماً لا سيما بعد توصيف هذا السلاح وماهيته من قبل رئيس الجمهورية، أنّ التسوية التي حصلت لانتخاب العماد عون رئيساً، وتسمية سعد الحريري لترؤس الحكومة، تضمّنت ضمناً مسألة عدم مناقشة سلاح «حزب الله»، على الأقلّ في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأنّه يُشكّل قوة مهمّة تُرعب إسرائيل، ولا مجال للتخلّي عنه اليوم لا سيما وأنّ عون يضمن عدم استخدامه في الداخل ضدّ أي فريق لبناني آخر. ولهذا فلا بدّ من الإنتظار الى حين تبدّل معطيات كثيرة في المنطقة وتبيان نتائج التحالفات السياسية فيها.
وعمّا أبدته المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ بعد تصريح الرئيس عون، من خشية من سلاح الحزب بقولها: «إنّ ما يُحكى عن تزايد تسلّح «حزب الله» مثير للقلق»، فتجده الأوساط نفسها، صحيح مئة في المئة، كونه يُثير قلق إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية ليس إلاّ. فيما عدا ذلك، فإنّ تزايد هذا السلاح يزيد من قوّة لبنان في حال جرى، في مرحلة لاحقة، دمجه بسلاح الجيش اللبناني.
فما تشهده الدول المجاورة للبنان من صراعات مبنية على القوة والسلاح والصواريخ، يحتّم عليه اليوم عدم التفريط بسلاح «حزب الله» لا سيما وأنّه يعلم تماماً مدى جهوزيته للدفاع عن الوطن ومناطقه وحدوده من أي عدوان خارجي آتٍ من إسرائيل أو من أي طرف آخر تقوم بدعمه وتشجيعه على القضاء على المقاومة.
ولا يبدو بالتالي أنّه من مصلحة بعض المصطادين في الماء العكر فتح ملفات خلافية على طاولة الحوار، لأنّ ذلك سيكون مضيعة للوقت، في حين أنّ المطلوب هو الاستفادة من الأشهر الثلاثة المتبقية على موعد الإنتخاب من أجل الخروج بقانون إنتخابي يوصل الممثلين الحقيقيين الى مجلس النوّاب. فالشعب ينتظر حصول الإنتخاب لكي يبدأ بعد ذلك العمل الجدّي على حلّ الملفات الإجتماعية والمعيشية والإجتماعية للمواطنين، والتي تتعقّد أكثر فأكثر في ظلّ المضاربة على أعمالهم ومهنهم التي يُعانون منها من قبل النازحين السوريين الذين يتمّ تأمين السكن والطبابة والمدارس لهم ولأبنائهم بأسعار رمزية.
في المحصلة، تبقى طاولة الحوار أحد المقترحات المطروحة على طاولة البحث بهدف وضع قانون الإنتخاب المنتظر. وفي حال أظهرت المعطيات أنّه بإمكانها حلّ معضلة الخلافات حوله، فتؤكّد الأوساط أنّ الجميع سوف يوافق على هذه الطاولة ويُشارك فيها من دون أي إعتراض.

(دوللي بشعلاني- الديار)
 

  • شارك الخبر