hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - د. جيرار ديب - الجمهورية

من «أستانة إلى جنيف» وأزمة سوريا إلى تصعيد

الأربعاء ١٥ شباط ٢٠١٧ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أعلنَ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستيفان دو مستورا، أنّ «جدول أعمال محادثات السلام السورية المقرّر أن تبدأ في جنيف الإثنين في 20 شباط 2017 (أمس الأول)، سيلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يهدف إلى إنهاء النزاع»، مشيراً إلى أنّه «لن يتمّ تغييره».سلسلة من اللقاءات والمفاوضات، تقام لإنهاء حالة الحرب الدائرة في سوريا، إلّا أنّ أياً منها لم تتوصّل إلى وقفٍ للنار الفوري. هذا ما يوضح لنا، أنّ النزاع لم يعد محصوراً في الأطراف المحلية المتنازعة، بقدر ما هو نزاع يحمل في طياته أبعاداً جيوبوليتكية عند الأطراف الإقليميين والدوليين، المشاركة فيه مباشرة وغير مباشرة.

إنّ تقاطعَ المصالح والأهداف على الأرض السورية، يدفع باستمرار الأزمة لسنوات طويلة، ما يشكّل حاجزاً معرقلاً أمام الجهود الدولية لوقفِ النار. فمن آستانة 1 الذي عُقد يومي 23 و24 كانون الثاني الماضي، الذي اتّفق فيه، خبراء الدول الراعية له، على ضرورة إجراء المزيد من المحادثات لتثبيت عملية وقف النار.

وصولاً إلى آستانة 2، الذي انتهى من دون توصيات، بل اكتفى ببيان للخارجية الروسية صادر عنها، الخميس 16 شباط 2017، يدعو فيه إلى إنشاء آلية حازمة لمراقبة وقف النار.

لذلك، لم تعد الآمال معقودة على مؤتمر جنيف 2، على رغم إصرار دو مستورا على الخروج منه بصيغة لإنهاء الحرب. لأنّ التعقيدات التي تتشابك في النزاع الدائر، تنذِر بفشل مسبَق للمؤتمر.

أمّا أبرز هذه التعقيدات:

• النزاع السوري - السوري، الذي بات واضحاً في رفضِ كلّ طرفٍ الآخرَ، مثلما بان في اجتماعات الأستانة 2. إذ، وصلت وفود المعارضة متأخّرةً عن موعد اللقاء، ما دفعَ برئيس وفد الحكومة السورية بشّار الجعفري بانتقاد عنيف معتبراً المعارضة بالوفد «غير المسؤول». في المقابل، ترفض قوّة المعارضة، الوصول إلى أيّ حلّ في سوريا، إلّا بعد تنحّي الأسد عن السلطة.

• تقاطع مصالح الأطراف الداعين إلى مفاوضات آستانة، من روسيا إلى تركيا إلى إيران. إذ كيف سيكون الحلّ السلمي، طالما قوات هؤلاء الأطراف تتقاتل في معارك عنيفة على أرض الميدان. فما أتى على لسان الخارجية الروسية، من أنّ تركيا تسعى إلى تحقيق أهداف خاصة بها في سوريا، إضافةً إلى محاربة تنظيم «داعش»، له مثال على ذلك.

• اللاعب الأميركي، المغيّب في مفاوضات الأستانة، والعائد بقوّة لإعادة خلط أوراق المنطقة من خلال التصاريح التي يطلقها الرئيس دونالد ترامب.

إذ يبعث من خلالها أكثرَ من رسالة إلى الجانب الروسي، والإيراني معاً. فقد أبلغ وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون، الجانب الروسي «أنّ واشنطن لن تتعاون مع موسكو، قبل أن تتوقف عن وصفِ كلّ معارضي الأسد بأنّهم إرهابيون».

لم يعد يُنظر إلى سوريا من الدول المتنازعة، كدولة لها حدودها الجغرافية، ونظامها وسيادتها. بل يَعتبروها، مساحة جغرافية متنازَع عليها، للحفاظ على مصالحِهم في هذا الشرق، الذي تُشكّل فيه سوريا قلبَه النابض. لذلك، ستزداد حدّة المعارك، طالما لم يتمّ تحقيق المطلوب، وستتداخل المصالح أكثر، كلّما تمّ القضاء على «داعش» بسبب تضييق المسافة بين المتقاتلين.

أخيراً، ستبقى هذه الاجتماعات والمفاوضات تُستأنف، بهدف إضاعة الوقت، لأنّه لا رؤية مستقبلية للأطراف المحلية والإقليمية والدولية، حول أيّ سوريا تريد؟.

فإنّ لعبة الوقت الضائع، في كثرة اللقاءات والمفاوضات، تتناسب مع جميع الأطراف المعنية في الحرب السورية، إلى حين تتجلّى الصورة الميدانية. خصوصاً، وأنّ اللاعب الأميركي، مع وصول ترامب يطلق تهديداته ووعيدَه، بينما لم نرَ جيوشه وأساطيله تتحرّك على الأرض السورية.
د. جيرار ديب - الجمهورية

  • شارك الخبر