hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

الراعي: لضرورة سن قانون جديد للانتخابات يراعي حسن التمثيل

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٧ - 12:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس أحد تذكار الموتى المؤمنين في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وعاد ابي كرم ولفيف من الكهنة، في حضور عائلة المرحوم هيكل مسلم، عائلة المربي المرحوم كريم معوض سعادة، عائلة المرحومة لينا يواكيم زوجة الزميل اميل عيد وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "عندهم موسى والأنبياء" (لو 16: 29)، قال فيها: "تحيي الكنيسة اليوم تذكار الموتى المؤمنين، فتقدم الذبيحة الإلهية في كل الكنائس مع صلاة وضع البخور وأعمال المحبة والرحمة لراحة نفوسهم. وها نحن اليوم نذكرهم ونذكر موتانا، مرددين: "الراحة الدائمة أعطهم يا رب، ونورك الأزلي فليضىء لهم، فليستريحوا بسلام". وإننا نعزي كل الذين فقدوا عزيزا عليهم في هذه الأيام الأخيرة، راجين لهم البلسم الإلهي. فنوجه تعازينا معكم بنوع خاص إلى ثلاث عائلات حاضرات معنا:
عائلة المرحوم هيكل مسلم الذي وقع ضحية عملية الإرهاب في اسطنبول ليلة رأس السنة. نعزي زوجته السيدة ميراي خوري، التي نجت من ذاك الهجوم الوحشي، وقد مر على على زواجهما خمسة اشهر فقط، ونعزي معها والديه واشقاءه وشقيقته ونسيبه الخوري جبرايل الحاضر معنا وكل الأنسباء الحاضرين وأبناء البيره-الشوف الأعزاء. إن ذكر المرحوم هيكل يبقى حيا في خواطرنا وقلوبنا وبخاصة في خواطر وقلوب الرياضيين، هو الذي شارك في عدة بطولات في العالم وحمل اسم لبنان، ودرب على مختلف الألعاب الرياضية في العديد من المدارس والأندية. إنه خسارة كبيرة لنا، ولكنه هدية ثمينة للسماء. واننا نذكر مع المرحوم هيكل الشهيدين اللذين سقطا معه: الياس ورديني وريتا الشامي ونعزي اهلهم، كما نصلي من اجل شفاء اللذين ما زالوا يعانون من جراح ذاك الهجوم الارهابي الوحشي".

أضاف: "نحيي عائلة المربي المرحوم كريم معوض سعاده الذي ودعناه بكثير من الأسى في 9 كانون الأول الماضي، فنحييها والوفد المرافق من بلدة حصارات العزيزة. فإننا نجدد التعازي لزوجته وأولاده وأشقائه ولكل أبناء البلدة الذين يحفظون له الجميل على تربيته لأجيالها، وعلى جهوده المتفانية في إنجاز كنيسة سيدة البيدر الرعائية ومجمعها، وعلى التزامه في حياة الرعية ورسالتها".

كما نحيي عائلة المرحومة لينا يواكيم، زوجة السيد إميل عيد، المصور الصحفي في جريدة النهار والمعتمد في هذا الكرسي البطريركي لسنين طويلة. وقد ودعناها معهم في 2 شباط الجاري. إننا نقدم تعازينا الحارة لزوجها وابنيها وابنتها ووالدتها وشقيقيها وشقيقاتها وعائلاتهم وسائر ذويهم وأنسبائهم الأحباء، ملتمسين لها الراحة في الملكوت السماوي".

وقال: "أراد الرب يسوع في انجيل اليوم، في استعارة الغني ولعازر، أن يبين لنا أن طريقنا إلى الخلاص الأبدي تمر بإغاثة الفقير والمحتاج، ماديا ومعنويا وثقافيا. وترك لنا كلامه الإلهي الموجه للغني المستغيث من أجل إخوته الخمسة السالكين طريقه لئلا يصلوا إلى مكان العذاب مثله، إذ قال له: "عندهم موسى والأنبياء" (لو16: 29). الكنيسة المؤتمنة على كلام الله ونقله وتفسيره والتعمق فيه، هي الهادية لكل إنسان إلى الخلاص الأبدي، وإلى نجاته من الهلاك في جهنم".

أضاف: "لا يقصد الرب يسوع في هذا التعليم إدانة الغني وامتداح الفقر، بل إدانة سوء إستعمال الغني، وامتداح فضيلة الصبر في قبول حالة الفقر.

الغني، ماديا كان أم معنويا أم ثقافيا، عطية من الله وامتياز لأنه من علامات بركات الله. وقيمته أنه يمكن صاحبه من أن يعكس وجه الله عندما يعطي، ويشرك غيره في عطايا الله أو يتقاسمها معه. وقيمته أيضا أن صاحبه يصبح يد الله المنظورة التي تعطي وتساعد وتشرك. ويختبر بذاته كرم الله. مشكلة ذاك الغني أنه نسي المعطي الأساس، الذي هو الله، وتعلق قلبه بالعطية، المال وخيرات الدنيا. وبدلا من أن يكون غنيا في يده وقلبه، أصبح غنيا بالمال وفقيرا بالقلب من الحب والرحمة والحنان. هذا التعلق المفرط والمطلق بالعطية، عبر عنه الرب يسوع بأن ذاك الغني كان "يلبس البرفير والأرجوان، ويتنعم كل يوم بأفخر الولائم" (لو16: 19).

ليست إذن مشكلة الغني في ممتلكاته، بل في سوء إستعمالها وسوء تصرفاته. لم يعرف إلا لذة الأخذ، ولم يختبر سعادة العطاء. ما جعله أصم عن سماع أنين لعازر، وأعمى عن رؤيته منطرحا في بؤسه أمام باب دارته. وسيقول لنا الرب يسوع، عند ساعة الدينونة، أنه يتماهى مع كل "لعازر" جائع أو عطشان أو غريب أو عريان أو مريض أو سجين". (راجع متى 25: 35-36).

وتابع: "أما الفقر فليس نعمة وبركة من الله الذي يدعو كل قادر، بالكثير أم بالقليل، لمساعدة الفقير من أجل إخراجه من فقره. هذا هو الهدف من استعارة الغني ولعازر. غير أن الفقر يساعد الإنسان، من الناحية الإيجابية، على إدراك محدوديته أمام غنى الله وقدرته، ويساعده على التواضع والصبر والقناعة. وهي فضائل أساسية نحتاجها في حياتنا اليومية. فيكون الفقير فقيرا بمادياته، أما بالمقابل فغنيا بقلبه وقيمه وكرامته".

أضاف: "في هذا الأحد والأسبوع الطالع نصلي من أجل راحة نفوس موتانا الذين يكفرون عن خطاياهم بآلام زمنية في حالة المطهر. وهي عقيدة علمتها الكنيسة في مجامعها، ومفادها أن الذين يموتون في حالة النعمة وصداقة الله، ولكن غير منقين بالكامل، ولو كان خلاصهم الأبدي أكيدا، إنما يخضعون بعد موتهم، لآلام زمنية تطهرهم من خطاياهم، لكي ينالوا القداسة اللازمة من أجل الدخول في سعادة السماء (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1030).

في كتب العهد القديم، توجد نصوص تتكلم عن تقديم الذبيحة التكفيرية عن الموتى، لكي يحلوا من خطاياهم (2 مكابيين12: 45). والكنيسة منذ بداياتها كرمت تذكار الموتى وقدمت الذبيحة القربانية لراحة نفوسهم، لكي، بعد تطهيرهم، ينعموا بمشاهدة الله السعيدة. والكنيسة توصي أيضا بأعمال التصدق، والغفرانات، وأعمال التوبة من أجل الموتى (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1032).

إن الصلاة من أجل الموتى تندرج في شركة القديسين أي في صلاة التشفع من أجلهم التي هي مشاركة في صلاة المسيح الذي يشفع من أجلنا. بقوة شركة القديسين توكل الكنيسة موتاها لرحمة الله، وتقدم من أجلهم أعمال رحمة وذبيحة القداس (المرجع نفسه 1055و2635)".

وتابع: "لباس البرفير والأرجوان"، هو علامة السلطة والمسؤولية. فلا يقف المسؤول عند حدود امتيازات سلطته، بل يلتزم بتأمين خير شعبه. فكل سلطان، بحسب ترتيب النظام الطبيعي، هو من الله من أجل الخير العام، الذي منه خير الجميع وخير كل إنسان. وسيطالب الله كل مسؤول بالحساب عن وكالته. ويشترط عليه أن يكون أمينا وحكيما. فلا تتحول المسؤولية، وهي في الأساس إنعام ونعمة، إلى إدانة ودينونة تفضي إلى الهلاك الأبدي.

الغني، وهو صورة صاحب السلطة، أساء استعمال مسؤوليته، فاستوجب الإدانة والهلاك. هذا نداء ضمير إلى كل مسؤول، وبخاصة إلى المسؤولين في الدولة واصحاب السلطة السياسية، التشريعية والإجرائية والإدارية والقضائية. لعازر هو كل مواطن في حاجة، وهو الشعب الذي يحتاج إلى ما يكفيه لعيش كريم، على مستوى كل من الحياة المادية والاقتصادية والسياسية والأمنية، وللخروج من معوقات هذا العيش".

وقال: "السلطة السياسية عندنا تقف أمام مسؤوليات جسيمة على مختلف هذه المستويات من أجل توفير الاستقرار الداخلي. فمن الأمور الملحة النهوض بالشأن الاقتصادي، وتحقيق مشاريع إنمائية وإيجاد فرص عمل وإيقاف الهدر ومكافحة الفساد والرشوة وسلب مال الدولة وتحرير العدالة والقانون من التدخل السياسي. ومن طليعة الأمور الملحة سن قانون جديد للانتخابات ينادي ويطالب به الجميع، قانون يراعي حسن التمثيل، ويضمن القيمة لصوت المواطن، ويفسح في المجال أمام جميع مكونات الوطن إمكانية المشاركة في إدارة الشأن العام والحياة السياسية، بعيدا عن أي إقصاء أو احتكار في التمثيل في المجلس النيابي، حماية لتداول السلطة، وتجديدا للنخب السياسية، وتعزيزا للتنوع والتكامل. فهذه هي ميزة لبنان الديموقراطي التعددي، المنافية للأحادية والإقصاء".

وختم الراعي: "إننا فيما نصلي لراحة نفوس موتانا، نصلي ايضا من أجل أن يدرك كل مسؤول، في الدولة والمجتمع والكنيسة، الواجب الملقى على عاتقه وضميره، وأن يعي أن إتمام الواجب طريق إلى الخلاص الأبدي، ونشيد مجد وتسبيح للثالوث المجيد، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية.  

  • شارك الخبر