hit counter script

- د. أنطوان الشرتوني - الجمهورية

عيد الحُبّ... والحبيب المُتملِّك

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٧ - 06:35

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يستعدّ الناس، كباراً وصغاراً، لعيد الحب. ويرى الجميع في الحب المنحى الإيجابي منه، فالحب هو سبب عيش الإنسان الذي يبحث عنه طوال حياته، ولأجله يضحّي. بجملة واحدة، الحبّ هو المحرّك الأوّل للحياة. ولكنّ للحب وجهاً آخر يُعرف بحب الإمتلاك أو الحب التملّكي. فما هو هذا النوع من الحب؟ وأين يختلف عن الحب الحقيقي الذي عرفه روميو وجوليات أو قيس وليلى؟في عيد الحب أو في عيد القديس فالنتاين، يتمنّى غير العاشقين أن يلتقوا بنصفهم الثاني ويبدأوا علاقة جديدة وجدّية تتصف بالحب الحقيقي. «ولكن ليس كلّ ما يتمنّاه المرء يدركه»، لأن في بعض الأحيان ينمو عند الشريك حب يختلف كلّ الإختلاف عن الحب الحقيقي وهو معروف بحب الإمتلاك.

ما الفارق بين الحبّ وحبّ الإمتلاك؟

الحب هو شعور موجود عند كلّ إنسان، وهو واحد من الاحتياجات التي يسعى إليها كلّ شخص. يجعل الحب صاحبه مسروراً طوال الوقت، فيرى الحياة بإيجابية، وتتصف جميع علاقاته بالتفاؤل. لا يوجد ما هو أجمل من الحب الذي نُظمَت له أجمل القصائد وكُتبت عنه أجمل القصص... وفي الحب الحقيقي، عادةً ما يخاف العاشقان كثيراً على بعضهما بعضاً، ويكونان على إستعداد لمشاركة حياتهما الخاصة مع الحبيب، وللتضحية.

وتظهر الغيرة عند كلا الطرفين، وقد يمنعان أيّ شخص من إهانة أحدهما. ثمّة أشخاص تختلط في رأسهم فكرة الإعجاب بالحب. فالإعجاب هو إستحسان ميزة أو ميزات في شخص ما.

وعادةً، يبدأ المعجب بالتقرّب من الطرف الآخر بشتّى الطرق. وهذا الإستحسان يمكن أن يكون إعجاباً من الطرفين وينتقلان إلى الحب الحقيقي، وإما إعجاباً من الطرفين فينتقلان إلى حب الإمتلاك أو إعجاباً من طرف واحد وفي هذه الحال لا يكتمل الحب.

فللحب وجه آخر، يمكن أن يكون تسلّطياً وإستملاكياً. هذا النوع من الحب موجود عند كلّ إنسان، يجعله لا إرادياً يحب تملّك الحبيب من ناحية المشاعر والأحاسيس. هذا الحب هو إمتلاك المحبوب، ويلخّص هذا الإمتلاك بالغيرة التي تؤدّي إلى إضطراب في العلاقة بين الحبيبين.

بعض الأحيان، يأخذ هذا التملّك صورة متطرّفة وصولاً إلى كبح حرّية الآخر وإمتلاك حياته الشخصية وحتّى روحه. فهذا هو نوع من الإمتلاك المرَضي للأشخاص الذي يؤدي إلى إتلاف العلاقة بسبب عدم التوازن النفسي عند الحبيب المتملّك.

ما هو حبّ الإمتلاك؟

من فعل «تملّك»، التملّك رغبة موجودة عند كلّ إنسان منذ صغره. ويظهر التملّك في مجالات عدة منها التملّك المادي، وتملّك الأغراض الشخصية والتملّك المعنوي وغيرها... وطبعاً إذا لم يستطع الإنسان السيطرة على شعوره بالتملّك، يتحوّل تملّكه إلى إضطراب سلبي، يؤذي صاحبه وعلاقته الزوجية وعلاقاته بأصحابه ومحبّيه.

أما الإمتلاك في الحب، فهو هذا الشعور الذي يدفع صاحبه إلى إمتلاك شخص جسدياً ومعنوياً. فبالإضافة إلى الإهتمام والغيرة والإحترام الذي يكنّهم هذا الشخص لحبيبه، تبرز صفات الإمتلاك وعدم الشعور بالراحة في وجود المحبوب وفي عدم وجوده، وذلك بسبب الغيرة المستمرة طوال الوقت.

ما هي علامات التملّك؟

هناك نقاط عدة، تظهر فيها صفات التملّك عند الإنسان أهمها:

• عزل الحبيب عن العالم الخارجي، والحاجة الدائمة لوجوده، والشعور الدائم بالقلق عند غيابه.

• الإلتصاق العاطفي بالمحبوب بسبب الشعور الدائم بالقلق حياله.

• المراقبة المستمرة من الشخص المحب للتملّك، ما يؤدّي إلى شعور الآخر بالإختناق من محبوبه.

• رصد كلّ تحرّكات المحبوب كما ملاحقته خلال النهار عبر الإتصالات المتكرّرة.

• الأنانية المفرَطة الظاهرة في تصرفات الحبيب المتملّك. هذه الأنانية هي المسبّب للمشكلات المفرطة بين الحبيبين.

• إحتجاز حرّية المحبوب، فمثلاً لا يسمح له الطرف الآخر بالخروج لوحده. كما يمكن أن يصل به الأمر إلى عدم قبول خروجه من البيت مع أحد أفراد عائلته أو حتّى إخوانه أو أخواته.

• الغضب السريع على المحبوب ومنه، من أهم الصفات التي يتمتّع بها الشخص المتملّك.

مَن المتملّك أكثر، الرجال أو النساء؟

أقرّت الدراسات العلمية أنّ حب الإمتلاك موجود عند الجنسين، ولكن يختلف الرجل والمرأة في التعبير عن حبهما الإمتلاكي. فإجمالاً، يستطيع الرجل إخفاء شعوره بحب التملّك أكثر من الجنس اللطيف، بينما قد لا تتمكّن المرأة من إخفاء حبها التملّكي الذي يؤدي في غالب الأحيان إلى تدمير العلاقة بينها وبين محبوبها.

ولكن يتمتّع الرجل العربي بغريزة التملّك خصوصاً في الحب والغرام والزواج، وهي أكثر خصباً لديه من المرأة. فالرجل الشرقي وخصوصاً العربي، عندما يعشق، يولد لديه حب التملّك، ويصبح غير قادر على السيطرة عليه.

إلّا أنّ هذا لا يعني بأنّ هذا الحب غير موجود عند النساء العربيات. فالمرأة إذا إمتلكت «الحبيب»، لا يمكن أن تتخلّى عنه أو تتنازل عن ملكيّته لإمرأة أخرى. لذلك نرى عند النساء الغيرة المفرطة تجاه الحبيب.

وهذه الغيرة تظهر من خلال تصرفات المرأة وحركاتها وأفعالها وأقوالها حيث لا تقبل مثلاً أن يبتعد عنها زوجها ساعة واحدة، وعندما يكون في العمل، تنهال عليه بإتصالاتها اللامتناهية... وغيرها من التصرفات غير الناضجة، والتي تسمّم العلاقة بين الرجل والمرأة.

كيف يمكن تمضية عيد الحب بلا مشكلات مع الحبيب المتملِّك؟

غالبية المشكلات العلائقية التي نصادفها في العيادات النفسية، أساسها الغيرة المفرطة وحب التملّك من أحد طرفَي الثنائي. وعلماً أنّ كلّ حالة تُدرَس وتُحلّل على حدة ويتمّ إتخاذ القرار المناسب بشأنها، تبقى أهم نقاط المتابعة لحلّ المشكلات التي يتعرّض لها هذا النوع من الأزواج هي التالية:

أولاً، جلسات التوعية حول موضوع الحب والحرّية والإمتلاك. هذه الحصص أساسية لمعالجة شعور التملّك الذي يحوّل حياة الشريكين إلى جحيم.

ثانياً، المصارحة أيضاً من النقاط الأساسية التي تساعد الثنائي على التحدّث عن مشكلاته بطريقة واضحة ودون تكليف أو خوف من الطرف المتملّك. فالنقاش ومحاولة فهم الآخر من الخطوات الأساسية لمعالجة المشكلات بين الحبيبين.

ثالثاً، ضبط النفس لتجاوز المشكلات، وخصوصاً الغيرة العمياء. كما أنّ المحادثة والمشاركة يمكن أن يخفّفا من المشاعر السلبية التي قد تجتاح الشخص المتملّك.
د. أنطوان الشرتوني - الجمهورية

  • شارك الخبر